أعادت الهتافات المناوئة والمناهضة التي حاصرت وفد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” المشارك في مؤتمر باريس، من قبل سودانيين غاضبين في فرنسا، أعادت إلى الذاكرة المواكب التي كانت تخرج في الخرطوم في أواخر فترة حكم القحاتة بقيادة دكتور عبد الله حمدوك.

وكان سودانيون غاضبون في العاصمة الفرنسية، حملوا شعارات مناوئة لتنسيقية ” تقدم” رددوا خلالها هتافات ضد ممثلي تنسيقية تقدم وفي مقدمتهم دكتور عبد الله حمدوك وعمر مانيس وياسر عرمان وخالد سلك ومريم الصادق المهدي وغيرهم.

مؤشر خطير:
وتعتبر حادثة التنديد التي واجهتها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” في العاصمة الفرنسية، بحسب مراقبين مؤشراً خطيراً يحكي الوبال الذي ينتظر مستقبل هذه القوى السياسية ووجودها في المشهد السياسي السوداني في مرحلة ما بعد الحرب، حيث تقول القرائن والأدلة والبراهين إن تقدم تأمرت على الوطن، ومارست العمالة والارتزاق في أبشع صورها بالارتهان إلى قوى أجنبية ذات أجندة ومطامع في السودان، فنسقت مع ميليشيا الدعم السريع، لتنفيذ مخطط الإطاحة بالقوات المسلحة وإبدالها بميليشيا آل دقلو، على أن يستعيد القحاتة كراسي الحكم في السودان.
بي كم بي كم بي كم

قحاتة باعوا الدم:
وأما القحاتة فهم تحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ” قحت” والذي لا أدري هل تأخر هذا التحالف أم تقدم عندما تحول إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”؟!، وأما الدم فهي دماء الشباب الذين مهروا ثورة ديسمبر بأرواحهم في سبيل تحقيق مبادئ وقيم الحرية والسلام والعدالة، وهي أيضاً دماء أهل السودان من المواطنين الأبرياء والعزل الذين راحوا ضحية حرب الخامس عشر من أبريل التي أوقدت نيرانها ميليشيا الدعم السريع بتمردها على القوات المسلحة، بدعم وإسناد القحاتة أنفسهم الذين كانوا يمنّون أنفسهم بالعودة إلى سُدة الحكم محمولين على أكتاف بنادق ميليشيا آل دقلو.

خيبة وردة فعل:
والواقع أن هتاف “بي كم بي كم بي كم، قحاتة باعوا الدم”، كان ردة فعل عنيفة لخيبة شباب ثورة ديسمبر تجاه مركزية قوى الحرية والتغيير الذين نصبّوا أنفسهم حاضنة رسمية للثورة، ولكن الواقع الذي ثبت فيما بعد بالأدلة والبراهين أن القحاتة اختطفوا الثورة من بين يدي هؤلاء الشباب واتخذوها مطية للوصول إلى مبتغاهم وتحقيق غاياتهم، وبالفعل تصدرت مركزية قوى الحرية والتغيير المشهد فحكموا وتحكموا في مقاليد البلاد، وأُوتوا بسطةً في الجاه والمال، ولكنهم افتقدوا إلى بسطةٍ في العلم والحكمة والمنطق، فطغوا وتجبروا وبغوا، وإعادوا سيرة الإنقاذ الأولى بالتهميش والإقصاء، وتعاطوا مع شباب الثورة وفق ما تهوى أنفسهم فجعلوهم شيعاً يستضعفون طائفةً منهم، ويقربون طائفة أخرى.

عدم خبرة وضعف قدرة:

لقد تخلت مركزية قوى الحرية والتغيير عن الشباب الذين كانوا وقوداً لثورة ديسمبر بذلوا فيها أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل تحقيق مقاصد وأهداف نبيلة، فلم يولي القحاتة هؤلاء الشباب الاهتمام الذي يستحقون، لقد وضح جلياً ومنذ المائة يوم الأولى من حكم القحاتة بقيادة رئيس وزرائهم دكتور حمدوك، أنهم يفتقدون إلى الخبرة، ويعانون من ضعف في القدرة على التعاطي الإيجابي مع مطلوبات الحكم، فالسلطة ليست ” بِدَل وأربطة عنق، وعطور فاخرة” وإنما مسؤولية واجبة الأداء، يتحقق بالتزامها النجاح المطلوب في القيادة والإمساك بمفاصل السلطة وتوظيفها باعتدال لصالح تحقيق مرامي وأهداف مبادئ الثورة في الحرية والسلام والعدالة.

