رضوان مزاحم **

 

أصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحًا شاملًا للتطبيقات التي تُؤدّي مهامَّ مُعقّدة، كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية، مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت، أو ممارسة لعبة الشطرنج. يُستخدم هذا المصطلح غالبًا بالتبادل مع مجالاته الفرعية، والتي تشمل التعلّم الآلي والتعلّم العميق. ومع ذلك، هناك اختلافات.

على سبيل المثال، يُركّز التعلّم الآلي على إنشاء أنظمة تتعلم أو تُحسّن من أدائها استنادًا إلى البيانات التي تستهلكها. ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن كلّ سُبل التعلّم الآلي ما هي إلّا ذكاء اصطناعي، فإنِّه ليس كل ذكاء اصطناعي يُعدّ تعلمًا آليًا.

وللحصول على القيمة الكاملة من الذكاء الاصطناعي، يضخ العديد من الشركات استثمارات كبيرة في فرق علوم البيانات. إن علوم البيانات، التي تُعدّ مجالًا متعدد التخصّصات يستخدم الأساليب العلمية وأساليب أخرى لاستخلاص القيمة من البيانات، تجمع بين المهارات المستمدّة من مجالات مثل الإحصاء وعلوم الكمبيوتر مع المعرفة العلمية، لتحليل البيانات التي يتم جمعها من مصادر متعددة.

الثورة الصناعية والذكاء الاصطناعي

في عالمٍ تتطور فيه التكنولوجيا باستمرار، غيّرت ثورتان إلى الأبد مجرى التاريخ. أحدثت الثورة الصناعية تطورات اقتصادية وتكنولوجية غير مسبوقة، ولكنها تسبّبت أيضًا في بؤس واسع النطاق وعطّلت سوق العمل.

الآن، هناك ثورة جديدة: صعود الذكاء الاصطناعي. هل سيؤدّي إلى عصر جديد من الازدهار، أم أنه سيترك الكثير من النضالات لمواكبة ذلك؟ لقد أظهر لنا الماضي أنه مع التغيير الكبير تتأتى عواقب وخيمة. المستقبل غير مؤكد، لكن هناك شيء واحد مؤكد: "تأثير هذه الثورات سيظل محسوسًا للأجيال القادمة".

فرص وعواقب الثورة الصناعية

كانت الثورة الصناعية، التي امتدّت من أواخر القرن الثامن عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر، مرحلة تغيرات تكنولوجية واقتصادية كبيرة، تميّزت بتطور أشكال جديدة من الطاقة، ونمو المصانع، والإنتاج الضخم للسلع.

وبينما جلبت الثورة الصناعية العديد من الفوائد، كان لها كذلك تأثير سلبي على حياة العديد من الناس. كانت إحدى النتائج الرئيسية للثورة الصناعية هي فقدان الوظائف على نطاق واسع في الصناعات التقليدية، مثل الزراعة والحِرف اليدوية. ونظرًا لأن أشكال النقل الجديدة، مثل السكك الحديدية والقوارب البخارية، جعلت من السهل نقل البضائع، وجد العديد من الأشخاص الذين عملوا سابقًا في هذه الصناعات أنفسهم عاطلين عن العمل؛ واضطر العديد للانتقال إلى المدن والبلدات بحثًا عن فرص عمل جديدة، ممّا أدّى إلى نمو الأحياء الفقيرة في المدن وانتشار الفقر.

وفي الوقت نفسه، خلقت الثورة الصناعية فرصًا جديدة لأولئك الذين تمكّنوا من الاستفادة منها. فقد أتاح تطوير المصانع وتقنيات الإنتاج الضخم لأصحاب المشاريع والمستثمرين أن يصبحوا أثرياء للغاية، من خلال امتلاك وتشغيل هذه الأعمال.

وأدّت الثورة الصناعية أيضًا إلى نمو طبقة وسطى جديدة، حيث تمكّن المزيد من الناس من كسب العيش الكريم، من خلال العمل الماهر في المصانع والصناعات الأخرى.

