«فيلسوف الجغرافيا»... ذكرى وفاة المفكر جمال حمدان
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمر اليوم ذكرى وفاة المفكر الكبير جمال حمدان، والذى رحل عن عالمنا في 17 إبريل 1993م، أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين، صاحب "شخصية مصر" الذى عالج من خلاله أبعاد الوجود المصرى فى الزمان والمكان، و فى الحضارة والثقافة،السياسة والإجتماع والإقتصاد، وترك لغز مقتله الذى لم يتم اثبات من القاتل حتى الآن.
ولد جمال حمدان، في قرية "ناي" بمحافظة القليوبية، ونشأ في أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة "بني حمدان" العربية التي نزحت إلى مصر أثناء الفتح الاسلامى، وعاش فى حي شبرا مصر بالقاهرة، وتأثر به وكان والده مدرسًا للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها جمال، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1358هـ ـ 1939م.
كان لحفظ القرآن الكريم فى الصغر أثر بالغ على شخصية جمال حمدان، وعلى امتلاكة نواصى اللغة العربية والذى اثر بالايجاب على كتاباته واسلوبه الابداعى.
مسيرة المفكر والمؤرخ
التحق "حمدان" بكلية الأداب قسم الجغرافيا، وتفوق بها مما جعله معيدًا بالكلية، ولكن الواسطة أصابته بالاكتئاب، وتخرج وتم تعيينه معيدًا بكلية آداب قسم جغرافيا، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا سنة 1949، حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من "جامعة ريدنج" عام 1372 هـ ـ 1953، وكان موضوع رسالته: "سكان وسط الدلتا قديما وحديثا"، ولم تترجم رسالته تلك حتى وفاته.
انضم بعد ذلك لهيئة التدريس بالجامعة، عقب عودته من البعثه، ثم صار أستاذ مساعد، وأصدر في فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى وهي: "جغرافيا المدن"، و"المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم" (المدينة المثلثة)، و"دراسات عن العالم العربي"، وحصل نتيجة كتاباته الفريدة على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1959م.
رغم الاكتئاب.. “شخصية مصر” ابرز نجاحاته
تخطى جمال حمدان اصابته بالاكتئاب، بعدما حدثت حركة ترقيات بالجامعة في عام 1963 وتم تخطيه، لتدخل الواسطة والمحسوبية فتقدم باستقالته، ليتفرغ للبحث والكتابة.
أصدر “حمدان” كتاب "شخصية مصر" فى طبعته الأولى فى كتاب الهلال فى يونيو 1967 وكانت إشارة البدء فى عمل فذ صدر بعد ذلك فى اربعة أجزاء قاربت صفحاته ثلاثة آلاف وخمسمائة يعالج الكاتب الكبير أبعاد الوجود المصرى فى الزمان والمكان, فى الحضارة والثقافة وكذلك فى السياسة والإجتماع والإقتصاد, ويختزل عبقرية مصر وروحها الدفينة فى صيغة واضحة متكاملة محددة المعالم والأبعاد
جوائز جمال حمدان
حصل جمال حمدان على جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1986م، وجائزة التقدم العلمي من الكويت 1992م، 1959، وكذلك حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه "شخصية مصر" عام 1411هـ ـ 1988، ورحل فى عام 1993.
مبنى للمجهول.. لغز رحيل “فليسوف الجغرافيا”
توفي جمال حمدان فى ظروف غامضه، حيث عُثر على جثته والنصف الأسفل منها محروقاً، واعتقد الجميع أن د. حمدان مات متأثراً بالحروق، ولكن تقارير وزارة الصحة انذاك أثبتت أنه لم يمت مختنقاً بالغاز، كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته، لأنها لم تصل لدرجة أحداث الوفاة، وكل الشكوك كانت تتجه للإسرائيليين ولكن لم يتم إثبات من القاتل.
وروى الشقيق الأصغر لجمال حمدان، اللواء عبد العظيم حمدان قبل وفاته، خلال الفيلم التسجيلي "مبني للمجهول" سيرة الراحل ولحظة رحيله، حيث كان يسكن في شقة صغيرة بالدور الأرضي بحي الدقي، وقبل شهرين ونصف من وفاته سكن في شقة بالدور العلوي رجل وامرأة من أصول أجنبية، ويوم وفاته اختفى الاثنين، وبالبحث عن هويتهما عُرف انهما من اصول إسرائيلية.
بعد ظهر السبت 17 إبريل 1993، دخل جمال حمدان مطبخه ليحضر كوب شاي، وفاجئه رجل وضربه على رأسه بعصا فسقط مغشيًا عليه، ثم قطع القاتل "خرطوم الغاز" وأشعل النيران في المطبخ، وسرق آخر ثلاثة كتب كتبها جمال حمدان قبل تسليمها للناشر وهم "اليهود والصهيونية، الإسلام المعاصر، والعلم والجغرافيا"، ولاحظ حراس المباني المجاورة النيران، فأسرعوا بكسر باب الشقة، ودخلوا للمطبخ، فوجدوا عبقري الجغرافيا جمال حمدان جثة هامدة، واحترق نصف جسده السفلي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شخصية مصر جمال حمدان شخصیة مصر
إقرأ أيضاً:
وفاة يوسف ندا مؤسس إمبراطورية الإخوان الإرهابية المالية.. وخبير: الجماعة أصبحت «عارية»
رحل رجل الأعمال المصري والقيادي البارز في جماعة الإخوان، يوسف ندا، يوم الأحد 22 ديسمبر 2024، عن عمر ناهز 94 عامًا.
