الفاشر- تعيش مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، هذه الأيام أوقاتا عصيبة، بعد تجدد اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة مع قوات الدعم السريع، حيث قُتل يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين 25 مدنيا، وأُصيب نحو 70 آخرين، وفقا لتقرير صادر من منظمة حقوقية سودانية.

وتأتي هذه المواجهات المأساوية بعد أن شهدت المدينة خلال الفترة الماضية هدوءا نسبيا، وأصبحت ملاذا آمنا للنازحين الذين لجؤوا إليها من مختلف المدن.

ومع ذلك، استؤنفت الهجمات العسكرية على السكان المدنيين، وبدأت بحرق نحو 15 قرية في ريف الفاشر الغربي، من قِبل قوات الدعم السريع ومليشيات مسلحة موالية لها، ما أوقع عددا من الضحايا ودفع الآلاف للنزوح إلى مدينة الفاشر والقرى المجاورة، وفقا لشهادات سكان تلك القرى.

وكانت قوات الدعم السريع قد امتنعت في وقت سابق عن شن أي هجمات مسلحة على مدينة الفاشر المكتظة بالمدنيين، طبقا لتصريحات قادة سياسيين من دارفور التقوا بقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو خارج البلاد.

الاشتباكات في الفاشر تلحق أضرارا جسيمة بالمدينة (الجزيرة) خسائر بشرية ومادية

وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال الناشط السياسي محمد أحمد، أحد سكان قرية سرفاية في غرب الفاشر، إن المسلحين قتلوا نحو 18 مدنيا وحرقوا 15 قرية في المنطقة، وأوضح أن أعمال العنف هذه أدت إلى تشريد آلاف المواطنين، وجعلتهم يعيشون في حالة نزوح قسري.

وذكر أنه إثر ذلك "اضطرت القوات المشتركة، التابعة لحركات الكفاح المسلحة، إلى التدخل لحماية المدنيين وتوفير الأمان لهم"، وقال إن "تلك القوات تعمل جنبا إلى جنب لمواجهة المليشيات المسلحة، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة المتضررة".

ووفقا للدكتور محمد سليمان حامد، أحد المتطوعين في مستشفى الفاشر الجنوبي، فإن "المستشفى استقبل يوم الاثنين 9 قتلى من المدنيين و65 جريحا، نتيجة المواجهات المسلحة داخل مدينة الفاشر، كما استقبل في اليوم التالي أيضا 9 قتلى و15 جريحا، جميعهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال ورجال، إلى جانب ضحايا آخرين من قرى ريف الفاشر الغربي".

وقال حامد للجزيرة نت إن "هجمات الدعم السريع على الفاشر جاءت بعدما تخلّت بعض الحركات المسلحة عن مبدأ الحياد، وشاركت في القتال إلى جانب الجيش، وأدى ذلك إلى استهداف المدنيين".

وذكر أن الوضع الإنساني في المنطقة يشهد تدهورا، حيث يواجه السكان صعوبة بالحصول على الدواء والغذاء بجانب المياه، وهم في حاجة ملحّة للمساعدات الإنسانية والرعاية الطبية العاجلة، وناشد المجتمع الدولي وكافة الأطراف بضرورة تركيز الجهود لحماية المدنيين، وضمان سلامتهم في المنطقة.

ويتعرض المدنيون الأبرياء للأذى الجسدي والنفسي، ويناشد ناشطون حقوقيون ومنظمات محلية بضرورة استعادة الأمن والاستقرار وحماية سكان المنطقة.

قتال دون حسم

يرى محللون ومراقبون أن عدم وجود حل للأزمة السودانية، وعدم قدرة أي طرف على حسم المعركة عسكريا قد يؤدي إلى سلسلة من السيناريوهات المحتملة، ومن ضمنها استمرار التصعيد العسكري وحدوث أعمال عنف في مدن الإقليم المختلفة، لا سيما في مدينة الفاشر.

ويعتقد هؤلاء أنه في حال سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر، فإن خريطة الحرب في السودان ستتأثر باتجاه زيادة معاناة السكان، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وزيادة الفوضى، وظهور جماعات مسلحة جديدة.

