رحيل مفاجئ.. ما مستقبل التسوية السياسية في ليبيا بعد استقالة باتيلي؟
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أثارت الاستقالة المفاجئة للمبعوث الأممي لدى ليبيا، عبدالله باتيلي من مهامه ردود فعل وتساؤلات عن تأثير الخطوة على المشهد العام في ليبيا وما إذا كانت ستفشل كل الخطط التي رسمها باتيلي من أجل إجراء انتخابات وتسوية سياسية هناك.
وقدم باتيلي استقالته رسميا مساء الثلاثاء مؤكدا أن البعثة الأممية في ليبيا لا يمكن أن تتحرك بنجاح في وجود قادة ليبيون "أنانيون" يضعون مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد، مؤكدا أن الوضع العام في ليبيا تدهور في الأشهر الأخيرة بسبب غياب الإرادة السياسية وحسن نية الزعماء الليبيين السعداء بالمأزق الحالي"، وفق تعبيره.
"إحباط ومماطلة"
وأكد المبعوث الأممي التاسع إلى ليبيا أنه "لا مجال لحل سياسي في ليبيا قريبا، وحتى مؤتمر المصالحة الوطنية الليبية المقرر عقده في 28 نيسان/ أبريل تأجل إلى أجل غير مسمى، مضيفا: "من المحبط أن نرى مسؤولين يضعون مصالحهم الشخصية فوق مصلحة ليبيا وأنهم يريدون الحفاظ على الوضع الراهن من خلال مناورات ومخططات بهدف المماطلة على حساب الشعب الليبي".
ومن المتوقع أن تتولى الدبلوماسية الأمريكية المعينة حديثا بالبعثة، ستيفان خوري مهام المبعوث الأممي بالوكالة حتى يتم تعيين مبعوث جديد في مشهد يكرر نموذج تولي "ستيفاني ويلياميز" لنفس المهمة بعد استقالة "غسان سلامة".
ولاقت استقالة باتيلي ردود فعل محلية ودولية كونها جاءت بشكل مفاجيء وبعدما قدم المبعوث الأممي إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، وسط توقعات بتأثير الخطوة على مراحل التسوية السياسية التي اقترحها باتيلي ومنها طاولة "الحوار الخماسي" التي يبدو أنها فشلت بخطوة الاستقالة.
فما تداعيات وتأثير استقالة "باتيلي" على المشهد العام في ليبيا وعلى الانتخابات؟
"إعادة توازنات داخلية"
من جهته، قال السفير الليبي وكبير المستشارين سابقا في الأمم المتحدة، إبراهيم قرادة إن "انعكاسات استقالة باتيلي على المشهد الليبي ستكون فرصة لمراكز القوى الرئيسية في غرب وشرق ليبيا لتوطيد سلطتها وتجميع القوي أكثر وأكثر، وقد يشهد إعادة توازنات في المعسكرين المنقسمين شرقا وغربا".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "تولي الأمريكية خوري للمنصب بالوكالة، حال حدث، سيكون فيه تشابه واستنساخ لتجربة ستيفاني ويلياميز وإن تغير الوضع دوليا وإقليميا ومحليا، وما وصلت إليه ليبيا كان متوقعا فمخرجات الصخيرات وبعدها جنيف كانت حتما وليس توقعا ستصل لهذه النتيجة لأن كان فيها استعجال ومجرد تحقيق انتصارات لبعض الأطراف الدولية وانتصارات سطحية بدون الدخول في لب الإشكالية الليبية، وبالطبع هناك أطراف في ليبيا تستثمر وتستفيد من هذه الهندسة السياسية الدولية"، بحسب تقديره.
وأضاف: "الإعلان عن تعيين ستيفاني خوري قبل أشهر هو إعلان مسبق لإخفاق باتيلي وتمهيد لخروجه، وبذلك تكون استقالة الأخير ليست مفاجئة وربما هو تمهيد من أطراف دولية لتكرار سيناريو ستيفاني، وأعتقد أن خطط باتيلي كانت أقرب إلى الأفكار وليست مشاريع فمثلا موضوع "الحوار الخماسي" هو في الواقع ليس حقيقي لأن هناك مثلما معسكرين أحدهم في شرق ليبيا فيه مركز قوي وواحد مع بعض التأثيرات في حين المركز في غرب ليبيا السلطات الحالية هناك لا تعكس توازنات القوى المتقلبة والتحالفات المتغيرة، كما قال.
