التغيير– فتح الرحمن حمودة

قصة الشابة «سلمى» لا تختلف كثيراً عن قصص كثير من السودانيين والسودانيات الذين ألجأتهم الحرب إلى ترك منازلهم واللجوء إلى دول أخرى، غير أنها تعرّضت إلى تهديد شخصي مضاعف «بالإعدام» بسبب محاولتها خدمة مجتمعها وعملها في رصد الانتهاكات الجسيمة التي وقعت جراء الحرب.

فعقب اندلاع حرب 15 ابريل 2023م بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بدأت «سلمى»- وهو اسم مستعار- العمل في رصد الانتهاكات ومساعدة سكان مدينتها زالنجي بولاية وسط دارفور- غربي البلاد- في النجاة من الموت جراء تساقط المقذوفات داخل الأحياء لحظة اشتداد المواجهات العسكرية، الأمر الذي جعلها هدفاً لتهديدات الدعم السريع.

في مرمى النيران

«سلمى» مكثت إلى جانب أسرتها عدة أشهر في حيها الواقع قرب محيط قيادة الفرقة «21» مشاة في زالنجي، وهم تحت مرمى النيران ودوي أصوات الأسلحة الثقيلة جراء المواجهات والمعارك الدامية وفظائعها.

وقالت لـ(التغيير)، إنها شاهدت قوات الدعم السريع وهي تنهب المصارف والمؤسسات، ولم يسلم منها رجال الأعمال أنفسهم فقد اختطفتهم ونقلتهم إلى أماكن يقال إنها ما زالت مجهولة.

وأضافت أنها نشطت إلى جانب النساء والشباب في حفر خنادق داخل المنازل تحسباً لسقوط القذائف و«الدانات» أثناء الاشتباكات، فيما ظل الرجال كبار السن يعتكفون داخل المساجد لتلاوة القرآن الكريم.

وذكرت سلمى أن أغلب الأحياء السكنية بالمدينة كانت واقعة تحت خط النار مما أدى إلى حدوث خسائر كبيرة من بينها وفاة سبعة أطفال لأسرة واحدة، ولم تسلم حتى الماشية ونفقت جراء سقوط القذائف المتبادلة.

وأشارت إلى أنه مع استمرار العمليات العسكرية، كانت مساجد المدينة تعلو بالدعاء وتلاوة القرآن الذي أزعج قوات الدعم السريع فطلبت من الرجال الذين كان بينهم والد «سلمى» عدم تلاوة القرآن وقال منسوبوها لهام «إذا سمعنا صوت قراية حنعدمكم.. نحن لا دايرين دعاء ولا حاجة ترفع البلاء.. نحن البلاء ذاتو الله يرفعنا وين»- حسب ما قالت سلمى.

تزايد الضحايا

وواصلت سلمى سرد مشاهداتها قائلة، إنه وبعد عشرة أيام من اندلاع الحرب بدأت تتساقط المقذوفات على الأحياء داخل المدينة مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى بسبب المعارك الشرسة بين الجانبين.

وأكدت أنها استمرت مع رفاقها من شباب الأحياء في تتريس جميع الشوارع المؤدية من وإلى أحيائهم بعد أن نشطت جرائم النهب وانتهاكات الدعم السريع.

وقالت إنهم ظلوا يتناوبون على عملية الحراسة داخل الأحياء في نفس الوقت الذي يعملون فيه على تقديم الرسائل التوعوية للمواطنين والمتعلقة بمدى خطورة المخلفات الحربية التي كانت تنفجر بشكل مفاجئ كل يوم.

وبحسب رواية سلمي. سقط ثلاثة مدنيون وأكثر من مئة جريح تسعة منهم كانوا في حالات خطرة من بينهم أطفال ومسنون خلال المعارك التي دارت في 25 أبريل 2023م، ووقتها كانت مستشفى المدينة قد خرجت عن الخدمة بعد سقوط «دانة» تتبع للجيش في غرفة العناية المركزة، حيث كان ارتكاز قوات الدعم السريع يقع بالقرب من المستشفى.

