فرصة جديدة لجمع شتات فلسطين.. هل ينجح اجتماع القاهرة في إنهاء انقسام الفصائل؟ (تقرير)
تاريخ النشر: 29th, July 2023 GMT
ينعقد اجتماع للفصائل الفلسطينية في القاهرة، غدًا الأحد، لبحث التطورات الفلسطينية وإنهاء الانقسام في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني، وسط تولي أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفًا مقاليد الأمور.
أخبار متعلقة
أردوغان يلتقي أبومازن وهنية في أنقرة قبيل اجتماع أمناء الفصائل
الرئاسة التركية: عباس ونتنياهو سيزوران أنقرة في نفس الأسبوع
«أبو مازن»: نواجه حكومة إسرائيلية متطرفة.
من جانبها، حثت مصر، اليوم السبت، الفصائل الفلسطينية المشاركة باجتماع الأمناء العامين في القاهرة، على «تلبية طموحات الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام».
وقال بيان رسمي مصري، نقلته قناتا «القاهرة الإخبارية» و«إكسترا نيوز»، إن مصر تستضيف غدا اجتماع الفصائل بناء على دعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس «لبحث التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية».
ووصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مصر، السبت، في زيارة رسمية تستغرق يومين، تلبية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ووجّهت مصر دعوة إلى الفصائل الفلسطينية لحضور اجتماع الأمناء العامين للفصائل وذلك بعد اقتحام القوات الإسرائيلية لمخيم جنين في 3 يوليو، ما أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيا في اكبر عملية اقتحام نفذتها قوات الاحتلال منذ 2002.
وبينما يأتي الاجتماع وسط جهود إقليمية ودولية لإنهاء الانقسام، وبعد أيام من استضافة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في أنقرة الأربعاء، بهدف تقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية.
كما يأتي الاجتماع في ظل ظرف حرج مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، إلا أن دوائر الانقسام ما زالت تتسع، مع رفض حركة الجهاد الإسلامي المشاركة مؤكدة على لسان الأمين العام للحركة زياد النخالة أن الحركة لن تشارك بدون الإفراج عن المعتقلين السياسيين، فيما نحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة ومنظمة الصاعقة نفس النحو.
مقترح مصري لتشكيل حكومة تكنوقراط.. المعتقلون والسلاح أبرز الخلافات
ويرى الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أن «الاجتماع جاء بناءً على دعوة مصرية لتحريك ملف المصالحة الفلسطينية وإنعاش قطاع الاقتصاد في غزة، لكن مصر نصت على ضرورة وجود السلطة الفلسطينية».
وأضاف الرقب في تصريحات خاصة لـ «المصري اليوم» أن مصر طرحت رؤية لتشكيل حكومة تكنوقراط ثم تفضي لاحقًا بعد إجراء الانتخابات الفلسطينية إلى ترتيب البيت الفلسطيني.
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أشار إلى أن المعوقات أكثر من الإيجابيات في هذا الأمر، لافتًا إلى أن الأزمة الآن تكمن في امتناع عدد من الفصائل عن المشاركة على رأسهم حركة الجهاد الإسلامي والذي يطالب قادتها بالإفراج عن المعتقلين في جنين.
وذكر الرقب أن مفاوضات تجرى الآن مع وفد الجهاد الإسلامي للمشاركة بالقاهرة، إلى جانب ذلك فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ومنظمة الصاعقة أعلنت عدم المشاركة في الاجتماع اعتراضًا على وجود «المعتقلين السياسيين والمقاومين في الضفة المحتلة من سجون السلطة».
لكن الرقب أوضح أن الفصائل التي يمكنها أن تنهى الأزمة هما فصيلي فتح وحماس، لكن ما زالت نقاط خلاف بينها لم تحل حتى الآن.
وأفرد الرقب أبرز تلك الخلافات مشيرًا إلى أن هناك اختلاف حول رؤية أبومازن في المطالبة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتبنى قرارات الشرعية الدولية، هذا الأمر ترفضه فصائل المقاومة لأن قرارات الشرعية الدولية يعني الاعتراف بإسرائيل.
