باعتبار النحافة معيارا للجمال.. كيف صنع الإعلام والثورة الصناعية صورة المرأة المثالية؟
تاريخ النشر: 29th, July 2023 GMT
أصبحت النحافة معيارا سائدا للجمال في ثقافة الغرب المعاصرة، ورغم أن جمال الجسم كان له أشكال مختلفة على مر العصور فإنه منذ نهاية القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 صارت صورة المرأة المثالية تتغير إلى امرأة نحيفة بخصر مشدود وأصابع رفيعة.
لذلك، لا يعد من المفاجئ عندما نقرأ نتائج ورقة بحثية نشرت في العام 2014 وتظهر أن العديد من النساء في الغرب غير راضيات عن أجسامهن، وفي إحدى الدراسات الكبيرة التي أجريت على نحو 10 آلاف امرأة في الولايات المتحدة وجد الباحثون أن حوالي 85% من المشاركات غير راضيات عن شكل أجسامهن الحالي ويرغبن في أن يكن أكثر نحافة، مما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا أصبحت النحافة معيارا للجمال؟ وكيف شاعت هذه الفكرة؟
تأثير وسائل الإعلام والإعلاناتيقول موقع "ذا كونفرسيشن" المتخصص بنشر الأخبار والأبحاث العلمية إنه في عشرينات القرن الـ20 تحول مثال الجمال إلى التركيز تقريبا على النحافة بشكل حصري، مما يتطلب استخدام الحميات القاسية.
وصادف خلال هذه الفترة انتشار وسائل الإعلام الجماهيرية التي ساهمت في خلق توحيد لمعايير جمال الجسم في أميركا الشمالية وغرب أوروبا، إذ عرضت الأفلام وانتشرت المجلات التي تظهر نجوم هوليود ممشوقي الأجساد، وكانت هذه الفترة أيضا هي الفترة التي بدأت فيها الإعلانات الأولى عن فقدان الوزن، والتي ساهمت أيضا في تقوية فكرة ارتباط النحافة.
وبحلول الأربعينيات وثق الباحثون أولى حالات الصورة السلبية للجسم، حيث كانت النساء يتمنين أجسادا أصغر حجما، وفي الستينيات أصبحت عارضات الأزياء وفائزات مسابقات ملكة الجمال في الولايات المتحدة من صاحبات الأجساد النحيلة، واستمر ذلك إلى أن أصبحت المثالية الجمالية للمرأة مرادفة للقوام النحيل بحلول التسعينيات.
وبالتزامن مع هذا الاتجاه لتتويج مثالية الجسد النحيل بدأ وتحديدا في التسعينيات اتجاه آخر يقلل من قيمة النساء الممتلئات، فعلى سبيل المثال تم تصوير النساء البدينات في التلفزيون بطريقة نمطية تظهرهن بأنهن غير ذكيات وغير قادرات على تكوين علاقات، كما زاد التركيز على المخاطر الصحية المرتبطة بالوزن الزائد في جميع وسائل الإعلام بالولايات المتحدة والغرب كما أشار تقرير شبكة "سي إن إن" الأميركية.
ويبدو أن الجمع بين تثمين النحافة والتقليل من قيمة المرأة الممتلئة ساهم في توحيد معايير الجمال المتعلقة بالنحافة في وسائل الإعلام المختلفة من المجلات إلى برامج التلفزيون والأفلام.
وربطت بعض الدراسات ظهور اضطرابات الأكل بين النساء الشابات بالفترة التي كانت فيهما النحيفة هي المرأة المثالية في الولايات المتحدة، وفقا لباحثي جامعة ويسكونسن-ماديسون في ورقة نشرت بجريدة "جورنال أوف كوميونيكيشن" (Journal of Communication) في عام 1997.
المقاييس القياسية للملابس ساهمت في تعزيز الفكرة بأن هناك مقاسا مثاليا لأجساد النساء (بيكسلز) الثورة الصناعية
لكن يمكن تتبع علاقة هذه المعايير الجمالية بالثورة الصناعية، إذ قبلها كانت معظم ملابس النساء مصنوعة حسب الطلب، وهذا يعني أن كل فستان للمرأة كان يتم صنعه بمقاسها الفردي، ونتيجة لذلك لم تكن هناك حاجة لإنتاج ملابس قياسية كما أشار موقع "فاشنوفيشن"، وهو منصة تجمع بين صناعة الموضة والتكنولوجيا والقضايا الاجتماعية.
لكن مع ظهور الإنتاج بكميات كبرى في القرن الـ19 زاد إنتاج الملابس بأحجام قياسية، أي بمقاسات موحدة، وأدى ذلك إلى تطوير أول مقاييس قياسية للملابس التي تم تقديمها في الولايات المتحدة في ستينيات من القرن الـ19.
أحد تأثيرات تقديم المقاييس الموحدة للملابس على النساء هو أنه أصبح من الأسهل للنساء مقارنة مقاساتهن بمقاسات الآخرين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعورهن بالانتقاد أو الدونية إذا شعرت المرأة بأنها ليست نحيفة مثل النساء الأخريات.
كما ساهمت المقاييس القياسية للملابس في تعزيز الفكرة بأن هناك مقاسا "مثاليا" لأجساد النساء، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعورهن بالضغط للتماشي مع هذه المعايير حتى لو لم تكن صحية أو طبيعية.
