بوابة الوفد:
2024-06-29@15:13:57 GMT

حديث الأحزاب

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

قانون تنظيم الأحزاب السياسية الحالى أصبح لا يتماشى مع التغيرات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية الحالية، وأصبحت هناك حاجة لقانون جديد ينظم دورها بشكل محدد، وحقيقى، وأن تدرك طبيعة مهامها كونها حلقة الوصل بين المواطن ومؤسسات الدولة المختلفة. وهذا سيأتى من خلال قوانين جديدة تتناسب مع الجمهورية الجديدة.

وهنا يأتى دور الحوار الوطنى الذى طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى استمراره ليشكل نقلة توعية فى مسار الحياة السياسية والحزبية وفرصة جيدة وممكنة لإعادة تشكيل بنية الحياة الحزبية فى مصر، إما عن طريق الاندماج أو من خلال الأحزاب ذات البرامج الواحدة أو الأحزاب ذات الأفكار والرؤى والمقاربات الواحدة، وهو أمر طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ فترة بأن الأحزاب لكى تقوى لابد أن تندمج أو تأتلف فى إطار واحد.

الاندماجات بين الأحزاب والائتلافات الحزبية مهمة فى الفترة القادمة مع قرب الانتخابات البرلمانية والمحليات حتى تشتبك بشكل أكبر ومؤثر فى الشارع المصرى واحتياجاته عن طريق استغلال قبلة الحياة التى منحها لها الرئيس السيسى بدعوته للحوار والوصول لمسارات متنوعة وطرح بدائل متعددة تلبى تطلعات الشعب على جميع الأصعدة.

تقدير القيادة السياسية للأحزاب بأنها ركن أساسى من أركان النظم الديمقراطية، وإحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، وضع عليها مسئولية للعمل على تحسين أدائها حتى يكون لها دور فاعل فى المشهد السياسى والمجتمعى، إذ إن مناقشة قانون الأحزاب السياسية، الدمج والتحالفات الحزبية، الحوكمة المالية والإدارية، ودور لجنة شئون الأحزاب، تعد عوامل رئيسية فى مسار النهوض بالأحزاب وتعزيز مشاركتها، وأن يكون لدينا كيانات سياسية قوية ومؤثرة فى عملية صنع السياسات العامة للدولة وهو ما يرسخ بدوره المفهوم الشامل لحقوق الإنسان.

إن التحدى الأكبر الحالى هو الواقع الحزبى فى مصر الذى لا نجد فيه اختلافات كبيرة وملموسة، مما يستلزم النظر لهذا الواقع ليشمل زيادة صلاحيات واختصاصات لجنة شئون الأحزاب السياسية، واستمرار عملها ضمن القضاء لضمان عدم تولى أية جهة سياسية الإشراف على عمل الأحزاب، وزيادة إمكانياتها والاهتمام بالخبرات الفنية التى تضم لها وتوفير الأدوات اللازمة لعملها، ومنحها مزيدا من الاختصاصات بحيث تمكنها فى حالات معينة من تجميد نشاط الحزب لتوفيق أوضاعه لمدة لا تزيد على سنة.

اغتنام الأحزاب السياسية للحوار الوطنى الذى سهل لقياداتها الجلوس من خلال إجماع وطنى لمناقشة مشاكل الأحزاب المزمنة من خلال مبادرة الرئيس السيسى التى جاءت بمثابة حجر ألقى فى المياه الراكدة أدى إلى تحريك العملية الحزبية والسياسية، من شأنه أن يسفر عن رؤية جديدة تزيد من فرص تحركاتها وبناء قواعدها الجماهيرية على مستوى محافظات الجمهورية، ولبناء منظومة تدعم المستوى المالى والفنى والتدريبى للكيانات الحزبية، وهو ما يعتبر خطوة مهمة لإثراء الحياة الحزبية وإحداث نقلة نوعية ومختلفة.

لا يخفى على أحد أن الأحزاب السياسية معظمها على الأقل تواجه أزمة تمويل تعجزها عن تحركها فى الشارع أو حتى داخل مقراتها وعلى مستوى تشكيلاتها، وهناك مقترحات ساهم فى طرحها الحوار الوطنى مثل السماح للأحزاب بممارسة أنشطة تجارية، أو السماح للشخصيات الاعتبارية بتمويل العمل الحزبى، على أن يتم خصم هذه التبرعات من الوعاء الضريبى للمتبرعين، وكذلك دعوة الدولة إلى تمويل الأحزاب، وهناك شبه إجماع من المتحاورين على ضرورة أن تتمكن الأحزاب من تنظيم أنشطة جماهيرية فى إطار الدستور والقانون، وفق إجراءات متفق عليها، بالاضافة إلى حوكمة الأوضاع الداخلية للأحزاب، إداريا وماليا وفق مبادئ يحددها قانون الأحزاب بعد تعديله.

باختصار هناك فرصة ذهبية يجب أن تستغلها الأحزاب السياسية من خلال الحوار الوطنى الذى سهل اجتماعاتها بهذه الكثافة لإصلاح أوضاعها ووضعها على طريق المنافسة فيما بينها فى الانتخابات. عندما تتقوقع الأحزاب داخل مقراتها تفقد بريقها وينفض الناس من حولها، وكلما ظهرت نالت ثقة الشارع واجتمع الناس عليها. العمل الحزبى عمل تطوعى وليس وظيفة، والعمل هو حلقة الوصل بين المواطن والدولة.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حكاية وطن حديث الأحزاب محمود غلاب تنظيم الأحزاب السياسية بين المواطن الأحزاب السیاسیة من خلال

إقرأ أيضاً:

في ذكرى 30 يونيو| مصطفى بكري يرصد أسرارَ أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر (3).. قضية اقتحام السجون

أحد عشر عامًا مرت على ذكرى ثورة الثلاثين من يونيو، هذه الثورة العظيمة التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وكانت بدايةً لتحرير البلاد وإنقاذها من أتون الحرب الأهلية التي كادت تعصف بكل شيء.

