الجزيرة:
2024-12-25@15:31:04 GMT

دور سياسات الهجرة في تحقيق أهداف قرن تركيا

تاريخ النشر: 29th, July 2023 GMT

دور سياسات الهجرة في تحقيق أهداف قرن تركيا

تميزت تركيا بالسياسات الإنسانية التي تبنتها على الساحة الدولية منذ 21 عامًا، والمساعدات الإنسانية التي قدمتها إلى مناطق المشاكل في جميع أنحاء العالم، جنبًا إلى جنب مع أمتها ودولتها.

وفي المرة الأخيرة، تكبدت الكثير من التكاليف المالية لاحتضان أولئك الذين لجؤوا إليها فرارا بحياتهم من العراق وسوريا. وكان هذا اختبارا لا شك فيه واجهته في خضم تلك الأزمات الإنسانية، وكما هو الحال في كل اختبار، تنحاز تركيا دائما إلى الخيار الإنساني.

فحكومة حزب العدالة والتنمية، التي فعلت ذلك، تحكم البلاد منذ 21 عامًا. وكانت الثقة التي يجددها الشعب باستمرار لها موجهة نحو الإجراءات والسياسات العامة التي تتبناها.

ومع ذلك، فهناك من يرى في السياسات الإنسانية لتركيا إهدارا لحقوق المواطن التركي وثرواته. دع العالم ينهار، وكل الناس يموتون، لدينا قسم من الشعب لا يهتم، والديمقراطية نظام يمنحهم الحق في الكلام. ومع ذلك، إذا كانت العملية الديمقراطية هي التي تحدد في نهاية المطاف من يدير البلاد، فقد بدا واضحا أن الشعب التركي لا يزال مستمرا في دعم سياسة حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان في المجموع حتى هذا الوقت.

وقيل إن الخطاب العنصري لعب دورا كبيرا في الانتخابات الماضية. المرشح الذي دافع عن تلك السياسات العنصرية وتبناها بأوضح صورة عبر شعار "السوريون سيذهبون" لم يتمكن من الحصول على موافقة الجمهور. أما أردوغان، الذي اتخذ منذ البداية موقفا مبدئيا بشأن هذه القضية، وأعلن أنه لن يقدم فيها أية تنازلات، حتى لو طلبت منه قبل يوم واحد من الانتخابات، فقد فاز بهامش 4.4 نقاط مئوية على الرغم من العقبات التي أثرت على شعبيته، ورغم بقائه في السلطة طوال هذه السنوات.

وحاول هؤلاء التذرع بـ "أسطورة القومية الصاعدة" لإذكاء مشاعر الكراهية ضد الأجانب، عبر إعادة تعريف القومية لتصبح مرادفا للعنصرية التي لا تقوم إلا على الاستعلاء والعداء بين عرق وعرق، والحقيقة أن القومية براء من ذلك، ولا صلة بين قيمها وبين كراهية الأجانب، وقد بدا واضحا أن هؤلاء -رغم ضجيجهم- لا يمثلون إلا شريحة هامشية في الشعب التركي.

يلعب المغتربون في تركيا، شأن أقرانهم في أميركا وإنجلترا وفرنسا وهولندا وألمانيا، دورا مهما في تدعيم مكانتها الدولية، فهؤلاء هم أقوى الوسطاء لتنفيذ أكثر فعالية لتوجهاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية مع بلدان منشئهم

ولقد فهم دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية جيدًا موقف أردوغان المبدئي بشأن هذه القضية، وعمل معه يدا بيد داعما لهذا الموقف المبدئي الإنساني. وبصرف النظر عن ذلك، ينبغي على الإنسان أن يكون ساذجًا للغاية حتى لا يرى أن كراهية الأجانب، رغم صخب دعاتها، هي فكرة غريبة على تركيا، وليست إلا زوبعة في فنجان، بعيدة عن وعي ما يعنيه أن تكون مواطنًا أو أجنبيًا في تركيا.

ومن الضروري قراءة الظروف السياسية والاجتماعية لتركيا والتي جعلت منها مقصدًا للهجرة في السنوات الأخيرة. فهذه الحالة وثيقة الصلة بتطور تركيا ونموها وانفتاحها على العالم قبل كل شيء. في الماضي، لم يزد عدد الدارسين في جميع الجامعات التركية عن 10 آلاف، أما اليوم فقد وصل الرقم إلى 300 ألف، ويستهدف أن يصل إلى مليون طالب. واعتادت تركيا أن تعتمد على الدول الأجنبية للحصول على خدمات صحية عالية الجودة، وتغير هذا اليوم فأصبحت واحدة من الدول الخمس الأعلى في العالم في نظامها الصحي، ومع هذا التقدم أصبحت قبلة للسياحة العلاجية يقصدها مئات الآلاف سنويا ويعيشون فيها فترات للعلاج، ويؤدي هذا حتما إلى زيادة الوجود الأجنبي في تركيا. وأكثر ما يزعج العنصريين أن الغالبية العظمى من هؤلاء السائحين أو المقيمين يأتون من العالم العربي.

