قصة قصيرة : الفقراء لا يدخلون الجنة
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
قصة قصيرة : #الفقراء لا يدخلون #الجنة
د. #تينا_المومني
يُحكى أن من فضائل العمرة “تنفي الفقر كما تنفي الذنوب”.. أما عن الواقع فتعال :
أُفتُتِحَت في قرية فلاحية بإحدى المناطق بالأردن شركة للحج والعمرة، وقد حصل رافع – ابن القرية – على فرصة عمل بها.
مقالات ذات صلة الحلقة الأخيرة 2024/04/12طلب رافع من أصدقائه في القرية دعمه في العمل وذلك من خلال جمع أكبر عدد ممكن من سكان القرية وتسجيلهم في أول رحلة عمرة من خلال الشركة التي يعمل بها رافع، وإقناعهم بأنها ستوفر لهم رحلة سعيدة وطعاما بالمجان وإقامة مميزة بأفخم الفنادق قرب الأماكن المقدسة.
تمكن رافع وأصدقاؤه من جمع عدد ركاب الباص وكانوا خليطا من كبار السن والشباب والشابات، لكن حدثت مشكلة بأنه تبقى مقعدان فارغان في الباص، ولم يتبق إلا ليلتان على السفر، فقال هاشم :” وجدت الحل، نادرة وزوجها”
قال سعد :” لا ينفع، لن يذهبا ، لقد تزوجا حديثا، كما أنهما ليسا متدينين كي يدفعا من أجل رحلة عمرة، ونادرة يا رعاك الله كانت تعمل راقصة ناهيك أنها مشاكسة وجميلة وتُعد فتنة”.
قال رافع :” أنا سأشتري لهما التذاكر، وسأقدم لهما الرحلة بالمجان، المهم أن تنطلق الرحلة طالما أننا حصلنا على بقية العدد الأكبر من أجل السماح بانطلاقها “.
هاشم لـ سعد :”إذا علم مدير رافع بأنه نجح بتسيير الرحلة من خلال إيهام الركاب بوجبات مجانية وإقامة فاخرة بفنادق وايضاً شراء تذكرتين ليكمل العدد، فسيعتبره فاشلا ويطرده من العمل، نادرة وزوجها سيذهبان لأنها بالمجان يا سعد كما أننا سنعطي نادرة مبلغا ماليا صغيرا وحتما ستوافق”
انطلقت الرحلة وصعد الركاب الباص بحقائبهم وتناقضاتهم، نيتهم العمرة والدين، لكنهم مشغولون في الأمور المادية الأرضية رغما عنهم، فمنهم من أتى معتبرا الرحلة فرصة نظرا لما وعدهم به رافع من إقامة خمس نجوم وثلاث وجبات مجانية وكوبون تسوق سُبَحْ وأساور بقيمة خمسة دنانير ، ومنهم من اعتبرها بديلا عن رحلات السياحة الترفيهية التي لا يقدر على القيام بها مثل مازن الذي أحضر معه “طبلة”، ومثل ضرة نادرة التي غامرت بإحضار زوجة أخيها – بهيجة التي تتلفظ دون وعي بألفاظ نابئة بصوت مرتفع- وأخوها معها على حسابها كمحرم من أجل أن تتمكن من زيارة الحرم كي تدعو على زوجها وتعكر صفو نادرة.
في غمرة انشغال كبار السن في التسبيح والتهليل، و معن في توزيع حبات البندورة على زملائه الركاب قائلاً لهم :” تسمموا” دق مازن الطبل، وكان من الطبيعي جدا أن يشاركه صخبه المجموعة التي أحضرت معها “الشدة”، أثناء ذلك كان سائق الباص يحاول استراق النظر إلى نادرة عبر مرآته، يبدو أن جمال نادرة – رغم أن الجمال في واد ونادرة في وادٍ آخر- أفقد السائق إحساسه بقدمه اليمنى فأسرع الباص كثيرا وانحرف قليلا عن مساره، خافت بهيجة -زوجة أخ ضرة نادرة – وصرخت على السائق بألفاظ نابية، قرصت ضرة نادرة أخاها كي يُسكت زوجته بهيجة لكنه كان منشغلا بتوزيع البندورة التي أحضرها معه – ليس لأنها لم تبع في القرية- بل بنية الإحسان والإطعام، ثم استيقظ زوج نادرة من غفوته بعد أن “فقعت ” نادرة -بذات رومانسية- اللبان في أذنه قائلا للجميع :” وحدوا الله يا جماعة”.
وصل الركاب مكان إقامتهم، وطبعا كان سكنا أقل من عادي ومزدحما وليس فندقا بخمس نجوم كما وعدهم رافع – الذي توقع منهم أن يتجاهلوا الأمر ويرضون بالأمر الواقع- لكنهم أحدثوا مشكلة كبيرة تجاوزت نارها قدرات رافع على إخمادها، فأجبر مدير الشركة على إرسال مسافري هذه الرحلة إلى فندق التوبة.
