«أحاديث الجوى».. في اقتفاء أثر القاهرة
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
إيهاب الملاح
ستظل «القاهرة» بتاريخها الذي يتجاوز الألف عام ويضعها في مصاف المدن الألفية على وجه الكرة الأرضية، المدينة المغوية الساحرة، المدينة التي يصفها صلاح جاهين في واحدة من رباعياته الساحرة بقوله:
أوصيك يا بني بالقمر والزهور .. أوصيك بليل القاهرة المسحور وهي التي يقول فيها شاعر العامية الكبير سيد حجاب أيضاً:
يا أجمل مدينة.
1-
من بين أبرز عشاق القاهرة وخططها صيدلي عاشق مغروم اسمه حامد محمد حامد، في الأربعين من عمره تقريباً، نشر كتابه الأول في 2007 بعنوان «حدوتة مصرية» قص فيه بأسلوبه الممتع السلس فصولاً من تاريخ مصر منذ الحملة الفرنسية وحتى ثورة 1919. وبعد 2011 أخذ ينشر مجموعة من الحكايات الرائعة المشوقة الغريبة الساحرة عن «القاهرة» (ألح عليه صاحب هذه السطور إلحاحاً شديداً في أن يجمعها بين دفتي كتاب لسنوات)، أخذ يلملم خيوطها، ويتقصى تفاصيلها من بطون كتب التاريخ والتراجم والطبقات، والحوليات والسير، ويتنصت لهمسها خلف الأحجار، وشواهد القبور التي تعود إلى أكثر من ألف سنة، وفي ظلال الأقبية ودهاليز العمارة، وفي صحراء المماليك، وخلف الأسوار.. وهكذا أخرج حامد محمد حامد كتابه الأول «خريدة القاهرة.. شيء من سيرة الأماكن والأشخاص» في 2019 عن دار الرواق للنشر. وتريث حامد قرابة السنوات الخمس حتى أخرج مجموعته الثانية من حكايات المكان في كتابه الجديد الممتع «أحاديث الجوى في اقتفاء أثر القاهرة».
2-
ينطلق حامد في كتابه من فكرة تبدو «مقنعة» ولها وجاهتها في ضوء ما جمعناه وما توصلنا إليه عن المدينة الألفية الممتدة في الزمان والمكان، القاهرة عبر العصور، التي لا نكاد نعرف عنها إلا ما تُسفر لنا [هي] عنه، أما ما تخفيه عنا فحدِّث ولا حرج!
ولذلك «فدعنا نتفق أنك لم تر أيّا من الأماكن التي سيرد ذكرها في هذا الكتاب من قبل، والمؤسف أنك على الأغلب لن تستطيع أن تراها أبداً! هكذا يصدمنا مؤلف الكتاب ومن البداية بأنه يحكي لنا عن أماكن لها تاريخ، لكن لم يعد لها وجود! وإن دل عليها شاهد رخامي، أو لافتة معلقة باسم حارة صغيرة من حواري الأزهر، أو درب من دروب الإمام الحسين، أو طريق طالته يد التغييرات الديموجرافية والعمرانية.
فهذا الكتاب «يتحدث عن طبقة من طبقات القاهرة لم يعد لها وجود فعلي اليوم.. طبقة بادتْ كوردةٍ جفت أوراقها، وتساقطت، ولم يبقَ منها سوى بقية من عبقها القديم مبثوثة في بطون الكتب، وعلى ألسنة الرواة هنا وهناك».
3-
يثبت حامد -عبر فصول كتابه الـ 26 أن المشكلة الحقيقية في مطالعة التاريخ والإقبال عليه والشغف به ليست في أن الناس لا تقرأ أو منصرفة عن ذلك كما يحلو للبعض أن يرددوا، أبداً، إنما المشكلة في ماذا يقدَّم لهم ليقرأوه، أولاً، وكيف يقدم لهم وبأي طريقة، ثانياً.
يلعب حامد الآن دوراً رائعاً في هذا الصدد، يكتب مادته التاريخية بلغة جديدة وعرض مبتكر وتوظيف ممتاز للوسائط الحديثة في عرض وتيسير المادة التاريخية، أشبه بما كان يفعله بدرجةٍ ما الأديب الراحل جمال الغيطاني، أو بصورةٍ أخرى بما كان يكتبه ويقدمه الكاتب الصحفي الراحل جمال بدوي في مساحاته الجماهيرية الذائعة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
لكن هناك مساحات للاختلاف من دون شك! فعناية حامد تنصب بالأساس على «روح المكان» الذي يعتقد أنه ينادي أصحابه، ويناجيهم، ويهمس لهم ويوحي إليهم بسر مستغلق أو بإشارة خفية على متلقيها أن يبدأ فوراً في السعي خلفها! يحتذي حامد خطى المؤرخ الأشهر تقي الدين المقريزي، يقول:
«إن هذا الكتاب يستلهم روح الخِطط، أو هذا ما أتمناه على الأقل!».. هكذا يكتب حامد في مقدمته كتابه «الخريدة»، وأظن أن العبارة تنطبق حرفياً على كتابه «أحاديث الجوى» أيضاً. و«الخطط» هي نوعٌ من الكتابة يُعنى أساساً بالجغرافيا التاريخية، وببعض التجاوز يمكن أن نقول: إن موضوع الخِطط الأساسي هو«تاريخ الأماكن».
