سعد عبد الراضي (أبوظبي)
يحتفي العالم في الثامن عشر من أبريل كل عام بيوم التراث العالمي برعاية منظمة اليونسكو ومنظمة التراث العالمي. بناء على الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في باريس في عام 1972، التي تضمنت نوعين من التصنيفات التراثية الأول ثقافي ويشمل الآثار والأعمال المعمارية والمجمعات العمرانية والمواقع الحضرية ذات القيمة الاستثنائية.

والثاني يعنى بالتراث الطبيعي ويشمل المواقع الطبيعية ذات القيمة العالمية. ويأتي احتفاء العالم باليوم العالمي للتراث لحماية المواقع التراثية، من خلال إعداد وضع التشريعات والأنظمة والسياسات العامة الملزمة للمؤسسات والشعوب بالحفاظ على المواقع التراثية والأثرية، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في دعم التراث العالمي، وشريك رئيس في كل ما يعزز من استمراريته والمحافظة عليه، إلى جانب ريادتها في تعظيم قيمة التراث المحلي. 

التعريف والتوعية
بداية يقول سالم الرميثي، مدير عام نادي أبوظبي للرياضات البحرية: «يمثل اليوم العالمي للتراث الذي يوافق الثامن عشر من أبريل كل عام، دعوة مشتركة لحماية الموروث الإنساني والتعريف به في مختلف المحافل، ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة من منطلق الالتزام الوطني بإبراز الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في الحفاظ على التراث ودعمه على الصعيدين المحلي والعالمي، واستجابةً لتوجهات القيادة الرشيدة نحو الحفاظ على الموروث بوصفه أحد أعمدة الهوية الوطنية، ومظهراً دالاً على عمق الحضارة والثقافة الإماراتية».
وأضاف: «كما يتيح اليوم العالمي للتراث لنادي ابوظبي للرياضات الفرصة لعكس ما لديه من أنشطة ومن ثقافة لتعريف الآخر بموروثنا الشعبي وبهويتنا الوطنية وبتراثنا المجيد الذي خطه لنا الأولون وأكد عليه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتسير على نهجه القيادة الرشيدة. كما يعكس الاحتفال بهذه المناسبة المكانة التي يحظى بها التراث ضمن السياسات الثقافية، حيث تعد دولة الإمارات سباقة في صون تراثها وهويتها، ويتضح ذلك من خلال الجهود الرسمية والشعبية الكبيرة التي تبذلها في هذا المجال».

أخبار ذات صلة قرقاش: جهود إماراتية مكثفة لضمان الاستقرار والازدهار الإقليمي «الوطني» يناقش تطبيق ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية

ومن ناحيته يقول الدكتور منير بوشناقي، المستشار لدى اليونسكو والذي أمضى أكثر من 50 عاماً في الحفاظ على التراث لـ (الاتحاد الثقافي): «في هذا اليوم المهم الذي أسسته المنظمة الدولية للمباني والمواقع التاريخية، يحتفل كل المختصين والمؤسسات المعنية بحماية التراث العالمي في الثامن عشر من أبريل كل عام».
وأضاف: «هذا اليوم خاصة في المنطقة العربية لابد أن يُعرّف به، ويكون هناك وعي بأهمية التراث الثقافي العالمي لوضع أسس جديدة للحفاظ على الهوية وأهداف حماية التراث بالنسبة للنمو الاقتصادي الذي عرفت به الأمم المتحدة في برنامجها 2030، وكذلك دور التراث الثقافي وخاصة ماهو مدرج على قائمة التراث العالمي في اليونسكو في تطبيق اتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث والطبيعة المعترف بدورهما في دعم أسس للهوية وبناء السلام وهذا مهم لكل العالم والمنطقة العربية» ويستطرد: «اليوم العالمي للتراث يبرز جهود دولة الإمارات في حماية التراث العالمي، وقد شاركت في مؤتمر حماية التراث العالمي  2016 في أبوظبي الذي كان نواة لإنشاء مؤسسة ألف التي تختص بحماية التراث خلال الحروب والأزمات والتغير المناخي، وكعضو في المجلس العلمي لـ «ألف» أتابع كل الملفات التي تقدم إلى المؤسسة التي تشارك الإمارات فيها مالياً وفنياً وتقدم جهوداً مشهودة مع باقي الدول التي تساهم في إعادة البناء والترميم في المواقع التي تحدث فيها أزمات في مختلف أنحاء العالم».
ومن جانبها تقول فاطمة المزروعي، رئيس قسم الأرشيفات التاريخية في الأرشيف والمكتبة الوطنية: «يكتسب التراث يومياً الكثير من القيمة المعنوية لدى شرائح متعددة من الناس في مختلف المجتمعات، لم يعد التراث من المواضيع العابرة التي تهتم بها مؤسسة ما وباقي مفاصل المجتمع تنساه مع التطور التقني والتكنولوجي المهول الذي يعيشه العالم، نلاحظ أن العودة نحو الماضي ماثلة ومحاولة البعض من المجتمعات إخراج كنوز معرفية قديمة واضحة، هناك متاحف متزايدة يتم تعميرها في أكبر عواصم العالم توهجاً بالتقنية الحديثة وفي أكثر مدن العالم تطوراً، وهناك مواقع أثرية تم تحويلها كوجهة سياحية لكل زائر لتلك المدن. والحقيقة أن القديم بصفة عامة ليس منفصلاً عن الإنسان، ولا يمكن تجاوزه، فالماضي عملية مستمرة مع مسيرة البشرية، فما نعده اليوم حديثاً وجديداً بعد بضع سنوات يتحول ويصبح قديماً، قلة من يدركون أثر القديم وتحديداً فائدة التراث البالغة، هذه الفائدة التي تعتبر معنوية وأيضاً معرفية».

شواهد تاريخية 
وأضافت فاطمة المزروعي: «دولة الإمارات تسعى دائماً للحفاظ على التراث والقيم الأصيلة والنبيلة، وتعتبر قلعة الجاهلي والمربعة في مدينة العين، إحدى أهم الشواهد التاريخية على الإبداع المعماري الذي شهدته الدولة منذ قرون، وسوف يتم استعراض هذه النماذج كونها أخذت حيزاً من الاهتمام في البناء والعمارة والترميم، كما سعت دولة الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على التراث من خلال عدد من المهرجانات التراثية التي تقام بشكل سنوي مثل، مهرجان الشارقة للتراث، مهرجان قصر الحصن، مهرجان زايد التراثي، مهرجان التراث البحري، وغيرها من المهرجانات التي تسعى لصون الثقافة التقليدية، وكذلك من أهم المهرجانات التي سعت لتوثيق الحكاية (ملتقى الشارقة للراوي)، الذي يعنى بشريحة الرواة ويقدمهم بشكل دائم للمجتمع والاعتناء بهم وتسجيل ذخيرة ذاكرتهم وتقديمهم لوسائل الإعلام والحياة العامة كعناصر مهمة ومؤثرة حاملة للتراث الثقافي الإماراتي، كما يقوم معهد الشارقة للتراث بإصدار تلك الحكايات في كتب ورقية للاستفادة بها من قبل شرائح المجتمع وتابعت: تلك المهرجانات وغيرها كانت لديها الكثير من الفعاليات المرتبطة بالتراث وأهمها إحياء التراث الإماراتي الشفاهي المرتبط بفن الحكاية، وتشجيع الإبداعات الحكائية، والاهتمام بالطاقات الجديدة ودعمها من خلال نشر الإصدارات الجديدة الخاصة بالخراريف والحكايات الشعبية من مختلف بلدان العالم، وتسعى لاستضافتهم والاستفادة من تجاربهم ونقل هذه الخراريف والحكايات الشعبية من كبار المواطنين إلى الشباب واليافعين من أشعار وقصائد، ونحوها من أنواع القصص، ورواية القصص والحكايات الشعبية وتمثيلها على المسارح ومشاركة الجمهور من خلال الكرنفالات والموسيقى والأغاني والمسرح والدراما، والرقص الفلكلوري. وهذا السبق والوعي المبكر بهذا الجانب الإنساني تتضح نتائجه على أرض الواقع، من خلال الزخم العظيم لهذا التراث والحضور القوى في مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية والثقافية».
وتابعت: «لقد كانت العناية بالتراث في عمق اهتمام وتفكير الإنسان الإماراتي وسوف تظل دائماً كذلك، وخير من عبر عن هذا الاهتمام الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي قال الكثير من الحكم والأقوال السديدة عن التراث، والتي هي اليوم نهج ودستور لنا، ومن تلك المقولات: «من ليس له ماضٍ ليس له حاضر».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التراث الإنساني حماية التراث التراث الإمارات يوم التراث العالمي اليوم العالمي للتراث فاطمة المزروعي التراث العالمی حمایة التراث على التراث فی مختلف من خلال