ولفتت إلى أن أصوات الأسلحة الثقيلة بالمستشفى أدت إلى حالات توتر وسط النساء الحوامل ومنهن من أجهضت وتوفيت وأخريات كانت قد اعتدت عليهن قوات الدعم السريع أثناء عمليات نهبها لمخازن الأدوية.

تهديد مباشر

«سلمى» أكدت أنها استمرت في الرصد إلى جانب مبادرات أخرى داخل المستشفى حتى كشفت استخبارات الدعم السريع أمرها، وظلت تتابع خطواتها وتحركاتها إلى جانب شباب آخرين.

وقالت إنها وصلتها تهديدات مباشرة من قبل الدعم السريع وبلغت حتى منزلها إذ قالوا لوالدتها «بنتك دي نحن حنعدمها ليك من الحياة لو لقيناها».

وبعد «6» أشهر من الحرب قررت سلمى مغادرة المدينة إلى منطقة أخرى أكثر أمناً بعد أن أصبحت حياتها مهددة بالخطر والتصفية في إي وقت، فنزحت إلى منطقة جبل مرة التي لم تمكث فيها طويلاً ومنها إلى قرية تقع بالقرب من مدينة كأس بولاية جنوب دارفور والتي ظلت فيها ما يقارب الأسبوع إلى أن وصلت مدينة الفاشر.

واستمرت رحلة نزوحها التي امتدت لأكثر من «25» يوما على طريق محفوفة بالمخاطر من عمليات النهب المسلح والاعتداءات الوحشية على المسافرين حتى وصلت إلى معسكر الحميدية الذي مكثت فيه أسبوعاً، وأسابيع أخرى قضتها بين مدينتي نيرتتي وكاس حتى وصلت إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان.

«سلمى» قالت إنها لم تتخيل يوماً مغادرة مدينتها حتى تصل إلى بر أمان وهي على طريق وعر ومحفوف بمخاطر عصابات النهب المسلح المنتشرة بين كل محطة وأخرى.

وأخيراً وصلت إلى أوغندا ولحق بها جزء من أسرتها فيما لجأ بعضهم إلى ليبيا، وناشدت سلمى المنظمات الدولية بالعمل لإرجاع النازحين إلى معسكراتهم التي فروا منها، بجانب ضرورة فتح الممرات الإنسانية لوصول المساعدات إلى المتضررين من المدنيين.

الوسوم15 ابريل أوغندا الجيش الحرب الخرطوم الدعم السريع السودان جنوب السودان جوبا زالنجي كاس ليبيا نيالا نيرتتي وسط دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: 15 ابريل أوغندا الجيش الحرب الخرطوم الدعم السريع السودان جنوب السودان جوبا زالنجي كاس ليبيا نيالا نيرتتي وسط دارفور قوات الدعم السریع إلى جانب

إقرأ أيضاً:

مقتل و إصابة «33» مدنياً بطائرة «مسيّرة» للدعم السريع استهدفت دار إيواء بـ «عطبرة»

 

في فاجعة جديدة قُتل «11» شخصاً و أصيب «22» آخرون، بعضهم حالتهم خطرة اليوم  الجمعة، إثر هجوم  بطائرة مسيّرة شنته قوات الدعم السريع، استهدف مركزًا لإيواء النازحين ومحطة للتوليد الكهربائي بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمالي السودان.

عطبرة ــ التغيير

وقالت شبكة أطباء السودان إن المسيرة استهدفت مركز الايواء أدى لمقتل 11 شخصا واصابة 22 آخرين، فيما شنت  مسيّرة استراتيجية أخرى هجوماً على مباني معهد التدريب المهني التابع لهيئة السكة حديد، والذي يؤوي عشرات النازحين.

وأفاد شهود عيان بأن طائرات مسيّرة أطلقت أربعة صواريخ، مما أحدث انفجارات عنيفة وتصاعد أعمدة دخان كثيفة فوق مركز الإيواء والمحطة التحويلية.