كما لفت الرقب إلى أن الرئيس أبومازن سيطالب بوحدانية السلاح في الضفة الغربية ومنع الفصائل الفلسطينية من حمل السلاح في الضفة، وهذا أمر سترفضه فصائل المقاومة لأنها تعتبر أن السلاح الذي تحمله لحماية نفسها وحماية الشعب الفلسطيني.
17 عامًا بدون انتخابات عامة.. المستقبل رهينة الاحتلال
وأستطرد قائلاً آن «الاجتماع لم يرتب له بشكل جيد وبالتالي محكوم عليه بالفشل»، لكن يرى آخرون أن تطرف الحكومة الإسرائيلية يعد دافعًا لوحدة الصف الفلسطيني، يعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس قائلاً: «بالتأكيد هذا دافع، ولكن كان هناك مراحل أصعب من ذلك مرت دون الوصول لاتفاق مثل إعلان ترامب القدس عاصمة الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس» مضيفاً: «لكن فقدان الثقة بين الفصائل الفلسطينية عقد الموقف».
ورغم تلك المعوقات يرى الرقب أنه لو تم التوصل «لإعلان جدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمجلس الوطني الفلسطيني وتشكيل حكومة تكنوقراط بعيد عن السياسة سيعد أمر هام جداً».
يذكر أن إجراء انتخابات عامة في فلسطين هو ما يصبوا إليه الشارع الفلسطيني منذ 17 عاما، حين أجريت الانتخابات التشريعية في فلسطين يناير 2006، ومنذ ذلك التاريخ لم تعقد انتخابات تشريعية، كما أن آخر انتخابات رئاسية كانت عام 2005.
ومنذ 2007 تسيطر أجواء الانقسام على المشهد الفلسطيني بين حركتي «فتح» و«حماس» وسط محاولات عدة لوحدة الصف وإنهاء الانقسام كان آخرها في عام 2021 في محاولة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في فلسطين لكن الانتخابات أجلت إلى أجل غير مسمى.
وذكر الرقب أن الانتخابات باءت بالفشل لرفض الاحتلال إجراء الانتخابات في القدس، مشيراً إلى أن الفصائل مجتمعة أخطأت في هذا الأمر، حينما رهنت مستقبل الشعب الفلسطيني بقرار من الاحتلال، لم تضع آليات لإجراء انتخابات في القدس دون موافقة الاحتلال.
هل تنهار التهدئة؟.. الحوار السياسي يقلّل احتماليات العمل العسكري
من جانبه، يرى سعيد عكاشة الخبير بمركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية، أن هدف الاجتماع هو منع حدوث توتر يؤدي لانهيار التهدئة خاصة مع وجود هجمات متكررة من الجانب الإسرائيلي على المخيمات الفلسطينية، إلى جانب دفع عملية المصالحة المتعثرة بين فتح وحماس منذ سنوات.
وأضاف عكاشة في تصريحات خاصة لـ «المصري اليوم» أن «أي حديث مفتوح على الجبهة السياسية سيكون هناك احتمالات أقل للعمل العسكري والعكس صحيح». وتابع: «وحتى إن لم يكن هناك أمل كبير في يسفر عن نتائج، على الأقل يقلل من انفجار الأوضاع».
ورأى عكاشة أن رفض حركة الجهاد الإسلامي المشاركة في الاجتماع لأن «الجهاد من أكثر الفصائل التي تخوض مواجهات مع إسرائيل، خلال العامين الماضيين».
وأتمّ: «وبعد مقتل العديد من قادته على يد إسرائيل، تعلم الحركة أن احتمالات أن تتم صفقة تبادل للأسرى قبل عملية التفاوض أمر بعيد المنال وبالتالي قاطعت الاجتماع لأنه غير مفيد لها».