إقرأ أيضاً:

أطفال الإمارات.. حماة التراث

خولة علي (أبوظبي)
في يوم الطفل الإماراتي، الذي يقام هذا العام تحت شعار «الحق في الهوية والثقافة الوطنية»، تتجلى أهمية غرس هذه القيم في نفوس الأطفال، فهم سفراء المستقبل وحماة التراث. ومن خلال مشاركتهم الفاعلة في الفعاليات التراثية وتعلمهم للعادات والتقاليد، يصبحون حلقة وصل بين الماضي المجيد والحاضر الزاهر، ليظل الإرث الإماراتي حاضراً في تفاصيل حياتهم اليومية. ولقد أخذ الكثير من الأطفال واليافعين على عاتقهم مسؤولية النهوض بالتراث والحفاظ عليه من خلال تعلمه وممارسته. 

مسؤولية وطنية
من بين الأطفال واليافعين الذين وجدوا متعتهم في صون التراث ونشره، أمل العبدولي، وهي شخصية تحمل في قلبها شغفاً لا حدود له بتراث الإمارات الأصيل، مؤمنة بأن الماضي هو الجذور التي تمنح القوة في الحاضر والمستقبل. والتراث بالنسبة لها ليس فقط قصصاً تروى، بل تجربة حية تسعى لنقلها إلى الأجيال بكل فخر واعتزاز. وقد شاركت العبدولي في العديد من الفعاليات الوطنية والمجتمعية، حيث قدمت ورشاً تفاعلية لتعريف الناس بالأدوات التراثية القديمة، وشرحت كيفية استخدام الرحى لطحن الحبوب، والسقاية لجلب الماء، والمكحلة والدخون التي كانت جزءاً أساسياً من زينة المرأة الإماراتية. ولم تكتفِ بالشرح النظري، بل حرصت على أن يعيش الأطفال والشباب هذه التجربة بأنفسهم، ويتلمسون الأدوات ويشعرون بعبق الماضي الذي شكل الهوية الإماراتية. وتؤمن العبدولي بأن ترسيخ التراث في قلوب الأجيال مسؤولية وطنية، لذا تحرص على تنظيم مسابقات ثقافية وتراثية في كل مناسبة. وخلال هذه المسابقات، تطرح أسئلة حول العادات والتقاليد الإماراتية، وتختبر معلومات المشاركين حول الأدوات التراثية ومفردات اللهجة الإماراتية، لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على هذا الإرث الغني.

لقاء كبار السن
ويرى علي اللوغاني أن يوم الطفل الإماراتي مناسبة وطنية تحمل في طياتها معاني كبيرة، حيث تعكس التزام دولة الإمارات برعاية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية، مثل الحق في التعليم، الابتكار، والصحة، إلى جانب تمكينهم ليكونوا قادة المستقبل ومساهمين في بناء المجتمع. ويشعر اللوغاني بأهمية هذا اليوم لأنه أتاح له الفرصة للمشاركة في الورش التراثية والثقافية، التي تلعب دوراً أساسياً في حفظ الموروث الشعبي ونقله للأجيال. ومن أبرز ما أثر فيه خلال هذه التجربة، كان لقاء كبار السن والاستماع إلى قصصهم وتجاربهم، حيث منحته هذه اللقاءات نظرة أعمق على تراث الإمارات العريق، وأسهمت في غرس القيم الأصيلة التي تعزز شخصيته وتزيد من ارتباطه بهويته الوطنية.

