قانون تنظيم الأحزاب السياسية الحالى أصبح لا يتماشى مع التغيرات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية الحالية، وأصبحت هناك حاجة لقانون جديد ينظم دورها بشكل محدد، وحقيقى، وأن تدرك طبيعة مهامها كونها حلقة الوصل بين المواطن ومؤسسات الدولة المختلفة. وهذا سيأتى من خلال قوانين جديدة تتناسب مع الجمهورية الجديدة.
وهنا يأتى دور الحوار الوطنى الذى طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى استمراره ليشكل نقلة توعية فى مسار الحياة السياسية والحزبية وفرصة جيدة وممكنة لإعادة تشكيل بنية الحياة الحزبية فى مصر، إما عن طريق الاندماج أو من خلال الأحزاب ذات البرامج الواحدة أو الأحزاب ذات الأفكار والرؤى والمقاربات الواحدة، وهو أمر طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ فترة بأن الأحزاب لكى تقوى لابد أن تندمج أو تأتلف فى إطار واحد.
الاندماجات بين الأحزاب والائتلافات الحزبية مهمة فى الفترة القادمة مع قرب الانتخابات البرلمانية والمحليات حتى تشتبك بشكل أكبر ومؤثر فى الشارع المصرى واحتياجاته عن طريق استغلال قبلة الحياة التى منحها لها الرئيس السيسى بدعوته للحوار والوصول لمسارات متنوعة وطرح بدائل متعددة تلبى تطلعات الشعب على جميع الأصعدة.
تقدير القيادة السياسية للأحزاب بأنها ركن أساسى من أركان النظم الديمقراطية، وإحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، وضع عليها مسئولية للعمل على تحسين أدائها حتى يكون لها دور فاعل فى المشهد السياسى والمجتمعى، إذ إن مناقشة قانون الأحزاب السياسية، الدمج والتحالفات الحزبية، الحوكمة المالية والإدارية، ودور لجنة شئون الأحزاب، تعد عوامل رئيسية فى مسار النهوض بالأحزاب وتعزيز مشاركتها، وأن يكون لدينا كيانات سياسية قوية ومؤثرة فى عملية صنع السياسات العامة للدولة وهو ما يرسخ بدوره المفهوم الشامل لحقوق الإنسان.
إن التحدى الأكبر الحالى هو الواقع الحزبى فى مصر الذى لا نجد فيه اختلافات كبيرة وملموسة، مما يستلزم النظر لهذا الواقع ليشمل زيادة صلاحيات واختصاصات لجنة شئون الأحزاب السياسية، واستمرار عملها ضمن القضاء لضمان عدم تولى أية جهة سياسية الإشراف على عمل الأحزاب، وزيادة إمكانياتها والاهتمام بالخبرات الفنية التى تضم لها وتوفير الأدوات اللازمة لعملها، ومنحها مزيدا من الاختصاصات بحيث تمكنها فى حالات معينة من تجميد نشاط الحزب لتوفيق أوضاعه لمدة لا تزيد على سنة.
اغتنام الأحزاب السياسية للحوار الوطنى الذى سهل لقياداتها الجلوس من خلال إجماع وطنى لمناقشة مشاكل الأحزاب المزمنة من خلال مبادرة الرئيس السيسى التى جاءت بمثابة حجر ألقى فى المياه الراكدة أدى إلى تحريك العملية الحزبية والسياسية، من شأنه أن يسفر عن رؤية جديدة تزيد من فرص تحركاتها وبناء قواعدها الجماهيرية على مستوى محافظات الجمهورية، ولبناء منظومة تدعم المستوى المالى والفنى والتدريبى للكيانات الحزبية، وهو ما يعتبر خطوة مهمة لإثراء الحياة الحزبية وإحداث نقلة نوعية ومختلفة.
