في الدول الحديثة، تُعرف الديمقراطية على أنها “حكم الشعب بالشعب ومن أجل الشعب”، هذا يعني أن مفهوم “الشعب” يجب أن يكون واضحاً ومتفق عليه، لأنّ عدم الاتفاق عليه يقود إلى تأسيس دولة فاشلة ومُفككة، ولتوضيح هذه المفهوم لعله من المناسب الإجابة على الأسئلة الآتية:
ما المقصود بــ “الشعب”؟
ما هي أهم مكونات الشعب؟
ما الفرق بين الشعب والامة؟
ما الفرق بين الشعب والسكان؟
وما الفرق بين الشعب والسكان الأصليين؟
أولا: ماهية الشعب
إن مفهوم “الشعب” كمصطلح اجتماعي قديم، أي كمجموعة من الأفراد يعيشون في مجتمع واحد له ثقافة وعادات وتقاليد مشتركة، إلا أن معناه السياسي حديث نسبياً ولا يوجد إجماع على تعريفه، فعلى سبيل المثال، لقد كان يقصد بمفهوم “الشعب” عند الإغريق سكّان مدينة أثيناً فقط، أي لا يشمل الأطفال، ولا النساء، ولا العبيد، ولا الأجانب المقيمين في المدينة، بمعنى آخر، يشمل الرجال الأثينيين البالغين الأحرار وأصحاب الأصول الأثينية فقط.
وبعد أن انتشرت الديمقراطية في الولايات المتحدة وأوروبا، في القرن التاسع عشر، استمر هذا الفهم لمصطلح “الشعب”، فعلى سبيل المثال، عندما تم اعتماد الدستور الأمريكي عام 1790م، كانت أول عبارة فيه: “We the People، نحن الشعب“، إلا أن هذه العبارة لم تشمل العبيد الذين كانوا يمثلون 20% من عدد السكان، ولا المرأة، ولا السكان الأصليين، ولا أصحاب الديانات الأخرى، واقتصرت على مجموعة عُرفت بــ:(WASP)، أي The White Anglo-Saxon Protestants، وهي مجموعة البيض البروتستانت الأنجلو- سكسونيين، أي مجموعة أغلبهم من أصل بريطاني، ومن طبقة الأثرياء ذو علاقات قوية ببعض.
واستمر هذا الوضع إلى القرن العشرين عندما اشتمل المفهوم السياسي “للشعب” أغلبية سكان البلاد، وأصبح بإمكان الأجانب المقيمين في هذه الدول أن يصبحوا مواطنين وفقاً لآليات قانونية يحددها دستور البلاد، وبذلك أصبح مفهوم الشعب يشمل كل المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم الدينيّة والقومية والعرقية واللغوية والجهوية وغيرها.
ثانياً: مكونات الشعب
لكي يتحقق مفهوم الشعب بمعناه السياسي لا بد من معرفة عناصره الأساسية والتي لعل من أهمها:
المواطنة. الوحـدة. الحقوق. المساواة. العـدالة. الدولة.(1) المواطنة
لكي يتحقق المفهوم الحديث للشعب لا بد أن يتحقق عنصر “المواطنة” أي اعتبار الأفراد المُكونين للشعب مواطنين لهم حق المشاركة في أمور وطنهم، بمعنى آخر، لكي يتحقق معنى الشعب لا بد من تأسيس “دولة المواطنة”.
(2) الوحدة
لكي يتحقق المفهوم الحديث للشعب لا بد أن يتحقق عنصر “الوحدة” أي أن يتمسك المواطنون بوثيقة دستورية تجمعهم، وأن يكون هدفهم “الوحدة من خلال التنوع” أي تحقيق وتعزيز الوحدة الوطنية مع احترام ودعم كل مُكونات الوطن، بمعنى آخر، السعي للعيش في دولة موحدة تؤمن بالتنوع والتنافس والاختيارات المتعددة، فعلى سبيل المثال، لكي يتحقق معنى “الشعب الليبي” يجب ألا ننظر له على أنه يمثل جنس، ولا عرق، ولا لون، ولا إقليم واحد، وإنما يشمل كل مكونات المجتمع من عرب، وأمازيغ، وطوارق، وتبو، وشركس، وكراغلة، وقريتلية، وأواجلة، وأفارقة، وغيرهم، وأن كل هذه المكونات تعتبر جزء لا يتجزأ من “الشعب الليبي” ولكل منها الحق في التنافس لتحقيق “الحلم الليبي” المنشود.
