عربي21:
2025-05-01@19:31:52 GMT

تسعون ثانية قبل منتصف الليل النووي!

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

يوم 28 حزيران/يونيو كان شاب صربي يدعى جافريلو جالسا في أحد المقاهي في مدينة سراييفو، إذ مرّ بالقرب منه موكب ولي العهد النمساوي فرانز فرديناند وزوجته، فأطلق عليهما النار ليرديهما قتيلين، لتندلع بعدها الحرب الأقسى والأكثر فظاعة في التاريخ البشري.

ظاهريا، كان هذا هو سبب الحرب، لكن ذلك كان في الواقع المبرر الذي كانت القوى الكبرى حينها تبحث عنه لتفجير الحرب، لاعتبارات أخرى أبعد من قتل أمير نمساوي.



معاهدة فرساي التي أخضعت الألمان لابتزاز مستمر ودفع تعويضات ضخمة، أشعرتهم بالمهانة، وجعلتهم يوصلون أدولف هتلر إلى السلطة، كمخلص لألمانيا من الإهانة التي لحقت بها في الحرب العالمية الأولى، حيث لم يكن هتلر وحده يتقدم، ولكن الفاشيين كذلك في إيطاليا، مع سيطرة ديكتاتوريات أخرى متعددة، الأمر الذي شحن الأجواء السياسية في أوروبا بالمزيد من التوترات والقلاقل، ناهيك على الغزو الياباني للصين، وما سببه من تسخين للأوضاع في الشرق الأقصى.

ومع الكساد الاقتصادي الذي شهده العالم في ثلاثينيات القرن الماضي، زادت شعبية تلك الديكتاتوريات، وارتفعت معدلات التطرف القومي، وكان لا بد مع وصول الأفق إلى حالة انسداد تام من تفجير الأوضاع، لهدم النظام الدولي السائد، وبناء نظام جديد، وجاءت الحرب التي كان كل طرف يسعى لها كوسيلة للتخلص من وضع راهن بائس، فرضته ظروف جيو-سياسة واقتصادية قاهرة.
واليوم، يرى كثير من المراقبين أن العالم يمر بظروف أشبه ما تكون بالظروف التي كانت سائدة، عشية الحرب العالمية الثانية.


انهار الاتحاد السوفييتي، وهجمت اتجاهات العولمة على العالم، وتم التهام الاقتصاديات الصغيرة، بفتح السوق وحرية التجارة، لتنتهي العولمة إلى أداة إمبريالية جديدة، وشكل من أشكال الهيمنة الناعمة في ثوب اقتصادي، الأمر الذي أدى إلى ردات فعل «وطنية أو قومية» وبرزت الحركات القومية الشعبوية في أوروبا والولايات المتحدة، ووصل القوميون إلى مراكز السلطة في بلدان أوروبية، وما يزال المد القومي مستمر.

إلى جانب ذلك تقدمت الصين بشكل سريع «لتحتل» الأسواق، وتنافس الولايات المتحدة إن لم تطردها من كثير من الساحاتأما روسيا، فقد بدأت معركتها لاستعادة الكرامة الوطنية، والخروج من مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والطموح للعودة بشكل أقوى للمسرح الدولي، بعد أن استغلت السنوات الماضية في عملية إعادة هيكلة الحياة السياسية والاقتصادية، وتسلحت بالتكنولوجيا العسكرية الحديثة، وكشرت عن أنيابها النووية، مصممة على استعادة دور الاتحاد السوفييتي بشكل أو بآخر.

إلى جانب ذلك تقدمت الصين بشكل سريع «لتحتل» الأسواق، وتنافس الولايات المتحدة إن لم تطردها من كثير من الساحات، ولاحت لها فرصة «السيادة الاقتصادية» مع ما لديها من قوة عسكرية مهولة.
وغير بعيد عن الصين يقود الهند اليوم حزب قومي ديني يريد أن يجعل الهند لوناً واحداً، ويبحث لها عن مكان بين القوى الدولية المتنافسة، ناهيك على القوى الإقليمية الأخرى في تركيا وإيران وإسرائيل، مع أوضاع مشابهة في بلدان عدة في أمريكا اللاتينية.