أحداث جسام، تطورات خطيرة، وقائع عديدة، عاشتها مصر، منذ وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم في البلاد، حالة من الفوضى والانقسام، والأزمات المتتالية التي باتت تهدد وجود الدولة من الأساس.. حتى وصف المصريون هذه الفترة بأنها من أشد فترات التاريخ الحديث «ظلامية وسوادًا».

عمَّتِ التظاهرات البلاد رافضةً حكم الإخوان، منذ البدايات الأولى لوصولهم إلى السلطة وممارساتهم المعادية للجميع، وسعي الإخوان في المقابل إلى فرض سطوتهم وجبروتهم بهدف كسر إرادة الجماهير وتركيع مؤسسات الدولة لتصبح تابعة لمكتب الإرشاد، تأتمر بأوامره، وتنفذ تعليماته.

وقد كان انحياز الجيش المصري للثورة هو العامل الرئيسي في تحقيق أهدافها، وإعادة بناء الدولة على أسس دستورية وقانونية، حيث التزم القائد العام للجيش في هذا الوقت الفريق أول عبد الفتاح السيسي بتنفيذ خارطة الطريق التي أعلن عنها في الثالث من يوليو وجرى بمقتضاها تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد، ثم جرى وضع دستور والاستفتاء عليه، ثم انتخاب حر لرئاسة الجمهورية، ثم انتخابات مجلس النواب، ثم بدء مشروع النهضة والبناء الذي تحقق على يد القيادة السياسية، في الفترة من 2014 إلى 2024، وبالرغم من التحديات الجسام التي عاشتها مصر ولا تزال، فإن وحدة الشعب المصري خلف القيادة كانت من أهم عوامل النجاح، حيث تكاتفتِ الجهود الشعبية والتنفيذية لإنجاز آلاف المشروعات التي ستظل شاهدًا على إرادة المصريين وعزمهم.

وقد تحمَّل الكاتب والبرلماني المصري، مصطفى بكري، مسئولية التأريخ لهذه الفترة بكل أمانة وموضوعية، فأصدر العديدَ من الكتب المهمة التي رصدت أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير وما بعدها، فأصدر كتب: «الجيش والثورة»، و«الجيش والإخوان»، و«سقوط الإخوان»، و«الصندوق الأسود لعمر سليمان»، وغيرها.

وفي ذكرى الثلاثين من يونيو، تنشر «الأسبوع»، بعضَ ما رصده الكاتب الصحفي مصطفى بكري، في كتابه الصادر عن دار «سما» للطباعة والنشر حول أخطر عشرة أيام هزت مصر.

مصطفى بكري
قضية اقتحام السجون

تابع المصريون فى هذا الوقت، قضية اقتحام السجون، والاستماع إلى أقوال الشهود، الذين أدلوا بمعلومات خطيرة حول وقائع ما جرى ودور حركة حماس وجماعة الإخوان فى سيناريو الأحداث الذى شهدته البلاد فى أعقاب أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011.

كانت محكمة جنح الإسماعيلية برئاسة المستشار خالد محجوب، قد أوشكت على إصدار حكمها فى هذه القضية المهمة والخطيرة.

وفى اليوم الثانى والعشرين من يونيو 2013، تابع المصريون مرافعة النيابة العامة فى هذه القضية بإعجاب منقطع النظير، وكان لهذه المرافعة، ردود فعل واسعة فى الشارع المصرى، خاصة أن النائب العام فى هذا الوقت «طلعت عبد الله» كان معروفًا بأنه صنيعة الإخوان وداعمًا لهم، وقد أصيب بصدمة قوية وفوجئ بمرافعة ممثل النيابة فى هذه القضية.

لقد وقف الأستاذ «هيثم فاروق» ممثل النيابة العامة أمام المحكمة ليقول «إنه ثبت فى يقين النيابة العامة نفى أى تواطؤ أو مؤامرة تنسب إلى رجال الشرطة فى إطلاق سراح المسجونين».. وتساءل «لمصلحة من يهان القائمون على حماية البلد وتوفير الأمن على يد أناس وفئات ضل سعيهم فى الحياة الدنيا»؟!.

وقال ممثل النيابة العامة «إن القضية المنظورة وما تحتويه من وقائع أقل ما توصف به، أنها تسطر صفحات من نور، ليعلم الشعب ما حاق به من مكائد على يد من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن، وهم عملاء لخارجه، لذلك كان علينا أن نقرع الأسماع وندق نواقيس الخطر، ليعلم الجميع أى جرم وقع وتم فعله».

وقال: «إن المأساة الحقيقية التى تضمنتها أوراق تلك الدعوى كانت حين تبين أن الدعاوى المحركة للمؤامرة وهى اقتحام السجون وتهريب السجناء، نبعت من قلوب مريضة أطلقتها خمر السلطة فأبت أن تفيق من سكرتها».