(3) الحقوق
لكي يتحقق المفهوم الحديث للشعب لا بد أن تتحقق مجموعة من “الحقوق” أي لا بد أن يكون لكل مواطن امتيازات أساسية يضمنها له الدستور، ومن تم تعتبر قيم مترابطة وغير قابلة للتجزئة، وفي مقدمتها العدالة والحرية، والكرامة.
(4) المساواة
لكي يتحقق المفهوم الحديث للشعب لا بد أن يتحقق مبدأ “المساواة” أي لا يجوز التمييز بين المواطنين لأي سبب – كالعرق أو اللون أو اللغة أو الجنس أو الرأي السياسي أو المستوى الاجتماعي-، بمعنى آخر، ضرورة التأكيد على أن جميع المواطنين سواء أمام القانون ووفقا لأحكام الدستور.
(5) العـدالة
لكي يتحقق المفهوم الحديث للشعب لا بد أن يتحقق مبدأ “العدالة” لأنها أساس كل نظام يريد النجاح والاستقرار والأمان، ولأنها المؤشر الحقيقي لممارسة الديموقراطية، ولكي يتحقق هذا العنصر لا بد من دسترة معايير وآليات وضوابط لتحقيقها بشكل مناسب.
(6) الدولة
وأخيرا، لكي يتحقق المفهوم الحديث للشعب لا بد أن يتحقق مفهوم “الدولة” أي ضرورة إيجاد كيان سياسي مستقل لا يقبل التجزئة، بمعنى أن قيام الدولة ضرورة لتحقيق مفهوم الشعب، فهي الوعاء الذي تنصهر فيه روابط الانتماء والولاء والإحساس بوجود تقارب بين المواطنين، وبمعنى آخر، ضرورة إدراك أنه لا يمكن قيام دولة بدون شعب، ولا وجود شعب بلا مواطنين، ولا تحقيق مواطنة بلا جنسية.
ثالثاً: الفرق بين الأمة والشعب
لهذا يمكن القول:
(1) مفهوم الأمة يقوم على أسس “الاعتقاد أو الانتماء – العرقي واللغوي” بينما يقوم مفهوم الشعب على أساس “الالتزام القانوني “لكيان سياسي ما.
(2) يشترط في مفهوم الشعب وجود عدد كبير من الأفراد، بينما لا يرتبط مفهوم الأمة بالعدد، فقد تتجسد الأمة في “فرد واحد” كما وصف القرآن الكريم سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما قال “إن إبراهيم كان أمة قانتا لله ولم يك من المشركين” (النحل الآية 120)، وقد تتجسد الأمة في مُكون واحد كما قال تعالى: “وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون” (المومنون الآية 52)، وقد تتكون الأمة من شعوب وقبائل متعددة كما يقول تعالى: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا…” (الحجرات الآية 13).
(3) تتعدد الأمم وفقاً لمعتقداتها كما وصفها القرآن الكريم “ولو شاء الله لجعلكم أُمة وَحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولَتُسـَٔلنَّ عما كنتم تعملون” (النحل الآية 93)، بينما تتعدد الشعوب وفق لـ”إلتزامات قانونية – تُعرف بـ الجنسية”, فعلى سبيل المثال، قد تجد في ليبيا من يقول لك انا عربي، وهذا أمازيغي، وهذا شركسي، وهذا كرغلي، وهذا تباوي، وهذا طارقي، وهذا قريتلي، وهذا أوجلي، وهذا إفريقي… إلخ”، ولكننا جميعاً نعيش ونتحد تحت مظلة واحدة تُسمى “الشعب الليبي”.