فشل ذريع:
وعلى مدار فترة حكمهم التي امتدت أربع سنوات حسوما، كان عدم الخبرة منهاجاً واضحاً في تعاطي مركزية قوى الحرية والتغيير مع مطلوبات الحكم، فقد افتقدوا مهارة التواصل والارتباط بالشارع السوداني، واختزلوا كل السودان في العاصمة الخرطوم، فلم يفتح الله على رئيس الوزراء السابق دكتور عبد الله حمدوك سوى زيارة ثلاث أو أربع ولايات، رغم أنه معني بترشيح ولاة الولايات ومتابعة أدائهم وفقاً للوثيقة الدستورية، فمارس القحاتة حكم السودان من العاصمة الخرطوم، فخلق هذا الأمر جفوة واضحة بين القحاتة وجماهير الشعب السوداني المنتشرين في ولايات البلاد المختلفة، هذا فضلاً عن امتعاض شوارع الخرطوم وتحفظها على شكل إدارة القحاتة لدولاب الحكم في البلاد.

صدمة وفقدان أمل:
لقد أحاط القحاتة أنفسهم بتعمية والتباس شديد، وجلس معظم وزرائهم في قصور وبروج عاجية، فضربوا على أنفسهم عُزلة باعدت بينهم وبين الشارع الذي كان سبباً في وجودهم على سُدة الحكم، حيث لم يتكرموا حتى بتفقد أسر وذوي الشهداء من الشباب الذين تساقطوا قبل وأثناء الثورة، فصدم ذلك أسر الشهداء قبل أن يصدم رفقاء دربهم من الشباب الذين كانوا يأملون في حمدوك ورهطه خلاصاً من كل الأسقام التي كان يشكو منها جسد الوطن خلال فترة انتقالية اتسمت بالفوضى والارتباك جراء حالة من الكراهية والاحتقان بفعل الاستقطاب الحاد والاستقطاب المضاد.

تغافل وتجاهل:
ولم تكتفِ مركزية تحالف قوى الحرية والتغيير بإعمال فشلها الذريع في ممارسة الحكم، وتجاهل وقود الثورة من الشباب الذين كانوا ينتظمون في لجان مقاومة داعمة وحامية لمشروع الثورة، بل مضى القحاتة أبعد من ذلك بالتغافل مع سبق الإصرار والترصد عن الاستجابة لرغبة الثوار الشباب في تحقيق العدالة الانتقالية بمحاكمة رموز نظام الإنقاذ السابق على ما ارتكبوه من جرائم في حق الوطن، كما لم يُلقِ القحاتة بالاً أو اهتماماً بالوصول إلى غايات التحقيقات بشأن معرفة الجناة والضالعين في جريمة فضِّ اعصام المتظاهرين من أمام القيادة العامة للقوات المسلحة فجر الثالث من يونيو 2019م.

إجراءات 25 أكتوبر:

وكانت القشة التي قصمت ظهر بعير علاقة شباب الثورة بمركزية تحالف قوى الحرية والتغيير حاضرة عقب الإجراءات التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 م، وأنهى بموجبها الشراكة مع القحاتة، وهي إجراءات شابتها الكثير من الاتهامات والاتهامات المتبادلة بشأن ضلوع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ومعرفته المسبقة بهذه الإجراءات ليتخلص من عبء بعض القحاتة الذين كانوا يشكلون “خميرة عكننة” ويقفون حجر عثرة أمام تنفيذ سياسات حكومته القائمة على الانفتاح على المجتمع الدولي واسترضاء مؤسساته الاقتصادية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، والتعاطي الإيجابي مع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان يونيتامس.

مواكب مناوئة لحمدوك:
ومنذ الحادي والعشرين نوفمبر 2021 م، بدأ شباب الثورة يغيرون نظرتهم المتفائلة تجاه رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، الذي كان قد وقع اتفاقاً سياسياً مع رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، عاد بموجبه حمدوك رئيساً للوزراء، حيث شهدنا مواكب من شباب الثورة تخرج إلى الشوارع مطالبة برحيل حمدوك، وملوحة بشعارت مناوئة لمركزية قوى الحرية والتغيير، وصادحة بهتافات على شاكلة بي كم بي كم بي كم قحاتة بعتو الدم، وحلها تسقط يا قحاتة، وغيرها من الهتافات التي قطعت شعرة معاوية الرابطة ما بين معظم شباب الثورة من لجان المقاومة، وبين مركزية قوى الحرية والتغيير.

