نطقت الرمال فتحرك الصوت.. مسيرة إبداع نسائي.. حيوية المرأة السعودية في بينالي البندقية
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
البلاد ــ الرياض
تمثِّل الفنانة منال الضويان السعودية في معرض الفنون الدولي الستين – بينالي البندقية -، الذي ينعقد بين 20 أبريل و24 نوفمبر 2024، من خلال عملها التركيبي متعدد الوسائط “نطقت الرمال فتحرك الصوت”، وذلك في رابع مشاركة للمملكة العربية السعودية في بينالي الفنون وثالث مشاركة فنية نسائية في الجناح.
وتسلّط الضويان من خلال عمل ” نطقت الرمال فتحرك الصوت “، الضوء على حيوية مسيرة المرأة السعودية في فترة التطورات الثقافية العميقة الجارية حالياً، حيث جمعت ما بين الظواهر الصوتية والجيولوجية الصحراوية والأصوات النسائية المتآلفة في تعبير جماعي يفنّد المفاهيم الخاطئة عن المرأة السعودية. وهذه هي المرة الأولى التي تستكشف فيها الضويان الصوت كوسيط فني، إلّا أن التزامها بالارتقاء بصوت المرأة السعودية يبقى ثابتاً لا يتبدّل، من حيث تركيزها على توثيق التجربة المعيشية للنساء في بلدها بفخر وحساسية مرهفة.
غير أن أصوات النساء السعوديات اللاتي تعلنّ عن أنفسهن من خلال الرسومات والكتابات والأغاني، هي التي تلعب هنا دور “الحاشي”. والزائر للجناح مدعوّ لشق طريقه عبر متاهة من المجسمات الضخمة المطبوعة بالشاشة الحريرية والشبيهة ببتلات وردة الصحراء – وهي صخور بلورية تتشكّل في الرمال ويمكن العثور عليها في الصحراء بالقرب من مسقط رأس الفنانة في الظهران.
وترى الضويان في صخور وردة الصحراء رمزاً للهشاشة وسرعة الزوال والأنوثة والقدرة على التحمّل. وكما هي الحال مع مجسماتها السابقة لورود الصحراء، دمغت الفنانة “أجسام” هذه الورود هنا أيضاً بالنصوص، ولكنها وللمرة الأولى استخدمت في ذلك الكتابات والرسومات التي وضعتها المشارِكات في ورش العمل بعد أن عُرضت عليهن مقتطفات من الصحف المحلية والدولية تدور حول المرأة السعودية.
وركّزت الضويان على كيفية تناول الإعلام المحلي والدولي للنساء السعوديات على وجه الخصوص، وكشفت أبحاثها في هذا المنحى عن وجود هوس بالمسموح أو الممنوع في تصرفاتهن، فضلاً عن الكثير من الافتراضات عن رغباتهن، من دون الاستئناس، إلّا فيما ندر، برؤية المرأة السعودية لنفسها. علماً أن الكلمات المقتبسة من عناوين الصحف تتطرق إلى النساء السعوديات بعبارات تسعى إلى تثبيت وجودهن وإدامته وجعله واقعاً عنيداً.
وبهذا يشكّل عمل ” نطقت الرمال فتحرك الصوت” نداءً للتضامن والتعاضد وتجربةً مصمّمة لإلهام الشجاعة.
وقالت الضويان: “أحاول في العمل الذي أقدمه في بينالي البندقية للفنون 2024، تمثيل المرحلة التي وصلتُ إليها الآن في مسيرتي الفنية، انطلاقاً من مجتمعي وبلدي والعالم ككل. وهو عمل استوحيتُه من الدور المتطور للمرأة في المجال العام في بلدي وسعيها المستمر لإعادة تعريف المساحة المادية التي تعيش فيها والسرديات التي حددتها تاريخياً”.
من جانبها قالت المدير التنفيذي لهيئة الفنون البصرية دينا أمين : “يسلّط عمل الضويان الضوء على مسيرة المرأة السعودية في الأعوام الأخيرة، من حيث إن الفنانة توجّه من خلاله الدعوة للجمهور إلى التفكير في الصور النمطية التي عفا عليها الزمن، وتسعى في الوقت نفسه إلى إيصال صوت المرأة السعودية الذي أصبح اليوم عابقاً بالحيوية والرقة والطموح. فضلاً عن ذلك، يرمي عمل الضويان هذا إلى تمكين المرأة السعودية من استرداد تحكّمها بالسرديات التي تخصّها، على نحو يعكس التغييرات الحاصلة في المجتمع السعودي حيث أصبحت المرأة قادرة على العمل في جميع المجالات، والسفر بشكل مستقل، ورسم معالم مصيرها بحرية”.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: المرأة السعودیة السعودیة فی
إقرأ أيضاً:
من يقتل إبداع المعلّم؟
من يقتل إبداع المعلّم؟
بقلم: #عبدالبصير_عيد
كاتب وخبير تربوي
نحن لا نتحدث هنا عن المعلّم العادي، بل عن ذاك المعلّم المبدع، الذي خُلق ليكون مختلفًا، الذي يرى في #التعليم رسالة لا وظيفة، والذي يُمارسُ مهنته بشغفٍ نابع من إيمانه العميق بقيمة ما يقدّمه. إنه المعلّم الذي يزرع الأمل في عيون طلبته، بابتسامة مشرقة، ويد تمتد لتبني وتُسنِد.
