ضابط أميركي متقاعد: الإبادة الجماعية في غزة نذير شؤم على مستقبل الكوكب
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
تساءل ضابط أميركي متقاعد، في مقال بموقع "ذا نيشن"، إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تدافعان عن القتل الجماعي في غزة، بل وتصفانه بأنه أمر إيجابي -بهزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)- فما الأمل الذي يمكن أن يتشبث به الجنس البشري للنجاة من فناء كوكب الأرض؟
ويصف المقدم المتقاعد بسلاح الجو الأميركي وبروفيسور التاريخ وليام أستور بلاده بأنها مدمنة حروب وقتل وعنف، ولديها استعداد هائل للمزيد، مشيرا إلى الحروب والاستعدادات المفرطة لها في كل مكان بالولايات المتحدة، حيث تنفق الحكومة على جيشها أكثر مما تنفقه الدول العشر التالية مجتمعة، مع أن معظمها من الحلفاء.
وأضاف أن الإنفاق الأميركي "الدفاعي" يقترب حاليا من تريليون دولار، مضيفا أنهم -أي الأميركيين- بحاجة إلى علاج ليواجهوا إدمانهم، لكنه يستدرك بأن قادتهم لا يرون أي سبب لتغيير أساليبهم عندما يتعلق الأمر بالحرب والاستعداد للصراعات المستقبلية.
أمثلة بسيطةوأورد أمثلة، قال إنها بسيطة، ليدلل بها على أن قادة أميركا غير قادرين على تغيير أساليبهم، فقال إن الرئيس جو بايدن، الذي أقسم قبل عطلة عيد الفصح هذا العام، أن معاناة الفلسطينيين في غزة قد دمرته شخصيا، أصرت إدارته على أن قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف إطلاق النار في غزة "غير ملزم"، وأعقبت ذلك بشحن 1800 قنبلة تزن الواحدة منها ألفي رطل، وأسلحة أخرى إلى إسرائيل، من المفترض أن يتم استخدامها في غزة.
ومع ذلك، يقول أستور إن إدارة بايدن ترفض رؤية أدنى تناقض في مثل هذا الموقف، رغم أن رجالها -من بايدن إلى كبير دبلوماسييه أنتوني بلينكن– يعترفون بأنهم منزعجون بل وحتى مصدومون من الدمار الذي تسببه قنابلهم في غزة، وكأن لا أحد يعلم أن إسرائيل ستستخدمها لقتل أو جرح أكثر من 100 ألف فلسطيني، وستحول بها أجزاء كبيرة من غزة إلى أنقاض.
أسوأ المكيافيليةومضى أستور يقول إنه في هذا المشهد المروع للإبادة الجماعية في غزة، تبنى قادة أميركا أسوأ ما في مكيافيلي، مفضلين أن يكونوا مخيفين بدلا من أن يكونوا محبوبين، واضعين السلطة في المقام الأول والمبادئ في المقام الأخير.
وأضاف أن مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية السابق هنري كيسنجر، الذي توفي مؤخرا، كان سيحمر خجلا من دعمهم الكامل للحرب ومبيعات أسلحتهم، وهو الذي كان متورطا بعمق في تدمير فيتنام وكمبوديا ولاوس.
وأشار الكاتب إلى أن تقسيم العالم إلى معسكرات مسلحة على أساس الخوف يبدو أمرا أساسيا في سياسات الولايات المتحدة الخارجية، وهو واقع يتردد صداه الآن في السياسة الداخلية أيضا، حيث يزايد الحزبان الديمقراطي والجمهوري على بعضهما بعضا في الاستعداد لشن الحروب، وكأن كل شيء في عالم أميركا هو حرب.
لا قضايا مشتركة
ويرى الكاتب أنه، باستثناء هجوم على الأرض من قبل كائنات فضائية، فمن الصعب أن نتصور أن تتبنى الولايات المتحدة اليوم قضايا مشتركة مع "أعداء" مثل الصين أو إيران أو كوريا الشمالية أو روسيا، ينبغي أن توحدنا جميعا كبشر.
ويتساءل: "إذا لم تكن الأرض وصحة كوكبنا وجميع أشكال الحياة عليه توحدنا، فأي جريمة ستكون أسوأ وأبشع ليس فقط ضد الإنسانية، بل ضد الحياة نفسها على مستوى الكون، إذا لم يكن قادة أميركا على استعداد للتخلي عن إدمانهم على الحروب؟".
ورأى الكاتب أن الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة اليوم قد تنبئ بمستقبل هذا الكوكب، علما أن القوة العظمى الوحيدة في العالم، التي تعتبر منارة للحرية، ترفض قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوقف القتل باعتبارها "غير ملزمة".
دروس الإبادة النازيةوأغرب من ذلك -حسب الكاتب- أن إسرائيل، التي تأسست عقب الإبادة النازية التي ارتكبت في أثناء الحرب العالمية الثانية، والتي قال شعبها إن "ذلك لن يحدث مرة أخرى أبدا"، تعمل الآن على قتل وتجويع وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين باسم "الانتقام العادل"، ردا على الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واستطرد أستور لتأكيد فكرته بلفت الانتباه إلى شاب يبلغ من العمر 25 عاما كان يتخيل مستقبلا أفضل، حتى عندما احتج بأكثر الطرق تطرفا على الإبادة الجماعية في غزة، وذلك هو الطيار آرون بوشنل الذي أشعل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن في فبراير/شباط الماضي، وضحى بحياته على الملأ، فرد عليه "زعماء" أميركا بتجاهل تضحياته وإرسال مزيد من القنابل إلى إسرائيل.
