الاستحقاق الرئاسي يتحرّك.. أيّ انعكاسات لوضع المنطقة الملتهب عليه؟
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
كما كان متوقَّعًا، "تحرّك" الاستحقاق الرئاسي مجدّدًا، بعد انقضاء عطلة الأعياد الطويلة، حيث عاد حراكا "الخماسية" و"الاعتدال" إلى نشاطهما بشكلٍ موازٍ، ولو خجول، مع "جدولة" عدد من اللقاءات والاجتماعات مع مختلف الفرقاء، تصدّرها لقاء "الاعتدال" و"حزب الله" الذي طال انتظاره، وقيل إنّه حمل جواب الحزب "غير السلبي" على المبادرة، ولو لم يكن "حاسمًا" أيضًا، ما يترك الأمور في الحلقة "المفرغة" نفسها، إن جاز التعبير.
لكن عودة النشاط إلى الحراك الرئاسيّ تأتي هذه المرّة، على وقع إعادة خلط الأولويّات مرّة أخرى، في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته طهران على إسرائيل، ردًا على استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية قبل أسبوعين، واغتيال عدد من قيادات الحرس الثوري الإيراني، وسط ترقّب لردّ إسرائيلي مضادّ، يُخشى أن تخرج معه الأمور عن السيطرة، فيفضي إلى حرب إقليمية شاملة، لا يزال اللاعبون الكبار يتجنّبونها حتى الآن.
ولأنّ لبنان ليس جزيرة معزولة، وفق القول الذي يتردّد دومًا على الكثير من الألسنة، وهو بالتالي جزءٌ من المعادلات الكبرى، ولا سيما في ضوء "الجبهة المفتوحة" أساسًا في الجنوب اللبناني مع العدو الإسرائيلي، يصبح السؤال مشروعًا عن الانعكاسات المحتملة لوضع المنطقة "الملتهب" عليه، وعلى الملفات السياسية، وعلى رأسها استحقاق الرئاسة المؤجَّل منذ تشرين الأول 2022، والذي لا يمرّ استحقاق من دون أن يترك تأثيراته عليه؟!
ما بعد بعد الهجوم الإيراني؟
على الرغم من أنّ الكثير من اللبنانيين يصرّون على رفض منطق "ترابط المسارات"، ويعترضون انطلاقًا من ذلك على الربط بين استحقاق الرئاسة وما يجري في المنطقة، فإنّ العارفين يعتبرون أنّ هذه النظرية أضحت في جانب كبير أمرًا واقعًا، حيث لا يخفى على أحد أنّ الاستحقاق وُضِع جانبًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واشتعال "جبهة الإسناد" في جنوب لبنان بالتوازي، ولو أنكر المعنيّون ذلك.
وإذا كان هناك من يعزو هذا "الجمود المتعمَّد" على خط الملف الرئاسي، حتى لو كان سابقًا للحرب الإسرائيلية على غزة، إلى "رهان" على متغيّرات إقليمية ودولية قد تنجم عن هذه الحرب، من شأنها أن تعدّل في موازين القوى، وبالتالي في حظوظ هذا المرشح أو ذاك، فإنّ هناك من يعتبر أنّ الهجوم الإيراني مع كلّ ما قد ينطوي عليه من تبعات على أكثر من مستوى، قد يعزّز مثل هذه الرهانات، وهو ما يتطلب "التريّث" أيضًا وأيضًا.
فبمعزَلٍ عن القراءات "المتناقضة" للهجوم الإيراني بين من اعتبره مجرّد "مسرحيّة" لا تقدّم ولا تؤخّر، ومن رأى فيه "إنجازًا غير مسبوق"، يرى العارفون أنّ الثابت أنّ "لا حسم رئاسيًا" في المرحلة المقبلة، وذلك بانتظار أن تتبلور الصورة وتنضج المعطيات، خصوصًا أنّ الترقب سيد الموقف الآن، مع إدراك المعنيّين أن أيّ تصاعد للتطورات سيكون له انعكاساته المباشرة على الساحة اللبنانية، حيث أضحت الرئاسة "رهينة" التجاذبات الإقليمية.