واستشهد ممثل النيابة بأقوال الرائد محمد عبد الرحيم نجم الذى قرر أنه خلال استقبال 34 من قيادات تنظيم الإخوان وإيداعهم سجن وادى النطرون دار حوار بينه وبين القيادى الإخوانى «حمدى حسن» الذى أكد له أنهم سيخرجون اليوم أو غدًا، وأنهم هنا لتشكيل الحكومة الجديدة وتولى سلطة البلاد والقضاء على جهاز الشرطة.

وقال هيثم فاروق: «من أجل ذلك ارتكبوا تلك الأفعال، من أجل ذلك قتلوا وسفكوا الدماء، من أجل ذلك راحت حمرة الخجل والحياء، حرام على هذا الوطن بعد اليوم أن يطعمهم من ثماره أو ترويهم قطرات ماءه أو يحملهم ترابه، هؤلاء الذين يدعون الإسلام والعلم بأحكامه تناسوا قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) «لست أخاف على أمتى غوغاء تقتلهم ولا عدوًا يجتاحهم، ولكنى أخاف على أمتى أئمة مضلين، إن أطلعوهم فتنوهم، وإن عصوهم قتلوهم».

وتناول ممثل النيابة العامة الوقائع موضوع المحاكمة وقال «إن إطلاق سراح المتهمين الجنائيين من السجون المصرية كان أيضًا ضمن هذا المخطط بهدف إشاعة الفوضى فى البلاد، ولذلك طالب بإحالة محمد مرسى العياط وعصام العريان وسعد الكتاتنى وسعد الحسينى وصبحى صالح وحمدى حسن وأبو شعيشع الهاربين من السجن والضالعين فى المخطط ضمن الـ34 من قيادات الجماعة إلى النيابة العامة، ومعاقبتهم طبقًا لنص المادة 138 من قانون العقوبات.

ثورة 30 يونيو

وفى صباح اليوم التالى، الأحد 23 يونيو، كان الحكم التاريخى الذى أصدرته المحكمة برئاسة المستشار خالد محجوب، والذى أكدت حيثياته بوضوح لا يقبل اللبس اتهام محمد مرسى و34 أخرين بالتخابر والتحريض على القتل والهرب واتهامات أخرى عديدة.

واتهم الحكم حركة حماس بالمشاركة فى هذه الخطة من خلال تسلل عدد من عناصرها بمشاركة جماعة الإخوان، وعناصر من حزب الله فى تنفيذ الخطة الإجرامية.

وكان أخطر ما احتوته حيثيات الحكم الطلب من النيابة العامة أن تأمر بالقبض على كل من محمد محمد مرسى العياط وسعد الكتاتنى وصبحى صالح وعصام العريان وحمدى حسن ومحمد إبراهيم ومحى حامد ومحمود أبو زيد، ومصطفى الغنيمى وسيد نزيلى وأحمد عبد الرحمن وماجد الزمر، وحسن أبو شعيشع وعلى عز، ورجب البنا، وأيمن حجازى، والسيد عياد، وإبراهيم حجاج الهاربين من السجون المصرية وشركائهم فى ارتكاب الوقائع وإحضارهم للتحقيق معهم فيما أثير بالأوراق عن اشتراك الأسماء الواردة والتى تم ذكرها من قيادات الجهاد والجماعات التكفيرية والقاعدة والسلفية، فضلًا عن تكليف وزارة الداخلية بالكشف عن باقى أسماء الأربعة وثلاثون معتقل من التنظيم الإخوانى والمعتقلين الهاربين أثناء تلك الأحداث واتخاذ النيابة العامة شئونها بشأن ما أثير بالأوراق، حتى يكون جميع المواطنين متساويين فى الحقوق والواجبات ولا يفلت جانى من جريمة قام بارتكابها، وأن ما أثير من وقائع وجرائم فى تلك الأوراق منسوبة للأسماء التى تم ذكرها، وهى تعتبر من أحط وأبشع الجرائم لما فيها من تعدى على سيادة الدولة وحرمة أراضيه واستقلالها التى قاموا بتدنيسها بأعمالهم الإجرامية التى استباحوا وسفكوا فيها دماء المصريين للوصول لأهدافهم ورغباتهم دون النظر لحرمة الوطن والدم والحق فى الحياة الآمنة لكل فرد على أرض هذا الوطن متعاونين مع عناصر أجنبية ضد مصلحة هذا الوطن لاكتمال المخطط الذى رسموه لأنفسهم لتحقيق مصالحهم فقط.

وعندما أصدرت المحكمة حكمها النهائى بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو ما تقدم، ثار محمد مرسى، وفقد أعصابه، وراح يجرى اتصالًا بالنائب العام طلعت عبد الله ويوبخه على اتهامات النيابة العامة له وللآخرين بالخيانة والقتل والتآمر والتخابر مع قيادات حماس.

وعندما حاول المستشار طلعت عبد الله تهدئته، وقال له: إن هذا الحكم هو والعدم سواء، وإنه سيتم الاعتراض عليه، هدأت أعصاب محمد مرسى، وقال: أنا لا أعير مثل هذه الأحكام اهتمامًا، ولكن اتهامنا بهذه الاتهامات الخطيرة هو الذى آثار غضبى وحنقى على هذا الحكم والذى سوف يستغله المعادون لحكمى.

وفى هذا اليوم أيضًا تجمع المئات من المصريين بالقرب من وزارة الدفاع وأمام ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بشارع الخليفة المأمون مطالبين بإسقاط حكم جماعة الإخوان.

كنا قد التقينا مجموعة من الرافضين لحكم الإخوان فى صباح هذا اليوم بفندق رمسيس هيلتون لحضور اجتماع الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان والذى يترأسه المستشار نجيب جبرائيل، وكان من بين الحضور د.رفعت السعيد والمستشارة تهانى الجبالى والمستشار عدلى حسين وشريف دوس ورمزى زقلمه والشيخ مظهر شاهين.