وبشكل عام، كان للثورة الصناعية تأثير كبير على المجتمع، إيجابًا وسلبًا. في حين أنها أحدثت العديد من التطورات التكنولوجية والاقتصادية، فقد تسبّبت كذلك في بؤس واسع النطاق لأولئك الذين فقدوا وظائفهم وكافحوا للعثور على عمل جديد. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين تمكنوا من الاستفادة من الفرص التي أتاحتها، كانت الثورة الصناعية فترة ازدهار كبير.

لذا نسأل: كيف يمكن أن يؤثّر اعتماد الذكاء الاصطناعي كتكنولوجيا تحويلية على المجتمع؟ وما الخطوات التي يمكن اتخاذها للتخفيف من العواقب السلبية مع تعظيم الفوائد؟

الثورة الصناعية في العصر الجديد: الذكاء الاصطناعي

شهد القرن الحادي والعشرون صعود الذكاء الاصطناعي كتكنولوجيا تحويلية، مع إمكانية إحداث ثورة في الصناعات وتغيير الطريقة التي نعيش ونعمل بها. يعتقد العديد من الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون القوّة الدافعة وراء التحوّل الاقتصادي والتكنولوجي الكبير القادم، على غرار الثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ومع ذلك، مثلما كانت للثورة الصناعية عواقب إيجابية وسلبية، فمن المرجّح أن يكون لظهور الذكاء الاصطناعي تأثير مماثل على المجتمع.

ومن ناحية أخرى، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إحداث تطورات تكنولوجية واقتصادية كبيرة. يمكنه أتمتة المهام والعمليات، وزيادة الكفاءة والإنتاجية، وفتح فرص جديدة للشركات والأفراد.

ومع ذلك، مثل الثورة الصناعية، من المحتمل أيضًا أن يؤدّي اعتماد الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف على نطاق واسع وتعطيل اقتصادي، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يعملون في الصناعات المعرّضة للأتمتة.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدّي ظهور الذكاء الاصطناعي إلى زيادة عدم المساواة في الدخل، حيث يصبح أولئك القادرون على الاستفادة من الفرص الجديدة أثرياء للغاية، بينما يكافح الآخرون للعثور على عمل، أو التكيّف مع أدوار جديدة في سوق العمل المتغير.

وبشكل عام، من المرجّح أن يكون لاعتماد الذكاء الاصطناعي، كتقنيّة تحويليّة، عواقب وخيمة على المجتمع، سواء كانت إيجابية أو سلبية. في حين أن لديها القدرة على إحداث تقدم اقتصادي وتكنولوجي، إلاّ أن لديها القدرة أيضًا على التسبّب في بؤس واسع النطاق وتعطيل سوق العمل. كما هو الحال مع أي تحوّل تكنولوجي رئيسي، من المهم أن يفكّر المجتمع بعناية في العواقب المحتملة واتخاذ خطوات للتخفيف من الآثار السلبية مع تعظيم الفوائد.

** كاتب لبناني مختص في التكنولوجيا والتجارة الرقمية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

5 أدوات لتحسين جودة الصور بتقنية الذكاء الاصطناعي

أصبحت الصور عالية الجودة ضرورة ملحة في عصرنا الرقمي. فالصور الواضحة والحيوية تشكل عنصراً حاسماً في التصوير الاحترافي والتسويق ومنصات التواصل الاجتماعي. غير أننا كثيراً ما نواجه تحديات في الحصول على الصور المثالية، سواء من حيث الإضاءة أو التباين أو الوضوح، مما يجعلنا بحاجة إلى أدوات متخصصة في تحسين جودة الصور.

لقد فتح الذكاء الاصطناعي آفاقاً واسعة في مجال تحسين الصور. وبفضل هذه التقنية المتطورة، أصبح بإمكاننا تحويل الصور العادية إلى صور احترافية بسهولة وكفاءة عالية. وتتميز هذه الأدوات بقدرتها على معالجة مشكلات الإضاءة وتقليل التشويش وتحسين الألوان، دون الحاجة إلى معدات احترافية أو خبرة متقدمة في التحرير.

ومن هذا المنطلق، اخترنا وقيّمنا أفضل خمس أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي أثبتت فعاليتها في الارتقاء بمستوى الصور بشكل ملموس. هذه الأدوات ستمكنك من تحقيق نتائج احترافية بأقل جهد وفي وقت قياسي.

