أثارت الاستقالة المفاجئة للمبعوث الأممي لدى ليبيا، عبدالله باتيلي من مهامه ردود فعل وتساؤلات عن تأثير الخطوة على المشهد العام في ليبيا وما إذا كانت ستفشل كل الخطط التي رسمها باتيلي من أجل إجراء انتخابات وتسوية سياسية هناك.

وقدم باتيلي استقالته رسميا مساء الثلاثاء مؤكدا أن البعثة الأممية في ليبيا لا يمكن أن تتحرك بنجاح في وجود قادة ليبيون "أنانيون" يضعون مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد، مؤكدا أن الوضع العام في ليبيا تدهور في الأشهر الأخيرة بسبب غياب الإرادة السياسية وحسن نية الزعماء الليبيين السعداء بالمأزق الحالي"، وفق تعبيره.



"إحباط ومماطلة"
وأكد المبعوث الأممي التاسع إلى ليبيا أنه "لا مجال لحل سياسي في ليبيا قريبا، وحتى مؤتمر المصالحة الوطنية الليبية المقرر عقده في 28 نيسان/ أبريل تأجل إلى أجل غير مسمى، مضيفا: "من المحبط أن نرى مسؤولين يضعون مصالحهم الشخصية فوق مصلحة ليبيا وأنهم يريدون الحفاظ على الوضع الراهن من خلال مناورات ومخططات بهدف المماطلة على حساب الشعب الليبي".

ومن المتوقع أن تتولى الدبلوماسية الأمريكية المعينة حديثا بالبعثة، ستيفان خوري مهام المبعوث الأممي بالوكالة حتى يتم تعيين مبعوث جديد في مشهد يكرر نموذج تولي "ستيفاني ويلياميز" لنفس المهمة بعد استقالة "غسان سلامة".

ولاقت استقالة باتيلي ردود فعل محلية ودولية كونها جاءت بشكل مفاجيء وبعدما قدم المبعوث الأممي إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، وسط توقعات بتأثير الخطوة على مراحل التسوية السياسية التي اقترحها باتيلي ومنها طاولة "الحوار الخماسي" التي يبدو أنها فشلت بخطوة الاستقالة.
فما تداعيات وتأثير استقالة "باتيلي" على المشهد العام في ليبيا وعلى الانتخابات؟


"إعادة توازنات داخلية"
من جهته، قال السفير الليبي وكبير المستشارين سابقا في الأمم المتحدة، إبراهيم قرادة إن "انعكاسات استقالة باتيلي على المشهد الليبي ستكون فرصة لمراكز القوى الرئيسية في غرب وشرق ليبيا لتوطيد سلطتها وتجميع القوي أكثر وأكثر، وقد يشهد إعادة توازنات في المعسكرين المنقسمين شرقا وغربا".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "تولي الأمريكية خوري للمنصب بالوكالة، حال حدث، سيكون فيه تشابه واستنساخ لتجربة ستيفاني ويلياميز وإن تغير الوضع دوليا وإقليميا ومحليا، وما وصلت إليه ليبيا كان متوقعا فمخرجات الصخيرات وبعدها جنيف كانت حتما وليس توقعا ستصل لهذه النتيجة لأن كان فيها استعجال ومجرد تحقيق انتصارات لبعض الأطراف الدولية وانتصارات سطحية بدون الدخول في لب الإشكالية الليبية، وبالطبع هناك أطراف في ليبيا تستثمر وتستفيد من هذه الهندسة السياسية الدولية"، بحسب تقديره.

وأضاف: "الإعلان عن تعيين ستيفاني خوري قبل أشهر هو إعلان مسبق لإخفاق باتيلي وتمهيد لخروجه، وبذلك تكون استقالة الأخير ليست مفاجئة وربما هو تمهيد من أطراف دولية لتكرار سيناريو ستيفاني، وأعتقد أن خطط باتيلي كانت أقرب إلى الأفكار وليست مشاريع فمثلا موضوع "الحوار الخماسي" هو في الواقع ليس حقيقي لأن هناك مثلما معسكرين أحدهم في شرق ليبيا فيه مركز قوي وواحد مع بعض التأثيرات في حين المركز في غرب ليبيا السلطات الحالية هناك لا تعكس توازنات القوى المتقلبة والتحالفات المتغيرة، كما قال.


