سودانايل:
2025-01-31@00:55:18 GMT

الحرب العبثية بين الأدلجة وسياسة كسر العظام

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الأولى لاندلاع الحرب السودانية العبثية التي الكل فيها مهزوم والخاسر الأكبر السودان.

والسؤال الذي يتبادر للأذهان هل هي حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع؟ أم بين الكيزان والشعب السوداني، الهدف منها تصفية ثورة ديسمبر المجيدة وفكرة الدولة المدنية؟

عام من المعاناة والتشرد والتشرذم والموت والدمار ووئد الأحلام بسودان جميل مدني ديمقراطي دون مليشيات أو ثيوقراطية .

.. أحلام مشروعة، دفع الشباب، من السنابل الواعدة، مهرها من دمائهم الطاهرة، حرية سلام وعدالة، كانوا يستحقونها بجدارة، بعد أن هزموا أبالسة العصر، من فلول المؤتمر الوطني، ومن والاهم، لولا أن خذلهم الساسة المدنيين الذين وضعوا ثقتهم فيهم بعد أنجزوا العبء الأكبر وهو إسقاط دولة الفساد والاستبداد بكل مكرها وجبروتها، إلا أن القوى المدنية التي تصدت لقيادة مسيرة تحقيق الأحلام الموؤودة في الدولة المدنية والحرية والسلام والعدالة، انشغلت بصرعاتها ومناكفاتها ... تنابذوا وتناحروا متناسين العدو المتربص للعودة لدولة الفساد والاستبداد، الحقيقة المؤسفة، أن المدنيين لم يكونوا على قدر الأمانة والمسئولية، ولو أن شباب الاعتصام عملوا بنصيحة المناضل الراحل علي محمود حسنين الذي طالبهم من ساحة الاعتصام بتكوين حكومتهم لكان الحال غير الحال.
أنا هنا لا أقدح في وطنية وإخلاص تحالف الحرية والتغيير، والأحزاب الوطنية، أو في شخصية الدكتور الإنسان عبد الله حمدوك، الذي تصدى للمسئولية دون حاضنة سياسية يعتمد عليها بعد أن تكالب عليه أصدقاء الأمس وأعداء اليوم، ولو أنه كان أتجه بثقله نحو الشباب ولجان المقاومة، واستغل الزخم الثوري، والتأييد الشعبي، الذي لم ولن يحظى به رئيس أو زعيم سياسي سوداني قبله منذ الثورة المهدية، وكذلك التأييد والدعم والاحترام العالمي الذي حظي به، وعمل بالشرعية الثورية في تصفية وتفكيك نظام الإنقاذ، ومحاكمة المفسدين واسترداد الأموال المنهوبة، لكان السودان الآن في مصاف الدول الديمقراطية التي يشار إليها بالبنان وليس مجرد دولة فاشلة.
قال الدكتور عبد الله حمدوك في كلمته في ذكرى العام الأول لاندلاع هذه الحرب أن الحرب بدأت قبل ذلك التاريخ والحقيقة أن الحرب ظلت مشتعلة منذ 30 يونيو 1989 حينما قفزت بليل الثيوقراطية الإسلاموية إلى سدة السلطة ولم يكن هدفهم هو تأسيس الدولة الدينية والحكم الكهنوتي، حسب مفهوم المصطلح (Theocracy)، بل هدفهم كان أقصاء كل مخالف لهم في الرأي وتصفية خصومهم السياسيين والتمكين لإقامة أكبر مهزلة في شكل دولة في التاريخ الحديث، حين تقاسمت مجموعة من الفاسدين والمستبدين خيرات السودان وتأسيس دولة الفساد والاستبداد. وإقصاء بقية الشعب وقواه السياسية. وقد ذكر أحد قادتهم من قبل أنه على استعداد ليضحي بـ 95% من الشعب السوداني لإقامة الحكم الإسلامي، كما أفتى أحد فقهاءهم للسلطان الغاشم، إبان أيام الثورة، بأنه يصح له بقتل ثلثي الشعب، ليحظى الثلث المتبقي بالعيش في خوف ورعب ووئام.
وعلى الرغم من انتصار الثورة، التي أدهشت العالم ببسالتها وسلميتها، حتى إسقاط النظام، إلا أن كثير من الشواهد كانت تقف على محدودية ذلك الانتصار، منها وجود اللجنة الأمنية على رأس النظام الجديد، والسلاح بيد جيش موالي للنظام البائد، ومليشيات تتبعه، على رأسها الدعم السريع، وكتائب الظل، وكذلك بيد حركات الكفاح المسلح التي كانت خارج اللعبة، والتي أتضح لاحقا أن معظمها مجرد خوازيق في خاصرة الوطن، ونمور من ورق. وأن من المعروف أن من بيده السلاح يستحيل أن يعير الأعزل أدني اهتمام أو احترام
رغم القوى السلمية المجردة من السلاح إلا أن السنابل الواعدة أنجزت ما فوق وسعها، وما هو أكبر من طاقتها، في إسقاط حكم الإنقاذ الفاشي الفاشل، وسلمت الأمانة للساسة في تحالف الحرية والتغيير لتشكيل الدولة المدنية. تراكمت الأخطاء خاصة في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، وكذلك إقصاء كافة الإسلاميين من المشاركة في الفترة الانتقالية، ما وسع من ماعون أعداء الثورة، لأن من بينهم من كان يعلي صوت العقل، وكان معارضاً لدولة الفساد والاستبداد.