"إعادة تدوير"
في حين قال عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني إن "باتيلي منذ تعيينه مبعوثا أمميا ولد ميتا وكان الغرض من تعيينه كسب الوقت بالملف الليبي لدخول الحرب الروسية الأوكرانية وهو صراع أمريكي روسي انتقل إلى مفاوضات من ضمنها الملف الليبي وهو ما استدعى تعيين باتيلي بدون أي خطة واضحة منذ حضوره".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "من المتوقع بعد استقالة باتيلي عودة المشهد للمربع الأول وهو أمر وارد بتعيين شبيهة "ستيفاني ويلياميز" مع يعني عملية إعادة تدوير سخيفة يشارك بها بعض الليبيين والعرب من مستويات السلطة وممن يتقنون لعبة شد الحبل"، وفق قوله.
"لاتغيير في المبادرات والخطط"
لكن عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة رأى أن "استقالة باتيلي لن تؤثر على مجريات الأحداث في ليبيا وبالأخص مسألة التسوية السياسية كون التجارب السابقة تنبئ بذلك، لقد تغير أكثر من مندوب والحالة الليبية تراوح مكانها".
وأكد في تصريحه لـ"عربي21" "أن حالة الانقسام على مستوى المؤسسات التشريعية والتنفيذية سببه الرئيسي صراع بعض الدول المتنفذة على الساحة الليبية والتي لا ترغب في تغيير المشهد إلى الأفضل لأنها ترى أن التغيير يضر بمصالحها على المدى القريب والبعيد"، كما رأى.
وأضاف: "أما بالنسبة لمهمة المبعوث الجديد فلن تكون مختلفة عما قام به من سبقه ليس لصعوبة الملف الليبي ولكن لعدم رغبة الدول اللاعبة على الأرض والتي تملك حق النقض في مجلس الأمن من الوقوف على الحياد من أطراف الخلاف السياسي الأساسيين في ليبيا، وكذلك دور دول الجوار السيئ الذي زاد من تفاقم الأزمة."، حسب كلامه.
"سيطرة أمريكية"
وقال المحلل السياسي الليبي، وسام عبد الكبير إن "فشل باتيلي كان متوقعا بسبب الصراع الدولي وانقسام مجلس الأمن ما بعد حرب أوكرانيا، والولايات المتحدة الأمريكية من خلالها دفعها بـ"خوري" نائبة لباتيلي هي خطوة استباقية لعودة السيطرة الأمريكية على الملف الليبي عبر البعثة الأممية بنفس نهج ستيفاني ويلياميز"، كما قال.
وتابع لـ"عربي21": "من الصعب جدا أن يتفق مجلس الأمن على تكليف مبعوث أممي جديد لليبيا في ظل الصراع المشتعل في المجلس، لكن يبقى السؤال: هل يقبل الأمين العام للأمم المتحدة استقالة باتيلي أم يرفضها وتصبح نوع من المناورات الدبلوماسية للدفع بالعملية السياسية في ليبيا؟"، حسب سؤاله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاستقالة ليبيا التسوية السياسية فشل ليبيا فشل استقالة عبد الله باتيلي التسوية السياسية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس الأمن فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
انقسام ليبي بشأن مبادرة المبعوثة الأممية لحل الأزمة السياسية
طرابلس- تعيش ليبيا حالة من الجمود السياسي المستمر منذ تأجيل انتخاباتها العامة التي كانت مقررة نهاية عام 2021، وانعكس ذلك على المشهد العام في البلاد.
فمع استمرار الانقسام المؤسسي وتشكيل مجلس النواب للحكومة الموازية تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية وبلغت ذروتها، خاصة مع تصاعد الخلاف على مصرف ليبيا المركزي، مما هدد استقرار المنظومة المالية للبلاد قبل التوصل إلى تسوية خففت حدة التوترات.