"إعادة تدوير"
في حين قال عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني إن "باتيلي منذ تعيينه مبعوثا أمميا ولد ميتا وكان الغرض من تعيينه كسب الوقت بالملف الليبي لدخول الحرب الروسية الأوكرانية وهو صراع أمريكي روسي انتقل إلى مفاوضات من ضمنها الملف الليبي وهو ما استدعى تعيين باتيلي بدون أي خطة واضحة منذ حضوره".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "من المتوقع بعد استقالة باتيلي عودة المشهد للمربع الأول وهو أمر وارد بتعيين شبيهة "ستيفاني ويلياميز" مع يعني عملية إعادة تدوير سخيفة يشارك بها بعض الليبيين والعرب من مستويات السلطة وممن يتقنون لعبة شد الحبل"، وفق قوله.

"لاتغيير في المبادرات والخطط"
لكن عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة رأى أن "استقالة باتيلي لن تؤثر على مجريات الأحداث في ليبيا وبالأخص مسألة التسوية السياسية كون التجارب السابقة تنبئ بذلك، لقد تغير أكثر من مندوب والحالة الليبية تراوح مكانها".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21" "أن حالة الانقسام على مستوى المؤسسات التشريعية والتنفيذية سببه الرئيسي صراع بعض الدول المتنفذة على الساحة الليبية والتي لا ترغب في تغيير المشهد إلى الأفضل لأنها ترى أن التغيير يضر بمصالحها على المدى القريب والبعيد"، كما رأى.

وأضاف: "أما بالنسبة لمهمة المبعوث الجديد فلن تكون مختلفة عما قام به من سبقه ليس لصعوبة الملف الليبي ولكن لعدم رغبة الدول اللاعبة على الأرض والتي تملك حق النقض في مجلس الأمن من الوقوف على الحياد من أطراف الخلاف السياسي الأساسيين في ليبيا، وكذلك دور دول الجوار السيئ الذي زاد من تفاقم الأزمة."، حسب كلامه.


"سيطرة أمريكية"
وقال المحلل السياسي الليبي، وسام عبد الكبير إن "فشل باتيلي كان متوقعا بسبب الصراع الدولي وانقسام مجلس الأمن ما بعد حرب أوكرانيا، والولايات المتحدة الأمريكية من خلالها دفعها بـ"خوري" نائبة لباتيلي هي خطوة استباقية لعودة السيطرة الأمريكية على الملف الليبي عبر البعثة الأممية بنفس نهج ستيفاني ويلياميز"، كما قال.

وتابع لـ"عربي21": "من الصعب جدا أن يتفق مجلس الأمن على تكليف مبعوث أممي جديد لليبيا في ظل الصراع المشتعل في المجلس، لكن يبقى السؤال: هل يقبل الأمين العام للأمم المتحدة استقالة باتيلي أم يرفضها وتصبح نوع من المناورات الدبلوماسية للدفع بالعملية السياسية في ليبيا؟"، حسب سؤاله. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاستقالة ليبيا التسوية السياسية فشل ليبيا فشل استقالة عبد الله باتيلي التسوية السياسية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس الأمن فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

غياب التفاهمات يعمق الأزمة السياسية في ديالى - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

قدم أستاذ العلوم السياسية، خليفة التميمي، اليوم الجمعة (14 آذار 2025)، قراءة شاملة حول الأزمة السياسية في ديالى، مشيرًا إلى أن نسف اتفاق فندق الرشيد سيؤدي إلى ثلاث نتائج.

وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الأزمة السياسية في ديالى ليست وليدة هذه الأسابيع، بل هي بدأت منذ البداية، لأن تشكيل الحكومة المحلية وتوزيع المناصب جاء على أسس غير سليمة، ولذلك هذا الأمر أدى إلى خلق مجلس غير مستقر وحكومة غير مستقرة، وبالتالي كل كتلة سياسية تدعي أنها تمتلك الأغلبية، وهي في فكرتها لا تقف عند حد معين، وهذا ما يدفعها إلى المزيد من التصعيد".

وأضاف التميمي، أن "تشكيل حكومة ديالى في اجتماع فندق الرشيد قبل أكثر من سبعة أشهر تم من خلال توازنات غير صحيحة. بعض الكتل نالت أكثر من استحقاقها، وبالتالي هذا الأمر توج بعد حسم ملف تكليف مديري النواحي، حيث كانت آلية التوزيع تعتمد مبدأ اختيار من ينتمي إلى قرابة هذا المسؤول أو تلك الكتلة، وبالتالي تجاهلت الكفاءات والنخب في تكليف الأسماء لإدارة الأقضية والنواحي".

وأشار إلى أن "منصب المحافظ ورئيس المجلس كلاهما في وضع قلق، حيث إذا ما تم المضي من قبل كتل سياسية في مجلس المحافظة لاستجواب رئيس المجلس وإعفائه، فهذا يعني بداية نسف للتفاهمات التي تم التوصل إليها في فندق الرشيد، والتي من خلالها ولدت الحكومة المحلية. هذا سيؤدي إلى أن تكون الاتفاقية بشكل عام معرضة لخلل وتخلق حكومة غير مستقرة، إضافة إلى أنه لن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيؤدي إلى تكرار التغييرات، الاستجوابات، والسجالات".

ولفت إلى أن "ما يُطرح من قبل البعض حول حل المجلس هو أمر مستبعد من قبل القوى والكتل السياسية، وما يُطرح في هذا السياق يأتي في إطار رسائل إعلامية. ولكن بشكل عام، ما يحدث الآن في ديالى هو أزمة تعكس عدم وجود تفاهمات حقيقية بين القوى السياسية، حيث أن آلية التشكيل منذ البداية اعتمدت توازنات غير صحيحة، وبالتالي أدى إلى أن الكتل السياسية تتخذ سياقات تقود إلى خلافات وعدم الاستقرار".

يُذكر أن رئيس مجلس محافظة ديالى عمر الكروي، كشف الشهر الماضي، خلال مؤتمر صحفي، عن تحركات لتعطيل عمل المجلس عبر دفع كتل سياسية لأعضاء من أجل عدم حضور الجلسات والاستحواذ على منصب رئيس المجلس والمحافظ والقرار السياسي في ديالى مع قرب الانتخابات.

وكان مجلس ديالى قرر قبل أشهر إقالة رئيسه عمر الكروي، عن حزب السيادة من منصبه وانتخاب نزار اللهيبي، عن حزب تقدم بدلاً عنه، فيما عاد الكروي لمنصبه بعد أيام بقرار قضائي لانعقاد جلسة إقالته بلا استجواب.

مقالات مشابهة

  • عبدالوهاب عبدالرازق: نقف جميعًا خلف قيادتنا السياسية
  • محمود فوزي: تجاوزنا التحديات بفضل الإرادة السياسية والتحالف بين القوى السياسية
  • تيته وفيدان يبحثان في إسطنبول سبل دعم العملية السياسية في ليبيا
  • السراري: الدبيبة مهندس الفساد وسرق مستقبل شباب ليبيا
  • واشنطن تستضيف مؤتمراً يبحث مستقبل ليبيا
  • تيته تبحث مع أبو الغيط دعم العملية السياسية وإجراء الانتخابات في ليبيا
  • قنصل ليبيا: القضاء التونسي أصدر حكما جائرا بحق الليبي مهرب الكسكسي 
  • برلماني يطالب بتحقيق عاجل في واقعة مباراة الأهلي والزمالك
  • غياب التفاهمات يعمق الأزمة السياسية في ديالى
  • غياب التفاهمات يعمق الأزمة السياسية في ديالى - عاجل