محمود عباس أبومازن الانتخابات الفلسطينية اجتماع الفصائل الفلسطينيةالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين اجتماع الفصائل الفلسطينية زي النهاردة الفصائل الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الجهاد الإسلامی محمود عباس فی الضفة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: أطفال فلسطين يواجهون مرحلة هي الأكثر دموية في تاريخ القضية
سلّطت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، اليوم الأربعاء، على الواقع المرير الذي يعانيه أطفال فلسطين من ظروف اعتقال، وأوضاع معيشية صعبة، في قطاع غزة ، والضفة الغربية، و القدس .
وقالت الهيئة والنادي في بيان مشترك، صدر لمناسبة اليوم العالمي للطفل، "إن الأطفال الفلسطينيين يواجهون مرحلة هي الأكثر دموية بحقهم في تاريخ قضيتنا، مع استمرار حرب الإبادة وعمليات المحو الممنهجة، اللتين أدتا إلى استشهاد الآلاف منهم، إلى جانب آلاف الجرحى، والآلاف ممن فقدوا أفرادا من عائلاتهم أو عائلاتهم بشكل كامل".
وأضافتا، أن مستوى التوحش الذي يمارسه الاحتلال بحق أطفالنا، يشكل أحد أبرز أهداف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 411 يوما، لتكون هذه المرحلة من التوحش امتدادا لسياسة استهداف الأطفال التي يمارسها الاحتلال منذ عقود طويلة، إلا أن المتغير اليوم، هو مستوى الجرائم الراهنة وكثافتها.
وأشارا إلى أن قضية الأطفال المعتقلين شهدت تحولات هائلة منذ بدء حرب الإبادة، فقد تصاعدت حملات الاعتقال بحقهم، سواء في الضفة التي سُجل فيها ما لا يقل عن (770) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من غزة لم تتمكن المؤسسات من معرفة أعدادهم، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري، ويواصل الاحتلال اليوم اعتقال ما لا يقل عن (270) طفلا يقبعون بشكل أساسي في سجني (عوفر، ومجدو)، إلى جانب المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، ومنها معسكرات استحدثها بعد الحرب، مع تصاعد عمليات الاعتقال التي طالت آلاف المواطنين.
واستعرضا جملة من المعطيات والحقائق عن واقع عمليات الاعتقال للأطفال، وظروف احتجازهم:
منذ بدء حرب الإبادة، تعرض ما لا يقل عن 770 طفلاً من الضفة تقل أعمارهم عن 18 عاما، للاعتقال على يد قوات الاحتلال، ولا يشمل ذلك من أبقى الاحتلال على اعتقاله، ومن أفرج عنه لاحقاً.
ولا يزال ما لا يقل عن 270 طفلاً معتقلين في سجون الاحتلال وتتراوح أغلبية أعمارهم بين (14-17) عاماً، مع الإشارة إلى أنه لا معطى واضح عن أعداد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال من غزة، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقهم داخل المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.
ونوها إلى أن الأعداد المذكورة لحالات الاعتقال بين صفوف الأطفال ليست المؤشر الوحيد لقراءة التحولات التي رافقت سياسة استهدافهم عبر عمليات الاعتقال، إذ كانت هناك عدة مراحل تصاعدت فيها عمليات اعتقال الأطفال بشكل كبير.
وأبرز هذه الجرائم: تعرضهم للضرب المبرح، والتهديدات بمختلف مستوياتها، إذ تشير الإحصاءات والشهادات الموثقة للمعتقلين الأطفال، إلى أن أغلبيتهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل. هذا إلى جانب عمليات الإعدام الميداني التي رافقت حملات الاعتقال، وكان من بينها إطلاق الرصاص بشكل مباشر ومتعمد على الأطفال، فضلا عن توثيق عدد من الحالات التي استخدمها الاحتلال رهائن، للضغط على أحد أفراد العائلة لتسليم نفسه، وكانت أبرز هذه الحالات احتجاز طفل من بلدة بيت لقيا في رام الله ، عمره ثلاث سنوات، لساعة ونصف ساعة، ثم أُطلق سراحه، إذ سلّم والده نفسه لقوات الاحتلال لاحقًا.
