أصبحت النحافة معيارا سائدا للجمال في ثقافة الغرب المعاصرة، ورغم أن جمال الجسم كان له أشكال مختلفة على مر العصور فإنه منذ نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 صارت صورة المرأة المثالية تتغير إلى امرأة نحيفة بخصر مشدود وأصابع رفيعة.

لذلك، لا يعد من المفاجئ عندما نقرأ نتائج ورقة بحثية نشرت في العام 2014 وتظهر أن العديد من النساء في الغرب غير راضيات عن أجسامهن، وفي إحدى الدراسات الكبيرة التي أجريت على نحو 10 آلاف امرأة في الولايات المتحدة وجد الباحثون أن حوالي 85% من المشاركات غير راضيات عن شكل أجسامهن الحالي ويرغبن في أن يكن أكثر نحافة، مما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا أصبحت النحافة معيارا للجمال؟ وكيف شاعت هذه الفكرة؟

تأثير وسائل الإعلام والإعلانات

يقول موقع "ذا كونفرسيشن" المتخصص بنشر الأخبار والأبحاث العلمية إنه في عشرينات القرن الـ20 تحول مثال الجمال إلى التركيز تقريبا على النحافة بشكل حصري، مما يتطلب استخدام الحميات القاسية.

وصادف خلال هذه الفترة انتشار وسائل الإعلام الجماهيرية التي ساهمت في خلق توحيد لمعايير جمال الجسم في أميركا الشمالية وغرب أوروبا، إذ عرضت الأفلام وانتشرت المجلات التي تظهر نجوم هوليود ممشوقي الأجساد، وكانت هذه الفترة أيضا هي الفترة التي بدأت فيها الإعلانات الأولى عن فقدان الوزن، والتي ساهمت أيضا في تقوية فكرة ارتباط النحافة.

وبحلول الأربعينيات وثق الباحثون أولى حالات الصورة السلبية للجسم، حيث كانت النساء يتمنين أجسادا أصغر حجما، وفي الستينيات أصبحت عارضات الأزياء وفائزات مسابقات ملكة الجمال في الولايات المتحدة من صاحبات الأجساد النحيلة، واستمر ذلك إلى أن أصبحت المثالية الجمالية للمرأة مرادفة للقوام النحيل بحلول التسعينيات.

وبالتزامن مع هذا الاتجاه لتتويج مثالية الجسد النحيل بدأ وتحديدا في التسعينيات اتجاه آخر يقلل من قيمة النساء الممتلئات، فعلى سبيل المثال تم تصوير النساء البدينات في التلفزيون بطريقة نمطية تظهرهن بأنهن غير ذكيات وغير قادرات على تكوين علاقات، كما زاد التركيز على المخاطر الصحية المرتبطة بالوزن الزائد في جميع وسائل الإعلام بالولايات المتحدة والغرب كما أشار تقرير شبكة "سي إن إن" الأميركية.

ويبدو أن الجمع بين تثمين النحافة والتقليل من قيمة المرأة الممتلئة ساهم في توحيد معايير الجمال المتعلقة بالنحافة في وسائل الإعلام المختلفة من المجلات إلى برامج التلفزيون والأفلام.

وربطت بعض الدراسات ظهور اضطرابات الأكل بين النساء الشابات بالفترة التي كانت فيهما النحيفة هي المرأة المثالية في الولايات المتحدة، وفقا لباحثي جامعة ويسكونسن-ماديسون في ورقة نشرت بجريدة "جورنال أوف كوميونيكيشن" (Journal of Communication) في عام 1997.

 

المقاييس القياسية للملابس ساهمت في تعزيز الفكرة بأن هناك مقاسا مثاليا لأجساد النساء (بيكسلز) الثورة الصناعية

لكن يمكن تتبع علاقة هذه المعايير الجمالية بالثورة الصناعية، إذ قبلها كانت معظم ملابس النساء مصنوعة حسب الطلب، وهذا يعني أن كل فستان للمرأة كان يتم صنعه بمقاسها الفردي، ونتيجة لذلك لم تكن هناك حاجة لإنتاج ملابس قياسية كما أشار موقع "فاشنوفيشن"، وهو منصة تجمع بين صناعة الموضة والتكنولوجيا والقضايا الاجتماعية.

لكن مع ظهور الإنتاج بكميات كبرى في القرن الـ19 زاد إنتاج الملابس بأحجام قياسية، أي بمقاسات موحدة، وأدى ذلك إلى تطوير أول مقاييس قياسية للملابس التي تم تقديمها في الولايات المتحدة في ستينيات من القرن الـ19.

أحد تأثيرات تقديم المقاييس الموحدة للملابس على النساء هو أنه أصبح من الأسهل للنساء مقارنة مقاساتهن بمقاسات الآخرين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعورهن بالانتقاد أو الدونية إذا شعرت المرأة بأنها ليست نحيفة مثل النساء الأخريات.

