باعتباره عمدة لندن، يُعَد صادق خان واحداً من أكثر الوجوه شهرة في السياسة البريطانية، ولكنه يقول إنه كثيرا ما يتساءل عما إذا كانت الوظيفة تستحق العناء، فالتهديدات التي تهدد سلامته تعني أنه منذ عام 2017، حصل على حماية الشرطة على مدار الساعة على قدم المساواة مع الأمن الممنوح للملك تشارلز الثالث ورئيس الوزراء ريشي سوناك، كما يقول عمدة المدينة - وهو أمر غير مسبوق بالنسبة لمسؤول بلدي، في حديث مفتوح يكشف المسئول المسلم عن حالة الخوف التي تسيطر على الأقليات في بريطانيا وأوروبا.

خان هو أول مسلم يخدم في هذا المنصب، وهناك تقارير تفيد بأنه تلقى تهديدات عنيفة من اليمين المتطرف وكذلك المتطرفين الإسلاميين، ويقول خان، البالغ من العمر 53 عاماً، في مقابلة أجريت معه الشهر الماضي خلال احتفال بمناسبة شهر رمضان المبارك، وأعادت صحيفة NPR الأمريكية نشره اليوم: "لا أريد أبداً أن ألعب دور الضحية، ولكن الأمر يتعلق بالجيل القادم من الأشخاص الذين يطمحون إلى أن يصبحوا سياسيين، فالخطر يلوح في الأفق"، وخان عضو في حزب العمال المعارض، وتم انتخابه رئيسًا للبلدية لأول مرة في عام 2016 وسيترشح لولاية ثالثة في مايو المقبل.

 

335% زيادة في الإسلاموفوبيا بعد بداية الحرب بغزة

بحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه منذ الهجوم الذي قادته حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر، ازدادت الأمور سوءاً، وارتفعت حوادث الإسلاموفوبيا في المملكة المتحدة بنسبة 335%، وفقًا لمؤسسة Tell MAMA، وهي مؤسسة خيرية تراقب الكراهية والإساءة ضد المسلمين في البلاد، وكذلك ارتفعت الحوادث المعادية للسامية أيضًا، وفقًا لصندوق أمن المجتمع ، الذي يساعد على حماية المجتمع اليهودي في البلاد، وقد وجد كل من رئيس الوزراء سوناك، من حزب المحافظين، وزعيم حزب العمال كير ستارمر، نفسيهما متورطين في جدالات حول التحيز والعنصرية في حزبيهما.

وفي فبراير، قال لي أندرسون، نائب رئيس حزب المحافظين آنذاك، على شاشة التلفزيون البريطاني إنه يعتقد أن "الإسلاميين" "سيطروا" على عمدة لندن، وتم تعليق عضوية أندرسون في الحزب بسبب تعليقاته التي اعتبرها كثيرون معادية للإسلام، ونتيجة لذلك، تلقى خان تهديدات بالقتل، وحين سئل خان، لماذا تريد، كشخص من ذوي العقيدة الإسلامية، أن تكون سياسيا، وتعرف ما يمر به السياسيون من خلفيتنا؟، كانت إجابته لـ NPR: "إذا كنت أحد الوالدين، لماذا تشجع أطفالك على أن يصبحوا سياسيين؟".

 

 

نعم المملكة المتحدة حققت تقدما.. لكنها تخاطر بالتراجع

 

 

للمرة الأولى، لا يوجد في المملكة المتحدة رجال بيض يقودون حكوماتها الأربع الرئيسية، إذ هناك سوناك، الذي ولد في إنجلترا لأبوين مولودين في أفريقيا من أصل هندي، هو أول رئيس وزراء بريطاني ملون، وكذلك زعيم اسكتلندا حمزة يوسف مسلم من أصل باكستاني، والزعيم الويلزي المولود في زامبيا فوغان جيثينج هو أول رئيس أسود لحكومة أوروبا، فيما تقود أيرلندا الشمالية امرأتان، وهنا يقول خان إن التنوع في قمة السياسة البريطانية دليل على أن المملكة المتحدة أحرزت تقدما في معالجة العنصرية والتمييز ضد الأقليات، فعندما جاء والدي إلى هذا البلد لأول مرة في الستينيات، كانت هناك لافتات على بيوت الضيافة والمباني العامة تقول: "لا للسود، ممنوع الأيرلنديين، ممنوع الكلاب، وقد كانوا يقصدون بكلمة "السود" أي شخص ملون، وفي غضون جيل واحد، أصبح أحد أبنائه عمدة لندن".