وعُرف ندا بأنه مؤسس الإمبراطورية المالية لجماعة الإخوان الإرهابية ووزير ماليتها غير الرسمي.
يوسف ندا.. النشأة والمسيرةولد يوسف ندا في الإسكندرية عام 1931 لعائلة ميسورة الحال تمتلك مزارع ومصانع للألبان، وتلقى تعليمه في مدارس حي الرمل، ثم تخرج في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية في الخمسينيات.
وانضم لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947، وشارك في أعمال مقاومة الاحتلال البريطاني بمنطقة قناة السويس عام 1951، وفي عام 1954، اعتُقل بتهمة محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، لكنه أُفرج عنه بعد عامين دون إدانة.
وبعد خروجه من السجن، بدأ ندا نشاطه التجاري في تصدير منتجات الألبان، لينتقل لاحقًا إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا، حيث أصبح "ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط" في نهاية الستينيات، استقر في إيطاليا، حيث حصل على الجنسية الإيطالية وأقام حتى وفاته.
دوره الاقتصادي والسياسييوسف ندا كان أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية لجماعة الإخوان، حيث أسس بنك فيصل الإسلامي بالتعاون مع الأمير محمد بن فيصل في سبعينيات القرن الماضي، وأطلق بنك التقوى الإسلامي في جزر الباهاما عام 1988، وهو أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية.
ولكن نشاطه الاقتصادي لم يكن خاليًا من الجدل؛ ففي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، اتهمته الحكومة الأمريكية بدعم الإرهاب، ووضعته على قوائم داعمي الإرهاب.
وفي 2009، شطب مجلس الأمن الدولي اسمه من القائمة بعد عدم توافر أدلة، بينما أبقت الإدارة الأمريكية على إدراجه.
وفي مصر، حُكم عليه غيابيًا بالسجن في 2008 خلال محاكمة عسكرية شملت 39 من قيادات الإخوان، ولكنه حصل على عفو رئاسي من الرئيس الراحل محمد مرسي في 2012، وأُعيد اسمه إلى قوائم الإرهاب المصرية في ديسمبر 2024، قبل وفاته بأسابيع قليلة.
تمويل الإخوان والمسؤولياتارتبط اسم ندا بتمويل أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، ورغم نفيه في عدة مقابلات تمويل الجماعة بشكل مباشر، إلا أنه أكد استعداده لدعمها عند الحاجة، وُصف بأنه "خزينة الجماعة"، حيث أسس وأدار العديد من الشركات التي ساهمت في تمويل أنشطتها، وسائل الإعلام وصفته بأنه مؤسس الإمبراطورية المالية للجماعة.
من جانبه، قال المفكر السياسي، ثروت الخرباوي، إن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لصناعة تاريخ موازٍ يمنحها قيمة وهمية وغير حقيقية، وأشار إلى أن القيادي الراحل يوسف ندا، الذي كان يمتلك عددًا كبيرًا من الشركات والبنوك، قد أصيب بمرض الزهايمر قبل وفاته.
وأضاف الخرباوي، خلال تصريحات له، أن إصدار أكثر من نعي من جناحي جماعة الإخوان بعد وفاة ندا يعد دليلًا واضحًا على الانقسام العميق الذي أصاب الجماعة.
وأوضح أن هذا الانقسام يأتي في وقت تمتلك فيه الجماعة إمبراطورية اقتصادية كبيرة ومخيفة، بينما يبدو صمتها الحالي محاولة لإعادة ترتيب البيت من الداخل.
وأكد الخرباوي أن جماعة الإخوان أصبحت “عارية من الأفكار والمبادئ والوطنية وحتى الهوية الدينية”، وانتقد من لا يدرك ذلك، معتبرًا أنهم “ليسوا في كامل وعيهم”، وأشار إلى أن محمود حسين، أحد قيادات الجماعة، متهم بسوء استغلال التبرعات المخصصة للشباب المصري في أنقرة، حيث استخدم الأموال لبناء فيلا فاخرة في تركيا وشراء سيارات فارهة.
وبرحيل ندا، يثار تساؤل حول مستقبل إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خاصة في ظل التضييق على أموالها داخل مصر واعتقال قياداتها.
وتشير تقارير إلى أن القيادي أسامة فريد عبد الخالق المقيم في لندن، يُعد المرشح الأبرز لتولي هذه المسؤولية.
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فإن عبد الخالق يدير منذ فترة طويلة الأنشطة المالية للجماعة في أوروبا، ويُتوقع أن يواصل هذا الدور في المرحلة المقبلة، مستفيدًا من شبكة علاقاته الواسعة.
ويمثل رحيل يوسف ندا نهاية فصل هام في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، حيث يجسد قصة رجل جمع بين الاقتصاد والسياسة، وترك بصمته في مسيرة جماعة مثيرة للجدل على الصعيدين المحلي والدولي.
ومع وفاته، تظل الجماعة تواجه تحديات مصيرية، ليس فقط في الداخل المصري، ولكن أيضًا على الساحة الدولية.