زهرة خدرج.. داعية فلسطينية مغيّبة قسرا في سجون الاحتلال
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
قلقيلية- بمرور الأيام، تشتد حاجة الفتاة يقين أبو سفاقة لوالدتها الأسيرة زهرة، خاصة وهي تقترب من اختبارات الثانوية العامة، وتعيش معاناة مضاعفة وحزنا لغياب والدتها قسرا.
وتفتقد يقين والدتها الأسيرة الدكتورة زهرة خُدرج (52 عاما) للشهر الثالث على التوالي، وذلك منذ اقتحم الاحتلال الإسرائيلي منزلها في حي شريم بمدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، واختطفها من بين زوجها وأطفالها، وأودعها كما عشرات الأسيرات الفلسطينيات في سجونه، مانعا الاتصال والتواصل معهم ومخفيا أية معلومات عنها، إلا ما يرشح من هنا وهناك.
وكأي فتاة بعمر 17 عاما، تفتقد يقين أمها، فقد كانت حضنا وحاضنة لها، خاصة بمساعدتها ودعمها بدراستها وللاستعداد لتقديم اختباراتها بعد أقل من شهرين. لكن يقين حلّت مكان أمها بالقيام بأعباء المنزل ورعاية شقيقيها الصغيرين والعناية بواجباتهما المدرسية معا، تقول للجزيرة نت "أفتقد أمي بكل شيء في حياتي".
اعتقلت زهرة، وهي الأسيرة الوحيدة من مدينة قلقيلية، من منزلها، حيث اقتحمه جنود الاحتلال وحققوا معها ومع عائلتها قبل أن يصادروا أجهزة الحاسوب و5 من هواتف أفراد العائلة، ومن ثم اقتادوها إلى مركز تحقيق وتوقيف بيت إيل العسكري قرب مدينة رام الله، ومكثت فيه 3 أيام، قبل أن تنقل إلى سجن الدامون حيث تقبع نحو 80 أسيرة فلسطينية.
ومرت الأسيرة، وهي أم لـ7 أبناء، بفترة تحقيق قاسية، ليس لذنب اقترفته أو اعتراف دانت به نفسها، فهي لم ترتكب ما يوجب اعتقالها حسب زوجها الدكتور عبد اللطيف أبو سفاقة، الذي يرى أن الاحتلال لفَّق لها "تهمة التحريض" وإلى الآن لم يتم الحكم عليها.
وعبر ما يرشح من معلومات تأتيهم بواسطة المحامين، أو ما قد تنقله أسيرات أفرج عنهن، تستقي عائلة خُدرج أخبارها، وهي تعيش قلقا كبيرا على حياتها بفعل ما تعانيه من أمراض مزمنة، كضغط الدم المرتفع والسكري وآلام شديدة بالمعدة والعمود الفقري.
وتتحدث الناشطة النسوية أسماء مراعبة عن زهرة وتقول "الأسرى أكثر من يفتقدها، حيث كانت تؤازرهم دون كلل أو ملل، رغم أنه لم يكن لديها أي أسير قريب أو بعيد" وتساءلت في حديثها للجزيرة نت "كيف ستنظم فعالية التضامن مع الأسرى غدا بمدينة قلقيلية دون زهرة؟".
فقد كانت آخر فعالية تشاركها أسماء مع زهرة قبل اعتقالها للتنديد بالحرب على غزة ومناصرة للأسرى، وتقول "لست وحدي من سيتفقد زهرة، بل كل من عرفها، وسيخلو دوار أبو علي إياد في قلقيلية حيث تنظم الفعاليات، من صوتها الذي يصدح رافضا للاحتلال وجرائمه".
تعمل زهرة بوظيفتها كموجّهة للصحة المدرسية في مدينة قلقيلية، فهي تحمل شهادتي الماجستير والدكتوراه في علوم البيئة والموارد البشرية، وتُعرف بنشاطها المجتمعي والدعوي، وكانت تقدم حصص الإرشاد والتوعية لطلبة الثانوية العامة بشكل يومي في مدارس المدينة.
كما أن زهرة كاتبة ومثقفة وروائية، صدر لها حتى الآن ما يزيد على 14 مؤلفا بينها 4 روايات، منها "البرتقال المر" و"وطن بتوقيت التيه" وكتاب "لغة الجسد وفنونها في عالم الأعمال" الذي يُعد أبرز وأهم مؤلفاتها.
ومثل ابنتها يقين، تركت زهرة فراغا كبيرا في حياة زوجها، الذي قال للجزيرة نت إن زوجته هي رفيقته في كل شيء كمشوار العلم والعمل والنشاط المجتمعي الذي برزت به.
وأنشأت زهرة مركز "عصفور فلسطين الثقافي" ونظمت فيه العديد من الفعاليات، خاصة المؤازرة لقضية الأسرى أو المتعلقة بالأطفال وتنمية مواهبهم "قبل أن يغلقه الأمن الفلسطيني ويستدعيها للتحقيق" وفق زوجها أبو سفاقة الذي يضيف "حتى بعد إغلاق المركز، نظمت زهرة أنشطتها عن بُعد عبر الإنترنت، ولم تنقطع عن برامجها الدعوية والتوعية خارج المركز".
وشكلت زهرة -وفق زوجها- عنصرا داعما وسندا قويا لـ4 من أبنائها وبناتها الذين يكملون تعليمهم الجامعي في الخارج، حيث تقف عند احتياجاتهم العلمية والبحثية، متجاوزة احتياج الأبناء لأمهم.
الأسيرات يواجهن الموتوعشية يوم الأسير الفلسطيني الذي يوافق 17 أبريل/نيسان من كل عام، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في بيان لها إن "78 أسيرة فلسطينية يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون الإسرائيلي المخصص للنساء".
وأوضحت أن من بينهن 60 أسيرة من الضفة الغربية، و3 مقدسيات و6 من قطاع غزة، وأن منهن 50 موقوفات، و21 أسيرة معتقلات إداريا (بلا لائحة اتهام) و7 أسيرات صدرت بحقهن أحكام متفاوتة.
ونقلت الهيئة، في بيان لها الثلاثاء وصل الجزيرة نت، عن محاميتها التي زارت سجن الدامون، أن الأسيرات يتعرضن لعقاب وقمع السجانين، وأن بعضهن نُقلن للمشفى تحت وطأة التعذيب خلال الاعتقال، حيث قيدن لساعات وأجبرن على التفتيش العاري، وعندما رفضن تم عزلهن، كالأسيرة إيمان نافع زوجة الأسير نائل البرغوثي الذي يُعد أقدم أسير فلسطيني والمعتقل منذ 44 عاما.
كما تعرضت الأسيرة أسماء شتات من قطاع غزة لتحقيق قاس وضرب شديد لا تزال آثاره واضحة على وجهها، وأصيبت بانهيار عصبي بعدما أحضروا لها زوجها الذي اعتقل رفقتها وهو مكبل بيديه ورجليه وبدا عليه التعذيب كأداة ضغط عليها.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
اعتقال طالبة فلسطينية في أمريكا بسبب تظاهرها ضد العدوان على غزة
أعلنت سلطات الهجرة الفيدرالية يوم الجمعة أنها ألقت القبض على شخص ثانٍ شارك في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا، وألغت تأشيرة طالب آخر.
أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن لقاء كردية، وهي فلسطينية من الضفة الغربية، ألقت سلطات الهجرة القبض عليها لتجاوزها مدة تأشيرة دراستها. وأضافت الوزارة أنه تم إنهاء تأشيرة كردية في يناير/كانون الثاني 2022 "لعدم حضورها".
وقالت وكالة "اسوشييتد برس" أنها اعتقلت سابقا لمشاركتها في احتجاجات في جامعة كولومبيا في أبريل/نيسان 2024.
كما ألغت إدارة ترامب تأشيرة رانجاني سرينيفاسان، وهي مواطنة هندية وطالبة دكتوراه في جامعة كولومبيا، بزعم "دعايتها للعنف والإرهاب". وقالت الوزارة إن سرينيفاسان اختارت "الترحيل الذاتي" يوم الثلاثاء، بعد خمسة أيام من إلغاء تأشيرتها.
ولم يُعلن المسؤولون على الفور عن الأدلة التي لديهم على أن سرينيفاسان قد دعت إلى العنف. في الأيام الأخيرة، استخدم مسؤولو إدارة ترامب هذه المصطلحات لوصف الأشخاص الذين انتقدوا العمل العسكري الإسرائيلي في غزة.
اندلعت حالة من الفوضى في حرم جامعة كولومبيا عقب اعتقال محمود خليل، الناشط الفلسطيني المعروف الذي ساعد في قيادة احتجاجات الربيع الماضي، يوم الأحد. يوم الخميس، زار عملاء دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) أيضًا مسكنَي طالبَين آخرين مملوكَين للجامعة في جامعة كولومبيا، لكنهم لم يُعتقلوا أحدًا.
صرح وزير الخارجية ماركو روبيو للصحفيين بأن إدارة ترامب تتوقع إلغاء المزيد من تأشيرات الطلاب في الأيام المقبلة.