ولكنه يحذر من الرضا عن النفس، وسط تصاعد العنصرية التي أججتها حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي، والتي أدت إلى التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 ، ويقول: "أخشى أنك ترى ارتفاعًا في الأشياء التي اعتقدنا أنها قد اختفت إلى الأبد، فالإحباط الذي اعتدت أن أشعر به، إذا تحدثت معي قبل خمس أو عشر سنوات، كان هو الافتقار إلى الإلحاح بشأن التقدم، والقلق الذي يساورني الآن هو أننا يمكن أن نعود إلى الوراء".

 

 

الاغتيالات تلوح في الأفق.. المشرعون بالقلق على حياتهم

 

 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن سياسة الاغتيالات التي بدأت تظهر كحالات فردية أصبحت تلوح في الأفق، وبحسب ما أفاد به ساسة مسلمون بريطانيون، فإن هناك زيادة في الانتهاكات والتهديدات بالقتل التي تلقوها منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة في أكتوبر، وتعد سلامة المشرعين في المملكة المتحدة مصدر قلق بالغ، خاصة بعد جريمتي قتل في السنوات الأخيرة، فقد قُتلت السياسية العمالية جو كوكس في عام 2016 على يد أحد المتعصبين للبيض، وبعد خمس سنوات، تعرض النائب المحافظ، ديفيد أميس، للطعن حتى الموت أثناء اجتماعه مع الناخبين في شرق إنجلترا، وكان قاتل أميس مستوحى من دعاية تنظيم الدولة الإسلامية.

ويقول خان إن عمليات القتل السابقة يجب أن تكون بمثابة تحذير للقادة السياسيين بشأن الخطاب المثير للخلاف، فعلينا أن ندرك أن بعض الناس قد تحولوا إلى التطرف لأن السياسيين المسؤولين في التيار الرئيسي يقولون أشياء لا يمكن رؤيتها تاريخياً إلا في الهامش".

 

 

الجدل حول تعريف الحكومة البريطانية الجديد للتطرف

 

 

وفي خضم المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، قامت حكومة المملكة المتحدة مؤخراً بمراجعة تعريفها لـ "التطرف"، وتقول إن تعريفها الجديد ينطبق على الجماعات التي تروج لأيديولوجية "العنف أو الكراهية أو عدم التسامح"، ولكن هذا أثار انتقادات من المشرعين والزعماء الدينيين، بما في ذلك أساقفة كانتربري ويورك.

 

ويقول منتقدون إنه يستهدف المسلمين بشكل غير عادل، وقد يعني خسارة التمويل الحكومي لبعض أكبر الجمعيات الخيرية الإسلامية في البلاد، ويصفه خان بأنه "مثال على المعايير المزدوجة الملموسة"، ويقول: "ما يقلقني هو أن الحكومة تستغل هذا كفرصة لحرب ثقافية".

 

 

ماذا يمكن أن تعني رئاسة ترامب الثانية؟

 

 

وهنا يقول خان إنه لا يشعر بالقلق فقط بشأن اللغة التي يستخدمها السياسيون البريطانيون، بل أن انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2016 تزامن مع زيادة كبيرة في "الكراهية وكراهية الإسلام والعنصرية" الموجهة ضد خان على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تم انتخاب خان رئيسًا للبلدية في مايو 2016، أي قبل ستة أشهر من انتخاب ترامب رئيسًا، وتبادل الاثنان الانتقادات اللاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المعروف أن خان سمح لـ" منطاد ترامب الصغير " بالتحليق فوق لندن خلال زيارة رئاسية عام 2018.