بيكا (Pica AI)

تُعتبر بيكا من الأدوات الرائدة في مجال تحرير الصور وتحسينها. انطلقت الشركة بتقديم خدمات متنوعة تعتمد على ذكاء اصطناعي للصور، وهي متوفرة عبر موقع إلكتروني وتطبيق خاص بنظام iOS. تتميز بشكل خاص في تحسين الصور الشخصية وترميم الصور القديمة، مع تقديم أفضل قيمة مقابل السعر في السوق.

تتميز هذه الأداة المتقدمة بقدرات فائقة في تنقية الصور ومعالجة التفاصيل غير الواضحة والقضاء على التشويش بدقة عالية. يمكنها تحويل الصور منخفضة الدقة إلى نسخ واضحة ومفصلة خلال ثوانٍ معدودة، مع إمكانية مضاعفة حجم الصورة إلى أربعة أضعاف مع الحفاظ على نقاء تفاصيلها.

تقدم بيكا نسخة مجانية مميزة تتيح خمس تحسينات يومية بدون علامة مائية، وخططاً مدفوعة بأسعار تنافسية تبدأ من ٩.٩٠ دولار شهرياً. ومع ذلك، فإن البرنامج يفتقر إلى بعض أدوات التحرير المتقدمة مثل إزالة العناصر غير المرغوب فيها، لكنه يتفوق في التحسين العام للصور والترميم، محققاً نتائج طبيعية واحترافية.

تتميز واجهة البرنامج بالبساطة والسهولة في الاستخدام، فلا حاجة لخبرة مسبقة في تحرير الصور. ما عليك سوى رفع الصورة المراد تحسينها، لتحصل على نسخة محسّنة تفوق توقعاتك، مع إمكانية الوصول إلى دقة تصل إلى 4K للمشتركين.

سناب إيديت (SnapEdit)

إن سناب إيديت يتميز بكونه منصة متكاملة لتحرير الصور، حيث يجمع بين مجموعة متميزة من الأدوات الاحترافية، وفي مقدمتها أداة متطورة لتحسين الصور وإزالة الخلفية. تلبي هذه المنصة احتياجات مختلف المستخدمين، سواء كانت للصور الشخصية أو الصور التجارية، إذ تتفوق في تحسين ملامح الوجه والتفاصيل الدقيقة مع الحفاظ على الطابع الطبيعي للصور.

ولعل أبرز ما يميز سناب إيديت هو قدرته على تلبية متطلبات التجارة الإلكترونية، حيث يمكّن أصحاب المتاجر من الارتقاء بصور منتجاتهم بشكل احترافي. كما تعالج المنصة المشكلات الشائعة في الصور بفعالية، من تحسين الوضوح إلى ضبط الإضاءة المثالية بكفاءة عالية.

وتتجاوز قدرات المنصة مجرد التحسين البسيط، إذ تشمل مجموعة متنوعة من المزايا المتقدمة، من بينها أداة ذكية لإزالة العناصر غير المرغوب فيها. هذه الخاصية تفتح آفاقاً جديدة في عالم تحرير الصور، حيث تمكن المستخدمين من تنقية صورهم بدقة واحترافية.

وفيما يتعلق بخيارات الاشتراك، يقدم سناب إيديت باقة مجانية تتيح الوصول إلى الوظائف الأساسية مع بعض القيود على جودة المخرجات. أما الباقة المميزة، فتأتي بسعر تنافسي لا يتجاوز ٥ دولارات شهرياً، وتوفر مزايا حصرية تشمل معالجة ما يصل إلى 1000 صورة شهرياً دون قيود، مع تجربة خالية من الإعلانات والعلامات المائية.

كت أوت برو (Cutout.pro)

يتميز كت أوت برو بكونه منصة متقدمة لتحسين جودة الصور، حيث يقدم خدمات احترافية لتحسين الدقة والوضوح تصل إلى ٧٥٠×٧٥٠ بيكسل مجاناً. يوفر التطبيق وضعين رئيسيين للمعالجة: وضع الحدة ووضع الواقعية، مما يتيح للمستخدمين اختيار الأسلوب المناسب لاحتياجاتهم مع الحفاظ على الطابع الأصلي للصور.