وفي حديثه يوم الجمعة، عقب اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا، قال روبيو إن الإدارة ستواصل البحث عن الأشخاص الذين يحملون تأشيرات طلابية والذين ما كانت لتسمح لهم بدخول البلاد "لو علمنا أنهم سيفعلون ما فعلوه".
وقال: "لكن الآن وقد فعلوا ذلك، سنتخلص منهم".
وكتب محامو خليل في دعوى قضائية مُحدّثة يطالبون فيها بالإفراج الفوري عنه، أنه نُقل على عجل من نيويورك إلى لويزيانا في نهاية الأسبوع الماضي بطريقة جعلت طالب الدراسات العليا الصريح في جامعة كولومبيا يشعر وكأنه يُختطف.
ووصف المحامون بالتفصيل ما حدث لخليل أثناء نقله جوًا إلى لويزيانا بواسطة عملاء. الذين قال إنهم لم يُعرّفوا عن أنفسهم قط. وقال المحامون إنه بعد وصوله، تُرك لينام في مخبأ دون وسادة أو بطانية. أشاد كبار المسؤولين الأمريكيين بجهود ترحيل رجل، يقول محاموه إنه أصبح أحيانًا "الوجه العلني" للاحتجاجات الطلابية في حرم جامعة كولومبيا ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وكان تقديم الطلب في وقت متأخر من يوم الخميس في محكمة مانهاتن الفيدرالية نتيجة لأمر قاضٍ فيدرالي يوم الأربعاء بالسماح لهم أخيرًا بالتحدث مع خليل.
وقال المحامون إن معاملة السلطات الفيدرالية له من يوم السبت، عندما أُلقي القبض عليه لأول مرة، إلى يوم الاثنين، ذكّرته بمغادرته سوريا بعد وقت قصير من الاختفاء القسري لأصدقائه هناك خلال فترة احتجاز تعسفي عام 2013.
وكتب المحامون عن معاملته: "طوال هذه العملية، شعر السيد خليل وكأنه يُختطف".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أشاد الرئيس دونالد ترامب باعتقال خليل باعتباره الأول "من بين العديد من الاعتقالات القادمة"، متعهدًا على وسائل التواصل الاجتماعي بترحيل الطلاب الذين قال إنهم متورطون في "أنشطة مؤيدة للإرهاب ومعادية للسامية، نشاط معادٍ لأمريكا.
في أوراق المحكمة، صرّح محامو وزارة العدل الأمريكية بأن خليل احتُجز بموجب قانون يسمح لروبيو بإبعاد أي شخص من البلاد إذا كانت لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأن وجوده أو أنشطته قد يكون لها عواقب وخيمة على السياسة الخارجية.
أُضيف ترامب وروبيو كمدعى عليهما في الدعوى القضائية التي تسعى لإطلاق سراح خليل.
طلب محامو الحكومة من القاضي رفض الدعوى أو نقلها إلى نيوجيرسي أو لويزيانا، قائلين إن الاختصاص القضائي يعود للأماكن التي احتُجز فيها خليل منذ اعتقاله.
ووفقًا للدعوى القضائية، طلب خليل مرارًا التحدث إلى محامٍ بعد أن اختطف عملاء فيدراليون المقيم الدائم في الولايات المتحدة، الذي ليس لديه سجل جنائي، أثناء عودته هو وزوجته إلى مسكنهما السكني في كولومبيا، حيث كانا يعيشان، بعد العشاء في منزل صديق.
وعندما واجهه عملاء وزارة الأمن الداخلي، اتصل خليل هاتفيًا بمحاميه لفترة وجيزة قبل اقتياده إلى مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي في ولاية ألاباما. مانهاتن، حسبما جاء في الدعوى.
وكتب المحامون أنه هناك رأى خليل عميلاً يقترب من عميل آخر ويقول: "البيت الأبيض يطلب تحديثاً".
وفي وقت مبكر من صباح يوم الأحد، نُقل خليل، مكبل اليدين والقدمين، إلى مركز احتجاز إليزابيث في إليزابيث، نيو جيرسي، وهو منشأة خاصة حيث أمضى الليل في غرفة انتظار باردة للمعالجة، ورُفض طلبه للحصول على بطانية، حسبما جاء في الدعوى.
وعندما وصل إلى مقدمة الصف للمعالجة، قيل له إن معالجته لن تتم على الإطلاق لأنه كان يتم نقله من قبل سلطات الهجرة، كما جاء في الدعوى.
وُضع خليل في شاحنة صغيرة، ولاحظ أن أحد العملاء تلقى رسالة نصية