آخر تحديث: 18 أبريل 2024 - 9:21 صبقلم:سمير عادل التاريخ “لا” يكتبه المنتصرون مثلما تعودنا سماع ذلك، إنما تكتبه في أحد أوجهه البلطجية. هذا ما فعلته الضربة الإيرانية على إسرائيل.لن يتجرع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الهزيمة في مكانين وفي توقيت واحد. فكل ما تم تقديمه إلى نظام كييف ورئيسه زيلينسكي الذي بات أكبر من حجمه، بسبب النفخ فيه غربيا وتقديم الدعم له من سلاح ومال وآلة دعائية وإعلامية ضخمة وعدد ليس قليلا من المرتزقة، لم يقدم أي نتيجة ولم يسعف قواته أمام روسيا التي باتت تتقدم وتلحق به الهزائم في دونباس.

الموقف الغربي على رد فعل إيران، إزاء قتل قادتها من الحرس الثوري من الصف الأول في سوريا من قبل إسرائيل، وفي نطاق سفارتها وقنصليتها، يكشف أبعد مما كشفته هشاشة الدعاية الحربية الإيرانية وآلاتها العسكرية. فالمسألة لم تكن أبدا ــ وبعكس كل الادعاءات الكاذبة والزائفة ــ بأن إيران تحاول جر المنطقة إلى الفوضى والحرب. الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تحديدا، هي من خلقت أرضية لجر منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية عبر عسكرة البحار، وعن طريق غض الطرف عن وحشية الآلة العسكرية الإسرائيلية التي قتلت إلى الآن وفي ظرف ستة أشهر أكثر من ثلاثة وثلاثين ألف ضحية من الفلسطينيين نصفهم أطفال، وتحولت غزة إلى أكبر مقبرة للأطفال في التاريخ والعالم. إنَّ الغرب لم ينبس ببنت شفة لإدانة واحدة تجاه ما أقدمت عليه إسرائيل بالدوس على “قانونه الدولي” عندما وجهت ضربة عسكرية لـ“سيادة” إيران في سوريا، في حين يتبجح بكل صلافة أن إيران خرقت ذلك القانون. وأبعد من ذلك فإننا نرى دوله تعزف على وتر واحد، من ماكرون فرنسا وبايدن أميركا وكاميرون بريطانيا، عبر تحذير نظام طهران من أي عمل عسكري تجاه إسرائيل، مثلما عزفت سابقا على وتر اجتياح القوات الروسية الحدود الأوكرانية. وبعكس كل ما قيل وكتب وما ملأ مواقع التواصل الاجتماعي من سخرية واستهزاء وتنفس الصعداء عن فشل الضربة العسكرية الإيرانية، وإعلان بايدن انتصار إسرائيل، فإن الجميع يعرف بمن فيهم قادة الغرب، أن الضربة الإيرانية كانت لها رسالة سياسية، وغير معنية بإلحاق الأضرار المادية بإسرائيل، وقد حققت هدفها وهو الجسارة على ضربها بالرغم من وجود الحلفاء الغربيين وقادتهم العسكريين الذين لعبوا دورا في إفشال الضربة عن طريق تهديداتهم وتحذيراتهم واستخباراتهم وأجهزتهم العسكرية والمساهمة العملياتية بإسقاطهم للصواريخ والمسيرات الإيرانية. لكن في بعد آخر، كشفت محدودية الضربة الإيرانية عن أنَّ جميع ادعاءات نظام طهران حول غزة والقضية الفلسطينية وتحرير القدس، ليست إلا فقاعات إعلامية للاختباء تحتها، وإخفاء تمددها القومي ونفوذها السياسي في المنطقة. فغزة وأطفال غزة والأقصى ليسوا إلا عناوين لإغراق ما تبقى من الحمقى في الأوهام. والإستراتيجية السياسية الإيرانية أساسا هي الاستثمار في الدول الفاشلة. وهذه الدول لن تستطيع تأمين لقمة عيش وأمان بالحدود الدنيا لمواطنيها، فكيف بإمكانها تحرير فلسطين وإنقاذ أطفال ونساء وشباب وشيوخ غزة من براثن دولة إسرائيل الفاشية. كل تصريحات القادة الإيرانيين كانت حول النأي بأنفسهم عن أية حرب قادمة بدءا من وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، مرورا بقائد الحرس الثوري وانتهاء بأصغر موظف في السفارة الإيرانية الذين يعلنون تباعا بأنهم اكتفوا بالضربة التي وجهوها، أمّا وحدة الساحات التي أصموا آذاننا بها فإنَّها لن تغادر الجعجعة الإعلامية. في خضم هذا الصراع، وتصاعد حدة العسكرتاريا في المنطقة، ليس هناك مكان لإدانة هذا الطرف أو ذاك، إنَّما الإدانة والشجب يكونان للصراع القائم الذي له عنوان واحد خادع وهو القضية الفلسطينية. لكن من ناحية المحتوى، الصراع هو صراع جيوسياسي، يدفع الشعب الفلسطيني ثمنه من دمائه وحريته ومصيره ومستقبله. لقد نجح نتنياهو والحكومة النازية الإسرائيلية في كسر عزلتهما وطمس حقيقة الجرائم في غزة، كما نجحت إيران في إعادة الثقة لحلفائها في المنطقة والإيفاء بالقليل من وعودها بالرد على انتهاكات إسرائيل لأمنها وحفظ بعض ماء الوجه لها وتنفيس الغضب الذي كان يعتصر مناصريها وصف من المتوهمين بها بحجة محاربة “الإمبريالية”. لكن بعد ما حدث، هناك مسألتان ستطفوان على السطح. الأولى، هي أنَّ السياسة الغربية في المنطقة ستأخذ منحى آخر، وأن الضربة الإيرانية سواء أكانت فقاعة إعلامية أم لم تكن، فهي سترتب اصطفافات سياسية جديدة وتصوغ معادلات جديدة. أمّا المسألة الثانية، فإن القوى الإقليمية الأخرى مثل تركيا والسعودية والإمارات لن تبتلع ما أقدمت عليها إيران بسهولة.الضربة الإيرانية على إسرائيل قامت بالتشويش على جرائم إسرائيل وحربها في غزة، وحرفت الأنظار عنها بدعم الآلة الدعائية الغربية، وبالرغم أنَّ ذلك لن يدوم طويلا، لكن إسرائيل تحاول شراء الوقت بأي ثمن لإطالة أمد وحشيتها في غزة والضفة الغربية وفي المنطقة.وأمام هذا الغبار الذي أحدثه احتدام هذا الصراع الرجعي في المنطقة، يجب ألا يغيب عن بالنا أنَّ حل القضية الفلسطينية وتأسيس دولة مستقلة، هما خطوة نحو سحب البساط من تحت أقدام المزايدين ورافعي لواء الحرب على الإرهاب، وأيضا هما جزء من إستراتيجية إبعاد منطقتنا من العسكرتاريا والتهديدات والحروب.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الضربة الإیرانیة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