وكان الهدف من وراء هذا الاجتماع هو الرد على تصريحات السفيرة الأمريكية التى تعمدت فيها الإساءة للجيش المصرى، خاصة بعد لقائها بخيرت الشاطر فى مكتبه.

وفى هذا اليوم أيضًا أعلنت حركة تمرد بقيادة محمود بدر عن أعداد الذين وقعوا الاستمارات التى تطالب بإجراء استفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة، ووصل العدد إلى أكثر من 22 مليون مواطن، وكان محمود بدر قد حضر إلى مكتبى مع بداية الحملة ووقعت له الاستمارة ووقع العديد من الزملاء بصحيفة «الأسبوع».

حكة تمرد ضد الإخوان

وفى صباح هذا اليوم عُقدت الندوة التثقيفية الخامسة التى أقيمت بنادى الجلاء بحضور الفريق أول عبد الفتاح السيسى والفريق صدقى صبحى رئيس الأركان وقادة الأفرع الرئيسية وجمع كبير من القادة والضباط والجنود، وقد استضافت الندوة للحديث كلًا من أحمد أبو زيد وزير الرى الأسبق ود.عبد المنعم سعيد المدير السابق لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.

وتحدث د.عبد المنعم سعيد عن الوضع السياسى والاقتصادى الذى كانت تعيشه البلاد فى هذا الوقت، وأكد فى محاضرته أن الدولة تمضى إلى طريق الانهيار السريع، وقدَّم بالأرقام حقائق الوضع الاقتصادى.

وخلال فترة الاستراحة التقى القائد العام برئيس الأركان الفريق صدقى صبحى وقادة الأفرع الرئيسية، وتشاور معهم فى تطورات الأمر، خاصة بعد محاضرة د.عبد المنعم سعيد والتى حذر فيها من خطورة تردى الأوضاع، وكان رأى الفريق صدقى صبحى أن الأمور تمضى من سيئ إلى أسوأ، وأن الرئيس مرسى لايزال يعاند، ولا يريد الاستجابة للمطالب الشعبية، واستدل على ذلك بلقاء الأمس الذى جرى فى قصر القبة معه واستمر لمدة ثلاث ساعات، وأنه لابد للجيش من موقف حاسم لحماية البلاد من المخاطر.

وتحدث أيضًا عدد من القادة الآخرين، وعندما جاء الدور على الفريق عبد المنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوى، تحدث عن ضرورة إنذار الكافة لأن البلاد تمضى نحو الهاوية وبعد المناقشات السريعة.

قال السيسى: «استنادًا إلى الأحداث التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن، لابد أن يكون لنا موقفنا المحدد الذى يضع حدًا لهذه الفوضى ويحمى مؤسسات الدولة».

كان القائد العام على ثقة بأن البلاد تمضى نحو الهاوية، وأن استمرار الحال على ما هو عليه كفيل بتصاعد الأزمات والدخول بالبلاد إلى مرحلة الحرب الأهلية، خاصة بعد أن رفض مرسى الاستجابة للمطالب التى حملها السيسى قبلها بيوم واحد.

طلب القائد العام مجموعة أوراق، وراح يكتب البيان التاريخى الذى حذَّر فيه من مخاطر الفتنة وأعطى أسبوعًا للقوى السياسية لإنهاء الأزمة، وإن كان البيان موجهًا أساسًا لجماعة الإخوان..

وبعد أن انتهى الفريق أول عبد الفتاح السيسى من صياغة البيان، أطلع عليه الفريق صدقى صبحى، وبقية أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة الحاضرين فى هذا اللقاء، وافق الجميع على البيان، واستعد السيسى لإذاعته خلال خطابه المهم والشهير.

لقد قال السيسى فى البيان الذى تلاه باسم القيادة العامة للقوات المسلحة «إن القوات المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل، لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام وولاء رجالها لمصر ولشعبها العظيم».

وأكد الفريق السيسى «أن القيادة العامة للقوات المسلحة منذ توليها المسئولية فى أغسطس من العام 2012، أصرت أن تبتعد بقواتها عن الشأن السياسى وتفرغت لرفع الكفاءة لأفرادها ومعداتها، وقال: «إن ما تم من إنجازات فى هذا الشأن خلال الثمانية أشهر السابقة يمثل قفزة هائلة».

وأشار السيسى «إلى أن هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع وأن استمرارها خطر على الدولة المصرية، ولابد من التوافق بين الجميع»، وقال: «يخطئ من يعتقد أن هذه الحالة فى صالح المجتمع، بل تضر به وتهدد الأمن القومى المصرى»، وأضاف «يخطئ من يعتقد أننا فى معزل عن المخاطر التى تهدد الدولة المصرية، ولذلك لن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد فى صراع تصعب السيطرة عليه».

وقال السيسى: «أؤكد أن علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر، ويخطئ من يعتقد أنه يستطيع بأى حال من الأحوال الالتفاف حول هذه العلاقة أو اختراقها».

ثورة 30 يونيو

وقال القائد العام «إن إرادة الشعب المصرى هى التى تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسئولين مسئولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدى على إرادة الشعب، وأنه ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهلنا المصريين»، وقال السيسى بلغة حاسمة «الموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه».

