العلاقات الإيرانية الإسرائيلية.. من التعاون أيام الشاه إلى الصراع بعد الثورة
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
تعتبر إيران واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل بعد الإعلان عن تأسيسها عام 1948، ولكن الصراع المعلن بينهما تطور تدريجيا بعد الثورة الإيرانية عام 1979.
الفُرس واليهودتشير معظم المصادر التاريخية إلى علاقة وثيقة ربطت الفرس باليهود، تحديدا بعد حادثة السبي البابلي التي أسر فيها "نبوخذ نصر" عددا كبيرا من اليهود وأخذهم إلى بابل عام 627 ق.
ترك "كورش" تأثيرا كبيرا على اليهود نتيجة سياسته معهم ومساعدته لهم، إذ أرجعهم بعد السبي وأعطاهم الأموال لتجديد بناء الهيكل بعد تخريبه بحسب مصادرهم.
وكان أول قرار اتخذه كورش هو تحرير القبائل العربية اليمنية واليهودية وإعادتها إلى اليمن، لا إلى فلسطين كما يزعم اليهود لأنها لم تكن تعيش هناك أصلا، وذلك بسبب علاقات ومصالح وروابط صداقة سابقة للإمبراطورية الفارسية مع هذه القبائل.
قبل ثورة عام 1979قبيل إعلان قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، كانت إيران واحدة من الأعضاء الـ11 في لجنة الأمم المتحدة الخاصة التي تشكلت عام 1947 لبحث حل لقضية فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطاني، وفي الوقت ذاته كانت واحدة من الدول الثلاث التي صوتت ضد خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية بدعوى الخوف من تصعيد العنف في المنطقة.
غير أن العلاقة استمرت وثيقة سلمية حتى بعيد النكبة، ثم اعتراف إيران بإسرائيل "دولة ذات سيادة" عام 1950، فكانت ثاني دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بها، وأكبر دولة تضم جالية يهودية في الشرق الأوسط.
كما كان لإسرائيل في إيران بعثة دبلوماسية كبيرة، وكانت تستورد منها 40% من احتياجاتها النفطية مقابل تزويد الأخيرة بالأسلحة والقدرات التكنولوجية والمنتجات الزراعية.
وأنشأت إسرائيل سفارة لها في طهران، كما نمّت العلاقات التجارية، وأصبحت إيران مزودا رئيسيا لإسرائيل بالنفط، فأنشأ الطرفان خط أنابيب يهدف إلى إرسال النفط الإيراني إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا. كما كان للجانبين تعاون عسكري وأمني واسع النطاق، لكنه ظلّ طيّ الكتمان لتجنب استفزاز الدول العربية.
وعام 1957 أُنشئت منظمة المخابرات والأمن القومي الإيرانية "سافاك" بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ولاحقا مع جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) بهدف حماية النظام من اختراقات الشيوعيين وخاصة حزب "توده" الشيوعي المعارض للشاه محمد رضا بهلوي.
بداية الصراعقطعت طهران علاقتها الدبلوماسية مع تل أبيب عقب الثورة الإيرانية عام 1979 التي أطاحت بالنظام الملكي ونقلت البلاد لأول مرة في تاريخها إلى النظام الجمهوري المؤسس على نظرية "الولي الفقيه" المعتمدة في المذهب الشيعي.
وقد كانت لنظام الثورة الإيرانية رؤية عالمية جديدة دافعت في الغالب عن الإسلام، ودعت إلى الوقوف في وجه القوى العالمية وحلفائها الإقليميين الذين قد يضطهدون الآخرين لخدمة مصالحهم الخاصة.
وألغيت رحلات الطيران إلى إسرائيل، وتحولت السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة فلسطينية، إلا أن ذلك لم يحل دون الإبقاء على روابط تجارية غير رسمية بين الطرفين.
عداوة ظاهرية وتحالف خفيرغم العداء الظاهر إعلاميا فإن الجانبين انخرطا في ثمانينيات القرن العشرين، إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي سابقا، في إحدى أشهر الفضائح السياسية الأميركية، والتي عرفت باسم "إيران غيت" و"إيران كونترا" حيث باعت إدارة الرئيس "رونالد ريغان" خلال فترة ولايته الثانية إيران أسلحة في صفقة سرية وبوساطة إسرائيلية، رغم قرار حظر بيع الأسلحة إلى طهران وتصنيف الإدارة الأميركية لها "عدوة" و"راعية للإرهاب".
وعام 1982 باركت إيران ولادة حزب الله، الذي أصبح خلال أعوام قوة سياسية رئيسية في لبنان، وقوة عسكرية شريكة لطهران في حربها المعلنة على إسرائيل.
كما كان البرنامج النووي الإيراني في قلب بعض أكبر الهجمات الإعلامية بين الطرفين، إذ تعهدت إسرائيل بعدم السماح لإيران أبدا بتطوير قنبلة نووية، في حين تؤكد طهران دوما أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية.
وفي يوليو/تموز 1998 بدأت طهران عدة تجارب على صاروخ "شهاب 3" انتهت مطلع يوليو/تموز 2003، مما مثل تهديدا مباشرا لإسرائيل حسبما أكده مسؤولوها أكثر من مرة، إذ هددت طهران باستخدامه ضد إسرائيل إذا ما هاجمت المنشآت النووية الإيرانية.
