لم يكن النهضة في يومه أثناء مباراته الأولى مع العهد اللبناني في ذهاب نهائي غرب آسيا ضمن منافسات كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فخسر النتيجة بهدف للا شيء، وهي نتيجة تبدو منطقية عطفا على أداء الفريقين في المباراة التي جرت وقائعها في مدينة كربلاء العراقية.
النهضة خسر شوطا أول، ويبقى شوط ثان في مسقط يوم الثلاثاء المقبل، وهو الشوط الحاسم الذي سيحدد الفريق المتأهل لنهائي كأس الاتحاد الآسيوي، لهذا فإنه من المهم أن يراجع النهضة حساباته من جديد ويحضِّر جيدا لمباراة الإياب ويستفيد من الأخطاء التي وقع فيها في مباراة الذهاب التي لم يقدّم فيها المستوى المقنع بسبب الأسلوب الكلاسيكي التقليدي الذي لعب به متمثلا في تدوير الكرة من اليمين إلى اليسار والتحضير البطيء الذي لم يكن مجديا إذا لم تمتلك السرعة في التمرير والضغط العالي ورفع رتم الأداء والتنوع في الهجمات من جميع الجبهات واختراق منطقة العمق بدلا من الاعتماد بشكل دائم على الأطراف ولعب الكرات العرضية.
مباراة الإياب بكل تأكيد لن تكون سهلة، خاصة أن فريق العهد اللبناني يلعب بأريحية تامة في ظل وجود أكثر من فرصة. ولكن ليست مستحيلة في كرة القدم ولا بد من الاستفادة من كل العوامل المتاحة، خاصة أن فريق النهضة لا ينقصه شيء وهو يملك عناصر دولية مجيدة يمكنها أن تصنع الفارق هنا في مسقط، ولهذا فإن الأمر يتطلب تكاتف الجميع خاصة جماهيرنا الوفية المطالبة بالحضور والمساندة والوقوف خلف ممثل الوطن في هذه المهمة، ليكون عاملا مساعدا في بث روح الحماس لدى اللاعبين من أجل تحقيق الهدف المنشود وهو الفوز بنتيجة المباراة والتأهل للنهائي الآسيوي الذي نتمناه أن يكون عمانيا وهو الذي سيلعب على أرضنا وبين جماهيرنا في حالة تأهل النهضة للنهائي الآسيوي.
الجهاز الفني لفريق النهضة عليه أن يراجع حساباته؛ خاصة أن الأوراق مكشوفة للفريقين، ويجب إيجاد البدائل والحلول الناجعة التي تسهم في عودة الأمور لنصابها، وأن يراجع نجوم الفريق وعلى رأسهم صلاح اليحيائي واللاعبون الأجانب مستواهم الذي ظهروا عليه في مباراة الذهاب، كما أن الجهاز الفني عليه أن يحرر اللاعبين من بعض القيود المفروضة عليهم ومنحهم مساحة أكبر في التحرك بشكل مريح.
لم نفقد الفرصة بعد، وما زال الأمل موجودا، وعلينا أن نستفيد من أخطاء المباراة الماضية والتحضير لها بشكل مثالي، وكلنا ثقة بأن فريق النهضة بنجومه الدوليين قادر على تجاوز المهمة والوصول لنهائي القارة الآسيوية.. ولقاؤنا الثلاثاء المقبل إن شاء الله.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المحتوى المحلي.. محور النهضة الاقتصادية
د. طارق عشيري
نجاح الدول الصناعية الكبرى يعتمد على كيفية الاستفادة من المحتوى المحلي للدولة؛ حيث تتبنى الرؤية الاستراتيجية للدولة على إمكانياتها بالنهوض المحلي أولًا ثم الانتقال إلى العالمية، وبما أن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بحلول عام 2030، تتواءم مع رؤية "عُمان 2040"، التي من خلالها تم تعزيز التنمية المستدامة بكل جوانبها الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية التي تسعى لتحقق الاكتفاء الذاتي والذي بدوره يعزز الأمن الغذائي والدوائي والتقليل من المخاطر الناتجة على الاعتماد على الآخرين، ومن هذا المنطلق يمثل المحتوى المحلي في رؤية السلطنة نقطة تحول في اقتصادها.
ورؤية "عُمان 2040" هي خطة استراتيجية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، مع التركيز على تعزيز المحتوى المحلي في مختلف القطاعات الاقتصادية؛ حيث تشمل أهداف الرؤية دعم الصناعات المحلية، تنمية القطاع الخاص، تعزيز الابتكار، والاستثمار في رأس المال البشري.
