اتفق خبيران في الشأن الإسرائيلي على أن نظرية الردع الإستراتيجي الإسرائيلية تآكلت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مستدلين باشتعال جبهات قطاع غزة وجنوب لبنان والبحر الأحمر، وصولا إلى الهجوم الإيراني الأخير.

ويعتقد الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك أن جميع السيناريوهات والإستراتيجيات طويلة الأمد، التي أعدتها إسرائيل قبل "طوفان الأقصى"، قد سقطت.

وأوضح يزبك -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن استنزاف قوة الردع وصل إلى جزء كبير من المجتمع الإسرائيلي، الذي بدا مندهشا من احتجاز 250 إسرائيليا في قطاع غزة للشهر السابع تواليا، مشيرا إلى أنه بات مرعوبا وخائفا ومردوعا، وهو ما تُرجم بإخلاء مستوطنات غلاف غزة والشمال.

وأضاف أن القوة العسكرية التي تمتلكها إسرائيل أخفقت في ترميم تآكل الردع، مبينا أن الرد الإيراني أخاف الإسرائيليين، كما أن الحديث عن هجوم إسرائيلي مضاد يزيد التوتر في داخل المجتمع الإسرائيلي.

ولفت إلى أن مجلس الحرب الإسرائيلي كان متجانسا منذ بداية الحرب، ولكن الانقسام يسوده حاليا، كما تطرق إلى أن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كانت تقوم على ردع طهران فورا، ولكن لم يحدث ذلك بعد الهجوم الإيراني.

وفي تعليقه على تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن إيران لن تستطيع فرض معادلة ردع مختلفة ضد إسرائيل، رأى يزبك أن هذا التصريح أقرب إلى أمنية، وليس واقعا سياسيا أو حربيا، ولا يستند إلى وقائع ميدانية.

وحول انعكاس تآكل الردع على مسار الحرب في غزة، يعتقد الخبير بالشأن الإسرائيلي أن "تل أبيب أضاعت على نفسها فرصة الدخول إلى رفح جنوبي قطاع غزة"، بالإشارة إلى التطورات الأخيرة التي وصلت إلى اتهام أهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة نتنياهو بالخائن.

"أصيبت في مقتل"

بدوره، يؤمن مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن نظرية الردع الإسرائيلية أصيبت في مقتل، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "وربما لا شفاء منها"، مؤكدا أن "الحرب الخاطفة على أرض العدو وإلحاق الرعب للجهات المعادية لإسرائيل تبددت تواليا".

ويبين أن إسرائيل تبدو في حالة المردوع لا الرادع، مستدلا بعمليات حزب الله اللبناني والحوثيين، التي كانت كفيلة سابقا بشن إسرائيل عمليات عسكرية كبرى، مثل اجتياح لبنان واحتلال جنوبه.

ويوضح الرنتاوي أن أهم أركان الأمن الإسرائيلي كان الاعتماد على الذات في توفير الأمن الفردي والجماعي للإسرائيليين، ولكن هذا تبدد بعدما استدعت بعد "طوفان الأقصى" حاملات الطائرات الأميركية، والمسيرات الغربية، فضلا عن تسيير جسر عسكري جوا وبحرا.

ويضيف أن 90% من المسيرات الإيرانية التي أسقطت في الهجوم الأخير لم تكن بأيد إسرائيلية، ليصبح الاعتماد على الخارج في توفير الأمن الفردي والجماعي في إسرائيل.

وبحسب الرنتاوي، لم تعد لإسرائيل هيبة في المنطقة ولم تعد هدفا عصيا على الفصائل أو الدول إن توفرت الإرادة لديها، كما أن عالم القطب الواحد في طريقه للانتهاء.

وتعد جميع خيارات إسرائيل للرد على إيران صعبة، وستزيد من تآكل الردع الإسرائيلي، إذ ستسجل طهران نقطة لصالحها إن لم ترد تل أبيب، كما أن إيران تعهدت بالرد على أي رد إسرائيلي ولو كان محدودا، في ما تبدو معادلة ردع جديدة، حسب الرنتاوي.

وأضاف "إن شنت إسرائيل ضربة قوية لإيران، فإن المنطقة ذاهبة إلى حرب إقليمية واسعة"، قبل أن يقول إن الولايات المتحدة بمقدورها تقديم مبادرة سياسية تبدأ بوقف إطلاق النار في غزة لمنع انزلاق الإقليم إلى مواجهة شاملة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

هذه الأثمان الباهظة التي يدفعها الاحتلال بسبب استمرار الحرب في غزة

أسئلة عديدة يطرحها الاسرائيليون على أنفسهم بعد مرور أكثر من أربعة عشر شهرا على العدوان المستمر على غزة، فيما المقاومة تواصل تصديها لقوات الاحتلال، ومن هذه الأسئلة التي لا يجدون عنها إجابة: ما الذي يمكنهم أن يفعلونه، ولم يفعلونه حتى الآن تجاه المقاومة، لاسيما وأن الحرب التي لا تنتهي تضر بهم أيضا، مما يجعل من وقفها مصلحة عليا لهم، خاصة وأن أمنيتهم التي لا يخفونها باستسلام المقاومة لن تتحقق.

وأكد بن درور يميني الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "قادة إسرائيل لاسيما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حين يهددون بأن الحرب ستستمر حتى بعد إنجاز صفقة تبادل أسرى، فهم لا يهددون حماس، بل يخدمونها، لأن الحركة تعيش منذ أشهر عديدة مرحلة وصفها بقوة الضعف، وليس لديها ما تخسره".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "حماس ما زالت تمثل صورة الضحية، وتجسّد الهوية الوطنية الفلسطينية، وفي السياق الاستراتيجي، تعتبر التضحية الورقة الرابحة للفلسطينيين، وتمنحهم القوة الدولية، وتُخرج مئات الآلاف للشوارع في كل المدن والجامعات الغربية".



