لا يجب أبدًا أن نجعل الأحداث التى تجرى حولنا مجرد مادة للتسلية ولاجترار تفاصيلها فى أحاديثنا، فالعاقل هو من يستشرف المستقبل من الحاضر، والحكيم هو من يقرأ أحداث اليوم ليدرك منها ما سيحدث غدًا وبعد غد وبعد بعد غد..
والدول المتقدمة تفعل ذلك، وأذكر أننى فى مطلع عام 2013 أى قبل أكثر من 11 عامًا قرأت تقريرًا منشورًا فى الصحف الإسرائيلية للرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية «عاموس بادين»، وكان يستعرض ما يمكن أن تفعله إيران إذا وجهت إسرائيل ضربة لها، وقال التقرير بالحرف الواحد إن الرد الإيرانى على هجوم غربى أو إسرائيلى سيكون وابلًا من الصواريخ التقليدية والطائرات المسيرة التى ستُطلق باتجاه المدن الإسرائيلية والمنشآت النووية».
وهذا بالضبط ما حدث بعد 11 عامًا من كتابة هذا التقرير، ومعنى ذلك أن إسرائيل تنبأت بالشكل الذى سيكون عليه الهجوم الإيرانى قبل وقوعه بـ11 عامًا كاملًا.. وطبعًا أعدت العدة لمواجهته، ولهذا كان تأثيره محدودًا.
وليس الماضى هو ما يشغلنا الآن، فالأفضل أن ننشغل بما سيحدث فى المستقبل، وبما ستحمله الأيام القادمة من سيناريوهات بعد الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل مؤخرا.
وإذا كان البعض يرجح أن تتعامل إسرائيل مع الهجمات الصاروخية الإيرانية كما تعاملت من قبل مع الهجمات الصاروخية العراقية عام 1991، ففى 17 يناير عام 1991 بدأت قوات تحالف دولى تزعمته الولايات المتحدة عملية عسكرية جوية وأخرى برية ضد العراق ردًا على غزوها للكويت فى أغسطس عام 1990.
وبعد 24 ساعة فقط من اندلاع هذه العملية العسكرية شرع الرئيس العراقى آنذاك- صدام حسين- فى تنفيذ تهديده بمهاجمة إسرائيل إذا تعرضت بلاده للهجوم، وأطلق الجيش العراقى حوالى 40 صاروخًا من طراز «سكود» على إسرائيل ما أدى إلى سقوط 14 قتيلًا وأكثر من 200 جريح أصيبوا بشكل مباشر، ووقتها لم ترد تل أبيب على الهجمات الصاروخية العراقية واكتفت بالحصول- وبشكل فوري- على معونات مادية وعينية وعسكرية بعشرات المليارات من الدولارات، ثم بعد سنوات تم قتل صدام حسين نفسه واحتلال العراق!
وأتصور أن الرد الإسرائيلى على الهجمات الإيرانية سيختلف عما فعلته تل أبيب مع صدام حسين وصواريخه، ليس فقط لأن إحدى قواعد العقيدة اليهودية يقول «العين بالعين والسن بالسن»، ولكن لأن إسرائيل حاليًا تحظى بحماية عسكرية أمريكية غير مسبوقة بفضل التواجد العسكرى الأمريكى الضخم والمكثف فى البحرين الأبيض والأحمر.
ولهذا أتوقع أن يكون الرد الإسرائيلى على صواريخ إيران عنيفًا وسيكون فى قلب إيران، إما بتوجيه ضربة صاروخية أو غارة جوية أو عدة غارات مكثفة وسريعة على منشآت إيرانية، وعلى رأسها المفاعل الإيرانى، وسيعقب ذلك عمليات تستهدف تصفية جسدية لبعض القادة فى إيران، وقد يتواصل سيناريو الرد الإسرائيلى حتى سقوط نظام الملالى فى إيران تمامًا مثلما حدث مع صدام حسين فى العراق.
وسيكون لحزب الله نصيب من الرد الإسرائيلى باعتباره الذراع القوية لإيران فى المنطقة العربية، وطبعًا ستطلب إيران من حلفائها: الحوثيين فى اليمن وحزب الله فى لبنان وبعض ميليشياتها فى سوريا القيام بعمليات ضد إسرائيل.
ولا أستبعد أبدًا حدوث عمليات إرهابية بدعم وتمويل إيرانى فى دول الطوق العربى، وأن تتعرض بعض دول الخليج لنار إيران.
والمتوقع أيضاً شن هجمات بالطائرات المسيرة من البحر الأحمر ومن اليمن، باتجاه إسرائيل وهو ما يتطلب منا أن نكون فى قمة اليقظة والاستعداد لكل السيناريوهات الممكنة.
ووسط ذلك كله ستشهد رفح الفلسطينية اجتياحًا إسرائيليًا، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على مجرى الأحداث فى الشرق الأوسط، وإن كنت أستبعد أن يتطور الأمر لحرب إقليمية شاملة فى الشرق الأوسط، فإيران لا تريد أن تخوض حربًا حقيقية مع إسرائيل، وإسرائيل نفسها لا تريد محو إيران من الوجود، ولكن كل منهما يريد أن يستفيد من وجود الآخر لأقصى درجة!
> ويبقى السؤال: من برأيك أكبر الخاسرين من الهجمات الصاروخية الإيرانية: هل هى إسرائيل التى تعرضت لهذا القصف الصاروخى؟ أم غزة التى تراجع الاهتمام بها وبما يجرى فيها من جرائم على يد الصهاينة بعدما تصدرت إيران المشهد فغض العالم عينيه عما يجرى فى غزة وراح يراقب مباراة أخرى ما بين تل أبيب وطهران؟!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات المستقبل من الحاضر الهجمات الصاروخیة صدام حسین
إقرأ أيضاً:
تفاصيل كلمة الأمين العام لحزب الله: على إسرائيل توقع الرد وسط تل أبيب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، في كلمة له، إن على إسرائيل توقع الرد في وسط تل أبيب بعد استهدافها بيروت، بحسب ما ذكرت قناة "العربية" في نبأ عاجل.
وأضاف قاسم: "سعينا لدعم غزة وأخذنا في الاعتبار ظروف لبنان. وافقنا على مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوقف الحرب قبل اغتيال نصر الله. حزب الله استعاد عافيته رغم الخسارات الموجعة. إن المقاومة في لبنان صمدت".
وتابع الأمين العام لحزب الله: "حزب الله أطلق صواريخ موجهة من مارون الراس إلى حيفا. إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار (المسيرات) مستمر على وتيرة مرتفعة."
وعن اقتحام إسرائيل بعض القرى، قال: "المقاومة ليست جيشا. دخول إسرائيل أي بلدة ليس إنجازا والسؤال يجب أن يكون عن خسائرها. لا نمنع القوات الإسرائيلية من التقدم لكن نقاتلها بعد دخولها أي بلدة. الكلمة للميدان سواء بالمواجهات البرية أو إطلاق الصواريخ لعمق إسرائيل."
وأكد: "تلقينا مقترح أمريكا لوقف النار وقدمنا ملاحظاتنا عليه. وقف القتال يعتمد على الرد الإسرائيلي وجدية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. نسمح باستمرار محادثات وقف النار لمعرفة ما إذا كانت ستؤدي إلى نتائج. ملاحظاتنا على مقترح أمريكا تؤكد رغبتنا في وقف القتال. نتفاوض تحت سقفين هما وقف الحرب وحفظ السيادة اللبنانية. لن نعلق المواجهة في الميدان مع استمرار المفاوضات".
وقال: "حرب الاستنزاف تعاني منها إسرائيل وليس نحن. الكلمة للميدان سواء بالمواجهات البرية أو إطلاق الصواريخ لعمق إسرائيل. حزب الله سيسهم بشكل فعال في الانتخابات الرئاسية بعد وقف النار".
وخاطب النازحين قائلا : "أنتم أهل الصبر".
وأضاف: "حزب الله يتمسك بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة في حكم لبنان. ستكون خطواتنا السياسية وشؤون الدولة تحت سقف الطائف".