صور المفارقة المفزعة في زمن الحرب
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
صور المفارقة المفزعة في زمن الحرب
خالد فضل
الدكتور (ق)، قريب وصديق وزميل وحبيب يحمل أرفع درجة علمية في القرية، ما فوق الدكتوراة، وهو أستاذ جامعي مرموق وخبير عالمي يشار إليه بالبنان وتطلبه كل المنتديات والمراجع البحثية عبر القارات، أفنى ردحاً من عمره في الدروس والبحث العلمي الرفيع والتحصيل حتى بلغ شأواً ذا شأن في مضمار تخصصه الزراعي المرغوب والمطلوب عالمياً…
قرر عساكر السودان، الذين تحددت معارفهم ومداركهم في سقف الأوامر والنواهي للجنود، قرروا تدمير ما تبقى من أفق إصلاح للبلاد، فأطلقوها حرباً مدمرة وقودها الناس ومستقبل البلاد واستطاع بعض عناصر الإسلاميين من استثمار تغلغلهم في قيادة القوات المسلحة بصورة خاصة وأشعلوها حرباً ضروساً يعلم خبرها القاصي والداني، ويصطلي بنيرانها وتبعاتها الإنسان السوداني في أي صقيع ومن أي منحدر، وهي حرب خسران مبين كما يعلم حتى راعي الضأن في الخلاء البعيد فما هي القيمة المضافة التي يجنيها هذا الطرف أو ذاك من أطراف الحرب، غير الخزي والعار وصفات الذم واللعنات صباح مساء.
ذلك العالم والخبير المرموق طردته الحرب من داره قرب جامعة في الخرطوم، انطلق بأطفاله وأمهم المريضة توفاها الله في غضون الحرب- لها الرحمة والغفران- يمم صوب الجزيرة حيث أهله وعشيرته، ولكن في الجزيرة طاردته الحرب ولعنتها، فقد زوجه في ظروف إنسانية بالغة الأسى، مع كل تلك الأهوال والمفارقات دهمه داهم من عسكر الدعم السريع، سلبوه السيارة التي هي إحدى أدوات عمله ولم يجزع ثم واصل حياته في القرية، فانقطعت الكهرباء والماء وانعدم غاز الطبخ طبعاً وانقطعت شبكة الاتصالات تماماً، صار العالم بالنسبة لذلك العالم الكبير منحصراً في حكاوي الدكاكين وثرثرة القرية، أين منصات المؤتمرات وورش العمل ومختبرات البحث العلمي المهني التي أمضى فيها عشرات السنين؟ أين صالات المطارات في كل القارات تلك التي مشت عليها خطواته الواثقة المبدعة؟ أين قاعات الدرس والمحاضرة، أين حقل التجريب، وشلة الطلبة والدارسين والباحثين الذين كان فيهم يحاضر ويناقش ويصوب ويزيد ويستزيد، أين وأين وأين وهو مضطر لحمل إناء الماء وجلبه من الجيران ليتوضأ أو يستحم، هو مضطر لجر العود ليحرقه فحماً على طريقة الكمائن البدائية وهو من يحاضر حول أحدث الطرق والتكنولوجيا الحيوية وسلامة البيئة.
تُرى كم من عقل جهيز أهدرته هذه الحرب الرعناء، كم من خبير ومبدع وفنان وعالم وطبيب ومفكر فقدنا تحت قذف البراميل المفخخة ولهب المدافع المصوبة لتصيب عقل الوطن في مقتل، وتصيب فؤاد الوطن بالحزن المقيم، إنها لعنة الحرب يا صاحب، فلا تحزن ولا تيأس.. إن غداً موجود رغم الغيوم، وأشد ساعات الليل عتمةً تلك التي تسبق الفجر بقليل إن شاء الله.
لا للحرب.. نعم للسلام..
الوسومالإسلاميين الجامعة الجزيرة السودان القوات المسلحة الكمائن خالد فضل طبيبالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإسلاميين الجامعة الجزيرة السودان القوات المسلحة الكمائن خالد فضل طبيب
إقرأ أيضاً:
عاجل | مراسل الجزيرة: 13 شهيدا جراء قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم الأحد
عاجل | مراسل الجزيرة: 13 شهيدا جراء قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم الأحد
التفاصيل بعد قليل..