وانتقد السيسى فى البيان الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه معتبرًا إياها إساءة للوطنية المصرية، وقال «إن الشعب المصرى بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه، وأن القوات المسلحة لن تقف صامتة بعد الآن تجاه أى إساءة قادمة توجه إليها، وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومى المصرى.

وأكد القائد العام للقوات المسلحة «أن الجيش المصرى هو كتلة واحدة صلبة ومتماسكة وعلى قلب رجل واحد يثق فى قيادته وقدرتها، وأنه تجنب خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسى إلا أن مسئوليته الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة.

وانهى الفريق أول عبد الفتاح السيسى بيانه بالقول «إن القوات المسلحة تدعو الجميع، دون أى مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها، ولدينا من الوقت «أسبوع» يمكن أن يتحقق خلاله الكثير، وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضره ومستقبله».

ضجة القاعة بالتصفيق من الحاضرين، عمت حالة من الارتياح أوساط الشعب المصرى الغاضب، ولم يخف مرسى أو جماعته قلقهم من هذا الموقف الذى يمثل تحديًا لهم، وانحيازًا واضحًا لإرادة المصريين.

فى هذا الوقت كان المثقفون والفنانون يواصلون اعتصامهم داخل مقر وزارة الثقافة، وقد عمت الفرحة جميع المعتصمين بعد سماعهم للبيان، وصمموا على الاستمرار فى الاعتصام حتى الثلاثين من يونيو.

ثورة 30 يونيو

أحدث البيان الذى ألقاه القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسى ردود فعل قوية لدى الشارع المصرى، بينما أثار حالة شديدة من القلق لدى جماعة الإخوان.

فى البداية زعمت الجماعة أن البيان جاء بموافقة محمد مرسى إلا أن مصدرًا عسكريًا كذب هذه الادعاءات وقال «إن مرسى لم يلتق السيسى إلا فى الخامسة مساء، أى بعد إعلان البيان».

فى كل الأحوال فإن اللقاء الذى جرى بين مرسى والسيسى شهد جدلًا واسعًا حول البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة.

لقد كان من رأى مرسى أن البيان يزيد الأمور اشتعالًا وأن جماعته ثائرة ورافضة لهذا البيان الذى هو من رأيه يشجع الرافضين لحكمه للخروج فى تظاهرات يوم الثلاثين من يونيو.

وكان موقف السيسى واضحًا، عندما قال «إن القوات المسلحة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدى أمام المخاطر التى تهدد أمن البلاد، وأن عليه أن يستجيب للمطالب الشعبية وأبرزها إجراء استفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة.

وبدلًا من أن يلجأ مرسى إلى صوت العقل راح يتحدث بغرور شديد بوصفه الرئيس المنتخب، والذى لا يتوجب التشكيك فى شرعيته.

ولم يعط مرسى اهتمامًا لتحذيرات السيسى، وراح يؤكد أن الشعب يقف خلفه، باستثناء القلة المارقة والتى تحركها أهواء شخصية وطمع فى السلطة.

وفى مساء هذا اليوم عقد اجتماع مصغر لمكتب الإرشاد، تقرر فيه إيفاد خيرت الشاطر نائب المرشد العام وسعد الكتاتنى عضو مكتب الإرشاد ورئيس مجلس الشعب السابق لمقابلة الفريق أول عبد الفتاح السيسى وتحذيره من مخاطر هذا البيان وتداعياته.

وفى صباح اليوم التالى، الرابع والعشرين من يونية، طلب د.سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة موعدًا عاجلًا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى للحضور إليه هو وخيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان.

وقد أبلغه اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام، أن الموعد قد حدد له صباح باكر 25 يونيو، فى مساء ذات اليوم كان عدد من ينتمون إلى المذهب الشيعى يحتفلون بمولد الإمام المهدى حفيد الإمام على رضى الله عنه ف ليلة النصف من شعبان.

وبينما كانوا مجتمعين فى منزل «حسن شحاته» أحد أبرز الشيعة فى مصر، هجم عليهم العشرات فى قرية زاوية أبو مسلم بالجيزة وقتلوا أربعة منهم وسحلوهم فى الشوارع وكان من بينهم حسن شحاته، كما أصابوا أخرين.

وقد أحدث هذا الحادث حالة من الخوف والفزع لدى الكثيرين، خاصة أنه جاء بعد تحريض بعض أئمة السلفية خلال مؤتمر نصرة سوريا الذى عقد فى 15 يونيو بحضور محمد مرسى وقيادات مكتب الإرشاد وأكثر من عشرين ألفًا أخرين.

فى صباح اليوم التالى، الرابع والعشرين من يونيو، كانت المظاهرات تزحف إلى مناطق متعددة فى المحافظات وأمام ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومناطق أخرى مهمة فى قلب القاهرة والجيزة.

وفى صباح نفس اليوم، التقى الأستاذ محمد حسنين بعدد من شباب حملة «تمرد» وشدد عليهم خلال اللقاء على ضرورة الحفاظ على سلمية المظاهرات وعدم الانجرار إلى دعوات الإخوان وغيرهم التى تريد أن ينزلق الشباب إلى هاوية العنف فتضيع الحقوق مرة أخرى، وتمكين الإخوان من الاستمرار فى حكمهم.

كانت حركة «تمرد» قد انطلقت فى الشوارع والميادين بهدف تعبئة المواطنين ليوم الثلاثين من يونيو، وكان الإخوان وأعضاء الجماعات المتشددة قد أنشأوا ما اسموه بحركة «تجرد» لمواجهة حركة تمرد.

