تقرير: التغيير

عام كامل انقضى منذ اندلاع حرب الـ 15 من أبريل 2023 في السودان، التي وصفها طرفا النزاع “الجيش السوداني وقوات الدعم السريع” بـ”الحرب العبثية”.

عام انصرم تعرض خلاله الاقتصاد السوداني لخسائر كبيرة وفقًا لإحصائيات نشرتها جهات إقليمية ومحلية وعالمية، ولا يزال النزيف مستمرا.

أرقام

بحسب المختصين، فإن الحرب الدائرة في السودان تسببت في تدمير (65%) من قطاع الزراعة، في حين دُمّر القطاع الصناعي بنسبة (75%)، والقطاع الخدمي بنسبة (70%)، فيما تقدر الغرفة التجارية الخسائر المالية المباشرة لمنسوبيها بـ(5) مليار دولار.

تقديرات رسمية

لا توجد إحصائيات رسمية لمجمل الخسائر لكن وزير المالية د. جبريل إبراهيم سبق وأن قدر نهاية العام الماضي حجم الخسائر بأنها قد تصل إلى (200) مليار دولار دون حساب خسائر الفرص الاقتصادية الضائعة للبلاد.

انكماش

فيما توقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة (18.3%) خلال العام 2023 وفقد أكثر من (3) ملايين وظائفهم.

دمار

وبحسب البنك الدولي فإن الحرب دمرت القوة الشرائية للمواطنين، نتيجة انخفاض قيمة العملة الوطنية، والارتفاع الشديد في أسعار السلع.

قطاع النفط

الخسائر في قطاع النفط كبيرة جدا، فالسودان فقد حوالي (210) آلاف برميل من الخام، نتيجة تخريب مستودع الخام بمصفاة الجيلي في الخرطوم، وقدّر وزير النفط السوداني، محيي الدين نعيم محمد سعيد، في حديث لوكالة السودان  للأنباء “سونا”، حجم الدمار الذي لحق بقطاع الطاقة والنفط بـ5 مليارات دولار.

ويُنتج السودان نحو 60 ألف برميل نفط يومياً، تمثل 40% من احتياجاته.

خسائر صناعية

أقرت وزارة الصناعة، بتأثر القطاع بالحرب الدائرة في البلاد بصورة كبيرة جداً، مما أدى لتدمير حوالي 90% من المصانع القائمة بولاية الخرطوم وبعض الولايات الأخرى.

ووفقا للغرفة الصناعية تم تدمير أكثر من (400) مصنع بشكل شبه كامل.

انهيار

الباحث والمحلل الاقتصادي الدكتور على الله عبد الرازق أبدى في حديثة لـ«التغيير» أسفه للخسائر الكبيرة التي خلفتها الحرب بعد عام كامل من اندلاعها.

ووصف على الله ما حدث بأنه انهيار شامل، وتدمير ممنهج لقطاعات كبيرة من البنية التحتية، مشيرا إلى أن بعض التقديرات والتقارير الصادرة من منظمات دولية، أشارت إلى أن تكاليف هذه الحرب فاقت أكثر من (100) مليار دولار، وأوقفت أكثر من (75%) حجم النشاط الاقتصادي،

تراجع

وأوضح عبدالرازق أن الحرب الكارثية، أدت لتراجع حجم النشاط الاقتصادي بنحو (50،60%)، بجانب حدوث انكماش اقتصادي بنسبة أكثر من (18%)، وهي أكبر نسبة تراجع يشهدها الاقتصاد السوداني طوال تاريخه.

ويواصل عبد الرازق سرده للأرقام والخسائر خلال فترة الحرب قائلا: تراجعت الصادرات إلى مبلغ لا يتجاوز (10_12%)  مليون دولار في الشهر، فضلا عن فقدان (6.4) مليار دولار من المساعدات الانمائية المقدمة للسودان من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية، كانت مخصصة لتطوير بعض المشاريع الحيوية. كما علقت مجموعة نادي باريس إعفاء ديون السودان والمتأخرات المالية.

عدم مسؤولية

وقال عبد الرازق إن موازنة العام 2024 التي خصصت للحرب  وتمويل الجهود العسكرية والعمليات الأمنية، في ظل فقدان الموازنة العامه لـ(80%) من إيراداتها، لا مكان فيها للإنتاج والخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وتحسين معيشة المواطنين وغيرها مما سيفاقم من الأحوال المعيشية المتردية أصلا.