ولأن التاريخ علمنا أن التدمير أسهل بكثير من البناء -كما يقول الكاتب- وأن القتل أسهل بكثير من الحفاظ على الحياة، فيمكننا أن نستنتج أن الدول عندما تجعل الإبادة الجماعية أو الإبادة البيئية ممكنتين وقابلتين للدفاع عنهما، فذلك يعني أن قادتها هم وحوش أخلاقيا، ومن السهل تخيل مصير العالم إذا اخترنا أن نتبع الوحوش.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات الإبادة الجماعیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: لماذا لا يستقبل ترامب سكان غزة في أميركا؟
اعتبر كاتب إسرائيلي أنه من أجل إثبات جدية نية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى الخارج، فإن عليه أن يمنح الفلسطينيين في قطاع غزة نصف مليون تأشيرة هجرة أميركية.
وبدأ الكاتب وخبير الاستطلاعات الإسرائيلي سيفر بلوتسكر مقاله في صحيفة يديعوت أحرنوت بعنوان "هكذا سيتمكن ترامب من تنفيذ خطته لقطاع غزة".
وكان ترامب دعا إلى تهجير أهالي قطاع غزة، وطلب من الأردن ومصر استقبال الغزيين، كما كشف -خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء الماضي في واشنطن- عزمه الاستيلاء على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وتهجير الفلسطينيين منه، وهو ما ووجه بانتقادات دولية وعربية على السواء.
ولم يستبعد ترامب إمكانية نشر قوات أميركية لدعم إعادة إعمار قطاع غزة، متوقعا أن تكون للولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" في القطاع الفلسطيني المحاصر.
ترامب يتحمل مسؤولية اقتراحه
ورغم أن بلوتسكر شكك في إمكانية تطبيق خطة ترامب، وفي اقتراح يبدو أنه جدلي، قال إن على الرئيس الأميركي، من أجل أن يثبت جدية نيته، أن يوقع على أمر تنفيذي يمنح الفلسطينيين في قطاع غزة نصف مليون تأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة، على أن تحذو كل من نيوزيلندا وإسبانيا والنرويج والإمارات العربية المتحدة وغيرها بإصدار 200 ألف تأشيرة هجرة لأهالي غزة.
إعلانواعتبر أن هذا المرسوم الرئاسي منطقي للغاية، لأن -حسبما يرى الكاتب- فتح أبواب الولايات المتحدة أمام نصف مليون فلسطيني من غزة سيكون سابقة وآلية وعلامة لتنفيذ خطة ترامب برمتها.
ويتساءل الكاتب الإسرائيلي "لماذا يتوسل رئيس الولايات المتحدة إلى الدول الفقيرة لاستيعاب الفلسطينيين الذين يعيشون في خيام مؤقتة في قطاع غزة، إذا كانت قوة وثروة بلاده تسمح لها باستيعاب ثلثهم بسهولة؟".
ولتأكيد حجته، يضيف بلوتسكر "في العام الماضي وحده، هاجر 3.5 ملايين مواطن من الدول المجاورة إلى الولايات المتحدة، معظمهم من دون تأشيرات دخول، ناهيك عن تأشيرات الهجرة".
وطن جديد
وعلاوة على ذلك، يرى بلوتسكر أنه إذا وجد سكان غزة وطنهم الجديد في جميع أنحاء أميركا، وفي الوقت نفسه حكمت أميركا غزة لفترة طويلة، فسيكونون قادرين على العودة إلى غزة كأميركيين من غزة، والاندماج في إعادة إعمارها، وأن يكونوا العمود الفقري لقطاع غزة "الجميل الجديد"، على حد تعبير ترامب.
ويمضي في التسويق لفكرته بأن هجرة الفلسطينيين إلى أميركا ستغير الخطاب الفلسطيني الذي يعتبر أن الخروج من غزة هو تهجير، لأن الهجرة إلى أميركا مرغوبة، حسب رأيه.
ويضيف أن وصف انتقال عائلة فلسطينية من خيمة في أنقاض شمال قطاع غزة إلى حي سكني جديد في أريزونا بـ "تهجير" سيكون أمرا سخيفا. ولن يجرؤ أي زعيم سياسي جاد على دعوة الفلسطينيين إلى رفض إمكانية مستقبل أفضل لأنفسهم ولأطفالهم وأحفادهم، لصالح العيش في خيام متداعية والحصول على صدقات من منظمات الإغاثة.
غير أن بلوتسكر يشير في نهاية المقال إلى أن فكرته هي في سبيل الجدل والمحاججة للتأكيد على عدم واقعية فكرة الرئيس الأميركي، بل ودليل على نفاق الفكرة.
ويقول "إن فرص تنفيذ الفكرة في ظل إدارة ترامب، التي دافعت عن إغلاق أميركا أمام المهاجرين، قريبة جدا من الصفر، لكن من دونها فإن فرص تنفيذ مكونات أخرى لخطة إعادة إعمار قطاع غزة وتنميته هي أيضا صفرية، وتظهر نفاق الفكرة".
إعلانويختم الكاتب الإسرائيلي مقاله بالتأكيد على أنه لا توجد خطة عملية أخرى على الإطلاق، ولا توجد هيئة دولية أو عربية مستعدة لتحمل عبء السيطرة على غزة وإدارة إعادة إعمارها.