وأوضح يميني، أنه "كلما صعّد  الاحتلال مظاهر الإيذاء بحق الفلسطينيين صعدوا هم إلى آفاق جديدة، فيما أصبح وضعه هو أسوأ، وبالتالي ما الذي يمكن له أن يفعله بالضبط في هذه المرحلة، هل يقتل عشرة مقاومين آخرين من حماس كل يوم، أم يدمّر عشرة مباني أخرى، أم يمنع مرور شاحنات الغذاء، مع أنه في نهاية المطاف لن يجدي كل ذلك مع حماس، لأنها ستستخدم كل هذه السياسات الاسرائيلية في تسويق روايتها عما ينفذه الاحتلال من الإبادة الجماعية والمجاعة والتطهير العرقي والاستعمار".

وأكد يميني، أنه "لابد من الإشارة أن مثل هذه الرواية الفلسطينية التي تشمل هذه المفردات تشكّل لاعباً رئيسياً على رقعة الشطرنج الاستراتيجية، وفي الوقت الذي فشلت فيه استراتيجية نتنياهو قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، فقد فشلت أيضاً منذ ذلك الهجوم، لأنها تعني استراتيجية الحرب بلا توقف، فيما الثمن الداخلي والدولي الذي يدفعه الاحتلال يتزايد: داخلياً وخارجيا".

وشرح يميني قائلا إن "الثمن الإسرائيلي الداخلي لاستمرار حرب غزة يتمثل في ارتفاع معدلات الهجرة العكسية للإسرائيليين الى الخارج، ومزيد من الاستقطاب والانقسام في صفوفهم، والإحباط المتزايد بسبب تخلي الحكومة عن المختطفين، والتزامها المتضائل تجاه جنود الاحتياط، والدمار الاقتصادي نتيجة زيادة ميزانيات الحريديم، وميزانيات أقل فأقل للجنود الذين يتحملون عبء هذه الحرب".

وأشار الكاتب إلى أن "الأثمان التي يدفعها الاسرائيليون على المستوى الدولي بسبب استمرار حرب غزة يتمثل بحلول إسرائيل محلّ جنوب أفريقيا كدولة تمثل نموذج الفصل العنصري، ولا يقتصر الأمر على حظر الأسلحة الذي تفرضه العديد من الدول الغربية عليها، بل يصل الى المقاطعة الصامتة المتمثلة في وقف التعاون في مجالات البحث الأكاديمي والعلمي، وانخفاض الاستثمار فيها، والمزيد من الأحداث المعادية لليهود حول العالم، ومزيد من الانتصارات للحملات المناهضة لها".



وأردف، أنه "رغم كل ذلك، فما زال نتنياهو يهدد حماس بمزيد من القتال على أمل أن يخيفها، لكن ما يحصل في النهاية هو المزيد من نفس الشيء، لأنه في نهاية المطاف، كل يوم يمر يُنظر فيه لإسرائيل باعتبارها المعتدية، وهو بمثابة انتصار صغير آخر بالنسبة للحملة العالمية ضدها، صحيح أن حماس تعيش مرحلة ضعف، لكن إسرائيل تعيش هي الأخرى مرحلة ضعف مماثلة، صحيح أن أغلبية سكان الدول الغربية ليسوا كارهين لإسرائيل، لكن المشكلة تكمن في النخب المسيطرة على الإعلام والأوساط الأكاديمية والثقافية، التي تتمتع بنفوذ كبير، وتقف موقفاً عدائياً من الاحتلال الاسرائيلي".

وختم قائلا، إن "الاحتلال اليوم، وبعد 457 يوما من القصف على غزة، والقضاء على معظم قادة حماس، فإن وقف الحرب مصلحة إسرائيلية عليا، لأن الضرر يجب أن يقلّ، وكل يوم يمرّ دون وقف لإطلاق النار سيؤدي لزيادة الأضرار عليها، فضلا عن كون وقف الحرب سيؤدي لاتفاق تطبيع استراتيجي مع السعودية، مما يعني تحسّن الوضع الإسرائيلي الذي يمرّ الآن بخسارات متزايدة، حيث يتم قتل الجنود، والمختطفون يموتون، والدولة أصبحت مصابة بالجذام أكثر فأكثر".

مقالات مشابهة

  • 7 شهداء بينهم الشاب حسن... إليكم جديد الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت طيردبا
  • باحثة سياسية: إسرائيل استغلت أحداث 7 أكتوبر في إعادة هيكلة المنطقة
  • هذه الأثمان الباهظة التي يدفعها الاحتلال بسبب استمرار الحرب في غزة
  • السيد القائد: العدو الإسرائيلي انتقل من حصار غزة إلى نهب المساعدات التي تصل إليها
  • إسرائيل وفشل الردع.. الصراخ على قدر الألم
  • كم بلغ عدد الشركات المصرية التي تصدر منتجاتها للاحتلال الإسرائيلي؟
  • نوفل ضو: قمة القاهرة تعزز الدور الإستراتيجي المصري في المنطقة
  • خبير سياسي: قمة القاهرة تعزز الدور الإستراتيجي المصرى في المنطقة
  • إسرائيل تعلن الحرب على تركيا صحيفة ومشهورة تكشف تفاصيل المعركة
  • مدير المنتدى الإستراتيجي للفكر: الضفة الغربية هي الجائزة الكبرى لحكومة إسرائيل المتطرفة