علق الدكتور إسماعيل صبري مقلد استاذ العلوم السياسية وعميد كلية تجارة أسيوط الأسبق على القمة الروسية الإفريقية والرسائل التي أراد المجتمعون فيها إيصالها للعالم.

وقال مقلد في حديث لـRT إن هذه القمة في مدينة بطرسبورغ أحيطت باهتمام اعلامي دولي كبير نسبيا، وذلك بالنظر إلى طبيعة الظروف الدولية الشائكة والمتوترة التي انعقدت فيها، وكذلك بالنظر الي طبيعة ردود الافعال الغاضبة التي يمكن أن يثيرها توقيت انعقادها لدى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وهو ما سوف يعتمد أساسا على كيفية تقييمهم لدوافعها ولنتائجها المتوقعة ولتداعياتها المحتملة بالنسبة لحصارهم الشامل الذي يفرضونه على روسيا ويحاولون به عزلها وإضعافها بتشديد المقاطعة الدولية لها وإغلاق كل دوائر الحركة أمامها حتى تظل تحت الحصار والمقاطعة لأطول فترة ممكنة.

إقرأ المزيد بوتين: القمة الروسية الإفريقية عقدت على مستوى جيد وحققت نتائج طيبة

وأضاف: "من هنا جاءت هذه القمة الروسية الإفريقية. لتكسر إحدى حلقات هذا الحصار الأمريكي الأوروبي ولتشكل نقطة البداية لتطورات مهمة أخرى قد تأتي لاحقة عليها أو داعمة ومكملة لها".

وتابع: "أما بالنسبة لروسيا، وهي الداعية لهذه القمة والتي قامت بالدور الأكبر في الإعداد لها وفي التحضير لبرنامج عملها، فان القمة الروسية الإفريقية كانت تحمل قيمة رمزية أهم بكثير مما قد يتصوره المتابعون لها أو المعنيون بها هنا أو هناك. ويعكس هذا التقدير أهميتها، هذا المناخ الواضح من الحماس الزائد لهذه القمة ولما يمكن أن تتمخض عنه من نتائج سوف تدفع بمسار العلاقات الروسية الافريقية خطوات أبعد للأمام. وهذا هو ما حرص الرئيس بوتين علي إظهاره وتأكيده وهو يحاور القادة الأفارقة المشاركين في أعمال هذه القمة، ويعرض عليهم وبسخاء غير مسبوق استعداد روسيا لتقديم أقصى ما يمكنها تقديمه من دعم لهذا العدد الكبير من دول القارة الافريقية، بدءا من شطب عشرين مليار دولار من الديون المستحقة عليها لروسيا، إلى تعويضها عن وارداتها من الحبوب الأوكرانية التي توقفت بإمدادها بما يقابلها من الحبوب الروسية بلا مقابل حتى لا يتضرر أمنها الغذائي، وكذلك ما عرضه على هؤلاء القادة الأفارقة من مساعدات تكنولوجية روسية لتعظيم استفادتهم من مواردهم الاقتصادية والطبيعية مؤكدا أن ما تحتاجه إفريقيا هو التكنولوجيا المتقدمة وبعدها سوف يمكنها تحقيق الاكتفاء الغذائي الكامل لشعوبها.. وبعروضه وتنازلاته ومساعداته يكون قد حاول تأسيس شراكة استراتيجية روسية إفريقية بزخم كبير لم تشهده هذه العلاقات بين الطرفين من قبل".

وأشار إلى أنه "هنا يجب أن نفهم أمرين مهمين هما المفتاح لتفسير دواعي هذه النقلة النوعية الجديدة في مجريات العلاقات الروسية الافريقية.. الأمر الأول هو أن هذه القمة الدولية الكبيرة هي محاولة من الرئيس بوتين لكسر الحصار الغربي ورد الاعتبار لروسيا، بإعادة وضع روسيا في الصورة مرة أخرى كقوة دولية كبري وفاعلة ومؤثرة، وأن لديها من القدرات والإمكانات والأدوات ما يجعلها قادرة على التحرك من جديد في دوائر دولية واسعة كان الغرب يتصور أنه أغلقها في وجهها ولم يعد بوسعها العودة مرة ثانية إليها. وأما الامر الثاني، فهو أن كل هذه الدول الإفريقية، وهي دول مدينة ونامية وهشة اقتصاديا، تبحث عن مصالحها، وسوف ترحب بالتأكيد بكل ما سوف يصلها من روسيا من مساعدات وتسهيلات، ولم يعد يعنيها تفسير الغرب لاقترابها من روسيا بأنه ينطوي على إخلال منها بحيادها في الحرب الروسية الأوكرانية، ولا أن شراكتها المتنامية مع روسيا تشكل ضربة موجعة لسياسات الحصار الغربي المفروض عليها. فكل هذه التفسيرات الغربية السلبية تتواري وتتضاءل أمام دواعي المصالح القومية العليا".

