كتب محمد علوش في"الديار: بانتظار القرار الإسرائيلي بالردّ على الردّ، تكثر الأسئلة حول الحرب الواسعة، وما إذا كانت الضربة الايرانية ستؤثر على الجبهة الجنوبية في لبنان، خاصة مع ورود تحليلات تتحدث عن أن التصعيد الإسرائيلي في الجنوب قد يكون من ضمن الردود الإسرائيلية على إيران.
بحسب مصادر مطلعة فإن التصعيد الاسرائيلي جنوباً لا علاقة له بما يجري بين ايران واسرائيل، والدليل كان الحديث عن التصعيد قبل حصول الضربة الإيرانية، وقبل الهجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا حتى، وتُشير المصادر الى أن كل الاحتمالات باتت مفتوحة بعد ما جرى نهاية الأسبوع الماضي، ولكن التدخل الإيراني المباشر قد يُريح لبنان ويُبعد عنه الحرب الواسعة.


ينطلق هذا التحليل من المساعي الأميركية المبذولة لأجل منع تدحرج المنطقة الى حرب لا تُريدها الأطراف الأساسية المعنية فيها، أي أميركا وإيران، ولاجل ذلك تحركت الديبلوماسية الأميركية ومعها الدبلوماسية القطرية والعمانية والتركية لمحاولة احتواء كل ما يجري والانطلاق باتجاه وقف الحرب بعد أن رفع كل الأطراف الأسقف عالياً، على اعتبار أن الدخول الإيراني على الحرب بشكل مباشر يغيّر كل قواعد الاشتباك التي كانت سائدة سابقاً، وهناك فرصة حقيقية اليوم للوصول الى تسويات كبيرة.
بما يتعلق بالجبهة اللبنانية، تتوقف المصادر عند كلام رئيس مجلس النواب اللبنانية نبيه بري بما يتعلق بوحدة الساحات، وترى المصادر أن بري الذي لم يُعلن موقفاً كهذا منذ بداية الحرب، وكان يؤكد أن هدف مقاومة حركة أمل هو الدفاع عن لبنان بوجه أي اعتداء اسرائيلي، أصبح من المؤيدين العلنيين لوحدة الساحات وذلك مرده الى الدخول الإيراني المباشر في الحرب، فهذا الدخول يعني أن ساحة لبنان لن تكون وحيدة بحال توسعت الحرب، خاصة أن حزب الله يُعتبر الطرف الأساسي في المحور.
ولكن رغم كل ذلك، فإن هذا الواقع، لا يعني تراجع الخطر الكامن على مستوى الجبهة الجنوبية، لا سيما في حال تحول الأمور إلى مسلسل من الضربات المتبادلة بين ايران واسرائيل، بغض النظر عن حجمها، فهذا الأمر سيرفع من مستوى المخاطر والتهديدات على هذه الجبهة، التي لا تزال تعيش خطر الإنتقال إلى المواجهة الشاملة أو المفتوحة.
ما تقدم، يقود إلى واقع يقول بأن الجبهة الجنوبية تصنف بأنها جبهة مساندة، وبالتالي واقعها مرتبط بواقع مختلف الجبهات الأخرى، خصوصاً غزة، لكن في المقابل لا يلغي إحتمال أن تشهد تطوراً خاصاً بها، في المرحلة المقبلة، سواء كان ذلك بسبب ما يحصل في باقي الجبهات، أو نتيجة لواقع خاص بها.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

هل بدأت إسرائيل بمخطط تقسيم دول المنطقة؟

إذا أمعن الرائي في الخلفيات الظاهرة والخفية لإصرار إسرائيل على إبقاء احتلالها لمواقع في الجنوب اللبناني تعتبرها "استراتيجية" لأمن مستوطناتها الشمالية لتبيّن له أن هذا الإصرار يرتبط في جزء كبير منه بما تقوم به تل أبيب في الجنوب السوري، وامتدادًا ما له علاقة بما يجري على الساحل السوري، وبالأخص في المدن، التي كانت تُعتبر معقل نظام البعث، أو بتعبير أوضح "النظام العلوي" بما له من دلالات تقسيمية قد بدأت تتبلور معالمها. ولا يخطئ المرء كثيرًا إذا ذهب في تحليلاته إلى أبعد مما يطفو على سطح الأحداث المتسارعة في سوريا، بدءًا بـ "السقوط الكارتوني" لنظام الأسد، مرورًا بالتحرّك التركي شمالًا، ووصولًا إلى عودة تحريك الملف الكردي، وذلك بالتزامن مع ما يبدو اتفاقًا "ناعمًا" بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا لمصلحة موسكو بعد عملية "التطويع" القسري للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، التي مورست عليه في لقاء "البيت الأبيض"، والتي أدّت في نهاية المطاف إلى تسليمه بالشروط الأميركية لاتفاقية المعادن.
وقد يكون لهذا الاتفاق الأميركي – الروسي "الناعم" أوكرانيًا تداعيات شرق أوسطية بفعل وجودهما القوي في المنطقة، وبالأخصّ في سوريا المعرّضين لمزيد من التفاعل في مناطق تقاسم النفوذ، حيث لكل من واشنطن وموسكو مصالح حيوية تمتد حتمًا، ومع التطورات السريعة على الساحل السوري الغربي وما يمكن توقعه في المناطق الشمالية، إلى خارج الحدود السورية في اتجاه العراق ولبنان كونهما البلدين الأكثر تأثرًّا بما يجري في الداخل السوري، غربًا وشرقًا وجنوبًا.
فإذا بدأت معالم تقسيم سوريا تتوضح مع تفاعل التطورات العسكرية، التي لم تفاجئ الكثير من المحللين الاستراتيجيين، فإن كلًا من العراق ولبنان ستلحق بهم حتمًا "طرطوشة" هذه الجرثومة، التي لا بدّ منها كحال مكمّلة للمخطط التفتيتي لدول المنطقة، الذي سعت إليه تل أبيب من خلال تدميرها شبه الكامل لقطاع غزة، واستكمال ما بدأت به في القطاع من مخطّط تهجيري في القطاع ونقله إلى الضفة الغربية. ولأن الشيء بالشيء يُذكر أذكر ردّة فعل الرئيس الراحل كميل شمعون عندما سئل سنة 1976، أي بعد اندلاع الحرب في لبنان بسنة تقريبًا عن مشروع تقسيم لبنان، فكان جوابه صادمًا لجميع الصحافيين، وقال بما معناه إن لبنان لن يُقسّم قبل أن يُقسّم العراق، الذي كان يومها بعيدًا كل البعد عن نظرية التقسيم، حيث كان الرئيس صدام حسين يمسك بزمام الأمور بقبضة من حديد.
فما قامت به إسرائيل منذ اليوم الأول لسقوط نظام الأسد في سوريا من ضربات موجعة استهدفت القدرات العسكرية للدولة السورية بما تبقّى لها من قدرات المواجهة لم يكن مجرد حدث ظرفي له علاقة مباشرة بالتطورات السورية حصرًا، بل تمتد مفاعليه، وهذا ما بدأ يظهر جليًا، إلى لبنان والعراق لاحقًا، مع إمكانية توجيه ضربة عسكرية خاطفة للمفاعل النووي في إيران.
وما مكّن تل أبيب من القيام بما كانت تحلم به حتى قبل مشروع هنري كيسنجر بالنسبة إلى خلق كيانات ضعيفة ومتصارعة في المنطقة هو سقوط النظام السوري السابق بهذه الطريقة الكاريكاتورية وفرض واقع سياسي وأمني جديد. وهذا ما ساعد إسرائيل على تحقيق ما كانت تحتاج إليه في ظروف أخرى لكي تشّن حربًا واسعة النطاق بدأت في القطاع وامتدّت إلى لبنان فسوريا. فإضعاف ما كان لسوريا من قدرات وإمكانات سابقة من شأنه أن يبعدها عن دائرة التأثير على مسرى الأحداث في المنطقة كلاعبة أساسية، وهذا ما قد يمكّن تل أبيب من توسيع نطاق نفوذها خارج حدودها الجغرافية بعدما أصبحت تشكّل خطرًا حقيقيًا على كل من فلسطين، بقطاعها وضفتها، ولبنان وسوريا، وذلك بعدما أنهكت كلًا من حركة "حماس" في غزة، و"حزب الله" في لبنان، وبعد سقوط النظام السوري، ولاحقًا في كسر شوكة النفوذ الإيراني في المنطقة. كذلك فإن للبعد الإسرائيلي في أهدافه المعلنة قطع الممر ربما الوحيد للسلاح الآتي إلى "حزب الله" من إيران عبر الأراضي السورية.
فالمخاطر المستجدّة في سوريا في ضوء التوسع الإسرائيلي في جنوبها وفرض منطقة عازلة، يشكلان التفافًا مدروسًا أيضًا على لبنان، بحيث يتحوّل جزء من الحدود السورية إلى خاصرة رخوة للبنان. وهذا ما تشهده الحدود الشرقية من حين إلى آخر من مناوشات غير بريئة .
وما شهده الجنوب قبل أيام من استهداف إسرائيل لعدد من مواقع تدّعي تل أبيب بأنها مخازن أسلحة لـ "حزب الله" خارج الحدود الجنوبية لنهر الليطاني سوى حلقة في سلسلة طويلة لن تنتهي قبل أن تكتمل كل حلقاتها المتواصلة من إيران ومرورًا بالعراق وسوريا ولبنان وصولًا إلى قطاع غزة والضفة الغربية. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: مفاوضات واشنطن مع حماس أبعدت نتنياهو لمدرجات المتفرجين
  • أي ديبلوماسية يواجه بها لبنان إسرائيل وسلاح الحزب؟
  • هل بدأت إسرائيل بمخطط تقسيم دول المنطقة؟
  • لكسر الجمود.. مقترح مصري بهدنة شهرين وإطلاق سراح الرهائن وبدء المفاوضات لإنهاء الحرب في غزة
  • الجنرال الذهبي الشهيد الفريق عبد المنعم رياض.. قاد العمليات العسكرية على الجبهة المصرية ضد إسرائيل وأشرف على تنفيذ خطة تدمير خط بارليف
  • بين التصعيد وخريطة الطريق.. هل يعود اليمن للحرب الشاملة؟
  • الاشتراكي.. مواقف حاسمة ضد اسرائيل
  • الرئيس الأوكراني: روسيا لا تفكر في كيفية إنهاء الحرب
  • أرض الصومال قاعدة إسرائيل في الحرب ضد اليمن
  • إسرائيل تعلن استهداف عنصر من حزب الله جنوب لبنان