لا يخفى على أحد أن الأحزاب السياسية معظمها على الأقل تواجه أزمة تمويل تعجزها عن تحركها فى الشارع أو حتى داخل مقراتها وعلى مستوى تشكيلاتها، وهناك مقترحات ساهم فى طرحها الحوار الوطنى مثل السماح للأحزاب بممارسة أنشطة تجارية، أو السماح للشخصيات الاعتبارية بتمويل العمل الحزبى، على أن يتم خصم هذه التبرعات من الوعاء الضريبى للمتبرعين، وكذلك دعوة الدولة إلى تمويل الأحزاب، وهناك شبه إجماع من المتحاورين على ضرورة أن تتمكن الأحزاب من تنظيم أنشطة جماهيرية فى إطار الدستور والقانون، وفق إجراءات متفق عليها، بالاضافة إلى حوكمة الأوضاع الداخلية للأحزاب، إداريا وماليا وفق مبادئ يحددها قانون الأحزاب بعد تعديله.
باختصار هناك فرصة ذهبية يجب أن تستغلها الأحزاب السياسية من خلال الحوار الوطنى الذى سهل اجتماعاتها بهذه الكثافة لإصلاح أوضاعها ووضعها على طريق المنافسة فيما بينها فى الانتخابات. عندما تتقوقع الأحزاب داخل مقراتها تفقد بريقها وينفض الناس من حولها، وكلما ظهرت نالت ثقة الشارع واجتمع الناس عليها. العمل الحزبى عمل تطوعى وليس وظيفة، والعمل هو حلقة الوصل بين المواطن والدولة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن حديث الأحزاب محمود غلاب تنظيم الأحزاب السياسية بين المواطن الأحزاب السیاسیة من خلال
إقرأ أيضاً:
بعد العيد
سريعًا كعادته مر رمضان وجاء العيد، كل عام وشعب مصر العظيم الطيب بخير، أيامٌ مباركة نستقبل بعدها أحداثًا هامة تتطلب الكثير من التركيز، والاستعداد حتى تدوم أيامنا الطيبة في وطن عريق ينشد الاستقرار، والبناء.
بعد العيد سوف تتواصل فصول الضغط الذى يمارس على مصر من أجل قبول فكرة استقبال بعض سكان قطاع غزة في أراضيها، رسميًا، وشعبيًا نحن نرفض التهجير، ونرى فيه قتلاً متعمدًا لقضية فلسطين أم القضايا عبر تاريخ العرب المعاصر، نقف بمفردنا في مواجهة هذا الصلف، والإصرار على تنفيذ المخطط، ولكننا أقوياء مهما تخيل البعض عكس ذلك، ففي هذا البلد شعب وجيش وقيادة ومؤسسات تعرف جيدًا متي تقول (لا) حين يكون القبول في غير صالح الوطن.
بعد العيد أيضًا سيكون لدينا بداية مبكرة، واستعداد لاستحقاقات نيابية قادمة نرجو أن تضيف لمصر قوة ولشعبها دعمًا، نحتاج إلى مجلس نيابي يلائم تطلعات أهل مصر، مفكرين ونخب وطنية قادرة على تقديم الأفكار والخطط التي تخرج بنا إلى براح التقدم، نريد مجلسًا مختلفًا يلبي احتياجات المرحلة الصعبة التي نعيشها سياسيًا وتشريعيًا، أمامنا الوقت لنحسن وضع المعايير التي تكفل خروج هذا الاستحقاق بشكل قوى يمنح الناس الأمل في مستقبلهم، ويقدم للخارج رسالة مفادها أن مصر لا تنضب أبدأ من الكوادر الوطنية المبدعة.
بعد العيد أيضًا نأمل أن نكون على موعد ننتظره منذ حين، وخطوات حقيقية في ملف بناء الإنسان المصرى، وتطوير محددات الشخصية المصرية من دراما وفن وصحافة وإعلام وممارسة حزبية وخطاب ديني، لا ينقصنا شيء كي نفعلها فنحن أصحاب السبق، والريادة في كل هذه المجالات، لتكن حرب شعواء على الرداءة والعنف وفقدان الهوية وسطوة رأس المال وتشتت البيت المصرى وفجوة الأجيال، لنكتب لهذا الوطن تاريخًا جديدًا يستحقه، ولنمنح شعب مصر الصابر أملاً ونورًا في نهاية النفق.. .كل عام ومصر عظيمة بشعبها ومؤسساتها، وتاريخها الطويل الذى يصنع المستقبل.