هذا النوع من المعلّمين لا يعمل من أجل الراتب فقط، بل من أجل رؤية، ومن أجل غدٍ أفضل. لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا: من يقتل إبداع هذا المعلّم؟
السؤال مؤلم، لأنه يُعبّر عن واقعٍ مرير كُسرت فيه آمالٌ كثيرة لمعلمين مبدعين، وتلاشت فيه طاقات شابة كان يمكن أن تُغيّر وجه التعليم لو وجدت البيئة الحاضنة. بعضهم يعتقد أن مَن يقتل الإبداع هم أشخاص بعينهم تصرّفوا بعيدًا عن المهنية، لكن الحقيقة أكبر من ذلك. الإبداع يُقتل أحيانًا بأفكار قديمة، بقوانين لم تعد تواكب تطلعات هذا الجيل، أو بسياسات جامدة لا تحتمل الاختلاف والتجريب.
المعلّم المبدع طاقة متجددة، بحاجة إلى من يحتويه، لا من يُقيّده. بحاجة إلى بيئة تَسمع له، تُفسح له المجال ليبتكر ويجرّب، ولا تعاقبه إن أخطأ. فالمعلّم المبدع لا يخشى الخطأ، بل يعتبره جزءًا من رحلته نحو الأفضل. والقيادة الحقيقية هي من تحتَضِنُ هذه الروح وتدفعها نحو النُّمو والابتكار، لا من تُخضعها للقيود الإدارية والتفاصيل التي تقتل الشغف في مهده.
أخطر ما يمكن أن يُمارس ضد #المعلم المبدع هو الجمود الفكري، وحَصرِه في قوالب ضيّقة لا تَسمح له بالتنفس. والمؤلم أكثر، أن من يُفترضُ أن يكونوا داعمين له، هم أول من يَهدِمُ روحه، وهم يرفعون شعاراتِ الدعم بينما يمارسون الوصاية عليه تحت غطاء “الأنظمة والتعليمات”.
المعلّم المبدع لا يبحث عن مدحٍ ولا شهرة، بل عن فرصة حقيقية ليصنع الفرق. وإن أشغلته المؤسسات بالتفاصيل الصغيرة، وأثقلته بالإجراءات الروتينية، فإنها بذلك تخرجه تدريجيًا من دائرة الإبداع، حتى تَنطَفِئ فيه تلك الشُعلة التي لطالما أنارت لطلبته الطريق.
ولأن هذا المعلّم لا يقف عند حدود المنهج، بل يعيد اختراع الطرق، فإن تجريمه على محاولة لم تُثمر كما يجب، هو حكمٌ بالإعدام على روحه المبدعة. فالتجربة هي معمل الإبداع، والخطأ فيها ليس فشلًا، بل خطوة نحو النضج.
ولأن الإنسان لا يعيش بالمعنويات وحدها، فإن المعلّم بحاجة أيضًا إلى دعم مادي، خاصة في الظروف الاستثنائية. ومن المؤسف أن يتم التعامل معه كأداة، تُستبدَل عِند انتهاء الحاجة، دون أي اعتبار لإنسانيته أو لأحلامه أو لعائلته التي ينتظر أن يؤمّن لها أبسط الحقوق.
ومع كل هذا، يظلّ المعلّم المبدع قويًا بشكل مذهل. لينهض ويرمم ذاته ويواصل طريق الابداع الذي أصبحت سمة من سمات شخصيته. لأنه يعرف نفسه جيدًا، ويعي ما يريد. ولأن الشغف لا يُشترى، فإن بوصلة هذا المعلّم تظل ثابتة نحو الهدف، مهما كانت العوائق.
المعلّم المبدع يخرج من المحن وهو يقرأ:
“إنك لا تعرف كم أنت قوي، حتى تصبح القوة خيارك الوحيد.”
مقالات ذات صلة السقوط العربي 2025/04/14