نوف الموسى (البندقية)
افتتح الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، أمس، جناح دولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية، بحضور الشيخة حور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، وعبد الله علي السبوسي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى إيطاليا، وسعيد خرباش، الرئيس التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في هيئة دبي للثقافة.

 
وقال الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة: «يعد وجودنا في بينالي البندقية للفنون 2024 جزءاً مهماً من المشاركات الثقافية الدولية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهي فرصة لإبراز الأعمال الفنية لدولة الإمارات على الصعيد العالمي، وتقديمها للجمهور المتذوق للفن من خلال هذا الحدث المهم. لقد كان عبدالله السعدي وما زال واحداً من أبرز رواد الفن المفاهيمي وممن تركوا بصمة في المشهد الفني في دولة الإمارات العربية المتحدة لأكثر من أربعين عاماً، ويسعدنا تقديم أعماله المتميزة للجمهور في بينالي البندقية. كما نتوجَّه بالشكر الجزيل إلى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، وكذلك للقيم الفني طارق أبو الفتوح على إخراج هذا المشروع إلى النور، وإلى عبدالله السعدي على التعاون، من خلال مشاركتنا في مسيرته الفنية». 

قراءات حيّة
يجسد المعرض خبرة عبد الله السعدي الممتدة على 40 عاماً من العمل الفني وإنتاجه الغزير، ويسلط الضوء على رحلاته في الطبيعة، عبر معرض فردي بعنوان: «عبد الله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان» برعاية القيّم الفني طارق أبو الفتوح، حيث يقدم المعرض ثمانية أعمال للسعدي تم إنتاجها خلال رحلاته في الطبيعة تحوي مئات من القطع الفنية.

أخبار ذات صلة قرقاش: جهود إماراتية مكثفة لضمان الاستقرار والازدهار الإقليمي «الوطني» يناقش تطبيق ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية

ومن خلال عمله في الاستوديو الخاص به في مدينة خورفكان الواقعة في الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ورحلاته في الطبيعة في المناطق المجاورة لها، يخلق عبدالله السعدي قراءاتٍ حيّة وموضوعيّة للعالم ومكانة الإنسان فيه. تحمل ممارسات عبدالله السعدي أصولاً موغلة في القدم، حيث يقوم بحوارٍ حميميٍّ وجمالي مع بيئته، وإنشاء علاقةً وثيقةً متعدّدة الأوجه مع المناظر الطبيعية، حيث يبدأ في الرسم والكتابة فقط عند إحساسه بالانغماس الكامل في الطبيعة في تطابق لممارسات الشعراء العرب عند ترحالهم لنظم الشعر. وقد قام القيم الفني للمعرض طارق أبو الفتوح والمقيم في الشارقة بالعمل مع الفنان بشكل مكثف خلال الشهور الماضية لإعداد المعرض المرتقب في بينالي البندقية، وتقديم قراءة جديدة لممارسته الفنية في ضوء علاقتها بالذاكرة الجمعية. 
ولطالما كانت العلاقة بين الفن والترحال وثيقة وحيويّة في الثقافة العربية، تمتد منذ قرون عدة من خلال الإبداع الشعري، وتتمثل في الحاضر في أشكال جديدة من خلال الفن المعاصر. يسلّط المعرض الضوء على علاقة عبدالله السعدي الحسّية والجمالية مع البيئة الطبيعية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويستكشف علاقتها بتلك التقاليد العربية التاريخية. ويستعيد معرض «عبد الله السعدي: أماكن للذاكرة، أماكن للنسيان» أجواء الاستوديو الخاص بالفنان وعمله الدؤوب على حفظ وتوثيق أعماله الفنية بشكل دقيق داخل صناديق حديدية تشبه صناديق الجدات أو صناديق الكنوز الثمينة في إحدى الروايات. يستكشف المعرض العلاقة المتغيرة ومتعددة الأوجه بين الذاكرة والنسيان، وبين الظهور والاختفاء، حيث يدعو الزوار إلى رحلة فنية بامتياز ما بين قطع الأعمال الفنية المعروضة بشكل متحفي والقطع الأخرى الكثيرة المختفية داخل الصناديق الحديدية في انتظار من يكتشفها. 