 

ويقول عمدة لندن إنه قلق مما قد يحدث إذا أعيد انتخاب ترامب، ويضيف: "أنا أتحدث كمواطن من لندن، فنحن خائفون، والأقليات خائفون، والمسلمون خائفون، لأننا رأينا التأثيرات المتتالية عندما كان ترامب رئيساً، فتمامًا كما يمكن أن يكون لديك تموجات من الأمل، يمكنك أن يكون لديك تموجات من الخوف".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المملکة المتحدة عمدة لندن فی الأفق رئیس ا عام 2016

إقرأ أيضاً:

الحرب في السودان تدخل عامها الثالث بعد سقوط الآلاف وتشريد الملايين .. ولا نهاية في الأفق

الخرطوم "أ ف ب": دخلت الحرب في السودان اليوم عامها الثالث بعد أن خلفت عشرات الآلاف من القتلى وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص متسببة بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق.

وخلال الأسبوع الماضي وحده، قتل 400 شخص ونزح 400 ألف آخرون في هجوم شنته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم في شمال دارفور، وفق أرقام الأمم المتحدة.

واشتدت المعارك في إقليم دارفور غرب السودان بعد إعلان الجيش استعادته السيطرة على العاصمة الخرطوم.

من جهته، أعلن الجيش السوداني أنه نفذ الاثنين "ضربات جوية ناجحة استهدفت تجمعات العدو شمال شرق الفاشر" وأدت إلى مقتل عدد من المقاتلين وتدمير مركبات عسكرية.

واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف.

وفي غضون ساعات تحولت مدينة الخرطوم الهادئة إلى ساحة حرب تملؤها الجثث بينما لاذ مئات الآلاف بالفرار.

خلال عامي الحرب اتُهم طرفا النزاع، الواقعان تحت العقوبات الأميركية، بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين بينها القصف العشوائي واستهداف الأحياء السكنية والبنى التحتية. وتواجه قوات الدعم السريع تحديدا اتهامات بالعنف الجنسي الممنهج والإبادة الجماعية والنهب.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان اليوم إن السودانيين "محاصرون من كافة الجهات - حرب وانتهاكات واسعة النطاق ومهانة وجوع وغيرها من المصاعب. يواجهون حالة من اللامبالاة من العالم الخارجي، والذي لم يُبدِ خلال العامين الماضيين اهتماما يُذكر بإحلال السلام في السودان أو إغاثة جيرانه".

كابوس لا ينتهي

ويقول عبد الرافع حسن (52 عاما) وهو من سكان جنوب الخرطوم "كنا نعيش في رعب من تصرفات أفراد الدعم السريع في الطرقات أو عندما يقتحمون المنازل". ويضيف حسن الذي بقي في الخرطوم وكالة فرانس برس أنه خسر نصف وزنه خلال سنتين.

ويتابع حسن "الآن بعد أن تحررت منطقتنا منهم نعيش في أمان لكن نعاني من نقص في خدمات المياه والكهرباء" مؤكدا أن معظم مستشفيات العاصمة لم تعد تعمل.

وفي ولاية الجزيرة بوسط السودان يؤكد محمد الأمين (63 عاما) أن مواطني مدينة ود مدني يعيشون "بلا كهرباء". ويضيف "بعد تحرير المدينة حدثت بعض المعالجات للمياه لكنها تتوفر حوالي 8 ساعات في اليوم".

بعد دخول الجيش السوداني الخرطوم الكبرى، عادت زينب عبد الرحيم إلى منزلها في بَحْري لتجد أنه "نُهب بالكامل".

