من طوفان الأقصى إلى الرد الإيراني: جردة حساب إسلامية وعربية
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
شكّلت التطورات المتسارعة في فلسطين والمنطقة كلها محور نقاش وحوار في بيروت بين عدد من القيادات الإسلامية والعربية وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية، من بدء معركة طوفان الأقصى إلى الحرب على غزة وصولا إلى الرد الإيراني على الكيان الصهيوني بعد على استهداف وقصف القنصلية الإيرانية في دمشق ومجموعة قيادية من الحرس الثوري الإيراني.
فقد عُقدت في بيروت سلسلة لقاءات بعيدا عن الأضواء بحضور عدد من القيادات الإسلامية من مختلف الأطراف الفاعلة (حزب الله وحركة حماس والجماعة الإسلامية)، إضافة إلى لقاءات أخرى جمعت حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي بقيادات من أنصار الله في اليمن، كما عقدت قيادات المؤتمر القومي العربي والقومي- الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربي واللقاء اليساري العربي (في إطار المؤتمر العربي العام) لقاء تقييميا للتطورات الجارية وتحضيرا لعقد المؤتمر القومي العربي في أوائل شهر حزيران/ يونيو المقبل في بيروت.
وكل هذه اللقاءات كانت تهدف لتقييم التطورات الجارية وتحديد نتائج ما جرى حتى الآن، ووضع رؤية مستقبلية لمواكبة التطورات المتسارعة في المنطقة كلها، إضافة لوضع برنامج عمل قادر على الاستفادة من كل المتغيرات والنتائج التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة على الصعد الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية.
اللقاءات كانت تهدف لتقييم التطورات الجارية وتحديد نتائج ما جرى حتى الآن، ووضع رؤية مستقبلية لمواكبة التطورات المتسارعة في المنطقة كلها، إضافة لوضع برنامج عمل قادر على الاستفادة من كل المتغيرات والنتائج التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة على الصعد الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية
فما هي أبرز الخلاصات التي توصلت إليها القيادات العربية والإسلامية؟ وكيف تقيّم هذه القيادات التطورات حتى الآن؟ وإلى أين تتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هو المطلوب فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا؟ وما هي المهام والتحديات المستقبلية والبرامج المطلوبة:
1- لقد حققت معركة طوفان الأقصى وصولا إلى الرد الإيراني على الكيان الصهيوني نتائج مهمة على المستويات السياسية والميدانية والاستراتيجية وعلى صعيد الأوضاع الإقليمية والدولية، ورغم الحجم الكبير للشهداء والتضحيات والدمار في كافة الجبهات، فهي أثبتت قوة محور المقاومة وقدراته العالية وحجم التعاون والتنسيق بين كافة قوى المقاومة في المنطقة وأدخلت قوى جديدة في الصراع وخصوصا أنصار الله في اليمن والمقاومة في العراق، وصولا إلى المشاركة الإيرانية المباشرة في المعركة، مما فرض معادلات جديدة على الصعد الإقليمية والدولية.
2- تراجعت إلى حد كبير كافة أشكال الصراع المذهبي والقومي في المنطقة وتقدم خيار الوحدة الإسلامية والدفاع عن فلسطين على كافة الخيارات الأخرى، وتم التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي المنطلق الأساس لوحدة الأمة والتعاون مع كافة أحرار العالم.
3- توقفت المشاريع الهادفة إلى تكريس التطبيع بين بعض الدول العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني، وشاركت الشعوب في العديد من هذه الدول وخصوصا في الأردن والبحرين والمغرب في التظاهرات والدعوات لإقفال سفارات الكيان الصهيوني، كما كان لهذه المعركة تأثير كبير في انتخابات تركيا المحلية وكان لها دور في مواقف الناخبين من الحزب الحاكم وأدائه السياسي تجاه القضية الفلسطينية.
4- رغم مرور أكثر من ستة أشهر ونصف تقريبا على بدء المعركة، لا تزال قوى المقاومة قادرة على مواصلة المعركة في حال عدم توصل المفاوضات إلى أية هدنة، ولن تسمح قوى المقاومة بفرض أي مشروع سياسي أو لإدارة قطاع غزة دون موافقتها وستعمل لإفشال كل المشاريع الأمريكية والإسرائيلية لتغيير الواقع في قطاع غزة.
5- قدّمت هذه المعركة صورة واقعية عن دور كل الدول العربية والإسلامية والواقع الدولي ونقاط القوة والضعف في هذا الواقع، مما سيساعد قوى المقاومة على وضع استراتيجية جديدة لإدارة الصراع في المرحلة المقبلة.