كما ساهمت المقاييس القياسية للملابس في تعزيز الفكرة بأن هناك مقاسا "مثاليا" لأجساد النساء، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعورهن بالضغط للتماشي مع هذه المعايير حتى لو لم تكن صحية أو طبيعية.

أيضا، أثرت الثورة الصناعية على ارتفاع مستوى الاستهلاك، ومع توسع الإنتاج الجماعي بدأ الناس يمتلكون المزيد من الدخل، وهذا أدى إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، بما في ذلك الموضة، وبالتالي التأثر بما تنشره مجلات الموضة التي تروج لفكرة أن النحافة هي الشكل المثالي لجسم المرأة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

قيصر الحدود يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل

قال توم هومان مرشح دونالد ترامب لتولي رئاسة الوكالة المسؤولة عن مراقبة الحدود والهجرة (آي سي إي) إن الإدارة الأميركية الجديدة ستستخدم الأراضي التي تعهدت ولاية تكساس بمنحها لصالح خطة الهجرة وبرنامج الترحيل.

وقال هومان الملقب بـ"قيصر الحدود" في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" إن الإدارة الأميركية المقبلة ستستخدم "بالتأكيد" الأرض التي قدمتها تكساس لدعم خطة ترامب المتعلقة بطرد المهاجرين غير الشرعيين.

وأضاف هومان: "يجب احتجازهم (المهاجرين غير الشرعيين) لفترة قصيرة بينما نحصل على وثائق السفر من بلدهم الأصلي ومن ثم ترحيلهم".

وجاءت تصريحات هومان بعد يوم واحد من عرض مسؤولين في ولاية تكساس على ترامب حوالى 570 هكتارا من أراضي الولاية الواقعة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة من أجل "مساعدة إدارته على تنفيذ خططها المتعلقة بالطرد".

والأرض المعنية هي مزرعة تم الاستيلاء عليها في أكتوبر في مقاطعة ستار، على ضفاف نهر ريو غراندي الذي يفصل بين المكسيك والولايات المتحدة.

وقالت مفوضة تنظيم المدن في ولاية تكساس داون باكنغهام أن فريقها "على استعداد تام" لإبرام اتفاق مع وكالة فدرالية أميركية "يتيح بناء مركز لدراسة واحتجاز وتنسيق أكبر عملية ترحيل مجرمين عنيفين في تاريخ البلاد".

ورغم دعم المسؤولين في تكساس لخطة ترامب للهجرة، تسعى بعض المناطق الأخرى في البلاد إلى حماية المهاجرين قبل تنصيب الرئيس المنتخب في يناير المقبل.

ومؤخرا وافق مجلس مدينة لوس أنجلوس بالإجماع على تشريع يسمح باقامة ملاذات آمنة لحماية المهاجرين في المدينة ومنع احتجازهم.

لكن هومان قلل من أهمية هذا التشريع قائلا إن سلطات إنفاذ القانون ستعتقل المهاجرين غير الشرعيين في الولايات التي توفر الملاذات الآمنة ومن ثم تنقلهم جوا خارج الولاية وتحتجزهم بعيدا عن عائلاتهم ومحاميهم، "لن تتمكنوا من منعنا من القيام بما سنقوم به".

وكان ترامب أكد، الاثنين، أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين، بعد توليه منصبه في يناير.

وخلال حملته الانتخابية، انتقد ترامب مرارا المهاجرين غير الشرعيين واستخدم خطابا تحريضيا حيال الأجانب الذين قال إنهم "يسممون دماء" الولايات المتحدة.

ووعد ترامب بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد الرئيس جو بايدن.

وتقدر السلطات بنحو 11 مليونا الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني. ويتوقع أن تؤثر خطة الترحيل بشكل مباشر على حوالي 20 مليون أسرة.

مقالات مشابهة

  • افتتاح أول دار للناجيات شرقي السودان بدعم حكومي ومجتمعي
  • النساء في الفن.. هل يصنعن ثورة أم يقعن في فخ التمثيل الزائف؟
  • ياسمين عز: المرأة المثالية هي من تشكر زوجها حتى لو عمل أقل حاجة
  • ثلاث فتيات وامرأة غامضة.. ننشر الفصل الأول من رواية «البوشّيه»
  • مركز إعلام برج العرب ينظم ندوة لمناهضة العنف ضد المرأة
  • قيصر الحدود يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل
  • أغرب الصور الطبيعية خلال 2024.. نمر عجيب وجنين وحيد القرن ومفارقة نادرة
  • تفاصيل معرض «بازار القاهرة 2» للملابس والأغذية بأسعار مخفضة.. نصائح للشراء
  • الجالية العربية ببريطانيا تطالب ستارمر باعتبار حرب غزة إبادة جماعية
  • قومي المرأة يشكر الداخلية لفتح مستشفياتها للكشف بالمجان على النساء