وتقول زينب عبد الرحيم وكالة فرانس برس إن المدينة محرومة من مياه الشرب والكهرباء، مشيرةً إلى صعوبة الحصول على الأدوية أو الوصول لمستشفى ما زال يعمل. وتضيف "للحصول على المواد الغذائية علينا الذهاب إلى أم درمان (على بعد نحو 9 كيلومترات) فسوق مدينة بحري محطم واحترق".

استمرار تدفق السلاح

شهد إقليم دارفور أكثر المعارك حدة في الأشهر الماضية، خصوصا مع محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر مدينة رئيسية لا تزال خارجة عن سيطرتها في الإقليم.

وأطلقت هذه القوات الأسبوع الماضي هجوما جديدا عند أطراف الفاشر التي تحاصرها، أتاح لها السيطرة على مخيم زمزم الذي يعاني المجاعة، بعد يومين من القصف المدفعي العنيف وإطلاق النار.

ونقلت الأمم المتحدة الاثنين عن "مصادر موثوقة" تأكيدها أن حصيلة هذه المعارك تجاوزت 400 قتيل، بينما فرّ نحو 400 ألف شخص من المخيم، حسبما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.

ويرى محللون أن قوات الدعم السريع ستركز في الفترة المقبلة على تأمين المناطق الحدودية وضمان خطوط إمدادها، ما يعزز الانقسام في البلاد التي يسيطر الجيش السوداني على شمالها وشرقها بينما تسيطر الدعم السريع وحلفاؤها على الغرب ومناطق في الجنوب.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الإثنين إن السودان "لا يزال عالقا في أزمة ذات أبعاد مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى" داعياً إلى "إنهاء هذا الصراع العبثي".

ودعا غوتيريش "المتمتعين بأكبر قدر من النفوذ لدى الأطراف" المتحاربة إلى "استخدام هذا النفوذ لتحسين حياة شعب السودان بدلا من إطالة أمد هذه الكارثة".

وشدد غوتيريش في بيانه على أهمية "وقف الدعم الخارجي وتدفق الأسلحة" مشيراً إلى "مواصلة تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان بما يسمح باستمرار الصراع وانتشاره".

وجاء بيان غوتيريش عشية اجتماع دولي بلندن اليوم "للاتفاق على خارطة طريق لإنهاء المعاناة"، وفقاً لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي حذر من أن استمرار العنف في السودان يدفع الآلاف إلى اللجوء إلى دول المنطقة مؤكداً أن "السودان المستقر والآمن هو أمر حيوي لاستقرار المنطقة".

وشارك في الاجتماع وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والإمارات المتحدة وتشاد وممثلون عن الاتحاد الأوروبي بينما غاب عنه طرفا النزاع السوداني.

وأحصت الأمم المتحدة قتل أو تشويه 2776 طفلا بين 2023 و2024 في السودان، مقابل 150 في 2022. ومن المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى.

ومن الصعب التوصل لأرقام دقيقة لضحايا حرب السودان بسبب انهيار القطاع الصحي، إلا أن المبعوث الأممي السابق إلى السودان توب بيرييلو قدر عدد القتلى بنحو 150 ألفا.

مقالات مشابهة

  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • كارثة إنسانية تلوح في الأفق.. إسرائيل تعلن وقف إدخال المساعدات لغزة
  • الحرب في السودان تدخل عامها الثالث بعد سقوط الآلاف وتشريد الملايين .. ولا نهاية في الأفق
  • كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها كندا
  • أمين الفتوى يعلق على الـمشاهد غير الأخلاقية التي تخالف الذوق العام
  • ترامب يُشعل الأجواء: قرار سريع بشأن إيران وتهديدات عسكرية تلوح في الأفق
  • «ترامب» يصعّد.. رسوم جديدة تلوح في الأفق على رقائق التكنولوجيا الصينية
  • حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟
  • واشنطن تُصعّد ضد طهران .. مفاوضات نووية على حافة الهاوية وخيار الحرب يلوح في الأفق | تقرير
  • رئيس الوزراء اللبناني يكشف أبرز الملفات التي سيناقشها خلال زيارته لسوريا