احتفى قادة إيران باليوم الوطني للجيش، وأطلقوا جملة من التصريحات التي تضمنت الحديث عن تغير بموازين القوى الإقليمية بـ «فضل محور المقاومة»، والتحذير من أي رد انتقامي إسرائيلي بعد هجوم «الوعد الصادق»، في حين تصدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لضغوط غربية مكثفة تحثه على عدم الرد، وأكد أن تل أبيب ستتخذ قرارها بنفسها.

وسط تحذيرات من اندلاع موجة أقوى من التصعيد في الشرق الأوسط على وقع سعي إيران وإسرائيل المحموم لتثبيت قواعد اشتباك جديدة تمس بالوضع الجيوسياسي لكل منهما، أكد قائد القوات البرية الإيرانية العميد كيومرث حيدري أن «عصر اضرب واهرب» قد ولى، مشيراً إلى أن بلده التي تتحسب لهجوم انتقامي من قبل إسرائيل رداً على أول استهداف مباشر لها من قبل الجمهورية الإسلامية، فرضت قاعدة جديدة للرد على كل عدوان. وقبل ساعات من تنظيم طهران لاحتفال بمناسبة «يوم الجيش» أمس، حذر حيدري من أن أي عمل إسرائيلي ضد بلده سيُقابل بقوة أكبر من عملية «الوعد الصادق»، ليل السبت الأحد، التي اشتملت على 350 طائرة مسرة هجومية وصواريخ بالستية وكروز. في موازاة ذلك، تحدث قائد القوة البحرية بالجيش شهرام إيراني عن «تغير موازين القوة بفضل محور المقاومة الذي يسخّر إمكاناته اليوم لدعم الفلسطينيين»، معتبراً أن عملية «الوعد الصادق»، الاسم الذي أطلقته طهران على هجومها ضد إسرائيل، «كانت في الحقيقة مواجهة القوة الحقيقية والقوة المزيفة». وفيما أشارت تقارير إلى أن إيران أجلت كبار قادة الحرس الثوري من سورية، كشف إيراني أن المدمرة «جماران» موجودة في خليج عدن، وترافق سفن إيران التجارية حتى البحر الأحمر، وسط مخاوف من تعرض السفن الإيرانية لهجمات إسرائيلية بعد قيام بحرية «الحرس الثوري» بالاستيلاء على ناقلة حاويات تجارية مملوكة جزئياً لرجل أعمال إسرائيلي، وترفع علم البرتغال بمياه الخليج قرب مضيق هرمز مطلع الأسبوع، من جهته، احتفى الرئيس إبراهيم رئيسي خلال مشاركته في العرض العسكري بمناسبة يوم الجيش، والذي جرى في طهران بنجاح «الوعد الصادق» في «كسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر»، متوعداً بالتعامل بشدة وصرامة مع رد إسرائيلي ضد الأراضي الإيرانية. وأكد أن الهجوم الإيراني كان «إجراء دقيقاً ومحدوداً وعقابياً» رداً على الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل الجاري، ونسبت إلى إسرائيل، وتسببت في مقتل سبعة من عناصر «الحرس الثوري»، بينهم اثنان من كبار القادة. في هذه الأثناء، وأجهت إسرائيل ضغوطاً من حلفائها للامتناع عن الرد، في وقت تعهدت واشنطن وبروكسل بتشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية. وخلال أول زيارة لوزيرين غربيين إليها منذ الهجوم الإيراني، حثّ وزيرا خارجية بريطانيا، ديفيد كاميرون، وألمانيا أنالينا بيربوك الدولة العبرية على الهدوء. وقال كاميرون: «نحن حريصون جداً على تجنب التصعيد ونقول لأصدقائنا في إسرائيل، لقد حان الوقت للتفكير بالعقل والقلب، وهذه هزيمة مزدوجة لإيران من نواحٍ عديدة». وأضاف: «لم يكن هجومهم فشلاً ذريعاً فحسب، بل يمكن لبقية العالم أن يرى مدى تأثيرهم الخبيث في المنطقة». ولفت كاميرون في مستهل زيارته للقدس إلى أنه «من الواضح أن الإسرائيليين يتخذون قراراً بالتحرك ضد إيران، ونأمل أن يفعلوا ذلك بطريقة لا تؤدي إلا إلى أقل قدر ممكن من تصعيد الأمر». من جهتها، حثت الوزيرة الألمانية تل أبيب مجدداً على «ضبط النفس». وقالت إن الهجوم الإيراني يظهر أن طهران لا تخشى تصعيد الصراع في المنطقة. وشددت على أن أي تصعيد في المنطقة سيرفع دوامة العنف إلى مستويات غير مسبوقة، مشيرة إلى أنها أكدت لإسرائيل أن أي خطوة تصعيدية ستؤثر على الاتحاد الأوروبي وحلفائه. وقالت بيربوك إنها أوضحت خلال محادثاتها مع نتنياهو ومسؤولين آخرين أنه لا ينبغي السماح بأن ينزلق الشرق الأوسط إلى وضع لا يمكن التنبؤ بنتائجه على الإطلاق. وأضافت قبل أن تغادر إسرائيل للمشاركة في اجتماع مجموعة السبع: «على الجميع الآن أن يتصرفوا بحكمة ومسؤولية»، وذكرت أن اجتماع مجموعة السبع سيناقش فرض «عقوبات جديدة» تعول واشنطن وحلفاؤها عليها للجم برنامج طهران لتطوير المسيرات العسكرية والصواريخ واقناع حليفتها العبرية بعدم الرد على إيران لتجنب حرب كارثية. لكن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قال لوزيري خارجية بريطانيا وألمانيا إن إسرائيل «تحتفظ بالحق في حماية نفسها». وفي تصريحات منفصلة بمستهل اجتماع حكومي ثالث لمناقشة طبيعة الرد وتوقيته، وسط تنامي الخلافات الداخلية حول الخطوة التي قد تشعل المنطقة، قال نتنياهو: «لقد أتيت الآن من اجتماعات مع وزيري خارجية بريطانيا العظمى وألمانيا. لقد تحدثت الليلة الماضية مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وقريباً سأتحدث مع القادة الآخرين». وأضاف: «أشكر أصدقاءنا على دعمهم للدفاع عن إسرائيل، وأقول ذلك، دعماً بالقول ودعماً بالأفعال. لديهم كل أنواع الاقتراحات والنصائح». وتابع: «أقدر ذلك، لكنني أريد أن أوضح ذلك، سنتخذ قراراتنا بأنفسنا، ودولة إسرائيل ستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن نفسها». جهود خليجية في هذه الأثناء، تواصلت جهود دبلوماسية خليجية لمنع تمدد رقعة النزاع، بين إيران وإسرائيل، إذ بحث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع رئيس الإمارات محمد بن زايد، وأمير قطر تميم بن حمد، خطورة التصعيد العسكري على الأمن والاستقرار في المنطقة خلال محادثات هاتفية منفصلة. وأجرى بن زايد اتصالاً هاتفياً مع بن سلمان تناول «تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة، وخطورة انعكاساته على الأمن والاستقرار، وأهمية بذل الجهود لمنع تفاقم الأوضاع لتجنيب المنطقة مخاطر الحروب». كما شدد ولي العهد السعودي، خلال اتصال هاتفي تلقاه، أمس، من أمير قطر، على أهمية بذل كل الجهود لتجنيب المنطقة مخاطر التصعيد. وبحث الجانبان «تطورات الأوضاع في غزة ومحيطها، والتصعيد العسكري الأخير في المنطقة، وتداعياته على الأمن والاستقرار». إلى ذلك، أصيب 14 جنديا إسرائيليا في قصف لحزب الله على منطقة الجليل ردا على اغتيال 3 من الحزب امس الاول.