هذا الشد والجذب والتوتر وسباق المصالح يتفجر على شكل حرب مستعرة في أوكرانيا، وانقلابات في أفريقيا، غير بعيدة عن التوترات الدولية بين القوى العظمى، وتحولات سياسية أخرى في أمريكا اللاتينية، ذات علاقة بالجو الدولي العام، دون أن نغفل «الربيع العربي» الأحمر الذي لا يمكن فهمه بمعزل عن المخاض الدولي الطويل، نحو نظام دولي جديد، يهدف ضمن جزئياته إلى «شرق أوسط جديد» تسعى إليه إسرائيل، ومن ورائها الولايات المتحدة.

وتأتي حرب غزة في بعدها العالمي غير بعيدة عن السياقات التي فجرت الحرب في أوكرانيا، ليندفع العالم نحو المزيد من التسخين الذي يراه بعض المراقبين مجرد بروفات صغيرة للحرب العالمية الثالثة، التي قد تكون الحربان العالميتان السابقتان مجرد لعبة إذا ما اندلعت، للقفزة الكبيرة في مستويات التسلح والتقدم التكنولوجي، والتي لا يمكن مقارنتها بما كان قبل نحو قرن من الزمان.

وإذا أضفنا لكل ذلك ما يتعرض له الاقتصاد العالمي اليوم من تقطيع لأوردته، مع أحداث البحر الأحمر، واختلال الأمن البحري، وارتفاع أجور الشحن والتأمين البحري، والسباق المحموم على موارد الطاقة، والبحث عن أسواق جديدة، والتنافس على الفرص، وما يؤدي إليه من خلل في الموازين الاقتصادية العالمية، دون إغفال التغيرات المناخية، والمخاطر المتوالية من تزايد إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمخاطر السيبرانية المتتالية، كل ذلك يجعلنا اليوم نعيش ظروفاً مشابهة لظروف 1939، بل وأكثر تعقيداً، مع الفروق التي يقتضيها اختلاف الزمان والوسائل.

وهي الظروف التي تصل بالعالم إلى درجة الاحتقان الذي يكون معه الانفجار مخرجاً وفرصة وصياغة جديدة لشكل الخرائط السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبحثاً عن نظام عالمي جديد، ليس أكثر عدلاً، ولكن أكثر انسجاماً مع الوضع المتخيل للعالم بعد الحرب، كما يتصوره من يفجرون الحروب.
كل ذلك جعل «نشرة علماء الذرة» تنقل عقارب «ساعة يوم القيامة» من مائة ثانية قبل منتصف الليل إلى تسعين ثانية قبل منتصف الليل النووي الذي يشير حلوله إلى حدوث الكارثة الكونية، في تحذير واضح من تزايد مخاطر اندلاع الحرب/الكارثة.

ولا يكاد يمر يوم دون تحذير من اقتراب وقوع الكارثة، من خلال مسؤولين روس وغربيين، هم أنفسهم من يجب عليه إدراك اقترابنا من الكارثة، إلا إذا كان هدف كل طرف إخافة الآخر، وبالتالي الاستمرار في لعبة التحذيرات، دون عمل شيء لوقف عقارب الساعة النووية، قبل دخول منتصف الليل، الذي يشار به إلى حلول الظلام النووي الدامس.


وفي ظل التباين بين التحذيرات اللفظية والممارسات على الأرض لا يضمن عدم حدوث خطأ ما، من طرف ما، لسبب ما، ومن ثم وقوع المحذور الذي يحذر منه كل طرف لمجرد ترهيب الطرف المقابل، فيما يبدو، دون أن يحذر نفسه منه بالمقام الأول.

تقول العرب: معظم النار من مستصغر الشرر، ويقول التاريخ إن الحرب العالمية الثالثة اندلعت بسبب عملية اغتيال، أما حرب طروادة المأساوية فكانت بسبب قصة غرام، خطف فيها البطل باريس الملكة هيلين، وقامت حرب استمرت عشر سنوات.

غير أن الأسباب الظاهرية للحروب غالبا ما تكون أقل دواعيها شأناً، لأن الأسباب الحقيقية للحرب لا تقال بشكل علني، لأن إفشاء تلك الأسباب يفضح نوايا وطوايا مفجري الحروب، وصناع الكوارث البشرية، ويجعل أتباعهم أقل حماساً للحرب، ولذا يتعلق لوردات الحروب بأسباب ظاهرية، لإخفاء نواياهم الحقيقية من وراء تفجير الحروب.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرساي الحروب فرساي العالم العربي حروب صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منتصف اللیل

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد

عواصم" وكالات": قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، اليوم الأربعاء، إن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا هو "أمر معقد للغاية ولا يمكن إنجازه بسرعة"، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة جاهدة لدفع جهود السلام وتعرب عن إحباطها إزاء بطء التقدم.

وأضاف بيسكوف أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يؤيد الدعوات إلى وقف إطلاق النار قبل بدء مفاوضات السلام، "ولكن قبل ذلك، من الضروري الإجابة على بعض الأسئلة ومعالجة بعض النقاط الدقيقة".

وأضاف بيسكوف أن بوتين مستعد أيضا لإجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا دون شروط مسبقة للتوصل إلى اتفاق سلام.

وقال بيسكوف "ندرك أن واشنطن تريد تحقيق تقدم سريع، لكننا نأمل أن يكون هناك تفهم بأن تسوية الأزمة الأوكرانية أمر هي معقد للغاية ولا يمكن إنجازه بسرعة".

وأضاف بيسكوف أن "هناك تفاصيل كثيرة ومجموعة من النقاط الدقيقة التي يجب حلها قبل التوصل إلى تسوية".

ومن ناحية أخرى، أسفر هجوم ليلي شنته طائرات روسية مسيرة على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، عن إصابة 45 مدنيا على الأقل، بحسب ما ذكره مسؤولون.

وذكرت الأمم المتحدة أن عدد الضحايا المدنيين الأوكرانيين في الحرب التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات قد ارتفع في الأسابيع الأخيرة وسط محاولات واشنطن للتوسط في اتفاق سلام.

الى ذلك،حض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على عدم تقديم أيّ أرض "كهدية" إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بهدف إنهاء الحرب، علما أنّ ثمة توجّها لدى واشنطن للاعتراف بسيادة موسكو على مناطق أوكرانية تسيطر عليها.

وقال زيلينسكي خلال قمة إقليمية امس "نريد جميعا أن تنتهي هذه الحرب في شكل عادل، من دون هدايا لبوتين، وخصوصا أراضي".

وتسيطر روسيا جزئيا أربع مناطق في جنوب وشرق أوكرانيا أعلنت ضمها في 2022، وهي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.

كذلك، ضمت في 2014 شبه جزيرة القرم بعد تدخل لقواتها الخاصة وإجراء استفتاء نددت به كييف والدول الغربية.

وشدّد زيلينسكي مرارا في الأيام الأخيرة على أن كييف ترفض احتمالا مماثلا.

لكنّ ترامب اعتبر الأحد أن موقف الرئيس الأوكراني في هذا الصدد قد يتبدل.

ومساء اليوم، دعا زيلينسكي مجددا روسيا إلى قبول وقف إطلاق نار "غير مشروط وشامل" لمدة 30 يوما.

وكان بوتين أعلن الإثنين هدنة لثلاثة أيام من 8 إلى 10 مايو في إطار الحرب مع أوكرانيا، تزامنا مع احتفالات موسكو بيوم النصر في الحرب العالمية الثانية.

ولفت زيلينسكي إلى أنّ الروس "قلقون من أن يصبح عرضهم العسكري مهددا، وهم محقّون في قلقهم. لكن عليهم أن يقلقوا من استمرار الحرب".