وأضاف: هذا من وجهة نظري بمثابة إعلان من الحكومة بالتخلي عن مسؤوليتها تجاه المواطنين، الذين أصبحوا غير قادرين على مواجهة الازمات التي خلفتها ومازالت تحدثها الحرب.

القطاع الزراعي

وفيما يتعلق بتأثير الحرب على القطاع الزراعي يصنف الباحث الاقتصادي أحمد بن عمر في حديثه لـ «التغيير» ما حدث في القطاع في خانة التردي الكبير جدا.

ويضرب ابن عمر مثالا بمحصول الذرة الذي كانت إنتاجيته (3)  ملايين طن في المواسم السابقة لكنه تراجع هذا العام بنسبة (43%) مقارنة بالعام 2022. فيما بلغ إنتاج الدخن خلال العام 2023 حوالي (683) ألف طن وهو رقم أقل بنسبة (64%) عن إنتاج العام 2022 وفيما يتعلق بإنتاج القمح الذي يحصد دائما في مارس فكان (377) ألف طن وهو أقل بنسبة (20%) تقريبًا عن العام السابق.

مشروع الجزيرة

وحذر ابن عمر من تأثير الحرب علي أكبر مشروع زراعي في المنطقة. قائلا: الرقعة الزراعية في مشروع الجزيرة تأثرت بالحرب فهناك تقليص للمساحات المزروعة بنسبة (50%) هذا العام خاصة لمحصولات الفول السوداني والذرة.

وأضاف: أيضا هنالك غياب للمنتجين وكبار التجار، حيث لا يوجد سوق كبير لبيع المحاصيل، أما بالنسبة للخضروات والموالح فانعدام الأمن والوقود وارتفاع أسعار البذور ساهم في عدم إنجاح الموسم الزراعي.

نهاية الزراعة

يقول أحمد القطاع الزراعي ضعيف وتأثيرات الحرب ستعجل بنهايته، مشيرا إلى أن الزراعة كانت تساهم بـ (32.7%) في الناتج الإجمالي والآن لا تتعدى مساهمتها النصف بعد خروج ولايات دارفور والجزيرة والخرطوم من دائرة الإنتاج القومي.

ارتفاع التكاليف

ويختتم أحمد بن عمر حديثه مؤكدا تأثر بقية الولايات بانعدام الإمداد وارتفاع التكاليف وشح الإمكانيات الاقتصادية، كما تراجعت المساحات الزراعية في البلاد لتغطي المحاصيل المزروعة مساحة (37 %) فقط من إجمالي الأراضي المهيأة للزراعة.

مصفاة الذهب

من جانبة يصف المصرفي أبوعبيدة سعيد في حديثه لـ«التغيير»  الخسائر في قطاع البنوك بالكبيرة نتيجة للسرقات مما أدى لإغلاق البنوك في الخرطوم شأنها شأن المصانع والأعيان المدنية، مشيرا إلى أن تأثير سرقة مصفاة الذهب سيكون كبيرا لجهة أنها تمثل احتياطيات بنك السودان من المعدن الأصفر وذات الشيء ينطبق على مطابع السودان للعملة وصك النقود إذ تعرضت جميعها للنهب.

وقال: لكل هذه الأسباب ستتعثر عمليات التمويل المصرفي، وسيكون من الصعب إيفاء البنوك بالتزاماتها في موعدها وبالتالي تعرض المصارف لهزات مالية نتيجة لزيادة نسبة التعثر.

تآكل

ويشير سعيد لتدهور قيمة الجنيه السوداني بنسبة تفوق (150%) منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 وحتى الآن مما أدى إلى تآكل رؤوس أموال البنوك السودانية وبالتالي فقدان قدرتها على تلبية احتياجات عملائها من النقد الأجنبي والتمويل، حيث تم إغلاق (70%) من فروع البنوك السودانية وتسريح جزء كبير من العاملين.

تعثر

وقال إن عدم سداد أقساط العمليات الاستثمارية بسبب الحرب أثر على أرباح البنوك وحركة تدوير رؤوس أموالها في عملية التنمية، ومعلوم أن رؤوس أموال البنوك السودانية ضعيف جدا ومتطلبات كفاءة رأس المال وفقا لمنشورات بنك السودان والمعايير الدولية يجعل ممارسة البنوك لأعمالها ودورها الاقتصادي ضعيف ويعرضها لمخاطر تعثر وافلاس بصورة كبيره.