إيران تبدأ استراتيجية سرية جديدة في حربها ضد إسرائيل.. ماذا سيحدث؟

كشف موقع «المونيتور» عن استراتيجية جديدة تسعى إليها إيران خلال الفترة الحالية والمستقبل القريب ضد إسرائيل، وهي خيار الحرب السرية، أملًا في تكبيد الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة، وهو ما تُفضله الأجهزة الأمنية والعسكرية في طهران.

وتظهر طهران، وفقًا لتقرير «المونيتور» ميلًا متزايدًا نحو خيار الحرب السرية بهدف تجنب مخاطر حرب إقليمية واسعة النطاق ضد إسرائيل والولايات المتحدة، حليفتها الأبرز، لكن كيف ستكون الحرب السرية؟

حرب بالوكالة.. مع الإنكار

يقول الموقع الأمريكي، إن إيران تستند على وكلائها في المنطقة في شن هجمات ضد إسرائيل، مع ضبط النفس وإنكار أي هجوم، بدلًا من شن ضربات صاروخية مباشرة مثل عمليتي الوعد الصادق أو شن هجمات بواسطة الطائرات المُسيرة، وذلك لتجنب رد فعل إسرائيلي فوري، أو انزلاق المنطقة ومعها إيران إلى حرب واسعة مدمرة.

مواصلة الضغط على إسرائيل

وبواسطة استراتيجية إيران الجديدة، فإنها بذلك تحقق مزايا استراتيجية أبرزها مواصلة الضغط على إسرائيل مع الحفاظ على قدرتها لإنكار أي مسؤولية عن أي هجوم تتعرض له تل أبيب.

وتواصل إسرائيل تعزيز دفاعاتها الجوي تحسبًا لأي هجوم إيراني محتمل، سواء من طهران نفسها، أو من وكلائها في المنطقة، وذلك عن طريق نشر أنظمة صواريخ دفاعية متقدمة، مع تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة وباقي الحلفاء.

إيران تخشى هجوم إسرائيلي قادم

وكانت صحيفة «تيليجراف» البريطانية، كشفت أن إيران تتجنب هجوم إسرائيلي مرتقب على مواقعها النووية خلال الأيام الجارية، وتعيش حالة تأهب قصوى وسط مخاوف من الهجوم الإسرائيلي الأمريكي المشترك.

ويقول المسؤولون، بحسب «تيليجراف»، إن هذه الإجراءات تأتي ردًا على المخاوف المتزايدة بشأن احتمال قيام إسرائيل والولايات المتحدة بعمل عسكري مشترك، وبعد تحذيرات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية لإدارتي الرئيس الأمريكي جو بايدن ودونالد ترامب من أن إسرائيل من المرجح أن تستهدف مواقع نووية إيرانية رئيسية هذا العام.

مقالات مشابهة

  • أمير الشرقية يدشن مبادرة "مفيد" التي أطلقتها جمعية مأوى للخدمات الاجتماعية
  • «وول ستريت»: حماس عيَّنت قادة جددا.. وتستعد لمعركة أخرى ضد إسرائيل
  • إيران تبدأ استراتيجية سرية جديدة في حربها ضد إسرائيل.. ماذا سيحدث؟
  • لم تعرض سوى 10% من قدراتها العسكرية.. إيران تتوعّد بضرب «القواعد الأمريكية»
  • إيران تنتظر هجوما مشتركا بين إسرائيل وأمريكا: تتوقعه كل ليلة
  • وزير الخارجية الروسي: تعزيز التعاون مع إيران وحل أزمات المنطقة وفق قرارات مجلس الأمن
  • إسرائيل هيوم: هل تشكل تركيا التهديد الكبير القادم لإسرائيل؟
  • تخفيضات تصل لـ30%.. عناوين معارض أهلا رمضان في الجيزة
  • ضربة أخرى لقوات حميدتي.. الجيش السوداني يكسر حصار الدعم السريع لمدينة الأبيض الاستراتيجية
  • قائد بالحرس الثوري: أي هجوم إسرائيلي على إيران سيواجه برد مباشر ضد أمريكا