إقرأ المزيد بوتين للقادة الأفارقة: الغرب بدأ الحرب في أوكرانيا عبر دعمه لانقلاب 2014 الدموي

وأردف: "يبقى القول أن أمريكا وبتحريض منها لحلفائها الأوروبيين والآسيويين، سوف يكون لهم رد فعل انتقامي من الأطراف التي شاركت في هذه القمة الروسية الأفريقية، وسوف تحاول بكل الوسائل الممكنة من مباشرة وغير مباشرة، إفشال نتائجها بزرع كافة العوائق والعراقيل في طريقها، واعتقد أن لديهم القدرة على ذلك، وهو أمر يجب أن نتوقعه منهم، فهم لن يتركوا الأمور تمضي في حالها أو في مساراتها الطبيعية لأن ذلك يفسد لهم خططهم ويقطع الطريق أمامهم ويزيد من تكلفة حصارهم لروسيا التي يعتبرونها ألد اعدائهم على الساحة الدولية، وأن استنزافها وهزيمتها هي أولوية استراتيجية غير قابلة للتفاوض عليها".

وختم بالقول: "إجمالا، فان مجرد انعقاد هذه القمة وبهذا الحجم الملفت من المشاركة الإفريقية فيها، قد حققت روسيا هدفها منها، وليبقىي كل شيء بعدها رهنا بمتغيرات الظروف، ودعونا نرى في أي مسار سوف تتحرك الأمور في خضم سياسات دولية متغيرة هي كالرمال المتحركة باستمرار".

المصدر: RT

ناصر حاتم ـ القاهرة

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا إفريقيا عقوبات ضد روسيا قمة روسيا إفريقيا القمة الروسیة الإفریقیة هذه القمة

إقرأ أيضاً:

هل إيران في مسار تصادمي مع الغرب؟

منذ 7 أعوام، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غرفة الاستقبال الدبلوماسية في البيت الأبيض وألقى خطاباً قصيراً أعلن فيه نهاية ما اعتبره معظم العالم نجاحاً بارزاً في الدبلوماسية العالمية.

بدأ الرئيس الأمريكي بإعلان جهوده لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وانتهى بتوقيع مذكرة أعادت فرض عقوبات قاسية على طهران، ما شكّل بداية حملة "الضغط الأقصى" التي أطلقها في عهده الأول.

وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إنه في غضون 12 دقيقة، دمر ترامب إنجاز السياسة الخارجية الأبرز لسلفه باراك أوباما، الاتفاق النووي في 2015 مع طهران، الذي فرض قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية وشاركت فيه أوروبا، وروسيا، والصين.

وقال ترامب حينها: "إذا لم نفعل شيئاً، فإننا نعلم بالضبط ما سيحدث في فترة قصيرة. الراعي الأول للإرهاب في العالم سيكون على وشك امتلاك أخطر الأسلحة في العالم".

الآن، ومع عودته إلى البيت الأبيض، يواجه ترامب تداعيات قراره في 2018. فقد انتقلت إيران من الامتثال للاتفاق إلى التصعيد النووي السريع، مما وضعها في مسار تصادمي مع الغرب يصل إلى ذروته هذا العام.

Is Iran on a collision course with the west? - The Big Read https://t.co/xAtjS1dZ52

— FT Opinion (@ftopinion) March 31, 2025 تصاعد التوترات

وتشمل المخاطر بحسب الصحيفة، اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط، وإذا شعرت إيران بتهديد وجودي، فقد تتجه إلى تسليح مخزونها المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب لتصبح الدولة العاشرة في العالم التي تمتلك أسلحة نووية.

تقول كيلسي دافنبورت، مديرة سياسات منع الانتشار في جمعية الحد من الأسلحة: "هناك مجال للدبلوماسية، لكن كلا الجانبين يحتاجان إلى الإرادة السياسية والاستعجال لمواجهة هذه اللحظة. بدون ذلك، فإن التصعيد المتبادل سيخرج عن السيطرة هذا العام".

إسرائيل والدول الأوروبية

من جهته، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عزز موقفه بعد توجيه ضربات مؤلمة لإيران وحلفائها خلال العام الماضي، إلى دفع الولايات المتحدة لدعم عمل عسكري ضد طهران.

أما الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، فقد كانت تعارض انسحاب ترامب منه وحاولت إنقاذه مع إدارة بايدن، لكنها أصبحت الآن أكثر تصادماً مع طهران بسبب توسعها النووي المستمر.

Trump says he's 'very angry' and 'pissed off' at Putin during an NBC News interviewhttps://t.co/FPkvB1I5Iw

— MSNBC (@MSNBC) March 30, 2025

مع اقتراب 18 أكتوبر، حيث تنتهي بعض بنود الاتفاق النووي، تهدد الدول الأوروبية بتفعيل آلية "سناب باك" التي ستعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وإذا تم تنفيذ ذلك، فمن المرجح أن ترد طهران بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ما يزيد التوترات.