مسارات عديدة
يمكن أن تأخذ الرحلة عبر مساحة المعرض مسارات عديدة، يوجهها عارضون وممثلون موجودون باستمرار في الجناح للتفاعل مع الزوار طوال فترة البينالي. يتشارك في هذه التجربة الفريدة ممثلون محترفون مع طلاب من أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، كتدريب للتخرج من خلال البرنامج الرائد للمتدربين الذي ينظمه الجناح الوطني للدولة في البندقية. 
وشرحت ليلى بن بريك، مديرة الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، رؤى المعرض قائلة: «خلال مسيرته الطويلة ومتعددة الأوجه، أجرى عبد الله السعدي حواراً موسّعاً مع المشهد الطبيعي لدولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة مع موطنه في خورفكان، إنه أحد أكثر الأصوات تميزاً وتأثيراً في الفن الإماراتي، وتواصل أعماله التي تتّسم بالتأمّل والتفاعل النّشط مع محتواها تقديمَ رؤىً جديدة وتدعو إلى قراءاتٍ جديدة. إنّ الطريقة المبتكرة التي اعتمدها طارق أبو الفتوح لإعادة إنشاء استوديو السعدي في البندقية مع إضافة الأداء التمثيلي الحيّ هي شهادةٌ على الأهمية الدائمة لهذه الأسلوب الفني الرائع في العرض، ويسعدني أن يحظى الجمهور الإماراتي والعالمي على حدٍّ سواء بهذه الفرصة للتعرف على أعمال السعدي بطريقةٍ جديدة، وهو بلا شك تأكيد على هدف الجناح الأساسي لسرد القصص غير المروية عن الفنون في دولة الإمارات العربية المتحدة».

تجربة ثرية
حول أهمية المعرض، قال طارق أبو الفتوح: «إن العمل مع الفنان عبدالله السعدي على معرضه الفردي في جناح دولة الإمارات العربية المتحدة في بينالي البندقية هو شرفٌ عظيم وتجربة ثرية. على مدى أكثر من أربعة عقود قام عبدالله بالعمل بشكل يومي ودؤوب لإنتاج أعمال فنية تشهد على تاريخ قريب متعدد الطبقات للفن الإماراتي المعاصر، ويحمل في الوقت نفسه أصولاً موغلة في القدم وارتباطاً تاريخياً بالغ الوضوح مع مراحل إبداع الشعراء الكلاسيكيين من شبه الجزيرة العربية من حيث الارتباط بالطبيعة والمكان الجغرافي».

علامة فارقة
عن مشاركته في المعرض ورحلته الفنية الطويلة، قال الفنان عبدالله السعدي: «هذا المعرض يشكّل علامة فارقة في مسيرتي لكونه أول معرض فردي يضم خلاصة 40 عاماً من السفر والتعرف على البيئة المحيطة التي شكّلت قوةً توجيهيةً مهمةً في عملي، لقد كنت أصنع الفن كل يوم على مدار الأربعين عاماً الماضية، ويسعدني أن تتاح لي هذه الفرصة لمشاركة رحلتي الفنية مع الجماهير من جميع أنحاء العالم، وفي هذا المعرض في البندقية، آمل أن يستمتع الزوار بتتبّع بعض الرحلات التي قمت بها في السنوات الماضية، كما آمل أن يؤدي هذا المعرض إلى التفكير في العالم من حولنا ومكانتنا فيه».

أماكن للذاكرة
سيتم بمناسبة المعرض إصدار مطبوعة بعنوان «أماكن للذاكرة، أماكن للنسيان»، حرّرها طارق أبو الفتوح ورشا سلطي، وتنشرها دار «كاف بوكس»، والتي تقدم لأول مرة صور سردٍ لتاريخ الممارسة الفنية والرحلات التي قام بها السعدي بكلماته وريشته، بالإضافة إلى توثيق للأعمال الفنية التي يقدمها المعرض، مع العديد من النصوص حول المفهوم التنظيمي له، حيث تمت دعوة كُتّاب ومفكرين نشطين في قطاع الفنون والثقافة إلى التفاعل مع أعمال السعدي، وذلك بمساهمات من الشيخ سلطان سعود القاسمي، والدكتورة عائشة بالخير، ويونس مشيش «اسم مستعار» لتقديم قراءاتهم الخاصة للأسلوب الفني للسعدي. سيكون الكتاب متاحاً في مكتبات بينالي البندقية وعلى «الإنترنت».