بدأ داء التفكك والوهن يصيب تحالف الحرية والتغيير، الذي كان أكبر تحالف للحركة الوطنية طوال تاريخها، ورغم صمود أحزابه طوال حقبة حكم الإنقاذ، إلا أنها خرجت منه مسخنة الجراح، والاختراقات، لذا لم يكن تحالف الحرية والتغيير قادرا على الحفاظ على وحدته وتماسكه، فبدأت الأحزاب تتراجع وتنسحب وتعارض، وخرج الفلول من مخابئهم وبدلوا تكتيكاتهم وتحولوا من الدفاع إلى الهجوم، ولم يفتح الله على حركات الكفاح المسلح (الحقيقية) بأي بادرة لدعم الدولة المدنية أو الانخراط في المسار الديمقراطي، والأدهى وأمر كان موقف قيادة الحزب الشيوعي صاحب القدح المعلى في منافحة النظام البائد ومقارعته وتشكيل التحالفات لتوسيع رقعة المعارضة، والذي لم يكن يجد حرجاً في التحالف مع ألد خصومه التاريخيين عراب الحركة الإسلامية الدكتور حسن الترابي من أجل إسقاط النظام، لكن بعد الثورة أتخذ موقفاً مغايراً مع معظم الأحزاب الوطنية، التي تصدت لتشكيل الدولة المدنية، خاصة اليسارية منها، وكان موقف قيادة الحزب ومعارضته لحكومة حمدوك (الشيوعي السابق)، أحد أسباب إجهاض الثورة، وإضعافها والتمهيد للانقلاب عليها. ولا نجد غرابة أن مؤتمر الإسلامويين الأخير في تركيا أن طرح فكرة التحالف مع الحزب الشيوعي كخيار لاختراق العزلة الدولية حال عودتهم للسلطة على طريقة طالبان في أفغانستان.
يصنف انقلاب البرهان بأنه الخازوق الأكبر في تاريخ السودان الحديث بعد حملة الدفتردار الانتقامية، وبعد أن أختلف الجنرلان، وكانت الفلول بالمرصاد، دقوا طبول الحرب و(حدس ما حدس). وشهدنا ما هو أسوء من حملة الدفتردار حيث تشرد الملايين ومات الآلاف، هدم كل ما هو قائم من منشئات وبنية تحتية، وعدنا قرون للوراء، الحرب تحولت يا للأسف إلى الخيار الصفري، لكافة الإسلاميين ومن والاهم، حيث لن يقبلوا التفكيك، والمحاسبة، والعزلة، وهذا ما طرحه الاتفاق السياسي الإطاري لتشكيل حكومة مدنية لإدارة البلاد، وإطلاق مرحلة انتقالية جديدة، والذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير في إشعال نار الحرب واطلاق الطلقة الأولى من قبل فلول الإسلاميين بالقوات المسلحة في صبيحة 15 إبريل 2023، لا شك أن هناك أسباب أخرى لإشعال فتيل الحرب مثل الخلافات العسكرية الخاصة بإجراءات الإصلاح الأمني والعسكري ودمج قوات الدعم السريع في الجيش لكنها تعتبر أسباب ثانوية إذا استثنينا شرط الدعم السريع بتصفية الوجود الإسلاموي في الجيش، لذا نجد أن الحرب حقيقة موجهة ضد القوى المدنية، التي أسقطت النظام الإسلاموي البئيس، وهدفهم المعلن والثابت طوال العام المنصرم هو شيطنة تحالف قوى الحرية والتغيير، وتلبيس الاتهامات لقادتها، وتجريم الرجل الصالح الدكتور عبد الله حمدوك، وتخوين كل من ينادي ويطالب بوقف الحرب قبل أن تنجز مهامها في تصفية القوى الوطنية المدنية وعلى رأسها حمدوك.
إن هذه الحرب ليست بين الجيش المؤدلج وقوات الدعم السريع كما هي في الظاهر، فكلاهما يدرك أن هزيمة ماحقة، أو انتصار ساحق، لأي منهما هو المستحيل بعينه، خاصة بعد التدخلات الخارجية والدعم الذي يجده الطرفان من حلفائهم في الخارج، والتدخل المباشر في الحرب من قبل بعض تلك الأطراف، لكن من المؤكد إن هي ليست إلا مسألة وقت، وبفضل الضغوطات الخارجية، سيجلس الجنرالان ويعيدا تقسيم الكيكة بينهما، لكن من المهم لكليهما هو هزيمة الشعب السوداني وقياداته الميدانية من لجان مقاومة ونشطاء حزبيين، حتى يفرغ لهما الجو لكن هيهات، الثورة صاحية، وشعاراتها، حرية، سلام، وعدالة، والجيش للسكنات وحل كافة المليشيات المسلحة، وتكوين جيش بعقيدة وطنية غير مؤدلج، ستظل شعارات ورايات خفاقة مهما مكر الماكرون، وتكالب الخبثاء.

عاطف عبدالله

atifgassim@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدولة المدنیة الدعم السریع بعد أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • غرسوا بذور الحرب منذ سنوات، ويستعدون لجني ثمارها!
  • تطورات الأحداث والطريق لوقف الحرب والديمقراطية
  • الصغير: أنصار الدولة المدنية لدينا يهللون لمسلح عيّن نفسه رئيساً لسوريا
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • تقديس الكاكي..!!
  • القوى المدنية ودورها في صنع طريق السلام في السودان
  • رئيس تحالف دعم الدولة: تهم “طارق البرقعاوي” غير مؤدبة وسنتخذ إجراءات قانونية
  • الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا