جنيف – أفادت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة إن بعض موظفيها وغيرهم من الأشخاص الذين تحتجزهم القوات الإسرائيلية في غزة تعرضوا لسوء المعاملة لا سيما الضرب المبرح والإجبار على التعري.

وقالت الأونروا في تقرير نشر يوم الثلاثاء إن الموظفين الذين تم احتجازهم، في بعض الحالات أثناء أداء مهامهم الرسمية، “تم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي وتعرضوا لنفس الظروف وسوء المعاملة مثل المعتقلين الآخرين” والتي قالت إنها تشمل عدة أشكال مختلفة من الإساءة.

وقالت الوكالة إن الموظفين أفادوا بتعرضهم للضرب والمعاملة الشبيهة بالإيهام بالغرق والتهديد بالاغتصاب والصعق بالكهرباء، وأجبروا على التعري، من بين أشكال أخرى من سوء المعاملة.

وقالت “الأونروا قدمت احتجاجات رسمية إلى السلطات الإسرائيلية بشأن ما تردد عن معاملة موظفي الوكالة أثناء وجودهم في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية”. وأضافت “لم تتلق الأونروا أي رد على هذه الاحتجاجات حتى الآن”.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتصرف وفقا للقانون الإسرائيلي والدولي، وإن من يعتقلهم يحصلون على الغذاء والماء والأدوية والملابس المناسبة. ولم يرد الجيش أو مصلحة السجون الإسرائيلية على الفور على طلب للتعليق على المزاعم الواردة في تقرير الأونروا.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل عندما سُئل عن التقرير يوم الأربعاء إن الولايات المتحدة “تشعر بقلق عميق” وستضغط على إسرائيل لإجراء تحقيق كامل في هذه الادعاءات ومحاسبة مرتكبيها.

وقال نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل ترفض الكشف عن معلومات عن عدد الأشخاص من غزة الذين اعتقلتهم خلال الأشهر الستة الماضية أو أماكن احتجازهم.

ووثقت الأونروا إطلاق السلطات الإسرائيلية سراح 1506 معتقلين من غزة من بينهم 43 طفلا و84 امرأة عبر معبر كرم أبو سالم حتى الرابع من أبريل نيسان.

وذكرت الأونروا أن المعتقلين المفرج عنهم تعرضوا إلى “التحقير والإهانة، مثل إجبارهم على التصرف كالحيوانات أو التبول عليهم، وإجبارهم على سماع موسيقى صاخبة وضوضاء، والحرمان من الماء والطعام والنوم ودورات المياه، والحرمان من الحق في الصلاة والتقييد بالأصفاد لفترات طويلة مما تسببت في جروح مفتوحة وإصابات نتيجة الاحتكاك”.

وقالت الأونروا “تم تهديد المعتقلين بالاحتجاز لفترات طويلة، وإصابة أو قتل أفراد عائلاتهم إذا لم يقدموا المعلومات المطلوبة”.

وأضافت “في معظم حوادث الاعتقال المبلغ عنها، أجبر الجيش الإسرائيلي الذكور، بما في ذلك الأطفال، على خلع ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية. كما وثقت الأونروا مناسبة واحدة على الأقل حيث أُجبر الذكور الذين لجأوا إلى إحدى منشآت الأونروا على خلع ملابسهم تماما وتم احتجازهم وهم عراة”.

وكانت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة قد بدأت ردا على هجوم شنته حركة الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر تشرين الأول أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.

وأدى القصف المتواصل منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، بحسب مسعفين فلسطينيين، ونزوح غالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتسبب في أزمة إنسانية خطيرة.

 

رويترز

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

سيدات الخيام.. كيف تخفي الخيمة مآسي الأمومة المتعبة بغزة؟

غزة- في خيمتها فوق ركام بيتها المدمر في بيت حانون، كانت أم جود الحويحي تمسك طبقا من حساء العدس، تدسُّ لقمة في فم ولدها، ثم بذات الملعقة تطعم الآخر، تدندن لهما في سباق "فم الأسد" لمن سيفتح فمه على اتساعه لملعقة الطعام التي عبّأتها بعناية.

تنهمك بالغناء غير آبهة بمناشير الإخلاء التي كان قد أسقطها الاحتلال على رؤوسهم صباح ذلك اليوم، فهي لم تلبث وقد شعرت بشيء من الاستقرار فوق بيتها -بعد النزوح لعام كامل في خيام المواصي جنوب القطاع- حتى عاجلها بأمر نزوح جديد.

وبينما هي كذلك إذ بدأ الرصاص ينهمر فوق رؤوسهم ورؤوس من في الخيام حولهم، فاخترقت رصاصة من طائرة مسيرة ذراع ولدها جود، لتضطر للخروج قسرا تحت تهديد النار الإسرائيلية.

قابلت الجزيرة نت أم جود بعد نزوحها من بيت حانون إلى غرب غزة، وهي ترتب حاجياتها القليلة التي تمكّن زوجها من حملها لحظة هروبهم من المكان، تحمل الرصاصة التي انتزعها الأطباء من ذراع طفلها بيدها، وتقول "كانت هذه الرصاصة كفيلة بأخذ قرارنا بالخروج".

حمل أبو جود خيمته من الشمال ونصبها على الرصيف، فلا بديل آخر في ظل اكتظاظ المدارس ومراكز الإيواء، تقول أم جود "أضحت الخيمة وشادر النايلون الذي يقينا الشتاء ثروتنا اليوم وكل ما نملك، وهما يعادلان الروح في أي نزوح لنا".

أم جود الحويحي تحمل الرصاصة التي اخترقت ذراع ولدها في خيمتهم بعد أن رفضوا النزوح (الجزيرة) نزوح قسري

على الناحية المقابلة، تجلس رباب أمام خيمتها وتضع حفيدها في حجرها، وبعينين كالجمر وذهن شارد تنظر إلى بيت لاهيا حيث رفض أبناؤها الخروج، وتقول للجزيرة نت وهي تشير لأحفادها "هؤلاء أولادهم ونساؤهم، ونحن هنا بلا رجال، فآراؤنا انقسمت بين مؤيد للنزوح ومعارض، إلى أن قرر زوجي البقاء، وخرجنا نحن النساء بأطفالنا الذين لم يتوقفوا عن البكاء خوفا".

إعلان

تبكي رباب وهي تقف أمام طوفان من العجز، وتقول "رضينا بالهم والهم ما رضي فينا، لقد رضينا العيش على أكوام من القمامة على ركام بيوتنا، ولكن حتى هذا الوضع لم نستقر عليه، لعن الله الحرب كم أذلتنا وشتّتتنا وأهانتنا".

لا يستجيب الغزيون لمناشير الاحتلال التي تسقطها طائراته المسيرة، ولا يتعاطون معها في غالب الأحيان، وهو الأمر الذي تعرفه إسرائيل، فتضطر لإخراجهم عنوة وبالقوة من خلال قصفها المدفعي أو إطلاقها الرصاص المباشر من الآليات أو المسيرات، أو من خلال رمي قنابل الإنارة عليهم بشكل مباشر.

وهذا ما حدث مع أم أحمد الحويحي، حيث انهالت على خيمتها قنابل الإنارة فاشتعل خوفهم من اندلاع الحرائق فيها، الأمر الذي دفعهم للخروج.

تتعدى تكاليف النزوح البعد المعنوي في نفوس الغزيين إلى حمل هم تكاليفه المادية، تقول أم أحمد "رغم خشيتي من اشتعال الخيمة إلا أنني ترددت في قرار نزوحنا الذي سيكلفنا أكثر من 250 دولارا أميركيا، مقابل استئجار سيارة لنقل الخيام والحاجيات، وهو مبلغ لم نكن نمتلكه حرفيا".

تقاطعها شقيقتها "لقد استخدمتُ المال الذي كنتُ قد ادخرته لشراء ملابس العيد لأطفالي، ودفعته أجرة لنقل مقتنيات النزوح".

خيمة أم يوسف التي حاولت أن تجعل منها مكانا نظيفا صالحا للحياة الكريمة (الجزيرة) روتين الخيمة

في الأروقة بين الخيام ثمة رائحة عطرة تنبعث من إحداها، وهو أمر لافت في هذا الواقع البائس، دخلت الجزيرة نت إليها، كانت أرضيتها مفروشة بالحصير المزركش، ومن الفراش رتبت قعدة أرضية عربية، أغطية مرتبة وملابس مطوية بعناية، وأخرى معلقة على حديد الخيمة، كل زاوية فيها مخصصة لغرض معين، تعلق سيدة المكان "النظيف نظيف أينما حل".

تحدثت أم يوسف للجزيرة نت عن روتين الأمهات في الخيام خلال رمضان، الذي يعد الأقسى عليهن، لتزامنه مع استئناف الحرب بعد شهرين هدأت فيهما قلوبهن من الشعور بالرعب، حيث تكالبت عليهن فيه المجاعة والنزوح والحصار والموت، في وقت يشعرن فيه باستنزاف الروح وإنهاك الجسد كما يقلن.