6- من المهم في المرحلة المقبلة تعزيز التعاون والتنسيق بين القوى والحركات الإسلامية والقوى القومية في لبنان وعلى صعيد العالم العربي والإسلامي، ووضع برامج عمل مشتركة لدعم قوى المقاومة.
هناك ضرورة من أجل البحث والنقاش حول مستقبل الصراع مع العدو الصهيوني، والاتفاق على كيفية مقاربة المرحلة المقبلة على ضوء نتائج المعركة في قطاع غزة وفي ظل كل التطورات والتداعيات على بقية الجبهات، وأن يكون هناك توافق بين قوى المقاومة على أي مشروع مستقبلي
7- هناك ضرورة من أجل البحث والنقاش حول مستقبل الصراع مع العدو الصهيوني، والاتفاق على كيفية مقاربة المرحلة المقبلة على ضوء نتائج المعركة في قطاع غزة وفي ظل كل التطورات والتداعيات على بقية الجبهات، وأن يكون هناك توافق بين قوى المقاومة على أي مشروع مستقبلي.
8- الاستعداد لكافة الاحتمالات على الصعيد الميداني، سواء تم التوصل إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار أو استمرت المعركة لفترة أطول ومتابعة التداعيات الميدانية في قطاع غزة، واحتمال قيام العدو بالهجوم على رفح، وصولا لمواكبة ما يجري ما بين الكيان الصهيوني والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
9- استكمال التعاون الميداني بين قوى المقاومة والتفاهم على كيفية إدارة المعركة إعلاميا وسياسيا للاستفادة من المؤشرات الدولية والإقليمية على صعيد دعم القضية الفلسطينية، ولا سيما الأجيال الجديدة في العالم والتي شاركت في المسيرات والأنشطة الداعمة لفلسطين، والابتعاد عن السجالات والصراعات سواء داخل كل قُطر أو على الصعيد الفلسطيني والعربي، والعمل لتعزيز نقاط القوى بدل الغرق في الصراعات والسجالات السياسية والإعلامية.
وستكون القضية الفلسطينية وتداعياتها محور المؤتمر القومي العربي والذي سيعقد في بيروت في اليوم الأخير من شهر أيار/ مايو واليوم الأول من شهر حزيران/ يونيو، حيث سيكون برنامج المؤتمر حول القضية الفلسطينية ويشمل النقاط التالية:
- المبادرات من أجل غزة.
- مفهوم حرب التحرير الشعبية ووحدة قوى المقاومة في ضوء "طوفان الأقصى".
- الأبعاد الاستراتيجية لعملية "طوفان الأقصى".
- غزة بعد الحرب: رؤية استراتيجية استشرافية.
- المقاطعة ومناهضة التطبيع في ظل "طوفان الأقصى".. قراءه في المفاعيل والرؤى المستقبلية.
- الحراك الشعبي العربي والدولي المناصر لفلسطين.. قراءة في مفاعيله وكيفية تطويره وضمان استمراريته.
المعطيات تؤكد على التأثير الكبير لمعركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة على الواقع العربي والإسلامي والدولي، حيث سنكون في المرحلة المقبلة أمام عالم جديد محوره فلسطين والقضية الفلسطينية والصراع مع المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا
- الدور الأمريكي في ظل "طوفان الأقصى" وآثاره على حاضر ومستقبل الأمّة.
- مستقبل القدس بعد ملحمة "طوفان الأقصى".
- الوحدة العربية و"طوفان الأقصى".
- الاستقلال الوطني والقومي والهيمنة الأجنبية.. قراءة في المؤشرات والمتغيرات في ضوء عملية "طوفان الأقصى".
- واقع ومستقبل الديمقراطية في الوطن العربي في ظل "طوفان الأقصى".
- اتجاهات التنمية المستقلة في ظل "طوفان الأقصى".
- العدالة الاجتماعية في الوطن العربي بين الحاضر والمستقبل.. قراءة جديدة من معطيات "طوفان الأقصى".
- الوطن العربي بين الأصالة والتجدد الحضاري والتغريب.. المؤشرات والتحديات في ظل متغيرات طوفان الأقصى.
كل هذه المعطيات تؤكد على التأثير الكبير لمعركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة على الواقع العربي والإسلامي والدولي، حيث سنكون في المرحلة المقبلة أمام عالم جديد محوره فلسطين والقضية الفلسطينية والصراع مع المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا.
twitter.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة الإيراني إيران إسرائيل فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة والإسلامیة فی المرحلة المقبلة القضیة الفلسطینیة الکیان الصهیونی قوى المقاومة فی قطاع غزة فی المنطقة الصراع مع فی بیروت
إقرأ أيضاً:
هل يحقق جولاني العربي ما فشل فيه جولاني العبري؟
طيلة خمسة عشر شهرا من القتل والتدمير الإرهابي الأمريكي -الصهيوني الذي تعرض له أهلنا في غزة كانت قلوبنا تعتصر خوفا وقلقا وذنبا على كل ما يجري، كان هنالك مربطان للخوف تدور حولهما كل صور القلق والترقب والتوتر، المربط الأول هو العذاب والموت من قتل وقصف وتشريد وتجويع وصور الأطفال الأبرياء التي تفجع القلوب، المربط الثاني هو التهديدات التي تمثل محور العدوان الإرهابي بالقضاء على المقاومة وإزاحة حركة حماس والجهاد والفصائل المقاتلة من غزة والإطاحة بها، كلا المربطين ربما تسببا في تقدم أعمارنا بضع سنوات من فرط المخاوف المصحوبة بالعجز وسوداوية الصورة التي تخيفنا كل يوم أكثر، لكن المربط الأكثر خطورة كان ولا يزال هو مصير المقاومة الفلسطينية والتساؤل عن مصيرنا جميعا لو جرى أي شيء لهذه القوى، تساؤلات مرعبة تأكل نفوسنا: ماذا لو تمكنت قوى العدوان من الإطاحة بالمقاومة واعتقال قياداتها وعرضهم أمام الشاشات مكبلين بالأصفاد؟ ماذا لو تمكنت القوات المتحالفة من الوصول إلى معاقل الأسرى وتحريرهم وعرض تلك المشاهد كعمليات بطولية لانتصار العدو وإعلان فشلنا جميعا على مرأى التاريخ؟
لا يكاد يظهر تصريح لعصابة المجرمين من رئيس وزراء أو وزير دفاع أو رئيس أركان أو حتى المخلوقات الضارة من مثل السمين والثعبان الأشقر السام إلا ويظهر فيها تأكيد أو إعادة التثبيت بأن الإطاحة بالمقاومة هي هدف رئيسي لا حياد عنه، مع تدرج هزيمة الصهاينة انتقلت معركة القضاء على المقاومة إلى البعد الثاني وهو البعد السياسي الموثق بالتهديد العسكري، وها نحن اليوم نعايش قسطا من طوفان الأقصى عنوانه إزاحة حكم المقاومة من قطاع غزة باستخدام أداتين: الأولى هي مراودتها عن نفسها تحت ضغوط المساعدات وإعادة الإعمار والتهديد بترحيل سكان غزة إلى وجهات غير معلومة والثانية هي إدخال قوات عربية ضمن خطة مصرية (لإعمار قطاع غزة ) وإكرام أهله (بعدم ترحيلهم ).
لقد جاء أوان السؤال الأكبر الذي سيفضي إلى تقرير كل النهايات: ما هو المصير الذي ينتظر فصائل المقاومة وما هو مصير ظاهرة المقاومة داخل الشعب الفلسطيني والعربي الإسلامي؟ أم أن كل ذلك تحول إلى كلام مستهلك لا طائل من ورائه؟
تحريا للدقة ورسم خارطة الفهم الصحيح للأحداث لا بد من التحليق قليلا في الجو لرؤية الصورة من أعلى، والنظر جيدا إلى المنطقة والشرق الأوسط تحديدا لفهم ماذا يجري.
في داخل الدهليز السري لسيكولوجية القوى العظمى والجبروت الأعمى تكمن نوعية خاصة من المخاوف محتواها هو الخوف من الزوال والرهبة من الضعف أو الهبوط، وتحت دافعية هذه المخاوف يجري السعي الدائم نحو عاملين إثنين، الأول هو الضمانات المادية للبقاء من مصادر الغذاء والماء والطاقة والمعادن والثروات بمطلق مسمياتها وأنواعها، والثاني هو هالة النفوذ والسلطة، وهذه السيكولوجية هي الآن ما نراه رأي العين بتجرد مع الرئيس الأمريكي ترامب دون مواربة أو إخفاء، حيث العودة إلى الجذور دون ديكورات ولا مكياجات..