مما تقدم يمكن القول إن أهم عنصر يميز “الشعب” عن “الأمة” هو “رغبة الأفراد في العيش المشترك” داخل إقليم مُوحد يُسمى دولة، ويربطهم ببعض “رابطة قانونية – تُسمى الجنسية”، وبذلك يصبح الأفراد مواطنين يحق لهم المشاركة في تسيير أمور دولتهم، أما مفهوم الأمة فأساسه وجود “انتماء عقائدي” بين الأفراد بغض النظر عن وجودهم في دولة أم لا.
رابعاً: الفرق بين الشعب والسكان
للتفريق بين الشعب والسكان، يمكن القول إن الشعب هم أفراد خاضعين لسلطات دولة ويحملوا جنسيتها، بينما مصطلح “السكان” يشمل كل الأفراد المقيمين في دولة ما سواء كانوا مواطنين أو رعايا أو أجانب، فعلى سبيل المثال، في 2022، تم تقدير عدد سكان دولة الإمارات العربية المتحدة بــ9.06 مليون نسمة – متضمناً عدد المقيمون الوافدون والمواطنين الإماراتيين، أما عدد الشعب الإماراتي (أي المواطنين فقط) فقد بلغ إجماليه 1.18 مليون نسمة، بمعنى آخر، يشكل المقيمون الوافدون ما يقرب من 89% من سكان الإمارات، بينما يشكل الإماراتيون (أي الشعب) حوالي 11% من السكان فقط.
خامساً: الفرق بين الشعب والسكان الأصليين
السكان الأصليين (Indigenous People) هي مجموعة ثقافية أو عرقية قائمة في مكان لم تهاجره وتعتبره وطنها، وهي ليست جزء من السكان الوافدين أو المستعمرين، ولهذه المجموعة خصائص اجتماعية وثقافية ولغوية تختلف عن السكان الآخرين، بمعنى آخر، هي مجموع السكان الذين وجدوا في دولة ما قبل أن يأتي لها الوافدين الذين أُستوطنوا فيها او أُستعمروها.
ولعل من أهم مطالب السكان الأصليين (1) الحق في ممارسة تقاليدهم وعاداتهم الثقافية واللغوية، (2) الحق في المحافظة على ثقافتهم ولغاتهم وحمايتها وتطويرها، (3) الحق في المحافظة على أراضي أجدادهم والعمل على توريثها للأجيال القادمة.
والحقيقة أن هذه حقوق مشروعة وعلى الدولة أن تحققها وتحميها لهم، ولكن على السكان الأصليين ألا يخلطوا بين هذه الحقوق المشروعة وبين مكانتهم كمواطنين في الدولة، وأن يدركوا أنهم “مواطنون أولاً” وأنهم جزء من الشعب في الدولة، وليس مجرد مُكون آخر منفصل عنه، بمعنى آخر، عليهم أن يدركوا أن محاولة تقسيم الشعب إلى مكونات “أصيلة” وأخرى “غير أصيلة” أو “مستعمرة” هو ظاهرة سلبية وخطيرة جداً، ولن تقود إلا إلى ضعف الوحدة الوطنية والمزيد من الفرقة والصراع المجتمعي.
الخلاصة
في علم السياسة، مصطلح الشعب يدل على مجموعة كبيرة من المواطنين الذين قرروا العيش المشترك، وارتبط مصيرهم في كيان سياسي واحد، وقد يشمل هذا الشعب مكون اجتماعي واحد (كما هو الحال في دولة اليابان اليوم)، أو مكونات عديدة كالقبائل والطوائف والعشائر والسكان الأصليين وغيرهم، كما هو الحال في أغلب الدول الحديثة.
في الختام، لعله من المناسب أن اختم هذا المقال بالتأكيد على: (أ) ضرورة الاقتناع بأنه لن تكون هناك دولة حديثة، ولا ديمقراطية حقيقية، ولا وطن يسع الجميع، إلا بتوافق الأفراد على مفهوم “الشعب”, (ب) ضرورة اعتبار “الشعب” الوعاء الذي ينصهر فيه كل المواطنين في الدولة – سواء كانوا من السكان الأصليين أو الوافدين. (جـ) ضرورة اعتبار المواطيين سواسية في حقوقهم وواجباتهم. (د) ضرورة التوافق على أن “الشعب” هو نقطة الانطلاق للوصول إلى “الهوية المشتركة” التي ستحقق الوحدة الوطنية والمساواة السياسية والمصير الواحد، ومن ثم يُبنى وطن يسع الجميع.
