إيران وإسرائيل: الرد والرد المضاد!
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
ربما كان فيما نشره موقع «بى بى سى» أفضل تعبير عن اللحظة التى نعيشها على صعيد الأوضاع فى المنطقة حين أشارت إلى أن «العالم يحبس أنفاسه بينما ينتظر كيف سترد إسرائيل، على أول هجوم إيرانى مباشر عليها»، وهو رد فعل ربما يكون تحصيل حاصل فى ضوء استراتيجية الردع الإسرائيلية، وأكد عليه وزير الدفاع الإسرائيلى بالإشارة إلى أن تل أبيب ليس أمامها خيار سوى ضربة مضادة.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا ولو من منطق التفكير العادى غير السياسى هو: لماذا يكون لإسرائيل حق الرد دون أن يمتد هذا الحق إلى باقى الدول؟ مقتضى السؤال هو أن الهجوم الإيرانى على إسرائيل والذى يعد الأول من نوعه منذ قيام الدولة العبرية، إنما كان فى التحليل النهائى رد فعل على مبادرة إسرائيل بالهجوم على قنصيلتها فى سوريا، وأى دارس للقانون الدولى يعلم أن سفارة أو قنصلية أى دولة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.
على هذا النحو فإن تداعيات الأزمة الجارية بشأن تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل ربما تقدم العديد من الدروس من واقع تفاعل النظام الدولى معها.. أول هذه الدروس افتقاد النظام الدولى للعدالة فى تعامله مع الواقع الأمر الذى انعكس فى رفض مجلس الأمن تبنى موقف مندد بالهجوم على القنصلية، وهو ما دعا طهران إلى المبادرة بالفعل دفاعًا عن نفسها. وهنا يأتى الدرس الثانى وهو أن القوة كما قلنا سابقًا ونؤكد مرارًا ربما تكون هى اللغة الوحيدة التى يفهمها ويقرها الفاعلون الدوليون، حيث استطاعت إيران بهذا الفعل أن تكرس وضعًا مؤداه صعوبة أن يمر اعتداء عليها دون رد.
الدرس الثالث أن السيمفونية التى بدا عليها الموقف الغربى وتتابع إدانته للهجوم الإيرانى وعلى النحو الذى خرج به.. إنما يؤكد النفاق الدولى على نحو ما ذهب إليه ممثل روسيا فى مجلس الأمن، حيث كان من باب أولى تناسق المواقف وهو ما كان يعنى ادانة تلك الدول للاعتداء الإسرائيلى على قنصلية إيران.
الدرس الرابع أن موقف الولايات المتحدة شديد الحماس للدفاع عما تراه أمن إسرائيل والتزامها بهذا الأمر فى كل الأحوال سواء كانت إسرائيل المبادرة إلى العدوان أم العكس، يعزز فكرة أو مقولة أن إسرائيل ليست سوى ولاية أمريكية وهو ما يعنى أن السياسات الإسرائيلية تمثل امتدادًا بشكل أو بآخر للسياسة الأمريكية. هذا الطرح يطرح التساؤلات بشأن طبيعة العلاقة أو المعادلة التى تسعى واشنطن لفرضها فى المنطقة، وهى معادلة يبدو من تفاعلات الأحداث أن الولايات المتحدة ترى أنها يجب أن تقوم على أساس أن تل أبيب هى فتوة المنطقة وأن على الآخرين الائتمار بأمره والسكوت على كل مظالمه، الأمر الذى يمكن التأكيد على أنه يعكس معادلة سارية بالفعل فى المحيط العربى وأن إيران أبت أن تكون جزءًا من تلك المعادلة.
الدرس الخامس أن مثل هذا النوع من التوترات لا تكون نتيجته عادة من نوع المباريات الصفرية، ولذلك فإن الجدل حول من المنتصر فى المواجهة فى حدود ما جرى حتى الآن جدل عبثى ليس له معنى، فمن المؤكد أن إسرائيل بهجومها على القنصلية كانت ترسم لأهداف ربما تكون حققت بعضها منها خلط الأوراق فى المنطقة وصرف أنظار العالم عن الحرب فى غزة، وجر إيران لحرب تكون مقدمة للقضاء على قوتها أو تقليص مساعيها لامتلاك سلاح نووى، غير أنه من المؤكد أيضاً أن إيران رغم رمزية رد الفعل وربما عقلانيته من منظور البعض أرست قواعد جديدة لوضعها فى المنطقة كلاعب رئيسى له هيبته. وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات العالم يحبس أنفاسه فى المنطقة
إقرأ أيضاً:
بري: لو سألوني لسمعوا الرد المناسب
كتب رضوان عقيل في" النهار": يراقب "حزب الله" بهدوء ما يحصل على الحدود في الجنوب ومدى جدية التدخل الأميركي في الضغط على إسرائيل لانسحابها من النقاط المحتلة، وسط حديث أميركي عن محاولة توجه لبنان إلى تطبيع مع تل أبيب، يصفه بـ"السخافة".إذا كانت إسرائيل جادة في التوصل إلى تسوية النقاط الـ13 والـ5 الأخرى التي احتلتها في الحرب الأخيرة، وقضمت مساحات لا بأس بها على طول البلدات الحدودية، فإن الحزب لا يمانع ولا يعترض إذا تمكنت الدولة والمعنيون من ضمان انسحاب إسرائيل منها، لكن التجارب أثبتت للجميع أن الأخيرة لا تقدم على هذا النوع من الأعمال من دون انتزاع المزيد من التنازلات من الفريق الآخر، ولو وصل إلى حدود طلب التطبيع والسلام مع لبنان.
لا يهلل الحزب لكل المعطيات الأخيرة والحديث عن انفراجات كبيرة على الحدود. أما الإفراج عن خمسة أسرى لبنانيين فتصوره إسرائيل على أنه "هدية" للرئيس جوزف عون لا تستدعي كل هذه "الاحتفالية" في لبنان.
والحال أن الرئيس نبيه بري لا يصدق كل الوعود التي يتلقاها من الأميركيين ما لم تترجم على الأرض، وهذا ما طلبه منهم، لأنه بعد كل الحديث عن الضغط على إسرائيل إثر الاجتماع الأخير للجنة المراقبة في الناقورة، سارعت إلى مواصلة اعتداءاتها.
وبعد الكلام على التوجه إلى إنشاء لجان بين لبنان وإسرائيل تحمل طابعا ديبلوماسيا لإيجاد الحلول لجملة من النقاط الحدودية العالقة بين الطرفين، يرفض الحزب مشاركة أي ديبلوماسي أو مدني في هذه الاتصالات مع إسرائيل. ويقول بري إنه لو سئل عن التطبيع "لسمعوا مني الرد المناسب". ويُفتح ملف التطبيع ربطا بتطورات الجنوب، وثمة من يذهب إلى التأكيد أن لا إذن بالإعمار "قبل حلول هذا السلام".
ويؤكد الحزب هنا الإبقاء على مشاركة ضباط من الجيش لا أكثر، وتثبيت الحدود، وكل هذه الأمور التقنية بالتعاون مع "اليونيفيل" تحتاج إلى عسكريين وتقنيين فقط.
وقد لوحظت الليونة الأميركية الأخيرة حيال تثبيت الحدود في الجنوب، واستخدام عبارة "ترسيم" من باب الرد على أسئلة الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام التي توجه للأميركيين، علما أن سياسة التغاضي عن الاعتداءات الإسرائيلية من الجنوب إلى البقاع تؤدي كلها إلى حشر الموقف الرسمي أمام رؤية "حزب الله" والرد على حججه، فضلا عن تساؤلات الجنوبيين الذين لم يتمكنوا من مزاولة أعمالهم في حقولهم.
ومع تصاعد التدخل الأميركي المباشر في الجنوب وتطبيق القرار 1701، يكثر الحديث عن أن كل ما حصل حتى الآن وما خلفته ارتدادات الحرب الأخيرة على أكثر من مستوى لن يدفع إسرائيل إلى المطالبة بأقل من إرساء سلام مع لبنان، ولو كان باردا، لأنها لن تقبل بحسب رؤيتها بأقل من الوصول إلى هذه الخلاصة.ويرد الحزب على كل ما يتم تداوله في هذا الخصوص بأن اتفاق وقف النار يلزم إسرائيل الانسحاب من المساحة التي احتلتها، ومن بينها النقاط الـ5، ثم التوجه إلى بت النقاط الـ13 المتنازع عليها، مع الخشية أن تقدم إسرائيل خلال هذه المفاوضات على عرقلتها، ولا تنسحب من كل هذه النقاط.
ويعلّق مسؤول في الحزب لـ"النهار" على التوجه نحو التطبيع بأن هذه الدعوة ليست جديدة من طرف واشنطن. ويدعو أيا كان في لبنان، إذا سلّم بهذا الطرح، إلى "الخجل أولا، ولا سيما أن أشلاء الشهداء لا تزال على الأرض وآثار العدوان وعلامات الحرب لن تمحى. ومن المعيب سماع كلام من هذا النوع من لبنانيين".
وردا على سؤال، يقول القيادي في الحزب: "سنبقى على دعوتنا إلى مقاومة الكيان الصهيوني العامل على تقسيم المنطقة إلى دويلات ليبقى هو الأقوى. وما يحصل في سوريا ليس بالأمر البسيط. ومن جهتنا، مع كثيرين في لبنان، سنبقى على عدم اعترافنا بإسرائيل ومقاومتها بكل الأشكال"
مواضيع ذات صلة رئيس الوزراء البريطاني: الآن هو الوقت المناسب لتعزيز الأمن الأوروبي Lebanon 24 رئيس الوزراء البريطاني: الآن هو الوقت المناسب لتعزيز الأمن الأوروبي