إعلان

تقول أم أحمد "لا شيء نفعله في نهارنا سوى السعي وراء فتات حياة كريمة"، تكمل وهي تفتح كفيها مباعدة بين أصابعها "اهترأت أيدينا من الخَبْز والعجن والطهو على الحطب وغسل الملابس".

وبينما يُعرف رمضان حول العالم بتنوع الأطعمة والأشربة على سُفَره الممتدة، تعتمد عائلات الخيام ومنذ اليوم الأول من رمضان على طعام التكايا، وهو في غالب الأوقات أطباق من الأرز الخالي من اللحوم أو الدجاج، تقول أم أحمد "عافت أنفسنا تناول نفس الطبق ونحن صائمون، صرنا نجد صعوبة في بلعه، حتى إن أبنائي صاروا يرفضون تناوله، فصرت أعد لهم الحمص أو الحساء إن توفر".

لا مقومات للحياة

في الخيام لا تغفل عيون الأمهات ولا تهدأ قلوبهن، وعند سؤال الجزيرة نت عددا منهن عن أكثر ما يخيفهن في حياة الخيمة، توحدت إجاباتهن "الليل، نكره الليل!".

وعددن أسباب ذلك؛ فهن يكرهن فيه صوت الطائرات المرعب، والبرد الذي يلفحهن وأطفالهن، ونبح الكلاب الذي يؤرقهن، ومشاهد اشتعال الخيام التي لا تخبو في ذاكرتهن، وأسئلة تقض مضاجعهن عن طبق السحور، ماذا سيهيّئن له وكيف سيشعلن الحطب فجرا لتحضيره؟

تبدو الرفاهيات في هذا الوسط معدومة، حتى أدنى المقومات الأساسية للحياة الكريمة مفقودة، فالناس يبحثون هنا عما يعينهم على البقاء فقط، ويرضون بالفتات، "لا نعيش كآدميين، لا نحصّل حقّا واحدا من الحقوق المكفولة للبشر، يبدو أن العالم يتعامل معنا كقطيع من البهائم"، تقول أم أنس حمد بكل حرقة.

وتتابع وهي تشير إلى طفلها "عمر أنس (8 أعوام)، بدأت الحرب وهو في الصف الأول، ومن المفترض أن يكون في الصف الثالث، لكنه اليوم لا يفقه شيئا سوى الوقوف على طوابير التكايا وتعبئة الماء وجمع الحطب"، تقاطعها ابنتها ديالا (13عاما) باندفاع "يوم نزوحنا كان من المفترض أن أقوم بتقديم امتحاناتي إلكترونيا، لكن النزوح حرمني فرصة تقديمها، وخسرت الفصل الدراسي كله، فلا كهرباء هنا ولا إنترنت".

إعلان

تتساءل ديالا والدموع تملأ عينيها "هل من المنطقي أن أطالب أنا الطفلة باستقرار؟! أريد أن أستقر ولا أريد العيش في الشارع، فمنذ عامين نزحنا أكثر من 18 مرة متنقلين في شمال القطاع وجنوبه"، ثم تنهمر بالبكاء.

اقتربت منها والدتها محاولة مواساتها وهي تحتضنها قائلة "قولي لهم كيف تمكنت من حفظ القرآن كاملا خلال حصار الشمال، قولي لهم كيف صرت ست بيت معدلة"، تتمتم الأم والدموع تنحبس من عينيها "ستفرج يا أمي ستفرج، فدوام الحال من المحال".

مقالات مشابهة

  • إسعاف 4 صيادين تعرضوا لحالة تسمم فى الوراق
  • الصحفيون في غزة .. أكثر من 68% تعرضوا للتهديد المباشر بالقتل
  • الأونروا تعلن مقتل 180 طفلا بغزة جراء الإبادة الإسرائيلية
  • 14 مليون طفل معرضون لسوء التغذية في العالم
  • 14 مليون طفل معرضون لسوء التغذية وأزمة تمويل اليونيسف تفاقم المجاعة
  • سيدات الخيام.. كيف تخفي الخيمة مآسي الأمومة المتعبة بغزة؟
  • أسماء 68 معتقلا من غزة وأماكن احتجازهم
  • خارجية الاستقرار: تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل لصون كرامة المواطن الليبي
  • لجنة “المعاملة بالمثل” تناقش الملفات المتعلقة برسوم التصديقات والأفراد والمركبات الآلية
  • القوات الإسرائيلية تطلق سراح المخرج الفلسطيني الفائز بالأوسكار