كانت الأجواء فى البلاد تنذر بتطورات مهمة وخطيرة وكان الإخوان وحلفاؤهم قد بدأوا فى تهريب الأسلحة إلى اعتصام رابعة، وبدأوا عمليات الحشد الواسعة انتظارًا ليوم الثلاثين من يونيو، بينما تصاعدت الدعوة إلى مظاهرات الجمعة المقبلة لدعم مرسى وحكم الجماعة.

ثورة 30 يونيو

فى صباح الخامس والعشرين من يونيو، كانت حدة المظاهرات تشتد، وأعداد المعتصمين فى بعض المحافظات التى عين لها محافظون إخوان ومتطرفين تتزايد، بينما كان الجيش يتابع هذه التطورات عن كثب.

فى وقت مبكر من هذا الصباح حضر خيرت الشاطر وبرفقته سعد الكتاتنى لعقد لقاء مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، وقد عقد اللقاء بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع وبحضور اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام، وخلال اللقاء استمع السيسى لحديث خيرت الشاطر والذى استمر لأكثر من 45 دقيقة متواصلة.

لقد نقل خيرت الشاطر إلى السيسى غضب مكتب الإرشاد والقوى الإسلامية من بيان التحذير الذى أعلنه أمام حشد من رجال القوات المسلحة ظهر يوم 23 يونيو، والذى حدد بمقتضاه مهلة أسبوع واحد للرئيس مرسى ولبقية القوى السياسية للتوصل إلى حل نهائى للأزمة التى تعيشها البلاد.

كان وجه خيرت الشاطر عابسًا، وكان صوته عاليًا، مما أثار غضب السيسى الذى طلب منه تهدئة صوته والتحدث بهدوء أكثر من مرة.

قال المهندس خيرت الشاطر: «إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوي داخلية وقوي خارجية، وأن الأخطر أن هناك مؤسسات فى الدولة تساعد وتسعى إلى نشر الفوضي فى البلاد».

وقال: «إنه يعز عليه وعلى جماعة الإخوان أن يصدر الفريق السيسى بيانًا هو أقرب إلى الإنذار ضد رئيس الدولة الشرعى، ويمنحه فيه سبعة أيام لإنهاء الأزمة، مع أن سيادتكم تعلمون من هو السبب وراء الأزمة والتصعيد الحاصل فى البلاد».

وقال الشاطر: لقد استخدمتم سيادتكم لغة فى مخاطبة رئيس الجمهورية ما كان يجب استخدامها، وساويتم بينه وبين المخربين ودعاة الفوضى من جبهة «الخراب» التي نعرف أهدافها الحقيقية، إنه صراع على الكرسى يا سيادة الفريق بين أناس يريدون القفز على السلطة دون سند شرعى أو دستورى وبين رئيس منتخب انتخابًا حرًا مباشرًا.

وقال: لقد تعرضت البلاد فى الفترة الماضية لأعمال عنف وتخريب، وأصارحك القول إننا تعجبنا لموقف الجيش من هذه الأحداث، والغريب أننا نري الآن جهاز الشرطة ينضم أيضًا إلى الجيش فى نفس موقفه، حيث أعلن وزير الداخلية أكثر من مرة أنه سيحمي المظاهرات السلمية مع أنه يعلم أنها مظاهرات تخريبية، والأخطر أنه صرح بأنه لن يحمى مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وكأنه يمنحهم الضوء الأخضر لإحراقها، مع أنه يعرف ويعلم أن هذه المقرات مستهدفة من هؤلاء المخربين.

ثورة 30 يونيو

وقال خيرت الشاطر: نحن حتي الآن نلتزم الهدوء وطلبنا من عناصرنا التحلى بالصبر حرصًا على أمن البلاد، ولكن الناس لن تسمع كلامى بعد ذلك وهى ترى المؤامرة تنفذ والجيش يحذر والشرطة تشجع.. أنت تعرف يا سيادة الفريق أول أن مصر بها آلاف الآلاف من المسلحين الإسلاميين دخلوا البلاد فى فترة الثورة وما بعدها، وتعرف أن لديهم أسلحة متنوعة، ولا أحد يستطيع السيطرة على هؤلاء.

وقد جاءتني معلومات موثقة أن هؤلاء لن يقفوا مكتوفى الأيدى وهم يرون المؤامرة تنفذ، ولن يسمحوا أبدًا بسقوط الشرعية وسقوط الرئيس، خاصة أنهم يعرفون أن الدولة «العميقة»« أفشلت كثيرًا من تطلعات وطموحات الرئيس وكأنها أصبحت طرفًا فى المؤامرة ضده.

وقال الشاطر: «إن هذا التحذير الذي أعلنته يزيد الأوضاع اشتعالًا ويشجع المخربين على الاستمرار فى مخططهم، وأرجوك ألا تنسي أن الرئيس مرسى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن بإمكانه اتخاذ أخطر القرارات، وهو رئيس له رصيده الشعبى الكبير، كما أن المجتمع الدولى وأمريكا لن يتركوا الأمور تمضى كما يريد البعض، بل سيدافعون عن الشرعية بكل ما يملكون».

وقال: «نحن لا نريد أن نفتح الأبواب أمام تدخل دولى فى شئون مصر، ولكن من يظن أن أمريكا والغرب سيظلان صامتين أمام أى محاولة للانقلاب على الشرعية فهو واهم ولذلك أطلب منك ياسيادة الفريق أن تسحب هذا الانذار، وأن تحمى الشرعية وأن تحافظ على استقرار البلاد.

