كما كان متوقَّعًا، "تحرّك" الاستحقاق الرئاسي مجدّدًا، بعد انقضاء عطلة الأعياد الطويلة، حيث عاد حراكا "الخماسية" و"الاعتدال" إلى نشاطهما بشكلٍ موازٍ، ولو خجول، مع "جدولة" عدد من اللقاءات والاجتماعات مع مختلف الفرقاء، تصدّرها لقاء "الاعتدال" و"حزب الله" الذي طال انتظاره، وقيل إنّه حمل جواب الحزب "غير السلبي" على المبادرة، ولو لم يكن "حاسمًا" أيضًا، ما يترك الأمور في الحلقة "المفرغة" نفسها، إن جاز التعبير.


 
لكن عودة النشاط إلى الحراك الرئاسيّ تأتي هذه المرّة، على وقع إعادة خلط الأولويّات مرّة أخرى، في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته طهران على إسرائيل، ردًا على استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية قبل أسبوعين، واغتيال عدد من قيادات الحرس الثوري الإيراني، وسط ترقّب لردّ إسرائيلي مضادّ، يُخشى أن تخرج معه الأمور عن السيطرة، فيفضي إلى حرب إقليمية شاملة، لا يزال اللاعبون الكبار يتجنّبونها حتى الآن.
 
ولأنّ لبنان ليس جزيرة معزولة، وفق القول الذي يتردّد دومًا على الكثير من الألسنة، وهو بالتالي جزءٌ من المعادلات الكبرى، ولا سيما في ضوء "الجبهة المفتوحة" أساسًا في الجنوب اللبناني مع العدو الإسرائيلي، يصبح السؤال مشروعًا عن الانعكاسات المحتملة لوضع المنطقة "الملتهب" عليه، وعلى الملفات السياسية، وعلى رأسها استحقاق الرئاسة المؤجَّل منذ تشرين الأول 2022، والذي لا يمرّ استحقاق من دون أن يترك تأثيراته عليه؟!
 
ما بعد بعد الهجوم الإيراني؟
 
على الرغم من أنّ الكثير من اللبنانيين يصرّون على رفض منطق "ترابط المسارات"، ويعترضون انطلاقًا من ذلك على الربط بين استحقاق الرئاسة وما يجري في المنطقة، فإنّ العارفين يعتبرون أنّ هذه النظرية أضحت في جانب كبير أمرًا واقعًا، حيث لا يخفى على أحد أنّ الاستحقاق وُضِع جانبًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واشتعال "جبهة الإسناد" في جنوب لبنان بالتوازي، ولو أنكر المعنيّون ذلك.
 
وإذا كان هناك من يعزو هذا "الجمود المتعمَّد" على خط الملف الرئاسي، حتى لو كان سابقًا للحرب الإسرائيلية على غزة، إلى "رهان" على متغيّرات إقليمية ودولية قد تنجم عن هذه الحرب، من شأنها أن تعدّل في موازين القوى، وبالتالي في حظوظ هذا المرشح أو ذاك، فإنّ هناك من يعتبر أنّ الهجوم الإيراني مع كلّ ما قد ينطوي عليه من تبعات على أكثر من مستوى، قد يعزّز مثل هذه الرهانات، وهو ما يتطلب "التريّث" أيضًا وأيضًا.
 
فبمعزَلٍ عن القراءات "المتناقضة" للهجوم الإيراني بين من اعتبره مجرّد "مسرحيّة" لا تقدّم ولا تؤخّر، ومن رأى فيه "إنجازًا غير مسبوق"، يرى العارفون أنّ الثابت أنّ "لا حسم رئاسيًا" في المرحلة المقبلة، وذلك بانتظار أن تتبلور الصورة وتنضج المعطيات، خصوصًا أنّ الترقب سيد الموقف الآن، مع إدراك المعنيّين أن أيّ تصاعد للتطورات سيكون له انعكاساته المباشرة على الساحة اللبنانية، حيث أضحت الرئاسة "رهينة" التجاذبات الإقليمية.
 
"تقطيع وقت"؟
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يصبح السؤال مشروعًا عن "المغزى" من عودة النشاط، ولو جزئيًا، على خط المبادرات والوساطات القائمة حول الملف الرئاسي؟ يقول العارفون إنّه إذا كان مسلَّمًا به أنّ الحسم الرئاسي مؤجَّل، حتى إشعار آخر، ربطًا بالتطورات المتسارعة في المنطقة، فإنّ ذلك لا يعني بأيّ حال من الأحوال "تجميد" كلّ شيء بانتظار "لحظة الحقيقة"، لأنّ المطلوب التحضير لهذه اللحظة باستكمال المشاورات التي تؤمّن "خريطة الطريق" المناسبة.
 
