ضيو مطوك: فيلم “وداعا جوليا”محاولة جديدة للتصالح والتعافي بين السودانيين في البلدين
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
د/ ضيو مطوك ديينق وول
وزير الاستثمار بدولة جنوب السودان يكتب:
فيلم "وداعا جوليا"محاولة جديدة للتصالح والتعافي بين السودانيين في البلدين
أثار فليم "وداعًا جوليا" للكاتب والمخرج محمد الكردفاني، وهو أول فليم سوداني يعترف بالمظالم التاريخية للجنوبيين، أثار ضجة كبيرة بمدينة جوبا، عشية دخول الحرب في السودان عامها الثاني، وهي حرب ينظر لها كثير من المحللين أنها ذات أبعاد إثنية، ربما تتطور الي حرب أهلية تقصم ظهر الدولة، وخاصة إذا لم يتم تداركها بالسرعة، ويعد هذا الفليم ثاني عمل فني توثيقي جريئ، يقوم به مثقفو شمال السودان، بعد كتاب "مذبحة الضعين" للأستاذين سليمان بلدو وعشاري محمد محمود في القرن الماضي.
رغم أن هذا الفلم تناول قضية العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين الجنوب والشمال في أواخرها، أي في نهاية آخر حكومة للسودان الموحد بعد دخول قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان الي الخرطوم، حيث كان هناك توزان في ميزان القوى علي الاقل ، الا انها تشير الي جزئية هامة وهي الظلم الاجتماعي واستعباد أبناء الجنوب.
إن السكوت أو عدم التحدث في هذه القضية الحساسة يهدد الأمن و السلام الاجتماعيين، و ربما يعكر صفوة العلاقات الثنائية بين جوبا والخرطوم في شتي المجالات، رغم أن الشعب بجنوب السودان قد تجاوز هذا الأمر باللجوء الي الشمال بعد اندلاع الحرب الاهلية في جنوب السودان، ووجد الاستقبال من أبناء الشمال، وكذلك استقبالهم لاخوانهم الشماليين الذين لجؤوا الي جنوب السودان نتجة للحرب الدائر الآن بين القوات المسلحة والدعم السريع في بلادهم منذ العام الماضي، الا هناك بعض الشوائب والرواسب لدي بعض السياسيين والمثقفين يجب أن تزال بمثل هذه الافلام والكتابات. هو أمر مهم جدا لتجاوز محطة الاحتقان التي ترويها القصص والحديث عنها بسلبياتها وهذا يساعد كثير في التعافي الاجتماعي وتقوية أواصر العلائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وبالتاكيد هو حديث ذو بعدين، المظلوم يحكي والظالم يبرر بكل شفافية وبدون تهديد.
ولذلك نتمني ان لا يحدث لأستاذنا المبدع محمد الكردفاني ما حدث للاستاذين سليمان بلدو وعشاري محمد محمود من مضايقات وتحرشات من قبل الحكومة نتجة لقيامهما بنشر كتاب عن مذبحة الضعين العام ١٩٨٧، مما جعلهما يخرجان من
السودان بلا رجعة حتي يومنا هذا.
فليم "وداعا جوليا" لم يتطرق لاختطاف الالاف من الأطفال والنساء في شمال بحر الغزال من قبل المراحيل في عهدي رئيس الورزاء الصادق المهدي "الديمقراطية الثالثة" وعمر البشير حيث يقال بإن الأعداد الكبيرة من النساء والأطفال المخطوفين ما يزالون متواجدين في السودان.
أيضا الفليم لم يتطرق إلى المجازر التي راح ضحيتها الالاف من أبناء جنوب السودان الأبرياء مثل مجازر ١٩٦٥ في بور و واو و جوبا و مجزرة بابنوسة ١٩٧٤ و الضعين ١٩٨٧ ومرة في جوبا ١٩٩٢.
ورغم الاضطهاد والمعاناة والأوجاع التي تعرض لها المواطن الجنوبي في السودان، الا أن الجنوبيين طووا الصفحة الماضية والآن يكنون كل الحب والود للسودانيين، طالما هذه المعاناة و الاضطهاد نتج عنها الحرية والاستقلال
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: جنوب السودان
إقرأ أيضاً:
موفد فرانس24 إلى السودان محمد فرحات: “الوضع الإنساني كارثي، خاصة مع توقف المساعدات”
تبث فرانس24 ابتداء من الإثنين سلسلة من الريبورتاجات حول الوضع في السودان أنجزها موفدها الخاص محمد فرحات، الذي تمكن من الدخول إلى هذا البلد الذي يعيش حربا أهلية منذ نيسان/أبريل 2023. ترصد فرانس24 معاناة السكان، ولاسيما النازحين الذين تأثروا من نقص المساعدات الإنسانية وتأجج الصراع في كل مكان. فيما يلي مقابلة مع محمد فرحات يرسم خلالها صورة لما يجري في الميدان.
منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع الذي يتزعمها محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، يعيش هذا البلد الغني بالثروات أزمة إنسانية وصراعات دامية خلفت دمارا واسعا ونزوحا كبيرا للسكان.
بدأت الحرب عقب تصاعد التوترات بين الطرفين حول السيطرة على السلطة ودور كل واحد منهما في المرحلة الانتقالية التي كانت البلاد تأمل أن تقودها إلى الاستقرار بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019.
وتشير تقارير لمنظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة وأخرى غير حكومية إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخل البلاد ولجوء مليونين آخرين إلى الدول المجاورة على غرار مصر وتشاد وكينيا وأوغندا. فيما تسببت الحرب بين الفرقاء السودانيين في مقتل حوالي 20 ألف شخص.
عناصر من الشرطة الانضباطية على متن سيارة رباعية الدفع يتجولون في الشارع لتأمين الأوضاع. 6 مارس/آذار 2025.
عناصر من الشرطة الانضباطية على متن سيارة رباعية الدفع يتجولون في الشارع لتأمين الأوضاع. 6 مارس/آذار 2025. © محمد فرحات/ فرانس24
وزار موفد فرانس24 محمد فرحات السودان حيث أعد تقارير عن الوضع في هذا البلد الذي يواجه الانقسام خاصة بعدما تم الإعلان عن تشكيل حكومة موازية في كينيا تضم ممثلين عن الدعم السريع ومنظمات سودانية أخرى. ويروي في هذا الحوار ظروف العمل في عدد من المدن مثل بورتسودان وبحري وأم درمان مقدما صورة واقعية وحقيقة عن الوضع الداخلي.
فرانس24: أنت ضمن صحافيين قلائل زاروا السودان مؤخرا. فكيف كانت ظروف السفر؟
محمد فرحات: ظروف السفر والتصوير في السودان هي الأصعب. فالانتقال من بورتسودان إلى الخرطوم يحتاج إلى أكثر من 13 ساعة. اعترضتنا أعداد كبيرة من نقاط التفتيش والحواجز للتثبت من حصولنا عن التصاريح الضرورية، خاصة التصريح الذي يخول لنا الدخول لولاية الخرطوم. المشكل الكبير الذي تعرضنا إليه هو البيروقراطية لأن الجميع كان يطلب منا تقديم التصاريح. وهي في الحقيقة سياسة معتمدة في كل شبر من السودان وتعكس نوعا من التخوف من كل شيء ومن أي شخص. فيما أصبحت الكاميرا بالنسبة للسودانيين مشبوهة.
كيف كانت ظروف التصوير والعمل؟
بالنسبة لظروف التصوير خارج الخرطوم، الصعوبات التي واجهتنا كانت مرتبطة بالحصول على التصاريح وأوراق الاعتماد في بعض الأحيان. هي مجرد إضاعة للوقت والذهاب من إدارة إلى أخرى ومن مكتب إلى آخر.
وكان تصوير النازحين من الأمور المحرجة نوعا ما لأن الجميع كان ينتظر منك المساعدة ويعتقد أننا ننتمي إلى منظمة إنسانية. لكن عموما التصوير جرى بشكل جيد وفي ظروف حسنة. أما في ما يخص العمل في الخرطوم، فلم يكن أمامنا خيار سوى القبول بمرافقة ضابط من الجيش السوداني.
كيف يمكن وصف الوضع الأمني والإنساني حاليا في السودان؟
هناك عودة لهدوء حذر في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني والجماعات الموالية له. لكن الوضع الإنساني كارثي خاصة مع توقف المساعدات، لا سيما الأمريكية.
حتى السلطات السودانية لم تعد تقدم مساعدات للنازحين الذين يتكدسون في مدارس تحولت لمراكز إيواء في ظروف صعبة للغاية. ناهيك عن انتشار الأمراض مثل الكوليرا وسوء التغذية الحاد في صفوف الأطفال، ما ينبئ بكارثة إنسانية كبرى.