وأكد زيلينسكي أنّ كييف "تستعد للتباحث مع الولايات المتحدة في تدابير عقابية جديدة".

من جانبه، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ نظيره الروسي فلاديمير بوتين يريد السلام في أوكرانيا، وذلك بعد أيام قليلة من تشكيكه بنوايا نظيره الروسي.

وردّا على سؤال وجّهه إليه مراسل شبكة "إيه بي سي" بشأن ما إذا كان يعتقد أنّ بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، قال ترامب "أعتقد ذلك".

وأضاف الرئيس الجمهوري الذي احتفل امس بمرور 100 يوم على عودته إلى البيت الأبيض "أعتقد أنّ حلمه كان الاستيلاء على البلد بأكمله" لكن "بسببي، هو لن يفعل ذلك".

وعندما سُئل عمّا إذا كان يثق بسيّد الكرملين، أجاب ترامب "أنا لا أثق بالعديد من الناس".

وكان الرئيس الأمريكي أعرب في وقت سابق من الاسبوع الجاري عن شكوكه بشأن استعداد بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا بعد أن شنّ الجيش الروسي قصفا مكثّفا على أوكرانيا تسبّب بسقوط ضحايا مدنيين.

وكتب ترامب في منشور على منصته تروث سوشل "لم يكن هناك أدنى سبب لبوتين لإطلاق صواريخ على مناطق مدنية ومدن وقرى في الأيام الأخيرة. هذا يجعلني أعتقد أنه ربما لا يريد وقف الحرب ويماطل... عندها يجب التعامل معه بشكل مختلف"، وذلك بعد أن اعلنت روسيا أنها استعادت منطقة كورسك بالكامل.

ومنذ عودته إلى السلطة في يناير، بدأ ترامب تقاربا دراماتيكيا مع بوتين، لكنّه فشل حتى الآن في الحصول على تنازلات كبيرة من موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا.

من جهته، حذّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو "مجددا "من أن الولايات المتحدة ستنهي وساطتها ما لم تقدم روسيا وأوكرانيا "اقتراحات ملموسة" لوضع حد للنزاع، بحسب المتحدثة باسم وزارته.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس للصحافيين "نحن الآن في مرحلة تتطلب من الطرفين تقديم اقتراحات ملموسة لإنهاء هذا النزاع. إذا لم يُحرز تقدم، فسنتراجع عن دورنا كوسطاء في هذه العملية".

واوضحت أنه يعود في نهاية المطاف الى الرئيس دونالد ترامب أن يقرر المضي في المساعي الدبلوماسية.

واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقفا لاطلاق النار يستمر ثلاثة أيام في مايو لمناسبة الاحتفالات بانتهاء الحرب العالمية الثانية، مع رفضه اقتراحا اوكرانيا أيدته واشنطن بوقف للنار لثلاثين يوما.

واكدت بروس أن الولايات المتحدة "لا تريد هدنة لثلاثة ايام تتيح الاحتفال بأمر آخر، (بل) وقفا تاما ومستداما لإطلاق النار ونهاية للنزاع".

مقالات مشابهة

  • شريط الأشباح رقم 10 الذي خاضت به أميركا الحرب النفسية مع فيتنام
  • وزير الدفاع الأمريكي يهدد إيران: ستدفع ثمن دعمها للحوثيين في الوقت والمكان الذي تختاره واشنطن
  • تحرك فوري.. محافظ الغربية بجولة منتصف الليل لمتابعة شكوى تسريب المياه بنفق قحافة
  • زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد
  • “الضريبة” تمهل المكلفين حتى منتصف الليل لتقديم الإقرارات دون غرامات
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • سموتريتش: لن نوقف الحرب إلا بعد تهجير مئات الآلاف من غزة وتجريد إيران من النووي
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • حدث في منتصف الليل| موعد افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة.. والأرصاد تحذر من منخفض خماسيني