أخبار ذات صلة مركز محمد بن راشد للفضاء يُعلن نجاح إطلاق القمر الاصطناعي «اتحاد سات» في يوم الطفل الإماراتي.. الدولة تواصل جهودها لتوفير بيئة صحية متكاملة لأطفالها

مشاركات تراثية
وتؤمن عليا خميس الكندي بأن التراث الشعبي الإماراتي يشكل جزءاً أساسياً من الهوية الوطنية، وترى أنه من الضروري الحفاظ عليه ونقله للأجيال. وتحرص الكندي على المشاركة في المهرجانات التراثية والاحتفالات الوطنية والمسابقات المدرسية التي تعكس فخرها بوطنها. وتحب ممارسة الألعاب التراثية مع صديقاتها وإخوتها، لإبقاء هذه العادات حية ومتوارثة عبر الزمن. وإيماناً منها بأهمية نقل الحكايات التراثية والأمثال الشعبية، تحرص على مشاركتها مع الأصدقاء من خلال الأنشطة المدرسية والبرامج الإذاعية، مستلهمةً في ذلك القصص التي كانت ترويها لها جدتها.
وتعتبر مريم اللوغاني أن يوم الطفل الإماراتي مناسبة عزيزة على قلبها، لأنه يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه دولة الإمارات للأطفال. وتشعر بالفخر والامتنان لقيادة الدولة التي تحرص على توفير بيئة داعمة مليئة بالفرص التي تساعد الأطفال على النمو والتطور، مما يجعلها أكثر اعتزازاً بهويتها الإماراتية. وتفخر اللوغاني عندما ترتدي اللباس الإماراتي التقليدي وتتحدث باللهجة الإماراتية الأصيلة، لأن ذلك يجعلها أكثر ارتباطاً بتراثها وجذورها، كما تؤمن بأن تعلم القيم التي ورثها الإماراتيون عن أجدادهم، مثل الكرم والاحترام والشجاعة، مسؤولية مهمة.

حكواتي
وبكل فرح وامتنان يقول عيسى المازمي إن يوم الطفل الإماراتي مناسبة مميزة يحمل معاني عميقة، لأنه يذكر الأطفال بحقوقهم، ويعزز فيهم الاعتزاز بهويتهم وثقافتهم الوطنية. وبصفته حكواتياً، يرى بأن لديه دوراً مهماً في حفظ الموروث الشعبي ونقله للأجيال الجديدة. فعندما يروي القصص القديمة عن الأجداد وعاداتهم وحكاياتهم الجميلة، يشعر أنه يسهم في إبقاء التراث الإماراتي حياً ومتجدداً في أذهان الأطفال. فالقصص بالنسبة له ليست مجرد كلمات تقال، بل جسر يربط الماضي بالحاضر، ويعزز الفخر بالهوية الإماراتية. وهو يسعد عندما يرى الأطفال يستمعون إليه بحماس وشغف، ويتعلمون من قصصه قيم الشجاعة والكرم والانتماء.

مقالات مشابهة

  • اين سوريا اليوم من النموذج الإنساني لنيلسون مانديلا و الترفع عن الثأر
  • نورة السويدي: الإمارات رائدة عالمياً في تمكين المرأة
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا: وزير الأوقاف يؤكد نداء التعارف والتكامل الإنساني
  • «ازرع الإمارات» مبادرة لتعزيز المساحات الخضراء ونشر ثقافة التشجير
  • رمضان في الإمارات.. عادات وتقاليد تجسد روح التلاحم والتراحم المجتمعي
  • أطفال الإمارات.. حماة التراث
  • خطوات لإتمام صفقة بيع مطار سقطرى لشركة إماراتية
  • رمضان في عسير بين البحر والجبل .. تكافل اجتماعي و إحياء للتراث الثقافي
  • كلداري إخوان تدعم حملة «وقف الأب» بـ 10 ملايين درهم