ومن بين السياسات التي تعرض لها الأطفال: عمليات التحقيق الميداني التي تعرضت لها المدن والبلدات، وعدد من المخيمات، بوتيرة كبيرة جدا، حيث طالت آلاف المواطنين منذ بدء الحرب، وكان من بينهم أطفال. وقد كانت هناك محاولات متكررة من مخابرات الاحتلال لاستغلال الأطفال وإسقاطهم للتخابر معها، عبر أساليب تعتمد على استغلال حاجتهم، تحديدا في المناطق التي تشهد مواجهة محتدمة ومتصاعدة مع الاحتلال.
وأوضحا أن الأطفال تعرضوا لسياسات ثابتة وممنهجة، منذ لحظة الاعتقال، مرورا بمرحلة التوقيف، ووصولا إلى اعتقالهم لاحقا داخل السجون، حيث اتخذت أشكالا عدّة، منها: اعتقالهم في ساعات متأخرة من الليل، إذ يقتحم عشرات الجنود المدججين منازل الفلسطينيين بشكل مريب، ويعيثون فيها خرابًا قبل الاعتقال، وكان هناك العديد منهم مصابين ومرضى، وخلال عملية اعتقالهم استخدم جنود الاحتلال أساليب مذلّة ومهينة، والأغلبية تم احتجازهم في مراكز توقيف في ظروف مأساوية، تحت تهديدات وشتائم، واعتداءات بالضرب المبرح، وحرمانهم من الطعام واستخدام دورة المياه لساعات طويلة، وذلك في محاولة للضغط عليهم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات، كما يجبر الأطفال على التوقيع على أوراق مكتوبة باللغة العبرية.
يكمل الاحتلال سلسلة انتهاكاته وجرائمه بحق الأطفال داخل السجون، من خلال تجويعهم، وتنفيذ اعتداءات متكررة بحقهم باقتحام وحدات السجن ووحدات تابعة لجيش الاحتلال الأقسام، وقد وثقت الهيئة ونادي الأسير والمؤسسات المختصة العديد من عمليات الاقتحام التي جرت لأقسام المعتقلين الأطفال بعد الحرب، وخلالها دخلت القوات أقسامهم وهي مدججة بالسلاح، واعتدت عليهم بالضرب، وقد أصيب العديد منهم، هذا فضلا عن حرمان عشرات المرضى والجرحى من العلاج، منهم من يعاني أمراضا مزمنة وخطيرة، وإصابات بمستويات مختلفة.
وأكدا أن جريمة التجويع التي تمارس بحق المعتقلين، ومنهم الأطفال، احتلت السطر الأول في شهاداتهم بعد الحرب، فالجوع يخيم على أقسام الأطفال بشكل –غير مسبوق- حتى أن العديد منهم اضطر إلى الصوم لأيام جراء ذلك، وما تسميه إدارة السجون بالوجبات، هي فعليا مجرد لقيمات، ففي الوقت الذي عمل المعتقلون فيه -على مدار عقود طويلة- على ترسيخ قواعد معينة داخل الأقسام، من خلال وجود مشرفين عليهم من المعتقلين البالغين، إلا أن ذلك فعليا لم يعد قائما، واستفردت إدارة السجون بالأطفال دون وجود أي رقابة على ما يجري معهم، وفعليا فإن الرعاية التي حاول المعتقلون فرضها بالتضحية، انقضّت عليها إدارة السجون كما كل ظروف الحياة الاعتقالية التي كانت قائمة قبل الحرب.
