بوابة الوفد:
2025-04-22@12:09:21 GMT

إيران وإسرائيل: الرد والرد المضاد!

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

ربما كان فيما نشره موقع «بى بى سى» أفضل تعبير عن اللحظة التى نعيشها على صعيد الأوضاع فى المنطقة حين أشارت إلى أن «العالم يحبس أنفاسه بينما ينتظر كيف سترد إسرائيل، على أول هجوم إيرانى مباشر عليها»، وهو رد فعل ربما يكون تحصيل حاصل فى ضوء استراتيجية الردع الإسرائيلية، وأكد عليه وزير الدفاع الإسرائيلى بالإشارة إلى أن تل أبيب ليس أمامها خيار سوى ضربة مضادة.

لكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا ولو من منطق التفكير العادى غير السياسى هو: لماذا يكون لإسرائيل حق الرد دون أن يمتد هذا الحق إلى باقى الدول؟ مقتضى السؤال هو أن الهجوم الإيرانى على إسرائيل والذى يعد الأول من نوعه منذ قيام الدولة العبرية، إنما كان فى التحليل النهائى رد فعل على مبادرة إسرائيل بالهجوم على قنصيلتها فى سوريا، وأى دارس للقانون الدولى يعلم أن سفارة أو قنصلية أى دولة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.

على هذا النحو فإن تداعيات الأزمة الجارية بشأن تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل ربما تقدم العديد من الدروس من واقع تفاعل النظام الدولى معها.. أول هذه الدروس افتقاد النظام الدولى للعدالة فى تعامله مع الواقع الأمر الذى انعكس فى رفض مجلس الأمن تبنى موقف مندد بالهجوم على القنصلية، وهو ما دعا طهران إلى المبادرة بالفعل دفاعًا عن نفسها. وهنا يأتى الدرس الثانى وهو أن القوة كما قلنا سابقًا ونؤكد مرارًا ربما تكون هى اللغة الوحيدة التى يفهمها ويقرها الفاعلون الدوليون، حيث استطاعت إيران بهذا الفعل أن تكرس وضعًا مؤداه صعوبة أن يمر اعتداء عليها دون رد.

الدرس الثالث أن السيمفونية التى بدا عليها الموقف الغربى وتتابع إدانته للهجوم الإيرانى وعلى النحو الذى خرج به.. إنما يؤكد النفاق الدولى على نحو ما ذهب إليه ممثل روسيا فى مجلس الأمن، حيث كان من باب أولى تناسق المواقف وهو ما كان يعنى ادانة تلك الدول للاعتداء الإسرائيلى على قنصلية إيران.

الدرس الرابع أن موقف الولايات المتحدة شديد الحماس للدفاع عما تراه أمن إسرائيل والتزامها بهذا الأمر فى كل الأحوال سواء كانت إسرائيل المبادرة إلى العدوان أم العكس، يعزز فكرة أو مقولة أن إسرائيل ليست سوى ولاية أمريكية وهو ما يعنى أن السياسات الإسرائيلية تمثل امتدادًا بشكل أو بآخر للسياسة الأمريكية. هذا الطرح يطرح التساؤلات بشأن طبيعة العلاقة أو المعادلة التى تسعى واشنطن لفرضها فى المنطقة، وهى معادلة يبدو من تفاعلات الأحداث أن الولايات المتحدة ترى أنها يجب أن تقوم على أساس أن تل أبيب هى فتوة المنطقة وأن على الآخرين الائتمار بأمره والسكوت على كل مظالمه، الأمر الذى يمكن التأكيد على أنه يعكس معادلة سارية بالفعل فى المحيط العربى وأن إيران أبت أن تكون جزءًا من تلك المعادلة.