احتياطيات بنك السودان للبنوك التي تقدر بنسبة (20%) لمقابلة المخاطر تحد من نشاط البنوك وفي نفس الوقت الخسائر التي تعرضت لها المصارف تفوق نسبة (20%)، بالإضافة إلى أن الخسائر تشمل جميع البنوك التي تتركز معظم فروعها في ولايتي الخرطوم والجزيرة.

تزوير

وبحسب سعيد فإن زيادة التحويل عبر الموبايل المصرفي بعد الحرب ساعد في تحقيق جزء من الشمول المصرفي إلا أن انقطاع شبكات الاتصالات والكهرباء ومنشورات بنك السودان بتحديد سقف لعمليات التحويل عبر الموبايل قلل من الدور الإيجابي لعمليات التحويل بالموبايل خاصة في ظل انتشار ظاهرة تزييف العملة السودانية وبفئات كبيرة نتيجة لعدم الرقابة والسيولة الأمنية في البلاد.

هيمنة

وشدد أبوعبيدة على ضرورة أن يكون بنك السودان ذو شخصية قانونية منفصلة بعيدا عن هيمنة وزارة المالية، أو رئاسة الجمهورية، وأن تكون قوانين ولوائح البنك المركزي هي الحاكمة في عملية إدارة ورقابة المصارف.

واتهم سعيد الجهات المختصة بعدم تطبيق معايير الإفلاس بصورة دقيقة. وقال: الكثير من البنوك الحالية يمكن إدراجها تحت طائلة الإفلاس ولكن رغم ذلك تظل تعمل برأس مال ضعيف وليس لها دور كبير في التنمية لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

واعتبر أبوعبيدة سعيد أن بنك السودان المركزي يمثل صمام الأمان والمقرض الأخير للمصارف السودانية لذلك يجب إصلاحه باستقلاليته المالية والقانونية بما يضمن إصلاح النظام المصرفي بعد الحرب.

فيما اجمع معظم الخبراء والمختصين أن الحل الناجع يكمن أولا في إيقاف الحرب ومن ثم بدء عملية الإصلاح الاقتصادي.

 

الوسومالجيش الجيش السوداني الدعم السريع السودان انهيار اقتصاد السودان حرب الـ 15 من أبريل دمار الاقتصاد السوداني عام على الحرب قطاع النفط

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الجيش السوداني الدعم السريع السودان عام على الحرب قطاع النفط الاقتصاد السودانی ملیار دولار بنک السودان أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

سفير السودان بواشنطن:حيثيات العقوبات الامريكية على القائد العام خاطئة ولا تسندها أدلة