استقالة وعمالة:
وتحت ضغوط الشارع، وفشله في التعاطي مع الواقع الجديد، أعلن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في الثاني من يناير 2023 م استقالته من منصبه بسبب ما وصفه ” محاولة تجنيب السودان الانزلاق إلى الكارثة” ولكن الحقيقة التي اتضحت لاحقاً أن قوى الحرية والتغيير قادت السودان إلى أكبر كارثة تشهدها دولة في المحيط الأفريقي والعربي خلال العصر الحديث، عندما تأمر القحاتة وخططوا مع ميليشيا الدعم السريع للانقلاب على القوات المسلحة، بحيث تحلّ ميليشيا الجنجويد محل الجيش، ويعود القحاتة إلى حكم البلاد مسنودين ببنادق ميليشيا آل دقلو، ولكن خاب فألهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

تقرير إسماعيل جبريل تيسو
الكرامة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الشباب الذین رئیس الوزراء الذین کانوا شباب الثورة

إقرأ أيضاً:

من قلب إدلب.. الأحرار يوجهون رسائل الحرية في ذكرى الثورة السورية الرابعة عشرة



ذكرى الثورة السورية الرابعة عشرة 2025-03-15malekسابق ضمن أجواء الاحتفال بالذكرى الـ 14 للثورة السورية.. مسير للكشاف يجوب شوارع مدينة حمص انظر ايضاً من ساحة الأمويين.. الأهالي يعبرون عن فرحتهم بانتصار الثورة



آخر الأخبار 2025-03-15الدفاع المدني السوري: جرحى مدنيون وعالقون تحت الأنقاض في حصيلة أولية لانفجار مجهول في مبنى مكوّن من أربعة طوابق في حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية 2025-03-15وزارة المالية تمدد مهلة تقديم البيان الضريبي للمكلّفين عن عام 2024 إلى ‏الأول من حزيران القادم 2025-03-15احتفالاً بالذكرى الـ 14 للثورة السورية المباركة… مسير مركبات في شوارع حمص 2025-03-15وزارة الخارجية ترحب بمبادرة دولة قطر لتزويد الكهرباء في جميع أنحاء البلاد 2025-03-15إعادة تشغيل مطار حلب الدولي أمام حركة الطيران اعتباراً من 18 آذار الجاري 2025-03-15محافظة دمشق: تدعوكم جماهير الثورة للمشاركة في استكمال فعاليات احتفال ذكرى الثورة السورية المباركة، التي ستُقام اليوم السبت عند الساعة الثامنة والنصف مساءً في ساحة الأمويين، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة نهاراً 2025-03-15منحة مالية للعاملين في الدولة والمتقاعدين بما يعادل راتب شهر واحد بمناسبة عيد الفطر المبارك 2025-03-15إعلان قائمة منتخب سوريا الأول بكرة القدم لمواجهة منتخب باكستان بتصفيات كأس آسيا 2025-03-15الرئيس العراقي يبحث مع الشيباني العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها 2025-03-15حملة إزالة الركام ومخلفات الدمار من المدارس في داريا

صور من سورية منوعات العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة  2025-03-11 تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • نائب فرنسي يطالب باسترداد تمثال الحرية لهذا السبب.. هكذا رد البيت الأبيض (شاهد)
  • السنوسي: الدبيبة وقع عقداً لتنفيذ «مكتبة المستقبل» مع نفس الشركة الوهمية التي نفذت ميدان الشهداء
  • نائب أمير منطقة حائل يتسلّم التقرير الختامي لـ “مؤتمر أجا التقني” الذي أقيم بالمنطقة
  • الأول بعد الأسد .. ماذا ينتظر السوريون من مؤتمر بروكسل للمانحين؟
  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الذي يستهدف مليشيا الحوثي
  • في الذكرى الـ 14 لثورة الحرية.. حمص تستعيد نبض الثورة وأهازيجها.
  • حمص تحتفي بالذكرى الـ ١٤ لثورة الحرية في ساحة الساعة الجديدة
  • في قلب دمشق.. أهازيج الحرية تصدح وفرحة الأهالي تعانق السماء
  • من قلب إدلب.. الأحرار يوجهون رسائل الحرية في ذكرى الثورة السورية الرابعة عشرة
  • علم سوريا يروي قصة شعب.. من مظاهرات الحرية إلى ساحات الانتصار