وقد حققت الرؤية نجاحات ملموسة، منها زيادة الاعتماد على المنتجات المحلية، والعمل على نمو الصناعات التحويلية، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. كما شملت النجاحات تطوير الصناعات الزراعية والسمكية ودعم الابتكار التكنولوجي.
ومع ذلك، تواجه الرؤية تحديات مثل: ندرة بعض الموارد، الحاجة إلى مزيد من الاستثمار في التحول الرقمي، والتأثر بالأزمات الاقتصادية العالمية، ولتحقيق أهداف الرؤية يتطلب الأمر تعاونًا مستمرًا بين القطاعين العام والخاص.
المحتوى المحلي في سلطنة عُمان يهدف إلى تعزيز استخدام الموارد الوطنية، توفير فرص العمل للمواطنين، وتقليل الاعتماد على الواردات. يتم تحقيق ذلك من خلال سياسات حكومية داعمة، مثل برنامج القيمة المحلية المضافة (ICV)، الذي يُركز على الاستثمار المحلي، تطوير الصناعات الوطنية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتشمل الجهود أيضًا تعزيز التصنيع المحلي في قطاعات مثل التعدين والزراعة، والاستثمار في التعليم والتدريب لتأهيل الشباب العُماني، بالإضافة إلى دعم ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار. كل ذلك يسهم في تنويع الاقتصاد وتعزيز استدامته.
المحتوى المحلي في سلطنة عُمان يمثل جزءًا أساسيًا من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي. يركز على استخدام الموارد الوطنية من مواد خام، وخدمات، وكوادر بشرية، لتحفيز النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الواردات.
ويتمثل المحتوى المحلي في تشجيع الشركات على توظيف الكفاءات الوطنية، واستخدام المواد المحلية في الإنتاج، وتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
الحكومة العُمانية وضعت سياسات تهدف إلى زيادة المحتوى المحلي عبر القوانين والمبادرات. تشمل هذه السياسات اشتراط استخدام مواد وخدمات محلية في المشاريع الكبرى، خاصة في قطاع النفط والغاز.
ويُعد المحتوى المحلي أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في سلطنة عُمان. من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد الوطنية، ودعم الصناعات المحلية، وتمكين الكفاءات العُمانية، تسعى السلطنة إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام يعزز من تنافسيتها العالمية. ورغم التحديات التي تواجه تحقيق هذه الأهداف، فإن الالتزام بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في الابتكار والتعليم، سيضمن تحقيق رؤية عُمان 2040 وجعل المحتوى المحلي محورًا رئيسيًا في نهضتها الاقتصادية.
ويعد تطوير المحتوى المحلي في سلطنة عُمان هدفًا استراتيجيًا لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطني، ومع التوجه نحو التنويع الاقتصادي ضمن رؤية "عُمان 2040"، يبرز المحتوى المحلي كعنصر رئيسي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وهناك ركائز مستقبلية لتطوير المحتوى المحلي؛ منها: تشجيع إنشاء المصانع والشركات المحلية، مع تقديم الحوافز للمستثمرين ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة الإنتاج الوطني.
ولا شك أن توسيع برامج التدريب والتأهيل لرفع كفاءة الكوادر المحلية وتزويدها بالمهارات اللازمة للمساهمة في الإنتاجية، مما يضمن تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، إلى جانب تبني تقنيات حديثة لتعزيز الإنتاج المحلي، مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد، والاستثمار في البحث والتطوير لدفع عجلة الابتكار، وكذلك بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم سلسلة التوريد المحلية وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، علاوة على تشجيع المنتجات المحلية على دخول الأسواق الإقليمية والعالمية من خلال تحسين الجودة ودعم العلامات التجارية العُمانية.
في المقابل، هناك تحديات مُحتملة، مثل تحدي التمويل بتوفير قروض ميسرة وحوافز ضريبية لدعم المشاريع المحلية، ووضع سياسات تحمي الصناعات المحلية دون الإضرار بالتجارة الحرة، وإطلاق حملات توعوية لتحفيز المواطنين والمقيمين على دعم المنتجات المحلية.
وأخيرًا.. إنَّ تطوير المحتوى المحلي في سلطنة عُمان ليس مجرد خيار؛ بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة، ويمثل ذلك خطوة نحو تحقيق رؤية مستقبلية قوية ومستقرة نحو "عُمان 2040".