وتفقد  والي  نهر النيل موقع الحادث، برفقه اللواء أمن ياسر علي بشير، مدير جهاز الأمن والمخابرات العامة بالولاية، و محمد أحمد حمدو، المدير التنفيذي لمحلية الدامر، وأعضاء اللجنة الأمنية بالمحلية، بجانب عدد من المسؤولين، والشعبيين بالولاية.

وأوضح الوالي أن المعسكر الذي تم استهدافه يضم وافدين من عمال السكة حديد وأسر من الشرائح الضعيفة والبسطاء، وقال “إن هذه الجريمة النكراء تُضاف إلى سلسلة الجرائم التي ظلت ترتكبها المليشيا المتجردة من القيم الإنسانية والأخلاقية”، و أعتبر أن هذا السلوك يعكس الطبيعة الإجرامية لقوات الدعم السريع، داعياً المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لتحمل مسؤولياتهم في توثيق هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.

كما وجّه الوالي بترحيل المعسكر من موقعه الحالي إلى مكان أكثر أمناً، حفاظاً على سلامة النازحين.

ووقف النائب العام الفاتح طيفور، يرافقه مساعده أحمد علي المتكسي، على أوضاع المصابين بمستشفى الشرطة في عطبرة، كما زار الوفد المشرحة التي نُقلت إليها جثامين الضحايا.
وأصدر النائب العام توجيهاته بقيد دعوى جنائية عاجلة ضد مرتكبي الجريمة، تشمل المحرّضين والمشاركين في استهداف المدنيين والأعيان المدنية، مع التأكيد على تسريع إجراءات تقديم الجناة للعدالة.

يُذكر أن من بين الضحايا أفرادًا من أسرتين، إحداهما فقدت أمًا وبناتها الأربع، والأخرى فقدت ثلاثة من أفرادها.

وفي سياق متصل، أعلن مجلس التنسيق الإعلامي بشركة كهرباء السودان أن محطة عطبرة التحويلية تعرضت لاعتداء بالمسيّرات للمرة الرابعة خلال فترة وجيزة، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر.

وأكد المجلس أن فرق الدفاع المدني تبذل جهودًا لإخماد الحريق الناتج عن القصف، على أن يتم لاحقًا تقييم الأضرار الفنية واتخاذ التدابير اللازمة.

وتأتي هذه الهجمات الجوية المكثفة بعد تهديدات أطلقها نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، باجتياح ولايتي الشمالية ونهر النيل.

وخلال الأسابيع الماضية، كثّفت الدعم السريع استهدافها لمواقع مدنية وعسكرية استراتيجية في ولايتي الشمالية ونهر النيل، ما ألحق أضرارًا بالغة بسد مروي، وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من الولايات.

وتسببت أزمة الكهرباء في تضرر واسع للمرافق الطبية ومحطات المياه والمشاريع الزراعية، وسط مخاوف من انهيار الموسم الزراعي بالولاية الشمالية.

الوسومدار إيواء طائرة مسيرة عطبرة مقتل (11) مدنياً نهر النيل هجوم

مقالات مشابهة

  • مسيرات لقوات الدعم السريع تستهدف قاعدة وادي سيدنا – فيديو
  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • MEE: الإمارات تستخدم مطارا في بونت لاند لدعم الدعم السريع بالسودان
  • مقتل و إصابة «33» مدنياً بطائرة «مسيّرة» للدعم السريع استهدفت دار إيواء بـ «عطبرة»
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • مساعد البرهان يبلغ مبعوث للامم المتحدة شروط توقف الحرب ضد الدعم السريع
  • إبراهيم جابر : ستتوقف الحرب بتوقف إمداد الدعم السريع بالسلاح والمرتزقة
  • الدعم السريع: لم نقصف أيّ مرفق خدمي من قبل ولو بالخطأ
  • الحكومة السودانية: الدعم السريع أحرقت 270 قرية في شمال دارفور
  • قنوات المشروع تحتاج إلى 100 سنة لكي ترجع إلى ما كانت عليه قبل دخول الدعم السريع للجزيرة