وفي ظل هذا التعقيد برزت جهود دولية جديدة للبحث عن مخرج للأزمة، إذ أطلقت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري مبادرة جديدة لحل أزمة القوانين الانتخابية الخلافية وتشكيل حكومة توافقية للوصول إلى الانتخابات عبر تشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل الخلافية.
وخلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الاثنين الماضي قالت خوري إن "أي حكومة جديدة قد تنبثق عن مفاوضات ليبية- ليبية يجب أن تلتزم التزاما صارما بالمبادئ والضمانات والأهداف والآجال الزمنية للوصول إلى الانتخابات كشرط لشرعيتها والاعتراف بها دوليا".
وبعد إطلاق المبادرة الجديدة أعلنت كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة في بيان مشترك لسفارات الدول الخمس في ليبيا الثلاثاء الماضي دعمها المبادرة الأممية الجديدة، وحثت جميع الأطراف على المشاركة فيها، ودعتها إلى الامتناع عن أي مبادرة موازية وغير منسقة، مؤكدة دعمها بقوة الجهود الشاملة للتوصل إلى اتفاق سياسي قادر على توحيد الحكومة وإنهاء مسار التفتت.
إعلان تحرك المياه الراكدةوكان من اللافت في مبادرة خوري تجاهلها دور مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اللذين يمثلان الهيئتين التشريعيتين الرئيسيتين في ليبيا، مما دفعهما إلى عقد اجتماع تشاوري أول أمس الأربعاء بين أعضاء من المجلسين قارب عددهم 100 شخصية في مدينة بوزنيقة المغربية.
وخلص الاجتماع إلى الاتفاق على تشكيل 5 لجان مشتركة، أهمها لجنة لبحث إعادة تكليف سلطة تنفيذية جديدة تتألف من حكومة ومجلس رئاسي جديدين، ويكون من مهامها التواصل مع البعثة الأممية ومع الأطراف المحلية والدولية بهذا الشأن.
ويرى عضو مجلس النواب عصام الجهاني -وهو أحد المجتمعين في بوزنيقة- في تصريح للجزيرة نت أن مبادرة خوري "قاصرة وغير واضحة.."، مؤكدا في الوقت نفسه دعمه أي مبادرة "تحرك المياه الراكدة".
وأكد الجهاني أن ذهابه إلى اجتماع بوزنيقة جاء نتيجة التحركات الدولية التي دفعت المجلسين إلى التشاور من أجل وضع خطة متكاملة لتحقيق كل الاستحقاقات، مؤكدا أن "أي حكومة جديدة لا بد أن ترتبط بالاستحقاق الانتخابي، وهو ما يستدعي التنسيق والبحث عن ضمانات حقيقية لتجنب تكرار التجارب الفاشلة سابقا"، حسب تعبيره.
آراء متباينةمحليا، انقسمت المواقف بشأن المبادرة بين مؤيدين يدعمونها بلا تحفظ، وآخرين يرحبون بها بحذر، ومعارضين يرفضونها بشكل قاطع، فقد رحب كل من خالد المشري ومحمد تكالة المتنازعين على شرعية رئاسة المجلس الأعلى للدولة بمبادرة خوري، في حين عبر عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي عن دعمه الكامل لإطلاق عملية سياسية شاملة برعاية "البعثة الأممية للدعم في ليبيا".
وفي السياق ذاته، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح خلال لقائه القائم بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا جيريمي برنت الثلاثاء الماضي أهمية بذل كل الجهود لدعم المساعي الأممية للدفع بالعملية السياسية وتشكيل حكومة موحدة في مدد محددة، هدفها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
إعلانمن جهة أخرى، اتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة مجلس النواب بعرقلة العملية الانتخابية واستمرار المراحل الانتقالية.
وأضاف الدبيبة في تصريحات له أمس الخميس أن لجنة الدستور المنتخبة من الشعب قدمت مسودة دستور إلى مجلس النواب الذي رأى أن مصالحه لا تتوافق معها فجعلها حبيسة الأدراج، مشيرا إلى أن حكومته جاهزة لتسليم السلطة إلى حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية.