أخيرا لا تنسوا، يا أحباب، أن هذا مجرد رأي،
اعتقد أنه صواب،
فمن أتى برأي أحسن منه قبلناه،
ومن أتى برأي يختلف عنه احترمناه.
والله المســتعـان.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: السکان الأصلیین فی الدول فی دولة الحق فی على أن
إقرأ أيضاً:
مهرِّج برتبة رئيس دولة عظمى
يتماهى بمواقفه وطروحاته وحتى حركات جسده غالبا مع الكوميدي البريطاني (مستر بن)، يتميز بكونه رجل الصفقات، ومقايضاً متمرساً منذ أن بدأ حياته مقايضا ومفاوضا (بنات الليل اللاتي يقصدن حاناته ومواخيره)، قبل أن تتسع أنشطته ويبدأ بإبرام صفقات عقارية ومضاربات، هو قادم من خارج ترويكا الدولة العميقة ومن خارج الأطر الحزبية الحاكمة والمتحكمة بالدولة الأكبر في العالم وعلاقتها مع هذا العالم الذي كان يستظل بظلها قسرا وقهرا وعنوة..
دونالد ترامب هو (المهرج) الذي أقصده، والذي من خلال مواقفه وتصريحاته يتضح جليا أنه يهرف بما لا يعرف، ويقول من الكلام ما لا يدرك عواقبه وقد لا يقصده إلا من زاوية ( الإثارة) وهو الذي امتهن (الإثارة)، مهنة فيما حياته ومسيرته عنونتها الإثارة وتسببت بها سواءً عبر الصفقات التجارية التي جعلت منه مفاوضاً بارعاً، أو من خلال الصفقات (الليلية) التي أدمنها وأنسته حتى أن يفرق بين صفقات أبرمها ونجح فيها كتاجر وبين أخرى ذات علاقة بقيم وتقاليد وحقوق الآخر الحضاري، كما تجاهل الفرق بين كونه رجل صفقات ناجحاً في بلد مثل أمريكا كل شيء فيها قابل للبيع وكل شيء فيها له ثمن، بما في ذلك الشرف والكرامة والجسد وأعضاؤه وحتى البشر أنفسهم وأفكارهم، كل شيء هناك يمكن بيعه، وكل شيء له سعر في مجتمع كل شيء فيه مباح لدخول بازارات العرض والطلب..!
لذا حين تحدث ما تحدث عن فلسطين وعن ( قطاع غزة) وعن رؤيته في جغرافية القطاع التي يريدها (ريفيرا) الشرق الأوسط، متخيلا شواطئها الخلابة وجغرافيتها الساحرة التي ستجعل منها أجمل من (الريفيرا) ومن أي منتجع من منتجعات العالم السياحية، وهو هنا لم يجانبه الصواب بل لامس كبد الحقيقة وكان فيها صادقا رغم أنه أقبح من (مسيلمة) في الكذب..