ظل السيسى صامتًا، يستمع دون أن يحرك ساكنًا، كأنه أراد أن يعرف ويتعرف على آخر ما لديهم.

ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالإخوان

وبعد أن انتهى الشاطر من حديثه، سأله الفريق السيسي بالقول: «أنتم عايزين إيه بالضبط، لقد اضعتم كل شىء وخربتم البلد، وأفشلتم التجربة وأحبطتم الشعب الذى مارستم عليه القهر والإذلال..

وأضاف: عندما وصلتم إلى السلطة لم نعترض طريقكم وارتضينا بخيار الشعب رغم الإرهاب الذى مارستموه على الجميع، انتظرنا منكم الكثير، لكن للأسف منذ البداية تعمدتم الإساءة للقوات المسلحة وللشرطة وللشعب المصرى.. وإذا كان هناك من مسئول عن الأحداث التى تشهدها البلاد فهو أنتم، بعد أن أصدرتم الإعلان الدستورى فى شهر نوفمبر من العام الماضى والذى دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة فكان إعلانًا للفتنة».

وقال السيسى: دعونى أقول إن البلاد منذ هذا الوقت وهي تنتقل من مرحلة إلى مرحلة أخطر، وحتى عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلى مائدة حوار بين الجميع، رفضتم ذلك وعلمت أن د.محمود عزت اتصل بالرئيس وطالبه بإلغاء الحوار وعرفت أيضًا أنك لم تكن مشجعًا لهذا الحوار، بالرغم من أننى تحدثت مع د.أحمد عبد العاطى وأبلغته بالهدف من وراء الحوار فاتصل بى الرئيس محمد مرسى بنفسه وأيد الفكرة، لقد تعمدتم وضع القوات المسلحة فى موقف صعب، ومع ذلك تحملنا الإهانة وصمتنا، وليتكم صمتم، بل فوجئنا بالمرشد يتقول على القوات المسلحة ويحرض الجنود والضباط على قادتهم، وياليت الأمر توقف على ذلك، لقد كنا مستعدين أن نتحمل الإهانة ولكن إهانة الوطن وتهديد أمنه واستقراره أمر لم نكن نستطيع الصمت عليه.

وقال السيسى: أنتم تعلمون أننى حذرت الرئيس أكثر من مرة، وقلت له فى شهر نوفمبر إن إعلانه الدستوري سيقود البلاد إلى فرقة وإلى عنف لن يتوقف بسهولة، وقلت له فى فبراير: إن مشروعه فشل ولم يحقق أي نتائج ترضي الجماهير بسبب سوء الإدارة وتعمد إقصاء المجتمع كله، وقلت له إن الولاء يجب أن يكون للدولة وليس للجماعة لكنه لم يستمع إلى النصائح المخلصة.

وقال القائد العام: إن التحذير الأخير كان هدفه حث الجميع وأولهم الرئيس على انقاذ الموقف قبل 30 يونية وذهبنا إليه يوم 22 يونية، وقلنا له إن القوات المسلحة لن تسكت وستطالب جميع الأطراف بضرورة حل المشكلة قبل الانفجار المتوقع، لكن أحدًا لا يريد أن يسمع، وإذا سمع فهولا يلتزم ولا ينفذ ولا يستجيب.

وأضاف: لقد أسأتم للدين وكفرتم المصريين جميعًا بالفتاوي التي لا تمت للدين بصلة، وأريد أن أقول لكما نحن لا نتهدد، وأنا أرفض اللغة التي تتحدث بها معى، وأرجو ألا أسمع هذا الكلام منك أو من غيرك مرة أخرى، وارجو منك ومنكم جميعًا أن «تلموا» عناصركم وتوقفوها عن التطاول على القوات المسلحة، أنا أعلم أن حازم أبو إسماعيل وغيره لا يقول كلامًا إلا بالتشاور معكم، والجيش لم يعد مستعدًا للقبول بالإهانة، وأنا أهدئ من مشاعر الضباط والجنود، لكنى لم أعد أستطيع بعد أن وصلت الإهانات حدًا لا يمكن السكوت عليه.

وقال: يؤسفنى أن أقول لك إنكم وضعتمونا أمام خيار من اثنين «يا إما تقتلونا أو تحكمونا» وهذا منطق مرفوض، أين حديثكم عن الديمقراطية وعن احترام إرادة الشعب، الناس لم تعد تثق فى هذه الوعود، وأنا أحذر مجددًا من التعامل بلغة الغرور والتعالى على الناس وعلى القوات المسلحة.

ثورة 30 يونيو

- هنا تدخل د.سعد الكتاتنى وحاول تهدئة الأجواء وقال: «نحن نقدر للقوات المسلحة مواقفها المتعددة وحرصها على الاستقرار والأمن ولكن نحن الآن أمام مؤامرة تحاك ضد الشرعية، فما هو الحل».

- قال الفريق أول السيسى: «المؤامرة هى فى أذهانكم أنتم فقط، هذا شعب مسالم، لكنه ضج من الاستهانة به، انتظر الرخاء على أيديكم فإذا به يواجه القتل والمرض والجوع والخراب، انتظر بناء الدولة فإذا به أمام حكم الجماعة وأمام رئيس لا يخاطب سوى أنصاره من الجماعة والإسلاميين، ونسي أن هناك شعبًا قوامه 90 مليونًا، أنا أرفض تهديد الجيش من الميليشيات أو من أمريكا كما يحاول المهندس خيرت الشاطر أن يوحي فى حديثه، نحن لا نخاف من أحد، ولسنا طامعين فى السلطة ولا نريد العودة للمشهد السياسى مرة أخرى، فكفانا ما لاقيناه من إهانة منذ ثورة 25 يناير وكنا نعرف من الذي يحرك ومن الذى يحرض وظننا أنه بوصولكم للسلطة ستتعاملون مع الشعب والجيش بشكل مختلف، ولكن للأسف فإن ذلك لم يحدث، بل العكس هو الصحيح، لقد ازدادت شراستكم وأحدثتم الانقسام فى البلاد وأصبح الأخ يكره أخاه، وبدأ المصريون يشهدون أخطر مرحلة فى تاريخهم، وكان الكل يعى أنكم أنتم وراء ذلك، إن الحل فى تقديرى هو أن يقوم الرئيس والجماعة بالاستماع إلى صوت الشعب وتلبية مطالبه، وأنا لا أعرف عن أى استقرار يتحدث المهندس خيرت الشاطر وأنتم فى مشاكل مع الجميع: القضاء والشعب والشرطة والجيش ماذا تريدون بالضبط؟! حلوا مشاكلكم مع كل هؤلاء تنتهى الأزمة!!

- قال الكتاتنى: ومن قال إننا ضد الحل، فقط نحن نلوم على صدور بيان من القوات المسلحة يحذر فيزيد النار اشتعالًا ويقوى العناصر المناوئة ويجعلها تصر على تهديد أمن البلد فى 30 يونيو.

- قال السيسى: سواء أصدرت القوات المسلحة تحذيرها أو لم تصدر، فالشعب سيخرج فى 30 يونية القادم وأنا أحذر من غضبة الشعب، وكان بيان القوات المسلحة هو إبراء للذمة أمام الجميع، ونحن لن نسمح أبدًا بسقوط الدولة أو إذلال الشعب، ولن يجرؤ ضابط أو جندى فى أن يوجه الرصاص إلى صدور المصريين، لن يكون هناك حل أمني ولن نسمح به أبدًا وجيش مصر سيحمى شعب مصر، وأنا أحذر أيضًا من تهديدات الأخ خيرت الشاطر باستخدام الميليشيات ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب، أقسم بالله العظيم أن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا على الشعب، حل الأزمة ليس بالتهديد أو الوعيد كما يقول الأخ خيرت، ولكن الحل فى يدكم أنتم، اطلبوا من الرئىس الاستجابة لمطالب الشعب، الناس تريد الاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة، لماذا تخافون، لو كان الشعب معكم أهلًا وسهلًا، لو كان الشعب يريد انتخابات رئاسية مبكرة فلماذا لا نحترم رغبته، أرجوكم انقذوا البلد، الحل فى أيديكم ونحن سنكون سندًا وعونًا لكم إذا استجبتم لمطالب المصريين.

- قال الكتاتنى: أعدك بأننا سنفكر فى الأمر جيدًا وسنتواصل مع السيد الرئيس، بحيث يتضمن خطابه غدًا مفاجآت سارة للشعب تنهي الأزمة وتضع حدًا للخلاف.

ثورة يونيو

- قال السيسى: على بركة الله ونحن فى الانتظار لقد سبق أن قدمنا ثلاثة تقارير للرئيس حذرنا فيها من خطورة الموقف، وطرحنا فيها حلولًا للأزمة لكنه لم يستجب لأى من المطالب المرفوعة، وسأعطيها لكما، ولكن المهم فى الأمر هو الاستجابة السريعة لمطالب الشعب، وهنا طلب السيسى من اللواء عباس كامل تسليم هذه التقارير إليهما.

- قال الكتاتنى: سننظر فى الأمر ونبلغك بالموقف النهائى.

انصرف الشاطر والكتاتنى، كان الغضب باديًا على وجهيهما اتجها على الفور إلى مقر جماعة الإخوان بالمقطم، كان المرشد العام محمد بديع وبعض أعضاء مكتب الإرشاد فى انتظارهم، استمعوا إلى عرض الشاطر عن وقائع ما حدث، واتفقوا على حشد عناصرهم فى اليوم التالى أثناء إلقاء مرسى لخطابه فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر.

وكانت الخطة الأخرى، هى التحضير لاستفزاز السيسى وقادة الجيش الذين سيشاركون وأيضًا وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم والقبض عليهم جميعًا، وتجهيز اللجان النوعية للقبض على العناصر المستهدفة والاستعداد لاستلام المنشآت الاستراتيجية والسيطرة عليها، حال صدور تعليمات بذلك.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى 30 يونيو| مصطفى بكري يرصد أسرارَ أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر (3).. قضية اقتحام السجون
  • الرئيس السيسى: مصر آمنة ومستقرة بإرادة شعب قوي تحمل تحديات ضخمة جدا
  • وصول الرئيس السيسى لمقر افتتاح مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى
  • السفير الفلسطينى يطلق حملة لدعم مقترح السيسى بإنهاء حرب غزة
  • تنظيم الإخوان سعى للسيطرة على الحياة السياسية.. وتراجع عن وعوده وشارك في انتخابات الرئاسة 2012 بمرشحيْن
  • النائب علاء عابد يكتب: 30 يونيو.. ثورة إرادة شعب وبطولة جيش وشجاعة قائد
  • التوحيدى معالجًا فلسفيًا
  • برلمانية: 30 يونيو نجحت في توحيد القوى السياسية والحزبية تحت راية واحدة
  • ذكرى 30 يونيو .. سهام جبريل: القيادة السياسية اعتبرت المرأة أيقونة العمل الوطنى
  • إلي أين يتجه السودان برؤية المستقلين؟