أكد السفير محمد عبدالله إدريس سفير السودان لدى الولايات المتحدة أن العقوبات على الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للقوات المسلحة جاءت نتيجة للتوصيف الخاطىء للأوضاع فى السودان وفرضية أن ما يجرى فى صراع بين جنرالين على السلطة، وعليه إذا فرضت عقوبات على أحدهما لا بد من فرض عقوبات على الآخر وإن اختلفت فى مضامينها ومدى مفاعيلها قائلا(وهذا نهجٌ رفضته الحكومة السودانية ) ووافقها على ذلك كثيرٌ من المتابعين والمراقبين الموضوعيين.وأعاد السفير إدريس للاذهان ما انكشفت عنه حقيقة أحداث صباح ١٥ أبريل ٢٠٢٣ التي بدأت بمحاولة مليشيا الدعم السريع الاستيلاء على السلطة بالقوة وتصدَّت لها القوات المسلحة، وعندما فشلت المحاولة الإنقلابية وجهت المليشيا سلاحها ضد المواطنين العزل واحتلت منازلهم ونهبت ممتلكاتهم وشردتهم ما بين نازح ولاجىء .ودحض سفير السودان لدى واشنطن في حوار مع وكالة السودان للانباء الحيثيات التى بنى عليها القرار الأمريكى قائلا أنها لا يسندها دليل، فمزاعم أن الحكومة تعيق وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين تَرُدُّ عليها حقائق توقيع الحكومة اتفاقيات مع منظمة الأمم المتحدة لفتح طرق داخلية ومعابر مع دول جوار لتوصيل المساعدات الانسانية للمحتاجين، وتأكيد الحكومة استمرار فتح جميع المعابر التى تم الاتفاق عليها مع المنظمة الدولية ووكالاتها، بما فيها معبر ادري مع تشاد ومسار جوبا كادقلي مع دولة جنوب السودان والالتزام بتقديم كل التسهيلات المطلوبة لإيصال المساعدات الإنسانية.أما مزاعم أن القوات السودانية المسلحة تعتدي على المواطنين فتدحضها حقيقة هروب المواطنين من أية منطقة تنتشر فيها مليشيا الدعم السريع إلى المناطق التى تسيطر عليها القوات المسلحة، ولا يمكن لإنسان أن يستجير بمن يعتدى عليه.مؤكدا ان القوات السودانية المسلحة توفر الحماية للمواطنين، وشواهد ود مدنى ومن قبلها سنجة تؤكد هذه الحقيقة، فعشرات الآلاف من المواطنين عادوا للمدينتين بعد إعادة القوات المسلحة السيطرة، حيث كان عشرات الآلاف قد هربوا منها عند انتشار مليشيا الجنجويد فيهما. متسائلا هل هرب أحدٌ من سنجة او ود مدنى عند دخول القوات المسلحة فيها؟و ابان سعادة السفير في تصريحه لسونا ان مزاعم الدعاوي الكاذبة حول ان الحكومة رفضت جهود السلام فتكذبها مشاركة الحكومة في مفاوضات منبر جدة بعد أقل من شهر من تمرد مليشيا الدعم السريع، وقد أنتج المنبر إعلان جدة الذي رفضت المليشيا تنفيذ بنوده، وعوضاً عن ذلك قامت بنقل الحرب إلى دارفور وقتلت والي غرب دارفور ومثَّلت بجثمانه بالطريقة البشعة التي وثقتها كاميرات المليشيا، واستباحت دار المساليت وارتكبت من الفظائع والانتهاكات ما ارتكبت، ثم نقلت الحرب لولاية الجزيرة وولاية سنار ومناطق أخرى.مضيفا أن الحكومة لم ترفض مفاوضات سلام ولكنها كررت المطالبة بتنفيذ بنود إعلان جدة، أما التفاوض من أجل التفاوض فقط فلن يحقق ما يتطلع إليه الشعب السوداني ولن ينهي الحرب.وفي سؤال ل(سونا) فيما يتعلق بإعلان العقوبات قبل أقل من أربعة أيام من انتهاء ولاية الإدارة الأمريكية قال هناك تساؤل حول مبرر العجلة طالما أن هناك إدارة قادمة قد يكون لها تقييمها ورؤيتها ومقاربتها الخاصة، فهل الهدف وضع أمر واقع أو عقبات أمام الإدارة الجديدة؟.أمَّا فيما يتعلق بمفعول القرار الذى يقضي بحظر ممتلكات ومصالح السيد رئيس مجلس السيادة فى الولايات المتحدة، فليست لسعادته ممتلكات أو أرصدة فى أميريكا، ورصيده الوحيد محفوظ فى قلوب وعقول الشعب السودانى.واختتم السفير محمد عبدالله إدريس حديثه لسونا قائلا( نحن مع استلام الإدارة الجديدة لمهامهما ، تأمل الحكومة السودانية أن تتعامل الإدارة الجديدة بموضوعية مع الحرب المفروضة على السودان وتواجه الدول الإقليمية الضالعة في توفير الدعم العسكرى والغطاء السياسي لمليشيا الدعم السريع وتتعامل بإيجابية مع التقارير الاستقصائية التي أصدرتها كبرى وسائل الإعلام الأمريكية والإدانات والنداءات التى صدرت من أعضاء بارزين فى الكونقرس الأمريكى) واكد ستظل الحكومة السودانية منفتحة وعلى استعداد للتعاون البناء.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • التربية والتعليم بغزة تكشف أرقامًا صادمة عن الطلبة الشهداء ودمار المدارس
  • أرقام صادمة لعدد الحواجز والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • أرقام صادمة لعدد الحواجر والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • أرقام.. خسائر العراق السنوية نتيجة الحرائق تقدر بـ30 مليار دينار
  • أرقام.. خسائر العراق السنوية نتيجة الحرائق تقدر بـ30 مليار دينار - عاجل
  • أرقام مرعبة للخسائر في قطاع غزة
  • أرقام صادمة للخسائر البشرية والمادية جراء العدوان الصهيوني على غزة
  • سفير السودان بواشنطن:حيثيات العقوبات الامريكية على القائد العام خاطئة ولا تسندها أدلة
  • قافلة مساعدات غذائية تصل ود مدني وسط خطر المجاعة بالسودان
  • السيادة السوداني: قرار وزارة الخزانة الأمريكية ضد البرهان كيدي ويستهدف وحدة السودان