المواجهات تعود لمدينة الفاشر رغم اكتظاظها بالنازحين
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
الفاشر- تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، هذه الأيام أوقاتا عصيبة، بعد تجدد اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة مع قوات الدعم السريع، حيث قُتل يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين 25 مدنيا، وأُصيب نحو 70 آخرين، وفقا لتقرير صادر من منظمة حقوقية سودانية.
وتأتي هذه المواجهات المأساوية بعد أن شهدت المدينة خلال الفترة الماضية هدوءا نسبيا، وأصبحت ملاذا آمنا للنازحين الذين لجؤوا إليها من مختلف المدن.
ومع ذلك، استؤنفت الهجمات العسكرية على السكان المدنيين، وبدأت بحرق نحو 15 قرية في ريف الفاشر الغربي، من قِبل قوات الدعم السريع ومليشيات مسلحة موالية لها، ما أوقع عددا من الضحايا ودفع الآلاف للنزوح إلى مدينة الفاشر والقرى المجاورة، وفقا لشهادات سكان تلك القرى.
وكانت قوات الدعم السريع قد امتنعت في وقت سابق عن شن أي هجمات مسلحة على مدينة الفاشر المكتظة بالمدنيين، طبقا لتصريحات قادة سياسيين من دارفور التقوا بقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو خارج البلاد.
الاشتباكات في الفاشر تلحق أضرارا جسيمة بالمدينة (الجزيرة) خسائر بشرية وماديةوفي حديثه مع الجزيرة نت، قال الناشط السياسي محمد أحمد، أحد سكان قرية سرفاية في غرب الفاشر، إن المسلحين قتلوا نحو 18 مدنيا وحرقوا 15 قرية في المنطقة، وأوضح أن أعمال العنف هذه أدت إلى تشريد آلاف المواطنين، وجعلتهم يعيشون في حالة نزوح قسري.
وذكر أنه إثر ذلك "اضطرت القوات المشتركة، التابعة لحركات الكفاح المسلحة، إلى التدخل لحماية المدنيين وتوفير الأمان لهم"، وقال إن "تلك القوات تعمل جنبا إلى جنب لمواجهة المليشيات المسلحة، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة المتضررة".
ووفقا للدكتور محمد سليمان حامد، أحد المتطوعين في مستشفى الفاشر الجنوبي، فإن "المستشفى استقبل يوم الاثنين 9 قتلى من المدنيين و65 جريحا، نتيجة المواجهات المسلحة داخل مدينة الفاشر، كما استقبل في اليوم التالي أيضا 9 قتلى و15 جريحا، جميعهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال ورجال، إلى جانب ضحايا آخرين من قرى ريف الفاشر الغربي".
وقال حامد للجزيرة نت إن "هجمات الدعم السريع على الفاشر جاءت بعدما تخلّت بعض الحركات المسلحة عن مبدأ الحياد، وشاركت في القتال إلى جانب الجيش، وأدى ذلك إلى استهداف المدنيين".
وذكر أن الوضع الإنساني في المنطقة يشهد تدهورا، حيث يواجه السكان صعوبة بالحصول على الدواء والغذاء بجانب المياه، وهم في حاجة ملحّة للمساعدات الإنسانية والرعاية الطبية العاجلة، وناشد المجتمع الدولي وكافة الأطراف بضرورة تركيز الجهود لحماية المدنيين، وضمان سلامتهم في المنطقة.
ويتعرض المدنيون الأبرياء للأذى الجسدي والنفسي، ويناشد ناشطون حقوقيون ومنظمات محلية بضرورة استعادة الأمن والاستقرار وحماية سكان المنطقة.
قتال دون حسميرى محللون ومراقبون أن عدم وجود حل للأزمة السودانية، وعدم قدرة أي طرف على حسم المعركة عسكريا قد يؤدي إلى سلسلة من السيناريوهات المحتملة، ومن ضمنها استمرار التصعيد العسكري وحدوث أعمال عنف في مدن الإقليم المختلفة، لا سيما في مدينة الفاشر.
ويعتقد هؤلاء أنه في حال سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر، فإن خريطة الحرب في السودان ستتأثر باتجاه زيادة معاناة السكان، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وزيادة الفوضى، وظهور جماعات مسلحة جديدة.
وكانت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح قد أعلنت الثلاثاء الماضي، عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أنها دمرت 10 آليات قتالية ومدرعة واحدة تابعة للدعم السريع خلال مواجهات مدينة الفاشر، وأشارت إلى مقتل 17 شخصا وجرح وفرار آخرين.
وفي كلمه سابقة أمام حشد من المقاتلين، بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي، قال قائد القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح الفريق جمعة حقار إن الدعم السريع بدأ بفرض حصار على مدينة الفاشر.
وأشار إلى منع وصول المساعدات الإنسانية المقبلة من مدينة الدبة إليها، وأن قواته تعمل حاليا على حماية السكان والاستقرار في المنطقة بشكل عام.
أهمية المدينةتعد الفاشر واحدة من أقدم المدن في إقليم دارفور تاريخيا، ويبلغ تعداد سكانها حوالي مليوني نسمة، من إجمالي سكان الإقليم الذي يقدر بحوالي 6 ملايين نسمة، بحسب الإحصائيات الرسمية التي صدرت عام 2006.
وتحتضن المدينة معظم مقرات المنظمات والهيئات الدولية، كما تضم 5 مستشفيات رئيسية، 3 منها تعمل بنصف طاقتها الاستيعابية، حيث تشكّل هذه المستشفيات الركيزة الأساسية لتقديم الخدمات الصحية للسكان المحليين.
كما تستضيف عشرات الآلاف من النازحين الذين يقيمون في المدارس وبعض المساكن في الأحياء الجنوبية من المدينة، وهو ما يعد تحديا مهما يواجه المنظمات غير الحكومية والناشطين، الذين يسعون لتلبية احتياجات هؤلاء الأشخاص، وتوفير ظروف حياة لائقة لهم.
وطبقا للخريطة العسكرية، يتواجد عناصر من قوات الدعم السريع في أطراف الأحياء الشرقية في الفاشر، التي خلت معظم منازلها من السكان، كما ينتشر جيش القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في جميع أنحاء المدينة، وفي الأسواق والطرقات الرئيسية، ومقرات المنظمات والهيئات الدولية، بالإضافة إلى الأحياء الغربية والجنوبية من المدينة.
وبناء على الوضع الميداني، تعتبر القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح هي القوة الأكبر، وتمتلك أساطيل من المركبات القتالية، وتعتمد بشكل كبير على القوات المحلية كمقاتلين ينحدرون من الولاية، ويتمتعون بخبرة في الميدان.
فيما تتألف قوات الدعم السريع في إقليم دارفور من مجموعات أغلبها تنتمي لقوات "الجنجويد"، المتهمة بارتكاب أعمال تصل إلى حد الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية في ولاية غرب دارفور خلال الأشهر الأولى للحرب، حيث تم خلال ذلك قتل والي الولاية وقائد حركة التحالف السوداني المسلحة خميس أبكر، والتمثيل بجثته.
وعلى الرغم من ذلك، شهدت الفاشر اليوم الأربعاء هدوءا حذرا وتوقفا لإطلاق النار، مع تسجيل بعض الخروقات في الساعات الأولى من الصباح، حيث سُمِعَ إطلاق نار متقطع دون أن يتطور إلى اشتباكات، وفتحت الأسواق جزئيا، واستمرت حركة المواصلات التي شهدت زيادة في أسعارها بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات القوة المشترکة لحرکات الکفاح المسلح قوات الدعم السریع مدینة الفاشر فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024