وأصدر أعضاء مجلس النواب فوزي النويري وسالم قنان وطلال الميهوب وعائشة شلابي بيانا مشتركا قالوا فيه إن إحاطة ستيفاني خوري وخطتها تمثلان "عبارات عامة ومواقف مكررة لا تلبي تطلعات الليبيين"، مؤكدين رفضهم القاطع "أي محاولة لفرض حلول خارجية"، على حد وصفهم.
مراقبون يتخوفون من تكرار المراحل السابقة والاستمرار في مسلسل المراحل الانتقالية (الصحافة الليبية) الحلبدوره، يرى المحلل السياسي فرج فركاش أن خوري -كغيرها من المبعوثين- أهملت الإطار الدستوري "الذي يعد الحل الأمثل لنصف الأزمة الليبية، إذ لن ترى الانتخابات النور دون دستور توافقي يرسم شكل الدولة وينظم العلاقة بين السلطات والمؤسسات"، حسب تصريحه للجزيرة نت.
أما عضوة المجلس الأعلى للدولة أمينة المحجوب فانتقدت المبادرة، واستبعدت -في تصريحها للجزيرة نت- نجاحها في ظل تضارب المصالح الدولية بشأن ليبيا.
وشددت المحجوب على الحاجة الماسة إلى دستور دائم "بدل الخوض في صياغة قوانين معيبة"، حسب وصفها.
أما عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم قزيط فقال إن المبادرة "جاءت في وقتها بعد مرور 4 سنوات على حكومة لم تنجح في تحقيق أهدافها"، داعيا إلى تجنب الحكم عليها لأنها غير واضحة المعالم، ولكنه انتقد خلوها من ذكر أي دور للمجلسين.
وأضاف قزيط في تصريح للجزيرة نت "إذا كان التحرك الدولي جادا ويوفر الأدوات المناسبة فمن الممكن التوصل إلى حلول حقيقية للأزمة، لكن الصعوبة هي في كيفية ردع الدول التي تصفي حساباتها الدولية على الأراضي الليبية، وهو ما فشلت البعثة الأممية في إنجازه"، حسب تعبيره.
إعلانمن جهته، يرى عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي أن المبادرة يمكن البناء عليها في ظل الانسداد السياسي.
وأضاف العرفي في حديثه للجزيرة نت أن "نقطة الخلاف هي في تشكيل اللجنة الفنية"، موضحا أن تشكيل لجنة مكونة من 150 شخصا دون آلية واضحة ومعايير محددة سيؤدي إلى تكرار خطأ حوار جنيف السابق نفسه الذي أنتج حكومة الدبيبة، "وكانت نتائجه أسوأ من المتوقع"، حسب وصفه.
بدوره، يعتقد المحلل السياسي عبد الله الكبير أن خوري لم تجد دعما حقيقيا من الأطراف الدولية ولا الأطراف المحلية لإطلاق مبادرة حقيقية لحل أزمة الوصول إلى الانتخابات، مضيفا أن "الطريق في هذه المبادرة طويل لا تحتمله الأزمة الليبية، ويعكس الموقف الدولي الذي لا يريد حلولا جذرية للأزمة".
وأضاف الكبير خلال تصريحه للجزيرة نت أنه كان من اللافت مطالبة المندوب الروسي بتعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا يوم إحاطة خوري في مجلس الأمن، "وهو ما يعكس رفض موسكو أي مبادرة تطلقها خوري الأميركية الجنسية، متوقعا أن يؤول مصيرها إلى الفشل"، حسب قوله.
ووسط كل تعقيدات المشهد الليبي وتضارب المصالح الداخلية والخارجية تبدو مبادرة خوري أقرب إلى محاولة أخيرة قبل نهاية ولايتها في يناير/كانون الثاني المقبل، لكن مصير المبادرة يبقى رهينا بتجاوب الأطراف المحلية وفاعلية الدور الأممي والدولي في الضغط لإيجاد حلول ناجعة للأزمة.