وكانت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح قد أعلنت الثلاثاء الماضي، عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أنها دمرت 10 آليات قتالية ومدرعة واحدة تابعة للدعم السريع خلال مواجهات مدينة الفاشر، وأشارت إلى مقتل 17 شخصا وجرح وفرار آخرين.

وفي كلمه سابقة أمام حشد من المقاتلين، بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي، قال قائد القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح الفريق جمعة حقار إن الدعم السريع بدأ بفرض حصار على مدينة الفاشر.

وأشار إلى منع وصول المساعدات الإنسانية المقبلة من مدينة الدبة إليها، وأن قواته تعمل حاليا على حماية السكان والاستقرار في المنطقة بشكل عام.

أهمية المدينة

تعد الفاشر واحدة من أقدم المدن في إقليم دارفور تاريخيا، ويبلغ تعداد سكانها حوالي  مليوني نسمة، من إجمالي سكان الإقليم الذي يقدر بحوالي 6 ملايين نسمة، بحسب الإحصائيات الرسمية التي صدرت عام 2006.

وتحتضن المدينة معظم مقرات المنظمات والهيئات الدولية، كما تضم 5 مستشفيات رئيسية، 3 منها تعمل بنصف طاقتها الاستيعابية، حيث تشكّل هذه المستشفيات الركيزة الأساسية لتقديم الخدمات الصحية للسكان المحليين.

كما تستضيف عشرات الآلاف من النازحين الذين يقيمون في المدارس وبعض المساكن في الأحياء الجنوبية من المدينة، وهو ما يعد تحديا مهما يواجه المنظمات غير الحكومية والناشطين، الذين يسعون لتلبية احتياجات هؤلاء الأشخاص، وتوفير ظروف حياة لائقة لهم.

وطبقا للخريطة العسكرية، يتواجد عناصر من قوات الدعم السريع في أطراف الأحياء الشرقية في الفاشر، التي خلت معظم منازلها من السكان، كما ينتشر جيش القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في جميع أنحاء المدينة، وفي الأسواق والطرقات الرئيسية، ومقرات المنظمات والهيئات الدولية، بالإضافة إلى الأحياء الغربية والجنوبية من المدينة.

وبناء على الوضع الميداني، تعتبر القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح هي القوة الأكبر، وتمتلك أساطيل من المركبات القتالية، وتعتمد بشكل كبير على القوات المحلية كمقاتلين ينحدرون من الولاية، ويتمتعون بخبرة في الميدان.

فيما تتألف قوات الدعم السريع في إقليم دارفور من مجموعات أغلبها تنتمي لقوات "الجنجويد"، المتهمة بارتكاب أعمال تصل إلى حد الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية في ولاية غرب دارفور خلال الأشهر الأولى للحرب، حيث تم خلال ذلك قتل والي الولاية وقائد حركة التحالف السوداني المسلحة خميس أبكر، والتمثيل بجثته.

وعلى الرغم من ذلك، شهدت الفاشر اليوم الأربعاء هدوءا حذرا وتوقفا لإطلاق النار، مع تسجيل بعض الخروقات في الساعات الأولى من الصباح، حيث سُمِعَ إطلاق نار متقطع دون أن يتطور إلى اشتباكات، وفتحت الأسواق جزئيا، واستمرت حركة المواصلات التي شهدت زيادة في أسعارها بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات القوة المشترکة لحرکات الکفاح المسلح قوات الدعم السریع مدینة الفاشر فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا

شهدت مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لحظات مؤثرة أثناء وداعها مئات الآلاف من العائلات النازحة من مختلف مناطق القطاع لا سيما الشمال، التي كانت قد لجأت إليها هربًا من آلة الحرب الإسرائيلية.

نزحت في الحرب 9 مرات، الحمدلله في كل مكان نزحت عليه كانوا الجيران كتير مناح و مش هاين علينا ولا عليهم نروّح.