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: الوعد الصادق فی المنطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

باريس تتهم سلطات إيران بنهب وتدمير المعهد الفرنسي للأبحاث

في تصاعد جديد للتوترات بين باريس وطهران، اتهمت مصادر دبلوماسية فرنسية السلطات الإيرانية بسرقة وتدمير المجموعة الثمينة من الوثائق والمُقتنيات التاريخية، والمُعدّات التقنية التي كانت موجودة في مباني المعهد الفرنسي للأبحاث (IFRI)، الواقع في قلب العاصمة طهران.

مُقتنيات غنية

المعهد مؤسسة ثقافية تتبع وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، وبالتالي السفارة الفرنسية في طهران، إلا أنّه لم يستفد من الحصانة الدبلوماسية.

وهو يُعتبر أحد سبعة وعشرين مركزاً بحثياً فرنسياً في العالم، مهمته تعزيز الأبحاث في مجالات بحوث الآثار والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

وتضم مكتبته الغنية أكثر من 49 ألف مرجع من بينها 28 ألف كتاب، فضلاً عن قواعد بيانات ضخمة.

ويُعتبر المعهد الفرنسي للأبحاث مركزاً مرجعياً للعديد من الباحثين في العالم حيث يُقدّم لهم الدعم في دراساتهم، وقد تمّ إغلاقه في عام 2023 بعد نشر مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة رسوماً كاريكاتوريّة للمُرشد الأعلى علي خامنئي. وتمّ وضعه تحت الإشراف القضائي من قبل السلطات الإيرانية في أغسطس (آب) 2024.

وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أنّ المعهد كان "مكاناً رفيع المستوى للثقافة والتبادلات البحثية"، تأسس في عام 1983 إثر اندماج البعثة الأثرية الفرنسية في إيران، والتي أنشئت في عام 1897 بموجب حصول الفرنسيين على الحقوق الحصرية للتنقيب في إيران لأغراض أثرية، والمعهد الفرنسي لعلم الآثار في طهران الذي أسسه عام 1947 الفيلسوف والمُستشرق الفرنسي هنري كوربين.