المشاركة الثامنة
يمثل هذا المعرض المشاركة الثامنة للجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الفني الدولي لبينالي البندقية والذي يستقبل الزوار في دورته الستين من 20 أبريل حتى 24 نوفمبر 2024.  
تم إنشاء الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة بتكليف من مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان وبدعم من وزارة الثقافة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: سالم القاسمي المعرض الدولي للفنون البندقية بينالي البندقية عبدالله السعدي الإمارات لدولة الإمارات العربیة المتحدة دولة الإمارات العربیة المتحدة فی بینالی البندقیة عبدالله السعدی الجناح الوطنی فی البندقیة فی الطبیعة هذا المعرض من خلال

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: معارض الكتب العربية.. لماذا لا نمل التكرار؟!

في البدء كانت الكلمة، ثم صارت معرضًا، نلتقي هناك، بين الرواق والرف، لنعيش لحظات نعتقد أنها ثقافة، لكنها غالبًا ما تكون مجرد ظل لها. نشتري الكتب، نلتقط الصور، نستمع إلى المتحدثين نفسهم كل عام، ثم نغادر كما جئنا: بلا أسئلة جديدة، ولا أفكار تقلقنا.  

هذا ليس نقدًا لمعارض الكتب، بل هو حنين إلى ما يمكن أن يكون. إلى معرض لا يختزل في "الحدث الثقافي" الذي يعلن عنه، بل في ذلك الحوار الخفي الذي يحدث بين القارئ والكتاب، بين المبدع والمتلقي، بين الماضي الذي نحمله والمستقبل الذي نصنعه. معرض لا يكرر نفسه، بل يتجدد كالنهر الذي لا يعبر المرء نفس مياهه مرتين. 

فهل نجرؤ على أن نحلم بمعرض كهذا؟!

في كل ربيع، تتنفس أبو ظبي بكتب تفتح، وأفكار تعلق كنجوم في سماء ندواتها، وأصوات تأتي من كل حدب لتلون أروقة المعرض الدولي للكتاب. هنا، حيث تتحول الكلمات إلى لوحات، والندوات إلى حوارات تلامس الغيم، يصبح المعرض ليس مجرد سوق للورق والحبر، بل مهرجانًا ثقافيًا يذوب فيه الفن في الفكر، والماضي في المستقبل. لكني، وأنا أقرأ أخبار هذه الدورة، أشعر بظل من الحزن يتسلل إلى كياني؛ حزن لا يعبر عن غيابي الجسدي عن أروقته هذا العام فحسب، بل عن سؤال يلح علي: هل يكفي أن نكرر الوجوه ذاتها كل عام لنجعل من المعرض منارة ثقافية؟.

بين الكتب والوجوه: سردية المكان

لا يختزل المعرض في رفوفه الممتلئة، بل في ذلك الحوار الخفي بين الغائبين عنه والحاضرين فيه. إنه فضاء تعيد فيه الثقافة العربية اكتشاف ذاتها عبر كتب تتنافس في جمال الطباعة وعمق المحتوى، وندوات تلامس قضايا من الشرق إلى الغرب، وفنون تشكيلية تتحرك كأنها قصائد بصرية. الضيوف الذين يحتضنهم المعرض، من مفكرين وأدباء وفنانين، هم بمثابة جسور تربط بين الموروث والحداثة، بين المحلي والعالمي. كل دورة جديدة تذكرنا أن الثقافة ليست تراكمًا، بل حركة دائمة نحو آفاق غير مطروقة.

لكن هذه الحركة، يا سادتي، تحتاج إلى رياح جديدة. فكيف لنا أن نتحدث عن انفتاح ثقافي، ونحن نرى الوجوه ذاتها تتكرر عامًا بعد عام، وكأن المعرض تحول إلى "صالون أدبي" مغلق على نخبة محددة؟ أليس في العالم العربي والعالمي من المبدعين والمفكرين من يستحق أن يسمع صوته؟ أليس التغيير جزءًا من جوهر الثقافة ذاتها؟.