وخلال الشهور الماضية، طال المعتقلين الأطفال أمراض جلدية، أبرزها: مرض الجرب السكايبوس، الذي تحول إلى كارثة صحية سيطرت على أغلبية أقسام المعتقلين وفي عدة سجون مركزية، إذ استخدمه الاحتلال فعليا أداة لتعذيب المعتقلين ومنهم الأطفال، بحرمانهم من العلاج، وكذلك تعمد إدارة السجون عدم اتخاذ الإجراءات التي تحد من استمرار انتشاره، وقد تابعنا قضية أحد الأطفال المقدسيين الذي خرج بوضع صحي كارثي جراء إصابته بالمرض، وقد أُفرج عنه بعد جهود قانونية، وبشروط مشددة منها: الحبس المنزلي، والإبعاد عن منزل عائلته.
وحسب بيانهما المشترك، يستكمل الاحتلال جريمته بحق الأطفال من خلال محاكمتهم، وإخضاعهم لمحاكمات تفتقر إلى الضمانات الأساسية (للمحاكمات) العادلة، كما في كل محاكمات المعتقلين، ففي الضفة يخضع الأطفال لمحاكمات في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، التي شكّلت ولا تزال الذراع الأساسية لترسيخ الجرائم بحق الأطفال، والمعتقلين عموماً، ولربما وأكثر من أي وقت مضى، فإن المحاكم العسكرية تعرّت بشكل كامل في ضوء حرب الإبادة، وكشفت عن مستوى توحش غير مسبوق من خلال القانون، والقرارات الصادرة عنها.
وهذا الواقع فعليا، لا يختلف في المحاكم الإسرائيلية التي تجري بحق الأطفال المقدسيين، إذ يخضعون لأحكام (قانون الأحداث الإسرائيلي) بشكل تمييزي، ويُحرم من أدنى الحقوق، استنادا إلى نهج المحاكم القائم على تحويل كل الاستثناءات إلى قواعد للتعامل معهم، علماً أن نسبة الاعتقال شكلت -على مدار سنوات- النسبة الأعلى مقارنة بأي من المناطق الجغرافية الأخرى في الضفة، كما يستمر الاحتلال في ترسيخ سياسة الحبس المنزلي التي تحولت إلى كابوس للعشرات من العائلات المقدسية، إذ عمل على ابتكار أدوات مرعبة ضمن نظام السيطرة والرقابة الأشد والأكثر توحشا في القدس، وهنا نشير إلى ما تسمى بالسوار الإلكتروني الذي يرافق العديد من الأطفال المقدسيين خلال حبسهم المنزلي، حيث يخضعون لرقابة لا تقل خطورتها عن الظروف القاسية التي يواجهها الأطفال في السجون، من خلال تحويل منازل عائلاتهم إلى سجن، وتحويل عائلاتهم إلى سجانين عبر هذه السياسة.
وقد شكلت قضية اعتقال الأطفال إدارياً وتصاعدها الذي ارتبط فعليا بتصاعد عمليات الاعتقال الإداري منذ بدء الحرب، وبشكل -غير مسبوق- تاريخيا، إذ وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى 4343، وهذا المعطى فعليا لم يسجل حتى في أوج حالة المواجهة في الانتفاضتين الأبرز في تاريخ شعبنا، واليوم، فإن أحد أبرز التحولات الخطيرة والمرعبة، هو استمرار الاحتلال في اعتقال نحو 100 طفل إدارياً، واحتجازهم تحت ذريعة وجود (ملف سري)، بالمقابل فإن الاحتلال يواصل اعتقال أطفال من غزة وتصنيفهم (بالمقاتلين غير الشرعيين)،
كما المئات من معتقلي غزة المعلن عنهم ضمن معطيات إدارة السجون البالغ عددهم (1627)، وهذا المعطى الوحيد الذي أعلنه الاحتلال بشأن معتقلي غزة مؤخرا، ونؤكد كجهات مختصة أن جريمة الاعتقال الإداري تشكل اليوم إلى جانب الاعتقال على خلفية ما يسمى بالتحريض، الأساس لكل حملات الاعتقال في الضفة.
وفي إطار حجم الجرائم المهولة التي يواصل الاحتلال بكل ما يملك ممارستها، عمل على ترسيخ العديد من القوانين ومشاريع القوانين لسلب مصير الأطفال، وعلى مدار السنوات الماضية تصاعدت القوانين العنصرية التي مست بمصير المئات من الأطفال المعتقلين، من خلال عمليات تعديل جرت للقوانين الخاصة بالأحداث، وتحديدا بعد مرحلة الهبة الشعبية، وهناك العديد من التفاصيل المتعلقة بهذا الجانب، وآخر ما خرجت به اللجنة التشريعية في الكنيست الإسرائيلية، إقرار قانون يقضي بفرض أحكام طويلة على الأطفال دون 14 عاماً في إطار قانون الطوارئ لمدة خمسة أعوام، وهذا ليس القانون الأول الذي يشرع لفرض أحكام لسنوات بحق الأطفال، علماً أن العديد منهم أُصدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد، بعد أن تجاوز سن الطفولة داخل الأسر، والعديد من الأسرى البالغين اليوم في سجون الاحتلال اعتُقلوا أطفالاً وأُصدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد لاحقاً، وما زالوا منذ عقود رهن الاعتقال.
وتعتبر دولة الاحتلال هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ومنظم بين 600-700 طفل فلسطيني أمام محاكمها العسكرية.
وفي ضوء كل المعطيات التي استعرضناها، في مرحلة هي الأكثر خطورة على مصير الأطفال المعتقلين، فإن على المنظومة الحقوقية الدولية مراجعة دورها تجاه كل ما يجري، وعلينا مواجهة الحقائق التي فرضتها حرب الإبادة، في ظل وضوح حالة الاستثناء التي تتمتع بها دولة الاحتلال، والحصانة التي تُمكّنها من ارتكاب المزيد من الجرائم، وتدمير أجيال كاملة وسلبها مستقبلها، وتشويهها جسدياً ونفسياً بشكل ممنهج.
معطيات عامة وإحصائية عن عمليات اعتقال الأطفال:
•منذ عام 2015 وهو التاريخ الأقرب لتصاعد عمليات اعتقال الأطفال، سُجل لدينا أكثر من عشرة آلاف حالة اعتقال.
•ومنذ بدء الحرب اعتقل الاحتلال ما لا يقل عن 770 طفلا من الضفة، ولا تتوفر معطيات عن أعداد الأطفال المعتقلين من غزة.
•من بين الأطفال المعتقلين طفلة واحدة معتقلة من القدس.
•100 طفل هم رهن الاعتقال الإداري، من بينهم طفل يبلغ من العمر 14 عاماً، وهذه سابقة، استنادا إلى المعطيات المتوفرة لدى المؤسسات.
•يحرم الاحتلال جميع عائلات الأطفال المعتقلين من زيارتهم منذ بدء الحرب، كما آلاف المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعسكراته.
•يواجه الأطفال اليوم إلى جانب جريمة التعذيب والتجويع والجرائم الطبية كابوس انتشار مرض الجرب السكايبوس، تحديدا في قسم الأطفال في سجن (مجدو).
•العديد من الأطفال بعد تحررهم، يعانون أوضاعا نفسية صعبة وهم بحاجة إلى تأهيل ورعاية ودعم، كما تواجه عائلاتهم تحديات كبيرة أمام استمرار توحش الاحتلال بحقهم وملاحقتهم، فالعديد منهم استمر الاحتلال في ملاحقتهم واستدعائهم مرات عديدة، وإعادة اعتقالهم في الكثير من الأحيان.
ونذكر هنا أنه ضمن صفقات التبادل التي تمت في شهر تشرين الثاني عام 2023، وخلالها أُفرج عن 169 طفلا، لاحقا أعاد الاحتلال اعتقال تسعة منهم على الأقل، ونذكر أن من بين الأطفال الذين أُفرج عنهم وتجاوزوا سن الطفولة لاحقا، استُشهدوا برصاص الاحتلال.
المصدر : وكالة وفا