ويمنح الحضور السكاني للعرب في تركيا فرصة كبيرة لها لتلعب دورا أكبر في جزء كبير من العالم العربي. العرب في تركيا حاضرون باستثماراتهم ونفقاتهم وثقافتهم. وهناك روابط بين تركيا والعالم العربي لا يمكن قطعها، مهما قال العنصريون، وطالما بقيت هذه الروابط قوية، سيكون كلا العالمين قويين في الساحة الدولية وفي سباق الحضارة. وقد سبق لتركيا أن انفصلت عن العالم العربي، ولكننا نرى الآن بشكل واضح ما حققته تركيا من قوة وحضور عالميا، مع تعزيز علاقاتها مع العالم العربي في السنوات الأخيرة.

وشأنها في ذلك شأن دول كالولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وهولندا وألمانيا، يلعب المغتربون فيها دورا مهما في تدعيم مكانتها الدولية، فهؤلاء المغتربون هم أقوى الوسطاء لتنفيذ أكثر فعالية للتوجهات الاقتصادية والسياسية والثقافية مع بلدان منشئهم. وقد تبنت تركيا هذا الاتجاه على مدار السنوات العشرين الماضية.

ومنذ فترة، قررت تركيا الخروج من قوقعتها، وزيادة صادراتها إلى 500 مليار دولار ثم إلى تريليون دولار، لتبدأ مهمة سلمية في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى، تتعاون فيها مع سكان تلك المناطق الجغرافية لبناء عالم أفضل. والتنفيذ الجيد لهذه المهمة يتطلب حتما أن يكون لسكان تلك الجغرافيا حضور نشط في تركيا، وأن يكون للأتراك في المقابل حضور نشط في تلك الجغرافيا.

ويقبل الشعب التركي بوضوح هذه المهمة التي تقوم بها دولته، ولكن هؤلاء المحرضين الذين يلبسون الأقنعة الكاذبة للقومية يحاولون ترهيبه لإفشال هذه المهمة من الداخل.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العالم العربی فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

المفتي: العالم العربي والإسلامي يواجه العديد من الشائعات الكاذبة

قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، إن مسئولية دار الإفتاء تتلخص في مهمة الرد على الشائعات والأكاذيب والتهديدات التي تواجه الدولة، بجانب دورها في توعية الرأي العام.

وأضاف المفتي، في حوار خاص مع الإعلامي أحمد موسى ببرنامج “على مسئوليتي” المذاع على قناة “صدى البلد”، أن الوقت الحالي الذي نعيش فيه؛ تتعدد فيه الأزمات وتتنوع فيه المشكلات خاصة في العالم العربي والإسلامي.

وأشار “عياد”، إلى أن العالم العربي والإسلامي يواجه العديد من الشائعات الكاذبة والمفاهيم التى تدعو إلى تزييف الوعي باستخدام الوسائل الحديثة.

وأكد مفتي الجمهورية، أن الوسائل التكنولوجية الحديثة أحد أهم النعم التي حباها الله للإنسان لكن البعض أساء استخدامها بشكل مهين، فالدول والجماعات المتطرفة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للقضاء على الشخصية وطمس الهوية والقيم الإنسانية وتصدير كل ما تريده.

وأشار إلى أن هناك دولاً عديدة خصصت الكثير من مليارات الدولارات لهدم القيم الإنسانية وطمس الهوية الشخصية.

مقالات مشابهة

  • أستاذ تمويل: سياسات الدولة وراء تحقيق الفائض الأولي بالموازنة العامة
  • تركيا تتعهّد بحل أحد أكبر الأزمات التي تؤرّق السوريين
  • خبير سياسات دولية: سباق ماراثوني نحو تحقيق وقف إطلاق النار في غزة
  • إبطال بطاقات الائتمان في تركيا التي تستخدم هذه الكلمات والأرقام في كلمات المرور
  • تركيا تدرس تعديل أسعار بعض السلع التي تدخل في حساب مؤشر التضخم
  • «أبرزها تحقيق التوازن بين المرضى والأطقم الطبية».. 8 أهداف هامة لقانون المسئولية الطبية (تعرف عليها)
  • المفتي: العالم العربي والإسلامي يواجه العديد من الشائعات الكاذبة
  • السوداني يشدد على توحيد مسارات العمل العربي المشترك ودعم الشعب السوري
  • ملخص أهداف مباراة السعودية والبحرين في كأس الخليج العربي 26
  • وزير خارجية تركيا يكشف الملفات التي ناقشها مع الشرع في سوريا