غيابي... وحضور الأسئلة

قد يقول قائل: "الحضور رمزي يعزز التواصل". لكنني، وأنا أتأمل صور الندوات وبرامجها، أتساءل: كم من تلك الأسماء المكررة قدمت رؤية جديدة هذا العام؟، كم منهم تجاوز خطابه المألوف إلى فضاءات غير مسبوقة؟ الثقافة لا تبنى بالتكرار، بل بالتجديد. ولئن كان حضور بعض الوجوه ضرورة لاستمرارية الحوار، فإن إحلال دماء جديدة مكان أخرى بالية هو شرط بقاء الثقافة حية.  

أذكر ذات مرة أن الدكتور سعيد يقطين الناقد المغربي المعروف ، كتب عن "السرد الناعم" كحكاية تتدفق بلا ضجيج، لكنها تحدث أثرًا عميقًا. هكذا يجب أن يكون المعرض: حكاية تتجدد شخصياتها كل عام، لا أن تتحول إلى مسرحية يعاد تمثيلها بنفس الأدوار. إن تكرار الضيوف يشبه إعادة طباعة كتاب قديم بغلاف جديد: قد يبدو جميلًا، لكنه لا يغني المكتبة. 

اقتراح من القلب

لا ينبع نقدي من جحود بقيمة المكررين، بل من حب لجعل المعرض منصة لا تضاهى. لماذا لا نستلهم تجارب معارض عالمية تخصص مساحات واسعة للاكتشاف؟ لماذا لا نشرك الشباب أكثر، أو نستضيف مبدعين من ثقافات لم تسمع أصواتها بعد؟ الثقافة العربية غنية بتنوعها، لكن هذا التنوع لا يظهر إلا إذا فتحنا الأبواب لـ"الآخر" المختلف، لا الذي نعرفه مسبقًا.  

الشارقة.. حب قديم!  

بين ضجيج المعارض وصمت الذكريات، تقف الشارقة كسيرة عشق لم تكمَل. زرتها ذات يوم ضيفًا على معرض الكتاب، فكانت كحكاية "كليلة ودمنة" تروى لأول مرة: كل جنباتها حروف، وكل شارع فيها باب مفتوح إلى عالم آخر. أحببتها حتى ألفت عنها كتابًا، وكتبتها حتى صارت في قلبي وطنًا ثانيًا.  

لكن العجيب في الحكايات الجميلة أنها تنسى أحيانًا! فمنذ تلك الزيارة اليتيمة، لم أتلق دعوة، ولم أعد إلى أروقة المعرض، وكأنما اكتملت فصول تلك القصة بلا خاتمة. أتذكر جيدًا ذلك الزحام الثقافي، وتلك الوجوه المتعطشة للكتب، والجلسات التي كانت تشبه "نديم" الجاحظ في زمن السوشيال ميديا. فالشارقة ليست معرضًا للكتب فقط، بل هي "ديوان" العرب الذي يجمع بين الأصالة والانطلاق.  

فيا معرض الشارقة، أليس من العدل أن تعود الفراشات إلى حيث تلونت أجنحتها أول مرة؟ أم أن الدعوات صارت كالكتب النادرة التي لا يوفق الجميع لاقتنائها.

طباعة شارك معارض الكتب أبوظبي الشارقة

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء كوسوفو يفتتح معرض “جسور” بالعاصمة بريشتينا
  • الدكتور علي بن تميم لصدى البلد: لغتنا العربية عظيمة.. ومعرض أبوظبي للكتاب سيكون الأجمل
  • بيان مشترك.. زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية إلى الإمارات العربية المتحدة
  • توقيع كتاب «مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة في القرن الحادي والعشرين»
  • «الجناح الوطني» في بينالي البندقية يجسد طيفاً من أهداف «عام المجتمع»
  • نائب رئيس جامعة أسيوط يفتتح المعرض الطلابي لقسم التربية الفنية بقصر الثقافة
  • وزير السياحة والآثار يختتم زيارته لدبي بالإمارات العربية المتحدة بعقد مؤتمر صحفي
  • عبد السلام فاروق يكتب: معارض الكتب العربية.. لماذا لا نمل التكرار؟!
  • الفنانة سارة العولقي تشارك في "بينالي البندقية للفنون"
  • مصر تتألق في البطولة العربية للرماية.. ومحمد أمجد يحصد ذهبية البندقية 10م ناشئين