أين تتركز المعارك بشكل أكبر وما هي تداعياتها على المدنيين؟
تتركز المعارك في محيط العاصمة السودانية الخرطوم وفي مناطق أخرى غرب البلاد. الجيش السوداني تمكن في الآونة الأخيرة من تحقيق مكاسب ميدانية مهمة جدا خاصة في محيط الخرطوم وتحرير عدد من المناطق المهمة جدا في طريق استعادة العاصمة من قبضة الدعم السريع، على غرار منطقة بحري وأجزاء كبيرة من أم درمان ومدني. لكن المدنيين هم المتضررون الأساسيون خاصة مع تواصل اعتماد قوات الدعم السريع للقذائف واستهداف المرافق المدنية والأحياء السكنية التي وجدت نفسها منذ بدء الصراع محرومة من الخدمات والمياه وانقطاع شبه تام للكهرباء وانعدام لأبسط مقومات العيش.
ما هو الوضع في مدينة بورتسودان الاستراتيجية والتي يسيطرعليها الجيش السوداني؟
تحولت بورتسودان إلى عاصمة السودان الجديدة. هذه المدينة الساحلية الهادئة رفعت جملة من التحديات لاستقبال جميع المؤسسات الحكومية ورئاسة الجمهورية بالإضافة إلى توافد الآلاف من النازحين إليها هربا من الاشتباكات وبطش الدعم السريع. لكن بورتسودان التي تأقلمت مع هذا الظرف الاستثنائية تعاني من الاكتظاظ السكاني وغياب البنية التحتية ومياه الشرب.
في غضون سنتين عرفت المدينة قفزة كبيرة خاصة على المستوى العمراني واتسعت رقعتها الجغرافية لكن المعيشة باهظة بالنسبة للوافدين الذين يعانون من الارتفاع المشط في الأسعار على جميع المستويات.
وفي العاصمة الخرطوم؟
عدة مناطق مازالت إلى حد اللحظة في قبضة الدعم السريع على غرار جزيرة توتي، لكن الجيش السوداني نجح في تحقيق عدة مكاسب ميدانية في رحلة استعادة العاصمة. لكن تقدمه يواجه صمودا كبيرا من الدعم السريع الذي نشر قناصة في المباني المرتفعة ويقصف مناطق تمركز الجيش بشكل دائم بالمدفعية الثقيلة ناهيك عن اعتماده لسياسة حرب الشوارع والطائرات المسيرة.
لماذا لم يتوصل السودانيون إلى تسوية سياسية؟ وماهو دور الدول المجاورة؟
القطيعة بين حميدتي والبرهان وصلت إلى نقطة اللاعودة ولم تتضافر أيضا الجهود أو الوساطات الكافية للضغط في سبيل التوصل إلى وقف فعلي لإطلاق النار. بعض الدول المجاورة الداعمة خاصة للدعم السريع هي من تسببت أيضا في توسيع الخندق بينها وبين الجيش وبالتالي تحول السودان إلى ساحة معركة أو نفوذ عدد من الدول الأجنبية التي ترى في ثروات السودان خاصة منها الذهب هدفها الرئيسي.
تم تشكيل حكومة سودانية موازية في كينيا. ما هو دور هذه الحكومة وكيف يراها السودانيون؟
إلى حد اللحظة لا تحظى هذه الحكومة الموازية التي شكلها الدعم السريع وحلفاؤه بشرعية لا داخليا ولا خارجيا. العديد من الدول وعلى رأسها السعودية الداعمة للجيش السوداني ترفض رفضا قاطعا ولادة حكومة موازية. الأكيد أنه إلى حدود اللحظة تسيطر هذه الحكومة الموازية على جزء كبير من غرب السودان، بما فيها دارفور وأجزاء من كوردفان. لكن السودانيين الذين قابلناهم لم يباركوها لأنها منبثقة عن فصيل شبه عسكري تمرد على الدولة من أجل السلطة وأدخل السودان في حرب طاحنة منذ سنتين. بالإضافة إلى الانتهاكات التي يرتكبها مقاتلوه على حساب المدنيين في كل المناطق الخاضعة لسيطرته، واستهدافه المدنيين والمنشآت في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني.
هل يتجه السودان نحو التقسيم؟
هو فعلا التخوف الأكبر. تقسيم السودان لمرة ثانية لن يسمح بإعادة الاستقرار لهذا البلد الذي تنهشه الحروب والنزاعات منذ الاستقلال. الجدير بالذكر أن الدول المتحالفة مع الجيش السوداني مثل السعودية ومصر ترفض المساس بوحدة السودان.