وصلوا الفندق، وأثناء أخذهم مفاتيح الغرف ونقل حقائبهم صرخ أحد مديري الفندق بصوت مرتفع متمسمرا وأمامه – لا، ليس فانوسا سحريا- إنما ” باببور ” أحضره أحدهم معه من أجل الطهي.
صعد الجميع إلى غرفهم وبعد مرور ثلاث ساعات رن هاتف رافع، إنه مازن يقول :” رااااافع احزر كيف تفتح باب غرفتك ؟!” رافع :” ماذا ؟ الآن فقط حتى تمكنت من الدخول ؟ قال مازن – برفقة ضحكة أعلى من صوت بهيجة – :” تضع البطاقة في الباب ثم يفتح ” .!
انتهى الجميع من مناسك العمرة، واستعدوا للسفر والعودة، وحان وقت وضع الحقائب التي لم تجد لها مكانا في صندوق الباص لأنه امتلأ بأكثر من العدد المسموح به لكل معتمر من ماء زمزم، فقال السائق للركاب: كل راكب مسموح له بعبوة واحدة من ماء زمزم، رد الركاب: وأنت لماذا أحضرت ثماني عبوات ؟! رد السائق : ” هذا سولار وبنزين ليس ماء زمزم” .
لم يتنازل السائق عن مشتقاته النفطية، كما لم يتنازل أي من الركاب عن فائض ماء زمزم الذي أحضره، ولأن الرحلة الدينية التي كانت بمثابة رحلة عمل لنادرة قد شارفت على الانتهاء، خلعت نادرة حجابها فشهق السائق ، وانحرف الباص مجددا، ومجددا صرخت بهيجة بألفاظها النابية عندما شاهدت النيران تشتعل في مؤخرة الباص ، فتوقف السائق ونزل الركاب جميعا حتى مازن باستثناء الطبلة، و مؤخرة نادرة التي علقت عند باب الباص وهي تسابق بهيجة في الخروج، وصار الجميع يطفئ النيران بماء زمزم ، تلك النيران التي اشتعلت أكثر بسبب عبوات السائق الممتلئة بالسولار والبنزين.
وعند وصولهم القرية، طرد رافع من عمله، وتطلقت نادرة بسبب السائق وضرتها بسبب بهيجة، وتم توقيف السائق ، ولم يأكل سعد وهاشم وبقية المهنئين بالعمرة تمرا، ولم يشربوا ماء زمزم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الفقراء الجنة ماء زمزم من أجل
إقرأ أيضاً:
رحيل: قرار دمج البلديات يخدم مصراتة ويثير غضب سكان زمزم
ليبيا – وصف مبارك رحيل، عضو المجلس الانتقالي السابق عن بلدية زمزم، قرار دمج البلديات بأنه “ظالم وجائر”، مؤكداً أنه صدر بعد يوم واحد فقط من الانتخابات البلدية، وهو ما اعتبره “استهتاراً وإهانة لكرامة الإنسان”. كما أشار إلى أن القرار يحمل طابعاً عنصرياً وسعياً للهيمنة، متهماً حكومة الدبيبة بخدمة مصالح بلدية مصراتة على حساب الآخرين.
وفي تصريح لقناة “ليبيا الحدث” تابعت صحيفة المرصد، دعا رحيل أهالي مصراتة والمجلس المحلي وأعيان المدينة إلى الوقوف ضد هذا القرار، مشيراً إلى تصريحات متداولة عن نية التمدد شرقا حتى مدينة سرت، ما يعكس -بحسب رأيه- وجود تنسيق مسبق بين الحكومة وبلدية مصراتة في اتخاذ القرار.
وأوضح رحيل أن منطقة زمزم والهشيم، التي يتجاوز عدد سكانها 20 ألف نسمة، تمتلك كافة مقومات البلدية المستقلة، مشيراً إلى أن هناك بلديات أخرى في البلاد يبلغ عدد سكانها ألفاً أو ألفين فقط. ولفت إلى أن سكان المنطقة عبّروا عن غضبهم بخروج الشباب للاحتجاج وإحراق الإطارات، لكن قوات مسلحة قادمة من مصراتة تدخلت لتفريقهم ومنعتهم من التظاهر تحت تهديد السلاح.
وأضاف: “حتى التعبير عن الرأي أصبح مهدداً، حيث يواجه أحد الشباب المدنيين المرشحين للبلدية تهديدات بالخطف بسبب حديثه بعقلانية عن الوضع. لم يُصب أحد بأذى، لكن التظاهر والتعبير عن الرأي باتا مرفوضين تماماً”.
وزعم رحيل أن الوضع الحالي في ليبيا يتسم بسيطرة الميليشيات التابعة إما للداخلية أو الجيش، ولكنها في الواقع تخدم مصالح المدن التي تنتمي إليها. واختتم قائلاً: “من يمتلك السلاح يعيش، ومن لا يملكه يموت. نحن في مناطق صغيرة لا نملك السلاح”.