"تقطيع وقت"؟
استنادًا إلى ما تقدّم، يصبح السؤال مشروعًا عن "المغزى" من عودة النشاط، ولو جزئيًا، على خط المبادرات والوساطات القائمة حول الملف الرئاسي؟ يقول العارفون إنّه إذا كان مسلَّمًا به أنّ الحسم الرئاسي مؤجَّل، حتى إشعار آخر، ربطًا بالتطورات المتسارعة في المنطقة، فإنّ ذلك لا يعني بأيّ حال من الأحوال "تجميد" كلّ شيء بانتظار "لحظة الحقيقة"، لأنّ المطلوب التحضير لهذه اللحظة باستكمال المشاورات التي تؤمّن "خريطة الطريق" المناسبة.
بهذا المعنى، يمكن وضع المشاورات القائمة حاليًا على خط الملف الرئاسي في خانة "تقطيع الوقت" إن جاز التعبير، خصوصًا أنّ ما هو متوقَّع في هذه الجولة من اللقاءات، سواء على خط "الخماسية" أو "الاعتدال"، لا يتجاوز مبدأ الاجتماع مع مختلف الأطراف، والتشديد على الخطوط العريضة حول وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وربما إعادة فتح النقاش القائم أصلاً حول "الخيار الثالث" الذي أضحى برأي البعض "تحصيلاً حاصلاً".
لكنّ ترجمة الأمر إلى البحث بالتفاصيل والأسماء لا يزال مُستبعَدًا وفق العارفين، ولا سيما أنّ تخلّي "حزب الله" عن مرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لن يحصل في هذه المرحلة، ولو أبدى الحزب "انفتاحًا" على الحوار والتفاهم مع سائر الأطراف، ولو سرّب البعض معطيات عن إمكانية مشاركته في جلسة تفضي إلى انتخاب رئيس غير فرنجية، إلا أنّ كلّ ذلك يبقى مرهونًا لنضوج بعض المعطيات الإقليمية والدولية، قبل المحلية.
قد لا ينطبق قول "في الحركة بركة" على الحراك الرئاسي المتجدّد، لأنّ "البركة" مؤجّلة وفق كل المعلومات والمعطيات المتوافرة، لكنّ الأكيد أنّ "منطلق" هذه الحركة يبقى التأكيد على أنّ الكرة في ملعب اللبنانيين الذين ينبغي عليهم الاتفاق على انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن، بل أنّ "التهاب" المنطقة يجب أن يحثّهم على الإسراع بإنجاز الاستحقاق، لا "تأخيره" أكثر، بما يُدخِله في المزيد من المتاهات التي لا تنتهي!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على خط
إقرأ أيضاً:
الإمارات تدعو لوضع أسس لتقييد استخدام حق النقض في مجلس الأمن
نيويورك (الاتحاد)
دعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى وضع أسس لتقييد استخدام حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، مشيرةً إلى أنه وُضع لصون السلم والأمن الدوليين وليس لتجاهل إرادة المجتمع الدولي، ومؤكدةً أنه يجب عدم استخدام حق النقض بشكل غير مسؤول، خاصة في الصراعات التي تتطلب تدخلاً فورياً، بالإضافة إلى أن الاستخدام غير المسؤول يشكك في مصداقية مجلس الأمن.