مستقبل التفاوض

ورغم تأكيد الاستخبارات الأمريكية أن إيران لا تنتج سلاحاً نووياً حالياً، فإنها تمتلك القدرة على إنتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لصنع "ستة أسلحة أو أكثر في أقل من أسبوعين"، بحسب دافنبورت.

ويأمل البعض أن تجد إيران والولايات المتحدة طريقاً دبلوماسياً لتجنب أكبر أزمة انتشار نووي منذ أن أجرت كوريا الشمالية أول اختبار نووي لها قبل عقدين. لكن المشكلة أن ترامب زعيم غير متوقع، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يرفض الولايات المتحدة من منطلق أيديولوجي.

⚡️BREAKING

Iran's Supreme Leader reacts to Trump's threats

'An attack from the outside is unlikely, but if they make a mistake, they will certainly suffer a heavy blow' pic.twitter.com/3R9IyswNjK

— Iran Observer (@IranObserver0) March 31, 2025

يقول أحد المطلعين على النظام الإيراني: "هذه لعبة تصادم، مثل سيارتين تسيران بسرعة نحو بعضهما البعض، والفائز هو من يرفض الانحراف خوفاً".

سياسات ترامب

عندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض، كانت هناك آمال بأن تكون الدبلوماسية ممكنة، خاصة أن طهران أبدت استعدادها للعودة إلى المفاوضات، وكان الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بيزشكيان قد فاز في الانتخابات بوعود برفع العقوبات.

لكن في فبراير (شباط)، وقّع ترامب مذكرة تنفيذية أعادت عقوبات الضغط الأقصى، معلناً نيته تصفير صادرات النفط الإيرانية، وحرمانها من الصواريخ الباليستية، وتحجيم نفوذها الإقليمي. في طهران، فُسرت هذه الخطوة على أنها محاولة لإخضاع الجمهورية الإسلامية.

JUST IN: ???????????????? US President Trump threatens to bomb Iran if they don't agree to a nuclear deal.

"If they don't make a deal, there will be bombing and it will be bombing the likes of which they have never seen before. pic.twitter.com/ArkZb1kEu4

— BRICS News (@BRICSinfo) March 30, 2025

ورغم هذه السياسة المتشددة، أرسل ترامب لاحقاً خطاباً إلى خامنئي أعرب فيه عن رغبته في التوصل إلى "اتفاق نووي سلمي"، لكنه في نفس الوقت هدّد بأن البديل هو "قصف لم يسبق له مثيل".

المواجهة والبقاء

إيران تعاني من أسوأ وضع اقتصادي منذ الثمانينيات، إذ تراجعت عملتها، وبلغ متوسط التضخم السنوي 32%. في الداخل، تفاقم الاستياء الشعبي منذ قمع الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني في 2022.

لكن رغم ذلك، يرى قادة إيران أن تكلفة مواجهة محدودة قد تكون أقل من الخضوع للضغوط الأمريكية، ويؤكدون أن البقاء هو الهدف الأساسي.

Iran has rejected direct negotiations with the US in response to Trump’s letterhttps://t.co/9Xcq3uTPOo

— Sihle Mavuso (@ZANewsFlash) March 30, 2025 ما الخيارات المطروحة؟

المواجهة العسكرية: إسرائيل تهدد بضربة استباقية، لكنها تدرك أن قدرة إيران على إخفاء منشآتها النووية تحت الجبال تجعل من الصعب تدميرها بالكامل.

التصعيد الإيراني: إيران قد ترد على أي هجوم باستهداف القواعد الأمريكية والمنشآت النفطية بينما الاتفاق المحتمل ربما يتجه ترامب إلى "اتفاق أقل طموحاً" يجمّد التخصيب الإيراني، مع تأجيل الحل النهائي.

مقالات مشابهة

  • روسيا تؤكد تعزيز الحوار مع "بريكس" والمنظمات الدولية لبناء أمن أوراسيا
  • «الخارجية الروسية»: التحضير لعقد اجتماع ثان بين روسيا وأمريكا
  • بوقعيقيص: نحن مخدوعون بديمقراطية الغرب
  • لافروف في لقاء مع وانغ يي: زعيما روسيا والصين عازمان على تعزيز الروابط الروسية الصينية
  • الحرية المصري: الحراك الشعبي ضد التهجير يؤكد موقف مصر التاريخي تجاه القضية الفلسطينية
  • هل إيران في مسار تصادمي مع الغرب؟
  • الوعي: احتشاد المصريين في مختلف الميادين لرفضهم تهجير الفلسطينيين يؤكد وحدة الموقف الشعبي
  • ماذا يريد الغرب وكياناتنا القُطْرِيَّةُ؟
  • بريطانيا تستضيف القمة الدولية لمكافحة الهجرة غير الشرعية
  • الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأوروبية التي انسحبت من سوقنا