4-
وهكذا يتصيد ويقتنص المؤلف حامد 26 حكاية مجهولة لأشخاصٍ مروا من هنا، ارتبطت أسماؤهم ببيوتٍ ودروبٍ وحارات وخوخات وأبواب ومقابر! بأضرحة ومقامات وجوامع، منها ما بقي منه شاهد رخامي يحمل عبارة مثيرة تكون مفتاحاً للبحث، ومنها ما دلت عليه عبارة «عابرة» كتبت بالخط العربي في ترجمة ضمن ترجمات التفت لها حامد وتوقف عندها فاستقصى أثرها فأحسن الاستقصاء.
مسرح الأحداث في أحاديث الجوى هو فضاء القاهرة منذ التأسيس قبل ما يزيد على الألف سنة بنصف القرن تقريباً! على يد الفاطميين وحتى العثمانيين، يتنقل بينها حامد بيسر وسهولة ومن دون حواجز ولا حدود، فحكاية تدور في عصر المماليك وأخرى في عصر الأيوبيين، ومنها إلى حكاية أخرى في عصر المماليك، ثم عودة إلى حكاية أو اثنتين أثناء حكم الفاطميين وهكذا!
يبرر حامد هذه الحرية مخاطباً قارئه «لذا، فستلاحظ أن حكايات الكتاب ليست مُرتَّبة تاريخيّاً، فكما أنك لا تجد في القاهرة شارعاً فاطميّا وآخر مملوكيّاً وثالثاً عثمانيّاً، فلن تجد كذلك مثل هذا التقسيم في الكتاب، وما ستجده هو تجليات الزمن على المكان الواحد، والخيط الدقيق الذي يجمع شتات الكتاب هو روح الأماكن وحياتها، فكُن واثقاً بأن بطل الكتاب الأوحد هو المكان، ولا شيء سوى المكان».
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
ترامب يعرض كتابه الجديد للبيع بـ99 دولارا.. يتضمن رؤيته لأمريكا
أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الإثنين، بدء مبيعات كتابه الجديد بعنوان "أنقذوا أميركا"، الذي يتناول فترته الرئاسية الأولى ورؤيته لولايته المقبلة.
وكتب ترامب عبر منصتي "تروث سوشيال" و"إكس": "حان الوقت الآن لإنقاذ أمريكا! كتاب واحد فقط يجسد السحر الذي حظينا به والذي سنحظى به قريباً مرة أخرى. احصل على أحدث كتبي (أنقذوا أميركا)".
وفقاً لوصف الكتاب الذي نشره موقعه الرسمي، فإنه يقدم "نظرة غير مسبوقة" على السنوات الأربع الأولى من رئاسته، مع تسليط الضوء على إنجازاته ورؤيته المستقبلية.
ويحتوي الكتاب على مجموعة من الصور المختارة بعناية من قمم دولية تاريخية ومناسبات في البيت الأبيض مصحوبة بتعليقات ترامب التي تسلط الضوء على رؤيته للمرحلة المقبلة.
ويتضمن الكتاب مواضيع مثل مفاوضات التجارة وتخفيضات الضرائب والدبلوماسية الدولية وأمن الحدود، إضافة إلى صور مميزة بما في ذلك غلاف الكتاب الذي يظهر فيه ترامب وهو يلوح بقبضته بعد محاولة اغتياله.
وكان ترامب قد أعلن عن الكتاب في آب/ أغسطس الماضي عبر منصة "تروث سوشيال"، واصفاً إياه بأنه "أفضل كتاب أصدره حتى الآن، حيث يقدم لمحة عن الأمة الفاشلة التي أصبحت عليها أمريكا، ويؤكد أننا سنجعلها عظيمة مرة أخرى قريباً".
الكتاب متاح للشراء بسعر 99 دولاراً، بينما يُباع الإصدار الموقع من دونالد ترامب بسعر 499 دولاراً.
وبحسب موقع الكتاب يعتبر "أنقذوا أميركا" هو الكتاب الوحيد الذي يسلط الضوء على الماضي، ويقدم خريطة طريق للمستقبل مباشرة من الرئيس دونالد ترامب.
وفي أيلول/ سبتمبر طرح ترامب ساعات تحمل اسمه، للبيع.
وقال معلقا في حينها إن "هذه الساعات مميزة حقا وستحبها"، وذكر أنها ستكون هدية عيد ميلاد "رائعة"، على حد قوله.
وتتراوح أسعار الساعات التي أعلن عنها بين 499 دولارا وإلى غاية 100 ألف دولار، ودعا ترامب متابعيه لزيارة الموقع الإلكتروني المتعلق بهذه الساعات "للحصول على ساعة ترامب الخاصة بك الآن".
وأشارت شبكة "سي إن إن" الإخبارية، إلى أن من بين الساعات المتاحة للبيع، يوجد "ساعة ترامب فيكتوري توربيون"، لكن سعرها بلغ 100 ألف دولار.