كل مرة كنت اعاني من مشاعر الوداع، هاي المرة في دير البلح هي الاصعب، سكنت في اخر شارع 17 و عندي جيران من بيت الفليت و ابو طواحين
كنت بينهم اكتر من ابنهم

بيعز علينا الفراق — جهاد (@jehadpals) January 27, 2025 كلمة حق لأهلنا في دير البلح ❤️
ها نحن علي أعتاب عودتنا إلي شمالنا الحبيب, بعد رحلة نزوح قااسية جداً
هنا لا يسعني إلا أن أشكر من كل قلبي أهلي وناسي في دير البلح الحبيبة وكل جنوب القطاع نشهد الله أنكم ما قصرتم وقدمتم لنا كل ما تملكون, شكرا لكم على حسن الإستضافة وحسن التقدير ..❤️‍???? — الحسن ???????? ???? (@hasanfareed0) January 26, 2025

واحتضن سكان دير البلح النازحين في بيوتهم ومدارسهم، مقدّمين الدعم الإنساني في ظروف صعبة تعكس التلاحم المجتمعي الذي لطالما ميز أهل القطاع خلال 15 شهرا من الحرب.



ومع السماح لسكان شمال القطاع بالعبور إلى مناطقهم، غادر قرابة 300 ألف شخص إلى الشمال، فيما كانت تحتضن دير البلح التي يبلغ عدد سكانها بحسب آخر الأرقام الرسمية لعام 2021 أكثر من 300 ألف نسمة، قرابة مليون نازح.

دير البلح عندها ايرور
وييين الناااس — @belal_diab (@BelalDiaab) January 28, 2025 أول مرة من 15 شهر
امشي في شوارع دير البلح
ومحدش يحكيلي ظهرك ظهرك — عمر ❤️ (@om3arata) January 28, 2025 احا دير البلح فاضية فش فيها حركة ملل لأبعد حدود — ???? محمد (@mohammedohadi) January 28, 2025

ومع عودة النازحين إلى مناطقهم، بدأت دير البلح تستعيد تدريجيًا طابعها الهادئ، واختفت إلى حد ما الشوارع المزدحمة، وخيام النازحين.



كما لم ينس الفلسطينيون، ومنهم أبناء دير البلح نفسها، التندر من كون سكانها كانوا "ينامون مبكرا" لكن هذا لم يعد ممكنا بسبب الحرب الإسرائيلية من جهة، ووصول النازحين إليها من جهة أخرى.

أهل دير البلح صلوا العشا وسكروا باب الحارة وناموا ???? — التِنْحَة  ???? ???????? (@Ghadooosh_o_96) January 27, 2025 كمان ساعة الا عشرة كُلنا في دير البلح حنكون نايمين ونعود إلى سابق العهد ✌️ — Huda Elkassem (@hudaelkassem417) January 27, 2025 آن لأهالي دير البلح أن يعودوا للنوم مبكرا. — Rami Kh (@RamiNKhrais) January 27, 2025


 

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. على طريقة “الحكامة” الشهيرة.. أحد مشايخ الدعم السريع يخاطب الجنود وينزع “سرواله” أمامهم ويربط ارتدائه من جديد بدخول القوات للفاشر
  • الجيش يشن هجومًا على الدعم السريع في محيط أم روابة غربي البلاد
  • اتهامات جديدة للجيش بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين في مدينة بحري
  • قتلى وجرحى إثر قصف للدعم السريع بالفاشر
  • بالفيديو..ياسر العطا من غرفة سيطرة العمليات يعلق على دخول الجيش مدينة بحري ويتوعد بملاحقة قوات الدعم السريع في هذه المناطق
  • آلاف النازحين الجدد شمال دارفور خوفا من «الدعم السريع»
  • الهجرة الدولية: 3960 أسرة نزحت من الفاشر جراء هجمات “الدعم السريع”
  • هجرة جماعية من عدة قرى حول الفاشر بعد تصاعد هجمات الدعم السريع
  • منظمة أممية: الهجمات الأخيرة لقوات الدعم السريع تسببت بنزوح الآلاف في شمال دارفور  
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا