رام الله- "بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".

هذه شهادة الأسيرة الفلسطينية "س. ع." التي أُفرج عنها مؤخرا من سجن الدامون بعد اعتقال لمدة 4 أشهر، ورفضت الإفصاح عن اسمها مثل عشرات الأسيرات اللواتي تم تهديدهن بإعادة اعتقالهن قبل الإفراج عنهن من سجون الاحتلال.

وحصلت الجزيرة نت على بعض هذه الشهادات، من بينها شهادة الأسيرة "خ. ج." التي اعتُقلت نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقفة بمناسبة يوم الأسير في بيت لحم تطالب بإطلاق سراح الأسرى (الجزيرة) انتهاكات خطرة

وتقول (خ. ج.) "كنت نائمة أنا وزوجي، وإذ بالجنود يهاجمون البيت ووصلوا غرفة نومنا.. فتحت عيني والبنادق موجهة علينا، تم تفتيشي وتقييد يدي ببلاستيك ونقلي لمستوطنة قريبة، وبعدها لسجن عوفر، حيث تعرضت للضرب وبقيت لساعات بلا أكل أو ماء، وحققوا معي لمدة 10 ساعات متواصلة".

كذلك أفادت أسيرة ثالثة من الداخل الفلسطيني (فلسطينيو 48) في شهادتها "اعتُقلت ونقلت لمكتب شرطة إسرائيلية قريب من سكني، حيث تعرضت للتهديد بالقتل والاغتصاب، وشتموني بأقذر الشتائم، وشتموا أمي، وعندما طلبت من المحققة أن توثق تهديدي بالاغتصاب رفضت".

وتضيف "بعدها، تم نقلي لإحدى الغرف، وهناك تعرضت وأسيرة أخرى للتفتيش العاري، ثم وضعت السجانة ملابسنا على باب الحمام، ووجدنا صعوبة في الوصول إليها بوجود سجانين".

وتتابع "بعد يومين، أحضروا 7 معتقلات جدد، ولم تكن هناك مساحة في الغرفة، وكنا ننام متلاصقات، وعندما نطلب أكلا ترد السجانة: ممنوع الأكل، منيح اللي بنعطيكم تناموا".

هذه الشهادات وغيرها، مما بقيت في صدور الأسيرات المفرج عنهن، تعطي صورة عن حال 80 أسيرة فلسطينية في السجون الإسرائيلية حاليا، اعتقل معظمهن بعد صفقة التبادل الأخيرة التي عقدتها المقاومة الفلسطينية وإسرائيل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وتقبع معظم الأسيرات في سجن الدامون، 63 منهن من سكان الضفة الغربية والقدس، و9 من الداخل الفلسطيني، و6 من قطاع غزة. وتواجه 22 من الأسيرات اعتقالا إداريا (بلا لائحة اتهام)، في حين تواجه بقيتهن تُهما تتعلق في معظمها "بالتحريض".

أماني سراحنة تقول إن سياسية التنكيل ضد الأسيرات قديمة، ولكنها تغيرت من حيث كثافتها (الجزيرة) سياسية تنكيل ممنهجة

وسياسية التنكيل ضد الأسيرات ليست بالجديدة، ولكنها تغيرت من حيث كثافتها وتعرض كل المفرج عنهن لظروف التهديد والتحرش، حسبما تقول الناطقة باسم نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة.

وتشير سراحنة إلى أن شريحة المعتقلات خلال هذه الفترة مختلفة عن السابق، فهن فاعلات وناشطات وصحفيات وحقوقيات وطالبات وشقيقات وأمهات شهداء وأسرى، مما يدل على أن هذه الاعتقالات تأخذ طابع الانتقام أكثر، وهو ما يتجسد بتوجيه تهمة "التحريض على دولة إسرائيل" لهن، وتحويل 22 منهن للاعتقال الإداري من دون تهم.

ومن سياسات التنكيل الأخيرة بعد اندلاع الحرب على غزة وبدء حملات انتقام من الأسرى عامة، تعززت سياسة العزل الجماعي وتجريد الأسيرات من الحقوق كافة، التي كن يتمتعن بها قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ عُزلن بالكامل عن العالم الخارجي، ولا يسمح لهن بلقاء المحامين إلا لدقائق وفي أوقات متفاوتة.

أعداد الأسيرات تضاعفت بعد طوفان الأقصى، وشهدن تصاعدا في التهديدات بالتحرش والاغتصاب (الأناضول)

إلى جانب ذلك، هناك شح في الملابس والأغطية، حيث تتشارك الأسيرات الملابس المتوفرة في ظل عدم السماح لعائلاتهن بإدخالها، وحرمانهن من الاحتياجات الأساسية للنساء، خاصة الفوط الصحية وغيرها، التي -إن توفرت- تكون شحيحة ولا تكفي.

كما مارست سلطات الاحتلال على الأسيرات سياسية التجويع مثل باقي الأسرى، والحرمان من العلاج، خاصة ضد الأسيرات المصابات بأمراض مزمنة وخطرة.

ومعظم الأسيرات اللواتي تم الإفراج عنهن اعتُقلن رهائن للضغط على أفراد من عائلاتهن لتسليم أنفسهم، كما في حالة ثروت نواجعة (17 عاما) من مدينة الخليل التي اعتُقلت في الخامس من أبريل/نيسان الحالي، وتم الإفراج عنها بعد أسبوع من اعتقالها.

وتقول نواجعة للجزيرة نت "اعتقلوني للضغط على أخي لتسليم نفسه، بقيت أسبوعا في زنزانة وحيدة، لم يكن يقدم لي الطعام الكافي، بالإضافة إلى التهديدات والشتائم التي تعرضت لها". وأُفرج عنها بكفالة مالية ومن دون أن يسلم شقيقها نفسه.

جرح لا يُنسى

ولكن الأصعب بالنسبة للأسيرات -كما تقول أماني سراحنة للجزيرة نت- هو عمليات التهديد الممنهجة سواء قبل اعتقالهن أو بعده، وتحديدا التهديد بالاغتصاب. وتابعت "وثقنا حالات عديدة تعرضت للتحرش الجنسي والتفتيش العاري وخاصة في معبر هشارون، الذي توجد فيه الأسيرة قبل نقلها لسجن الدامون، وهذه الحالات لا تتعلق فقط بأسيرات غزة".

الكاتبة لمى خاطر من الأسيرات اللواتي تعرضن للتفتيش العاري والتهديد خلال اعتقالها الأخير نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اعتُقلت من منزلها في مدينة الخليل وتعرضت للتفتيش داخله من دون أن يُسمح لها باستبدال ملابسها، وتُركت ممددة داخل ناقلة الجنود معصبة العينين ومكبلة.

نُقلت لمى بعد ساعات لسجن عوفر، وهناك تم التحقيق معها من دون فك يديها أو العصبة عن عينيها، وقالت "خلال التحقيق تعرضت لتهديدات صريحة بالاغتصاب، قال لي: هنا يوجد 20 جنديا سيقومون باغتصابك الآن أنتِ وابنتك".

وفي المحطة الثالثة في معبر هشارون، تعرضت مرة أخرى للتفتيش العاري، وتهديدات بالإبعاد والقتل، وحجزها لمدة 4 أيام مع 5 أسيرات أخريات في زنزانة لا تتسع إلا لشخص واحد، من دون أدنى خصوصية، حيث كان المرحاض مقابل نافذة الباب.

وخلال حديثها مع الجزيرة نت، تقارن خاطر بين اعتقالها السابق قبل 5 سنوات والاعتقال الحالي، قائلة "هناك فرق شاسع في الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق الأسيرات منذ لحظة الاعتقال وحتى لحظة الإفراج".

وأُفرج عن خاطر ضمن صفقة التبادل التي حررت الأسيرات بموجبها نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وعلى الرغم من قصر فترة الاعتقال إلا أن هذه التجربة تركت في نفسها ما لم تستطع تجاوزه بعد 5 أشهر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من دون

إقرأ أيضاً:

متحدثة «أوتشا» لـ«الاتحاد»: الأوضاع في غزة مأساوية والعائدون يقيمون بين الأنقاض

شعبان بلال (رفح) 

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تدعو لتجنب استئناف القتال في غزة «بأي ثمن» خبراء الأمم المتحدة: الاقتراح الأميركي حول غزة يحطم القواعد الأساسية للنظام الدولي

أعلنت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في غزة، أولغا شيريفكو، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال مأساوياً، وهناك 50 مليون طن من الركام قد يستغرق رفعها سنوات عدة، بجانب الدمار الذي لحق بالمنازل وانهيار منظومة الرعاية الصحية وسوء التغذية. 
وأوضحت شيريفكو، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن هناك نحو 500 ألف شخص انتقلوا في غضون يومين من جنوب غزة إلى الشمال، وجدوا منازلهم مدمرة ويحاولون بدء حياتهم مرة أخرى ويعيش العديد منهم بين الأنقاض، حيث توجد خدمات قليلة جداً، مشيرة إلى أن الصدمة النفسية للحرب عميقة وتتطلب دعماً واسع النطاق.
وأضافت أن البنية التحتية للمياه والصرف الصحي تضررت بشدة ومياه الصرف الصحي تتدفق في الشوارع، والأمطار وموجات البرد تجعل حياة الناس أكثر صعوبة، وأنهم معرضون للخطر بشكل كبير، والحاجة ملحة إلى تدفق كبير من الموارد والدعم لمساعدتهم على استعادة الاستقرار.
وحذرت المتحدثة الأممية من الخطر الكبير الناجم عن الذخائر غير المتفجرة، وهناك حاجة ماسة إلى التمويل الإنساني لتلبية الاحتياجات، حيث لم يتم تمويل نداء الإغاثة العاجلة للأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 2025 إلا بنحو 4%، في حين أن نحو 90% من الأموال المطلوبة مخصصة للاستجابة للأزمة الإنسانية الهائلة في غزة.
وشددت على أن جميع سكان غزة بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية بعد تضرر وتدمير البنية الأساسية الحيوية، وقد عززت الأمم المتحدة وشركاؤها المساعدات في غزة مع التركيز على الغذاء والمياه والمأوى والصحة، ويجب الحفاظ على استمرار تدفق الإمدادات إلى القطاع وتوصيلها إلى المحتاجين.
وأشارت شيريفكو إلى ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، ويجب على جميع الأطراف احترام التزاماتها الإنسانية بالكامل.

مقالات مشابهة

  • خبراء إسرائيليون: حماس تتفنن بشن الحرب النفسية علينا بمشاهد تسليم الأسيرات في غزة
  • حادثة مأساوية: العثور على رجل متوفى والفئران تلتهم جثته
  • متحدثة «أوتشا» لـ«الاتحاد»: الأوضاع في غزة مأساوية والعائدون يقيمون بين الأنقاض
  • عاجل| العالم في 24 ساعة.. اشتباكات في الكنيست ومظاهرات ضد نتنياهو وتهديد باستئناف القتال في غزة
  • أعطال متكررة تجبر طائرة أمريكية على الهبوط الاضطراري خمس مرات
  • بين القصف والاغتصاب الجماعي.. شهادات مأساوية من دارفور
  • مش معانا ثمن الخروف.. سالي عبد السلام توزع أرانب
  • شبه بابا.. ملك زاهر تكشف عن مواصفات فتى أحلامها
  • الأونروا”: سكان الخيام في غزة يعيشون ظروفا قاسية جراء العواصف الشتوية العنيفة
  • مصرع فتاة طعنًا على يد شقيقها بطريقة مأساوية