الثورة السوريةسلك الصراع بين إيران وإسرائيل منحى جديدا بعد الثورة السورية، إذ دافعت طهران عن الرئيس بشار الأسد، وتزامنا مع ذلك عززت وجودها داخل الأراضي السورية.
واعتبارا من عام 2013 بدأت إسرائيل بإدانة التدخل العسكري لحزب الله وإيران، وشنّت مئات الضربات في سوريا مستهدفة قوات النظام وقوات وقيادات إيرانية ومقاتلين وقيادات من حزب الله.
طوفان الأقصى والعدوان على غزةاتجه الصراع إلى مسار عسكري مختلف عما سبق عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، فتعللت تل أبيب بدعم طهران الظاهري للقضية الفلسطينية عبر وكلائها (جماعة الحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي العراقي وفصائل أخرى موالية لإيران) شانّة هجمات أكبر على أهدافهم بالعراق وسوريا واليمن.
وكان الموقف الإيراني من هذه الأذرع مؤيدا بشكل علني للهجمات التي طالت مصالح تابعة لإسرائيل انتقاما لقطاع غزة.
ومطلع أبريل/نيسان 2024 استهدفت ضربات يرجّح أنها إسرائيلية مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وأعلن الحرس الثوري الإيراني مقتل 7 مستشارين عسكريين، من بينهم محمد رضا زاهدي القائد الكبير في فيلق القدس.
بعد هذا القصف صعدت طهران وتوعدت بالرد، وأطلقت ليلة 13 أبريل/نيسان 2024 أكثر من 300 صاروخ ومسيّرة تجاه إسرائيل، وقالت تل أبيب إنها اعترضت 99% منها، في حين قالت طهران إن نصفها أصاب أهدافا إسرائيلية بنجاح.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خياران لا ثالث لهما.. أمريكا بين الضربة العسكرية والحلول السياسية مع إيران
بغداد اليوم - بغداد
كشف العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع النيابية، عباس صروط، اليوم الخميس (30 كانون الثاني 2025)، عن ثلاثة أسباب رئيسة تمنع الولايات المتحدة من شن ضربة واسعة ضد إيران، رغم تصاعد التوترات في المنطقة.
وقال صروط، لـ"بغداد اليوم"، إن "المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط استراتيجية ومتعددة الأبعاد، وتلعب دورًا حاسمًا في قرارات البيت الأبيض لا سيما أن هذه المنطقة تمد العالم بنحو نصف احتياجاته من الطاقة، ما يجعل أي توتر غير محسوب مصدر قلق كبير لواشنطن، لما قد يترتب عليه من ارتدادات خطيرة على الاقتصاد العالمي".
وأضاف، أن "إيران تمتلك قدرات تمكنها من استهداف مواقع استراتيجية أمريكية في المنطقة ما يجعل أي ضربة شاملة محفوفة بالمخاطر خاصة أن طهران لديها العديد من الأدوات والوسائل القتالية التي قد تفاجئ واشنطن".
وأشار إلى، أن "البيت الأبيض يخشى من أن تدفع أي ضربة شاملة إيران إلى التفكير جديًا في امتلاك السلاح النووي كخيار دفاعي، وهو ما يشكل تهديدًا استراتيجيًا يثير قلق صناع القرار الأمريكيين".
وأكد صروط، أن "أي مواجهة عسكرية واسعة في الشرق الأوسط لن تقتصر على حدود جغرافية معينة، بل ستكون لها ارتدادات إقليمية وعالمية خطيرة، وهو ما يدفع الولايات المتحدة إلى تجنب هذا السيناريو، واللجوء بدلًا من ذلك إلى الضغوط الاقتصادية والمناورات السياسية بهدف الوصول إلى اتفاق يضمن مصالحها دون الانجرار إلى حرب مفتوحة".
وفي ذات السياق كشف مصدر مطلع، الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، عن رسالة شفوية مقتضبة من البيت الأبيض إلى طهران تتضمن رؤية الرئيس الأمريكي الجديد لطبيعة العلاقة مع إيران.
وقال المصدر، لـ"بغداد اليوم"، إن "رسالة شفوية وصلت مساء الأحد من البيت الأبيض إلى بغداد، ومنها إلى وسطاء عراقيين لنقلها إلى طهران، تضمنت نقاطًا محددة تمثل خلاصة موقف واشنطن تجاه إيران".
وأضاف المصدر أن "الرسالة أكدت أن الرئيس الأمريكي لا يسعى إلى الحرب مع طهران، بل يهدف إلى التوصل إلى صفقة طويلة الأمد تنهي حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مع التشديد على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة".
وأشار إلى أن "رؤية الرئيس الأمريكي تتركز على منع إيران من الوصول إلى القدرة على إنتاج أسلحة نووية، في إطار صفقة شاملة تضمن تفوق حليفته في المنطقة، في إشارة إلى إسرائيل".
ولفت إلى أن "إيران تضررت بشدة في العديد من المحاور الإقليمية، مما يتيح فرصة جديدة لواشنطن لتحقيق تفاهمات طويلة الأمد معها، رغم أن الرسائل الأمريكية لا تزال غير علنية وتعتمد على وسطاء متعددي الأطراف".