لكنه أسقط الفكرة هنا انطلاقا من ثقافة واقعه وتجاهل أن هذا القطاع الذي أسقطت عليه آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ والقذائف الأمريكية على مدى 15 شهرا، هذا الشعب الذي رفض فكرة كونه لاجئا ورفض التسليم بنظرة العالم إليه قبل ثمانية عقود وهي النظرة التي كانت ترى في أبنائه (مجرد لاجئين يبحثون عن مكارم العالم) في تأمين حياة كريمة لهم على طريقة (غجر أوروبا) أو (هنود أمريكا) الذين لايزالون يعيشون في محميات معزولة، هذا الشعب ليس كل هؤلاء ولا يشبههم وليس هناك شعب فوق الأرض وتحت الشمس يشبه الشعب العربي في فلسطين الذي يقاوم (المخرز بالعين) ويقاوم ( بدمه سيف الاحتلال)، هذا الشعب يحتاج ترامب لأكثر من فترات حكمه ليقرأ تاريخه ويعرف من هو شعب الجبارين، هذا الشعب الذي أرسل لكل العالم رسالته يوم عاد بعشرات الآلاف سيرا على الأقدام وفوق أطلال القطاع المدمر والذي كانت أمريكا شريكا وداعما للعدو الذي دمره، ومع ذلك كانت عودة التحدي والصمود كافية لكل العالم أن يدرك أبعاد تلك العودة وتلك الجماهير التي غطت جغرافية القطاع، وبلغة واحدة هتفوا سنعيد التعمير ولن نغادر أرضنا وسوف نعيد لها الحياة.. سنعيد زراعة أشجار الزيتون التي اقتلعها العدو كما قتل الأطفال والنساء والشيوخ، أما المقاومة فقد ظهرت في صفقات تسليم الأسري حاضرة وجاهزة، صحيح أن كل أولئك الملثمين من أبطال المقاومة فيهم من فقد أباً أو أماً أو أخاً أو قريبا أو من فقدهم جميعا، لكن كل هذا لا يجعلهم في رغبة استسلام للأقدار ولا يدفعهم للتهافت والترحيب بنظرية ترامب الذي يحاول من خلالها أن يحقق للعدو الصهيوني ما عجزوا عن تحقيقه بالنار والدمار والقتل طيلة أشهر العدوان الإجرامي الذي أشرفت عليه أمريكا وشاركت فيه وكانت الطرف الأصيل في حرب الإبادة على القطاع.. ترامب يثبت أنه ليس مجرد رئيس دولة عظمى، بل يؤكد أنه (نخاس) للأسف، وشخصيته العبثية حتى وإن فسرنا مواقفه وتصريحات الغرور والغطرسة بأنها قد تكون تأتي على قاعدة (ادعي عليه بالموت يرضى بالحمى)، كما حاول الإيحاء بذلك مستشاره للأمن القومي الذي قال إن ما قصده ترامب هو تحفيز دول المنطقة على إيجاد حل للصراع.. غير أن كل هذه الأساليب لا تنطلي على الفلسطيني بما فيهم الفلسطيني (الخائن والعميل) الذي لن يقبل بتطبيق أفكار ترامب ليس لأنه وطني بل لأنه لن يقوى على تنفيذه وإن أراد.. باستثناء أولئك الذين يعيشون في كنف بعض الأنظمة أو أولئك الذين يرتبطون بعلاقة مقدسة مع أجهزة الكيان وأمريكا وهم قلة لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة..!
ما يحب أن نستوعبه في كل هذه الدراما العبثية هو أن نتوقف ونتساءل عن دور بعض العرب في تصدير ترامب لفكرته، التي لها جذور عربية للأسف بل اقدر أجزم وأقول إن فكرة ترامب ليست من بنات أفكاره وإن ساهم هو بتطويرها أو تشذيبها ولكنها في الحقيقة فكرة النظام (الإماراتي) وبعض رموز الخيانة والارتهان الفلسطيني الذين يعيشون في كنف هذا النظام وفيهم من يعملون بمهنة (مستشارين لرأس النظام الإماراتي) والفكرة عرضت على بعض الأنظمة وتحديدا النظامين الأردني والسعودي وفي أضيق نطاق، أي عرضت على رؤوس النظامين الذين لم يرغبوا في تبنيها، لكنهم وضعوها أمام (عرابهم الأمريكي)، متعهدين له بأنهم سيكونون أول من يبادرون للإدانة ورفض المبادرة في حال طرحها، حتى يبعدوا الشبهة عن أنفسهم وهذا ما حدث، ولكن التطبيق لن يحدث ولو طلعت الشمس يوما من حيث تغرب..!
وفي العموم فإن كل هذا الضجيج يجب أن لا نزدريه، بل يجب إدراك أهدافه والتي قد تكون أبعد من غزة، بل قد يكون كل هذا الضجيج تغطية عن مخطط يحاك للمنطقة ولكن كيف؟ وأين؟ هذا ما يجب أن نعرفه.