الدرس الخامس أن مثل هذا النوع من التوترات لا تكون نتيجته عادة من نوع المباريات الصفرية، ولذلك فإن الجدل حول من المنتصر فى المواجهة فى حدود ما جرى حتى الآن جدل عبثى ليس له معنى، فمن المؤكد أن إسرائيل بهجومها على القنصلية كانت ترسم لأهداف ربما تكون حققت بعضها منها خلط الأوراق فى المنطقة وصرف أنظار العالم عن الحرب فى غزة، وجر إيران لحرب تكون مقدمة للقضاء على قوتها أو تقليص مساعيها لامتلاك سلاح نووى، غير أنه من المؤكد أيضاً أن إيران رغم رمزية رد الفعل وربما عقلانيته من منظور البعض أرست قواعد جديدة لوضعها فى المنطقة كلاعب رئيسى له هيبته. وللحديث بقية.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات العالم يحبس أنفاسه فى المنطقة

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شعبان يكتب: قصف إيران.. ترامب يتلاعب بالعالم من أجل إسرائيل

حتى هذه اللحظة، لا يمكن الجزم بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اتخذ قرارًا نهائيًا بضرب إيران، ولكن كل المؤشرات تقول إنه قد يكون في الطريق إلى ضربها، وإن إسرائيل ستضغط بشدة لضرب إيران وشن حرب كبرى عليها خلال ولاية ترامب، حتى تُنهي هاجس القوة الإيرانية والرغبة في تصنيع سلاح نووي. فالفُرصة مناسبة اليوم، من وجهة النظر الإسرائيلية، للخلاص من القوة الإيرانية، والتي قد لا تتوافر بهذه الطريقة وهذا المناخ بعد ذلك.

والحاصل أن خطط قصف إيران قد تصاعدت بشدة خلال الأسبوعين الأخيرين، ففي الوقت الذي انخرطت فيه الولايات المتحدة مع إيران في محادثات مباشرة وغير مباشرة في سلطنة عُمان، للوصول إلى صيغة مقبولة بخصوص البرنامج النووي الإيراني، والهدف هو إنهاء قدرات هذا البرنامج وتفكيكه نهائيًا وسحقه على طريقة ما تم مع البرنامج النووي الليبي أو سيناريو ليبيا، وفق ما تم تداوله إعلاميًا، فإن ترامب لم يتوقف عن التهديد بضرب إيران، والقول إن ذلك مطروح على الطاولة.

وحكاية القنبلة النووية الإيرانية حكاية طال فيها الجدل طوال سنوات مضت، وصلت إلى نحو 10 سنوات، ومنذ قيام ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في عام 2015، وذلك مخافة أن تستطيع إيران الوصول إلى حلم امتلاك قنبلة نووية، وهو خط أحمر مرفوض أمريكيًا وإسرائيليًا. فالقنبلة النووية سلاح ردع، وليس سلاح قصف أو استخدام، وهذه القنبلة تملكها إسرائيل فعليًا، ولا تريد واشنطن ولا تل أبيب، بطبيعة الحال، أن تصل هذه القوة إلى النظام الإسلامي الحاكم في طهران.

وخلال الساعات الأخيرة، تفجّرت قنبلة إعلامية كبيرة بعدما فضحت صحيفة "نيويورك تايمز" خطة إسرائيلية قيل إنها كانت ستكون عبر كوماندوز إسرائيلي وضربات جوية أمريكية مكثفة، لتوجيه ضربة شاملة للبرنامج النووي الإيراني في مايو المقبل. 

وأوضحت الصحيفة أن ترامب أبدى اعتراضه عليها، وردّ هو بعد ذلك علانيةً بأنه ليس في عجلة من أمره لضرب إيران.

والحقيقة أن الوضع مُلتبس بشدة، لكن يمكن التوقف عند عدة نقاط شديدة الخطورة، ليس فقط تخص إيران، ولكن تخص المنطقة برمتها، وهي كالتالي:

-إيران لن تتخلى عن حلمها النووي، وهو حلم أنفقت عليه الكثير طوال 10 سنوات، وتحملت من أجله الكثير من الضغوط والعقوبات والحروب الاقتصادية ضدها.
-القنبلة النووية الإيرانية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من طهران، وهذا باعتراف مدير وكالة الطاقة الذرية مؤخرًا، بعد وصول نسبة التخصيب إلى مستويات عالية.
-العداء التاريخي بين النظام الإسلامي الحاكم في طهران والولايات المتحدة وتل أبيب، يجعل طهران غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق معهما بخصوص القنبلة النووية، وهي تعلم حتمًا أنها لن تستفيد شيئًا من هذا الاتفاق سوى تعطيل حلمها في أن تكون الدولة الإسلامية الثانية بعد باكستان التي تحوز قنبلة نووية. كما أن طهران أقلمت نفسها على عقوبات أمريكية قاسية طوال السنوات الماضية، وملاحقة النفط الإيراني، لكنها نجحت في الالتفاف على هذا كله، واستطاع الحرس الثوري الإيراني أن يبني شبكة من الظل هائلة يُسيّر بها النفط الإيراني عبر العالم.
-والمعنى أنه لا شيء يُنتظر أكثر من هذا بخصوص العقوبات على إيران ماليًا واقتصاديًا وحول النفط، ولم يبقَ في جعبة واشنطن وتل أبيب إلا الحرب.
-قرار قصف إيران سيكون أحد أغبى قرارات ترامب. صحيح أن الأجندة الإيرانية مُخرّبة، وأنها ذات أهداف صارخة وتوسعية، وتأثيرها الأخطر على المنطقة العربية والعالم الإسلامي بحكم شبكاتها وميليشياتها المسلحة في العراق واليمن ولبنان وغزة، وإن كانت خرجت مؤخرًا من سوريا، لكن ضربها سيكون كارثة حقيقية، فالمعادلة تغيّرت كثيرًا، وطهران تستطيع أن تطال كثيرًا من المصالح والقواعد الأمريكية في المنطقة. وإذا اندلعت الحرب في قلب طهران، فإن رد إيران لن يكون هادئًا أو محسوبًا أو بترتيبات، بل المنتظر أن يكون صاعقًا بكل الأساليب التي تملكها، وفي أماكن تعرفها الولايات المتحدة، وفي دول وقواعد لا تنتظر فيها الولايات المتحدة حدوث أي قصف.
-السلاح النووي الإيراني قارب الانطلاق من القمقم، وربما لو لم يحدث الضرب في الشهور القادمة، أن تُعلن طهران صراحة، أو يتسرب للعالم رسميًا وللاتحاد الأوروبي، امتلاكها بالفعل لصواريخ وقنبلة نووية.
-والنهاية، قرار ضرب إيران، الذي يتم تجهيزه في الغرف الأمريكية والإسرائيلية، سيفجّر حرب الخليج الرابعة، ومؤكد أن الصين ستكون طرفًا فيها، وربما روسيا، رغم محاولات ترامب استمالة بوتين عبر ورقة أوكرانيا. والموضوع كله خطر وفوضى كبيرة في المنطقة، مع رئيس أمريكي يتلاعب بالعالم اقتصاديًا عبر رسوم يفرضها ثم يُجمّدها، ثم قرارات سياسية وعسكرية يُلوّح بها ثم يتراجع عنها..
.. ولاية ترامب ستكون ولاية الكوارث على العالم، وعلينا أن نتحسب لذلك.

مقالات مشابهة

  • محلل إسرائيلي: لهذه الأسباب لن تكون المنطقة العازلة آمنة لجيش الاحتلال
  • نتنياهو: لن نقبل بقيام أي خلافة على شاطئ المتوسط والرد سيكون قاسيا
  • كيف تمحو إسرائيل أحلام الفلسطينيين في المنطقة «ج»؟
  • إيران: العدوان على اليمن تواطؤ صهيوني أمريكي لمواصلة الإبادة في غزة
  • السوداني:أمن إيران من استقرار المنطقة
  • إبراهيم شعبان يكتب: قصف إيران.. ترامب يتلاعب بالعالم من أجل إسرائيل
  • كيف تلعب إسرائيل على حافة الهاوية بين إيران وواشنطن؟
  • "محادثات مسقط" بين إيران وأمريكا ومستقبلها
  • عندما تكون الجغرافيا قدرك
  • باحث سياسي: المفاوضات مع إيران تتجاوز النووي وتشمل إعادة رسم خريطة المنطقة