أيضا، أثرت الثورة الصناعية على ارتفاع مستوى الاستهلاك، ومع توسع الإنتاج الجماعي بدأ الناس يمتلكون المزيد من الدخل، وهذا أدى إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، بما في ذلك الموضة، وبالتالي التأثر بما تنشره مجلات الموضة التي تروج لفكرة أن النحافة هي الشكل المثالي لجسم المرأة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
مهرجان أسوان يفتح باب التقدم للمشاركة بتقرير صورة المرأة في السينما
كشفت إدارة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة عن فتح باب التقدم للمشاركة بمقالات وأوراق بحثية تتناول صورة المرأة في السينما العربية خلال عام 2024، وذلك ليتم نشرها في التقرير السنوي للمهرجان في نسخته السادسة، والذي يشرف عليه الناقد السينمائي محمد طارق.
فتح باب التقدم للمشاركة في مهرجان أسوانويستكمل مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته التاسعة مسيرة العمل في التقرير السنوي لصورة المرأة في السينما العربية، والتي بدأت في دورته الرابعة عام 2020، إذ يبدأ العمل على الكتاب السادس من خلال دعوة للتقدم للكاتبات والكتاب والناقدات والنقاد العرب للمشاركة في الكتاب، ما يضمن شمول أكثر عدد ممكن من المشاركات والمشاركين في هذا الموضوع.
وتتضمن موضوعات الكتاب مقالات وتقارير وحوارات صحفية، تتعرض لمشاركات المرأة العربية في صناعة السينما وفي المهرجانات السينمائية، إضافة إلى حوارات مع صانعات سينما أو ميسرات ثقافيات أو مبرمجات سينمائيات، وتحليل للظواهر السينمائية المتعلقة بتصوير المرأة العربية على الشاشة، وتقارير إحصائية عن الأفلام المتعلقة بالمرأة أو نسب مشاركة صانعات الأفلام في الإنتاج السينمائي.
وأكدت إدارة المهرجان تطلعها لمشاركة النقاد والناقدات في الكتاب السادس من هذا التقرير، مشددة على أنها تأمل أن يلعب دوره في الإضافة للثقافة السينمائية العربية بوجه عام، وللثقافة المتعلقة بالنقد النسوي وبالكتابة عن أفلام المرأة، وطرحت إدارة المهرجان اللينك التالي للتقدم للمشاركة: https://2u.pw/IATypkaC
ويسعي المهرجان إلى إصدار الكتاب السادس من السلسة التي أطلقها المهرجان في دورته الرابعة فبراير 2020، حينما أصدر أول مرة تقرير سنوي بعنوان "صورة المرأة في السينما العربية"، تناول رصدًا موضوعيًا للأفلام العربية التي صدرت خلال عام 2019، وكان بمثابة التقرير الأول من نوعه الذي يرصد العديد من مظاهر ومكونات هذه الصورة، التي تمثل نظرة صناع وصانعات الافلام للمرأة في البلدان العربية المختلفة، في كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، يحوي قسمًا خاصًا لكل بلد عربي أنتج أفلام روائية طويلة في عام 2019، ثم صدر الكتاب الثاني خلال الدورة الخامسة للمهرجان يونيو 2021، حاملًا تقرير عن صورة المرأة في السينما العربية خلال عام 2020 وراصدًا لفترة جائحة كوفيد 19 وتأثيراتها على السينما العربية إضافة لإشكالياته الأساسية.
فيما صدرت النسخة الثالثة من هذا الإصدار في الدورة السادسة للمهرجان فبراير 2022، لترصد صورة المرأة في سينما المنطقة العربية عام 2021، ثم جاءت النسخة الرابعة من هذا التقرير خلال الدورة السابعة للمهرجان مارس 2023 لتتناول وضع المرأة في السينما العربية خلال عام 2022، بكل ما يمكن رصده من عوامل ومستجدات أسهمت في رسم صورة المرأة في وجدان الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، عبر الفيلم السينمائي بكل أنواعه، والتي أعقبها إصدار خاص من نفس التقرير عن مهرجان سلا لفيلم المرأة نوفمبر 2023 يحمل نسخة فرنسية لنفس الكتاب (التقرير)، ليزيد على مساحة انتشار الكتاب الصادر عن مهرجان أسوان باللغتين العربية والإنجليزية مساحة جديدة من الاهتمام والبحث والنشر لهذا الإصدار العربي الهام، وأخيرًا أصدر المهرجان في دورته الماضية كتابه الخامس ليفند ذات القضايا والموضوعات المتعلقة بصورة المرأة، وبتواجد النساء في صناعة السينما العربية بوجه عام في عام 2023 .
تفاصيل في الدورة الأولى لمهرجان أسوانوانطلقت الدورة الأولى من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة فى فبراير 2017، كأول مهرجان مصري دولى يهتم بأفلام المرأة وقضاياها الهامة، ويعمل فى كل دورة على تنظيم العديد من الفعاليات المصاحبة التى تتخذ من إبداع المرأة وهمومها وإشكاليات العلاقة بينها وبين المجتمع موضوعًا لها ولكل فعاليات وبرامج الأفلام ومسابقات المهرجان المختلفة .