بهذا المعنى، يمكن وضع المشاورات القائمة حاليًا على خط الملف الرئاسي في خانة "تقطيع الوقت" إن جاز التعبير، خصوصًا أنّ ما هو متوقَّع في هذه الجولة من اللقاءات، سواء على خط "الخماسية" أو "الاعتدال"، لا يتجاوز مبدأ الاجتماع مع مختلف الأطراف، والتشديد على الخطوط العريضة حول وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وربما إعادة فتح النقاش القائم أصلاً حول "الخيار الثالث" الذي أضحى برأي البعض "تحصيلاً حاصلاً".
 
لكنّ ترجمة الأمر إلى البحث بالتفاصيل والأسماء لا يزال مُستبعَدًا وفق العارفين، ولا سيما أنّ تخلّي "حزب الله" عن مرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لن يحصل في هذه المرحلة، ولو أبدى الحزب "انفتاحًا" على الحوار والتفاهم مع سائر الأطراف، ولو سرّب البعض معطيات عن إمكانية مشاركته في جلسة تفضي إلى انتخاب رئيس غير فرنجية، إلا أنّ كلّ ذلك يبقى مرهونًا لنضوج بعض المعطيات الإقليمية والدولية، قبل المحلية.
 
قد لا ينطبق قول "في الحركة بركة" على الحراك الرئاسي المتجدّد، لأنّ "البركة" مؤجّلة وفق كل المعلومات والمعطيات المتوافرة، لكنّ الأكيد أنّ "منطلق" هذه الحركة يبقى التأكيد على أنّ الكرة في ملعب اللبنانيين الذين ينبغي عليهم الاتفاق على انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن، بل أنّ "التهاب" المنطقة يجب أن يحثّهم على الإسراع بإنجاز الاستحقاق، لا "تأخيره" أكثر، بما يُدخِله في المزيد من المتاهات التي لا تنتهي!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: على خط

إقرأ أيضاً:

أشرف صبحي: لدينا رؤية مستقبلية واعدة لوضع الاتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية

أكد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة ورئيس الاتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية، أن هناك رؤية مستقبلية لوضع الاتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية في مكان متميز، موضحا ضرورة أن "نبدأ بدعم أنفسنا بالاتحاد الإفريقي وتطوير موارده، والتطرق إلى أجندة العمل خلال الفترة المقبلة".

جاء ذلك على هامش استقبال وزارة الشباب والرياضة، وفود الدول المشاركة للإتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية، ضمن اجتماعات اللجنة التنفيذية الإتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية واجتماعات الجمعية العمومية للإتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية، والتي تستضيفها مصر حتى 25 فبراير الجاري.

ويشارك في الاجتماعات وفود 22 دولة إفريقية ممثلين من (ليبيا، زيمبابوي، أوغندا، كينيا، نيجيريا، غانا، زامبيا، جنوب أفريقيا، رواندا، الجزائر، بوتسوانا، بوركينا فاسو، بوروندي، جمهورية الرأس الأخضر (كاب فيردي)، الكاميرون، إثيوبيا، غينيا، مالاوي، جمهورية الكونغو، السنغال، تونس).

وكان "صبحي" قد حصل على دعم وتأييد الجمعية العمومية للاتحاد الإفريقي، وهو أول وزير مصري يفوز بمنصب رئاسة الاتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية، خلال الدورة الحالية من 2023 وحتى 2027.

مقالات مشابهة

  • لأنها تسبب مرضاً خطيراً.. «الصحة العالمية» تدعو لوضع تحذيرات على «المشروبات الكحولية»
  • عون للوفد الإيراني: تعبنا من حروب الآخرين على أرض لبنان
  • معاريف.. بداية الهجوم الإيراني على إسرائيل
  • رئيسا الأعلى للإعلام وسلامة الغذاء يبحثان التعاون لوضع ضوابط وآليات لإعانات الأغذية
  • الرئيس الإيراني: يحقّ للشعب اللبناني العظيم أن يفخر بكل أبنائه
  • الحزبان الرئيسيان يجتمعان لوضع اللمسات الأخيرة على الحكومة الجديدة لإقليم كوردستان
  • وزير الداخلية الإيراني إسكندر مومني يصل بغداد في زيارة رسمية
  • الانتخابات البلدية 2025: تحالفات ومفاجآت واستعدادات مكثفة
  • أشرف صبحي: لدينا رؤية مستقبلية واعدة لوضع الاتحاد الإفريقي للرياضة الجامعية
  • باريس تطالب بإعادة توحيد المؤسسات الأمنية لوضع حد لهيمنة الميليشيات في ليبيا