#Iran | Le chargé d’affaires de l’ambassade d’Iran a été convoqué au ministère de l’Europe et des Affaires étrangères le 30 août. A cette occasion, la France a dénoncé la pose de scellés sur les portes de l’Institut français de recherche en Iran, alors que la France s’était… pic.twitter.com/btVwr9A5ad

— France Diplomatie ???????????????? (@francediplo) August 31, 2023 تدمير مُوجّه وتقاعس أمني

وفيما لم تُقدّم السلطات الإيرانية أيّ تفسير رسمي لاختفاء وتدمير محتويات المعهد، علمت السفارة الفرنسية في طهران من مصادرها في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2025، وفقاً للمعلومات التي جمعتها صحيفة "لوموند"، أنّ مباني المعهد تعرّضت للغزو المُنظّم في البداية من قبل مُدمنين على المخدرات. ك

ما أظهر المبنى الذي تمّ نهبه بالكامل آثار حريق، في حين تمّ تدمير المُعدّات الإلكترونية وتضرر الأثاث.

ورغم الطلبات المتكررة من السفارة الفرنسية، إلا أنّ الشرطة الإيرانية لم تتدخل للحيلولة دون تفاقم الأضرار والخسائر، وهو ما يُثير العديد من الأسئلة حول وجود دور رسمي، بما في ذلك كيفية كسر الأختام التي تُغلق المعهد. ويُصبح هذا الوضع أكثر إثارة للاهتمام نظراً لأنّ المعهد الفرنسي يقع في منطقة شديدة الحراسة، وتضم العديد من المؤسسات الإدارية والرسمية الإيرانية.

وكان المعهد مركزاً رئيسياً للدراسات حول العلوم الإنسانية والاجتماعية والأبحاث الأثرية حول إيران، والتي تُغطّي الفترة من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحالي. ولم يقتصر مجال بحثه على حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل كان يمتد إلى جميع الثقافات في مُحيطها الإقليمي.

L’Iran ferme un institut français après la publication par « Charlie Hebdo » de caricatures https://t.co/FRRjX32q4S

— Le Monde (@lemondefr) January 5, 2023 مُساومة إيرانية

وكثيراً ما تتهم طهران فرنسا والغرب بالتدخل في شؤونها الداخلية. وقد بقي المقر الرئيسي للمعهد، الذي يقع في وسط طهران، مُغلقاً لسنوات عديدة، إلى أن أعيد افتتاحه في عهد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني (2013-2021) كإشارة إلى تحسّن العلاقات بين باريس وطهران حينها، قبل أن يتم إغلاقه مُجدّداً منذ نحو سنتين.

يُذكر أنّ أسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، وفي إطار دعمها "الإيرانيين الذين يُناضلون من أجل حريتهم"، أطلقت مُسابقة في عام 2023 لاختيار رسوم كاريكاتورية حول الأوضاع الداخلية في إيران، وذلك في أعقاب تصاعد احتجاجات الشعب الإيراني على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة في سبتمبر (أيلول) 2022.

L'Iran menace la France après la publication de caricatures de Khamenei dans "Charlie Hebdo" https://t.co/Cs4rA1veXH

— Marianne (@MarianneleMag) January 5, 2023

وعلى إثر ذلك دعت السلطات الإيرانية باريس إلى ما أسمته "مُحاسبة مُرتكبي هذه الكراهية والعنصرية" واصفة تلك الرسوم بـِ "المُهينة".

وأغلقت طهران المعهد الفرنسي للأبحاث كردّ على رفض الحكومة الفرنسية تقديم أيّ تنازلات ضدّ حرية الصحافة والرأي.

وكان من بين مهام المعهد، تنظيم ودعم المؤتمرات الدولية من خلال الرعاية المالية والدعم الاستراتيجي، والتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث الإيرانية. وشكّلت مكتبته وقواعد بياناته، والخدمات المُتنوّعة التي كان يُقدّمها، مُلتقى نادراً للحياة الفكرية والبحثية للإيرانيين والفرنسيين والأجانب.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الإيرانية: لافروف يزور طهران الثلاثاء لإجراء محادثات رفيعة المستوى
  • باريس تتهم سلطات إيران بنهب وتدمير المعهد الفرنسي للأبحاث
  • الخارجية الإيرانية: لافروف يزور طهران لإجراء محادثات رفيعة المستوى
  • تعويلٌ على تشييع نصرالله... هل بدأت إيران بخسارة لبنان؟
  • اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته
  • الرئيس الإيراني: نريد التفاوض مع أمريكا ودول المنطقة ولن نخشى إسرائيل
  • بين التصعيد والتفاوض.. استراتيجية أمريكية لكبح نفوذ طهران
  • إيران.. أسطول كهربائي من «سيارات الشرطة والحافلات الذكية»
  • خامنئي يدعو قطر إلى الإفراج عن أموال إيران المحتجزة
  • تصعيد جديد.. إيران ترد على تهديدات نتنياهو ماذا فعلت؟