إن تحقيق الغايتين السابقتين كان يتطلب في الماضي شرعية معينة، تأتي هذه الشرعية عادة من نصوص دينية يتم تحويرها وإعادة صياغة معانيها لتناسب التطلعات الاستعمارية كما جرى مثلا في الحملات الصليبية والحرب الحالية على غزة، أو من نظريات علمية تبيح تفوق عرق على عرق كما في الداورينية الاجتماعية التي وضعها الإنجليز لتبرير غزو الشعوب والعالم وفقا لتفوق العرق الأبيض عمن سواه، في فترة لاحقة أعادت قوى الاستعمار الغربية صياغة حيلها على الشعوب والدول من خلال فكرة خلق مصطلحات فضفاضة ومضللة تضيق أو تتوسع حسب المطلوب من مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان والسيادة الدولية والاتفاقيات الدولية، أما اليوم فلم يعد هنالك من مبرر للجوء إلى أية مشرعات أو مسوغات لتطبيق الغايات الاستعمارية ويعلنها ترامب صراحة عندما سألوه عن مصدر الحق الذي يمنحه تهجير سكان غزة والاستيلاء على أرضهم فأجب الصحافية بأنه الحق الأمريكي !
حيال هذه المقدمة الاستعمارية كانت هنالك حركات الرفض وانتفاضات الشعوب ضد هذه الهيمنة، وللحقيقة والتاريخ يمكن القول بأن أحدث مظهر حقيقي للتحرر من القبضة الأمريكية كانت هي الثورة الإسلامية في إيران 1979م التي أطاحت بالعميل الأمريكي الصهيوني الشاه الإيراني وجاءت بحكم الثورة الإسلامية التي تمايزت جيدا، خاصة عقب سقوط القومية العربية وهزيمة الجيوش العربية في كل معاركها، ومنذ ذلك الوقت يمكن تصور سلسلة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط بمجملها للإطاحة بهذه الفكرة وهذه الثورة التي تشكل مضادا خطيرا للنموذج الاستعماري التقليدي وترفض التسليم بوجوده، وبغض النظر عن جدلية الاتفاق أو الاعتراض على النموذج الإيراني فعلينا بـن ندرك بأن محاولات الإطاحة بهذه الثورة ومنع تشكل نماذج مشابهة لها عربيا وإسلاميا تسببت في تداعيات هائلة في العالم والمنطقة.
إن الحدث الثاني التاريخي الذي يأتي مباشرة عقب الحدث الأول يتمثل في طوفان الأقصى في حجمه وأبعاده وتداعياته، وهنا قد يتساءل البعض من الغافلين عن حضور الاستعمار وكيفية تغلغله في حياة كل شعوب العرب، الجواب الخفي على ذلك يكمن في وجود احتلال مربطي داخل فلسطين ومستعمرة أمريكية بالكامل تشرف وتحرس مصالح الأب الكبير، هذه المستعمرة مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الجحيم الظاهر والخفي الذي تعيشه كل بلاد العرب من تدهور اجتماعي واقتصادي وصناعي وعلمي وتعليمي وإفقار وفقر مستمرين واستيلاء على حقوقها الديموقراطية، وحقوقها في حياة كريمة والاستفادة من بترولها ومعادنها ومياهها والحصول على حياة كريمة وفقا لمعطيات العصر الذي تؤمنه ثروات المنطقة الهائلة المنهوبة والمستولى عليها بالكامل لصالح الاستعمار ورجالاته .
في الإجابة على سؤال مصير المقاومة إليكم الإضاءات الآتية:-
إن العامل الأول الضامن لديمومة وبقاء المقاومة الفلسطينية هو الضمان الأخلاقي والسلوكي الذي أظهرته المقاومة في كل قسط من مراحل العدوان على غزة وعلى عكس ذلك فإن ضمانة الزوال للكيان الصهيوني جاءت من سلوكه وقبح وفساد أخلاقه مما فعل بقتل الأطفال والاعتداء على المستشفيات وترك الجثامين لتأكلها الكلاب وتجويع شعب بأكمله والنظر إلى البشر على أنهم حيوانات.
الضامن الثاني لبقاء المقاومة وزيادة سعتها هي أنها قيم منتجة ميدانيا وماديا نجحت في رد الاعتبار لكرامة الفلسطيني والعربي أمام التهويد والاعتداءات الوحشية لحيوانات المستوطنين وتمكنت من تحرير الأسرى وتأسيس نواة حقيقية لمشروع التحرير فيما فشل كل دعاة التصالح والسلام والحمام والمؤتمرات والاتفاقيات التي يتعامل معها المجرمون مثل ورق التواليت في تحصيل أية مكتسبات، بل على العكس تزداد الأمور كل يوم سوءا.