وقالت الإمارات في بيان ألقته غسق شاهين، نائبة المندوب الدائم للدولة لدى الأمم المتحدة، خلال اجتماع للجمعية العامة حول استخدام حق النقض «الفيتو»: «إنه من المؤسف أن يعجز مجلس الأمن عن الوفاء بمسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، وأن يخفق في إيجاد الحلول للأزمات التي يعاني منها العالم وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعوب، حيث فشل المجلس في اعتماد قرار وقف إطلاق النار في غزة، كما فشل في اعتماد قرار لحماية المدنيين في السودان، إلى جانب إخفاقه في تبني قرارات مهمة حول مسائل أخرى تتعلق بعدم تسليح الفضاء، وأنظمة العقوبات»، مشيراً إلى أنه تم استخدام حق النقض 7 مرات في هذا العام وحده، بالإضافة إلى استخدام «النقض الصامت» خلال المفاوضات على مشاريع قرارات مجلس الأمن، مما حال من دون طرحها للتصويت.
وأضاف البيان أن الإمارات تدرك أن استخدام حق النقض مكفول للأعضاء الدائمين بموجب الميثاق، ولكن يجب ألا يتم استخدامه بشكل غير مسؤول، خاصة في الصراعات التي تتطلب التدخل الفوري من مجلس الأمن وتوظيف أدواته، خصوصاً في حالات إجماع المجلس على اعتماد قرارات مهمة.
وقال إن الاستخدام غير المسؤول لحق النقض قد يشكك في مصداقية مجلس الأمن ومنظومة الأمم المتحدة، خاصةً أن هذه الممارسات تناقض الأهداف التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة، والمتمحورة حول إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب.
وقال البيان: «لا بد من وضع أسس لتقييد استخدام حق النقض، لا سيما في حالات الفظائع الجماعية، حيث إنه وُضع لدعم صون السلم والأمن الدوليين، وليس لتقويض القانون الدولي أو تجاهل إرادة المجتمع الدولي، كما ينبغي احترام رأي الأمين العام عندما يستند إلى المادة الـ 99 من ميثاق الأمم المتحدة كما جرى بالنسبة للحرب في غزة».
وأشار البيان إلى أن المناقشة في مجلس الأمن أكدت أهمية دور الجمعية العامة واختصاصها في المسائل المتصلة بصون السلم والأمن الدوليين، في ظل عدم قدرة مجلس الأمن على القيام بمسؤوليته الرئيسة، حيث تلعب الجمعية العامة دوراً مهماً في عقد دورات استثنائية طارئة، إلى جانب الجلسات الخاصة بتبرير استخدام حق النقض وفقاً لقرار الجمعية العامة، والتي يجب تطويرها والبناء عليها بوصفها واحدة من الأدوات الحيوية للمساءلة.
وأشاد البيان بالمبادرة المهمة التي أطلقتها فرنسا والمكسيك بشأن تعطيل صلاحيات حق النقض في حالات الفظائع الجماعية، ومدونة قواعد السلوك المتعلقة بالإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن ضد الإبادة الجماعية أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، على النحو الذي وضعه فريق المساءلة والاتساق والشفافية، حيث تسهم مثل هذه المبادرات في ضمان عدم إعاقة تحرك المجتمع الدولي لمنع ارتكاب فظائع بحق الإنسانية والمدنيين العزل.
وقال: «لتعزيز مناقشاتنا في هذا البند، ينبغي أن تتضمن مقدمة التقرير السنوي المقدم من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة تحليلاً لاستخدام حق النقض خلال الفترة المشمولة بالتقرير، ومقارنتها بالتقارير السابقة، وتخصيص جزءٍ مستقل لحق النقض إذا تم الأخذ به».
وفي ختام البيان، أكدت الإمارات أنه في ظل هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها مجلس الأمن، بات العالم برمته يتطلع لقيام المجلس بدوره المنشود في صون الأمن والسلم الدوليين، كما أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة نحو إصلاح مجلس الأمن، بما في ذلك إصلاح بند حق النقض.
وشددت على أهمية تعزيز فعالية العمل الجماعي في الاستجابة للأزمات، خاصة التي تعاني منها منطقتنا، بما في ذلك ضمان الامتثال للقوانين والأعراف الدولية.