لقد كسرت المقاومة الجدار الحديدي العسكري الأمريكي والإسرائيلي وأثبتت بالدليل القاطع بأن دبابات ميركافا وطائرات إف 16 و35 لا ترهب المقاومة الفلسطينية والعربية، لقد أثبت شعب اليمن بأن إرادته أقوى من البارجات وحاملات الطائرات ولم تردعه النار ولا القصف والحرق، لم تستسلم المقاومة لا في غزة ولا لبنان ولا اليمن رغما عن ضعف قدراتهم التي لا تذكر أمام العدو.
لو كانت حماس أو فصائل المقاومة شيئا منفصما عن الشعب الفلسطيني لكنا قد شاهدنا نوعا من الصفقات أو الهروب الكبير أو الانسحاب تحت شروط محسنة والقبول باستسلام، لكن جهل فريق العدو بحقيقة الأمر يسمح لهم بإطلاق تصورات وتصريحات تشابه المطالبة بالقضاء على عصابة تغتصب الحكم في غزة، ما لا يفهمه هؤلاء المجرمون هو أنه لا يوجد في غزة شيء اسمه حماس أو الجهاد بل توجد عقيدة حياتية متجذرة أحد أركانها هو عقيدة قتالية تبدأ بالكلمات وتنتهي بتقديم الروح على طبق من ذهب لوجه الله تعالى اسمها الثقافة الإسلامية التي تستنسخ أفرادا يمارسون إيمانهم الطبيعي بالدفاع عن بلادهم وأرضهم وأهلهم وحقلهم وزرعهم، هذه الحالة قد تأخذ أي اسم من كتائب شهداء الأقصى إلى حماس إلى الجهاد وقد تكون غدا شهداء غزة أو كتائب السنوار، هذه الحالة تحيطها هالة جبارة من التأثير المغناطيسي التي تلهم الأجيال على بعد ألوف الكيلومترات وتخترق الزمان والمكان ولا يمكن مسها أو ايذاؤها .
من تعايش مع ملامح شخصية السنوار في صلابتها وعظم بطولتها لاعتقد بينه وبين نفسه بأن سقوط هذا الرجل سوف يتسبب بسقوط كامل التنظيم، لو كانت المقاومة تعبد شخصا أو قيادات لشاهدنا زلزالا كاملا في بنائها عندما استشهد إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى وسائر الأساطير التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه.
إن المقاومة الفلسطينية هي جزء من نسيج ظاهرة المقاومة العالمية ضد الإمبريالية الأمريكية، وهي جزء من النسيج الطبيعي للمقاومة ضد مشروع ابتلاع الشرق الأوسط، وهي بذلك جزء لا فكاك منه مع كل محاولة للخلاص من قيود الاستعمار وينضم إليها في ذلك ايران واليمن ولبنان والعراق وكل من يشارك في هذه المقاومة، و أي نظرة خلافا لذلك تعتبر ضربا من التجزيء الباطل، وبنفس المنطق فإن استهداف غزة ليس جزءا منفصلا عن استهداف لبنان وابتلاع سوريا والتخطيط لتوجيه ضربة لإيران ومخاطر أخرى تتهدد مصر والأردن.
سيعجز حلف الشيطان عن كسر إرادة هذه المقاومة كما عجز عن تحطيم روح غزة لسبب مجهول لا ينتمي لعالم الأرض، وسيفشل ترامب وفريقه الأكثر صهيونية من نتانياهو وبن زفير كما فشل بايدن من قبله أيضا لسبب مجهول مثنيٌ في طي الغيب، سيفشل الجنرال غالانت العربي ولواء غولاني العربي الخاص به في الاندساس وسحب سلاح المقاومة لسبب مجهول لا ينتمي لتحليلات العساكر ولا البشر ولا كل قوى الإنس والجن لأنه مربوط بحقائق إيمانية نراها رأي العين، سيفشلون جميعا لنفس السبب المجهول الذي مكن هذه المقاومة من استعادة الحياة خلال يوم واحد من الانسحاب الصهيوني وتقديم اكبر استعراض حي لقابلية الحياة وقابلية البقاء والصمود واستمرار القتال حتى النهاية رغما عن قنبلتي هيروشيما اللتين ألقيتا فوق غزة وشعبها الأبي.
اليوم التالي في غزة لن يكون قوات عربية ولا أوسلوية ولا دولية ولا أممية، اليوم التالي هو المقاومة فقط، ذاتها التي لا تفنى ولا تستحدث ولكنها تنتقل من جيل إلى آخر، وسيضطر هذا العدو للتفاوض مع هذه القوة الجبارة لتحسين مدة بقائه وشروط الحياة القصيرة التي تنتظره، قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.
كاتب فلسطيني