ويتفوق كت أوت برو في معالجة كافة جوانب الصورة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة. فهو يعمل على تحسين التفاصيل الدقيقة، وإزالة التشويش، وضبط الألوان بشكل متناسق، مما يجعله مثالياً لمختلف الاستخدامات، من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي إلى التصوير الاحترافي.

وفيما يتعلق بالتكلفة، يقدم كت أوت برو تجربة أولية مجانية تشمل خمسة أرصدة تجريبية. وللراغبين في الحصول على دقة أعلى ومزايا متقدمة، تتوفر باقات مرنة تبدأ من ٠.٠٩٩ دولار للرصيد الواحد، مع إمكانية الحصول على أرصدة إضافية مجانية عبر رموز الدعوة.

بيك ويش (PicWish)

يُعد بيك ويش منصة رائدة في مجال تحسين الصور، حيث يعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي للارتقاء بجودة صورك بكفاءة عالية وسرعة فائقة. تبرز قوة هذه المنصة في قدرتها الاستثنائية على مضاعفة دقة الصور إلى الضعف، بل وحتى أربعة أضعاف جودتها الأصلية، مما يمنح المستخدمين نتائج مبهرة في الوضوح والنقاء.

يمتاز التطبيق بتعدد استخداماته، فهو يعالج شتى أنواع الصور باحترافية عالية، سواء كانت صوراً شخصية أو صوراً للمنتجات أو رسومات توضيحية. وما يجعله خياراً مفضلاً لمحبي الرسوم المتحركة اليابانية (الأنمي) هو قدرته المتميزة على تحسين جودة الملصقات والخلفيات منخفضة الدقة، إذ يرتقي بها من مستوى ٤٨٠ نقطة إلى جودة فائقة الوضوح، متجاوزاً بذلك كل مشكلات عدم الوضوح.

أما فيما يتعلق بخيارات الاشتراك، فيقدم بيك ويش باقات متنوعة تلبي مختلف الاحتياجات والميزانيات. تبدأ الباقات من ٥.٩٩ دولار شهرياً مقابل ٥٠ رصيداً، في حين تتوفر باقة متقدمة تتضمن 1000 رصيد مقابل ٣٣.٩٩ دولار. ومن المميزات الجذابة في هذا النظام انخفاض تكلفة الرصيد الواحد مع الباقات الأكبر، مما يجعله خياراً اقتصادياً مثالياً للمستخدمين ذوي الاحتياجات الكثيرة.

ريميني (Remini)

يتميز تطبيق ريميني بمكانة مرموقة في مجال تحسين الصور والفيديو، حيث يجمع بين القدرات الاحترافية والمرونة في الاستخدام. يعتمد التطبيق على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتقديم حلول شاملة في معالجة الوسائط المتعددة، من الصور الشخصية وحتى المناظر الطبيعية والصور القديمة، مع التركيز على تحقيق نتائج بجودة احترافية.

يبرز التطبيق بقدراته الفائقة في معالجة الصور ومقاطع الفيديو، حيث يتفوق في استعادة التفاصيل في الوسائط التالفة أو منخفضة الجودة. كما يقدم مجموعة متكاملة من الأدوات المتقدمة لتحسين ملامح الوجه، وضبط الإضاءة، وترميم الخلفيات، مع الحفاظ على طبيعية النتائج النهائية.

يستهدف ريميني بشكل رئيسي المحترفين ومنشئي المحتوى الرقمي، حيث يوفر إضافة خاصة لبرنامج فوتوشوب وواجهة برمجة التطبيقات (API) للاستخدامات الاحترافية. يتيح التطبيق معالجة كميات كبيرة من الصور بكفاءة عالية، مما يجعله مثالياً للمصورين المحترفين ومحرري الوسائط المتعددة. يقدم التطبيق نسخة مجانية محدودة الميزات، وخططاً مدفوعة تبدأ من ٦.٩٩ دولار أسبوعياً، مع إمكانية الوصول إلى جميع الميزات المتقدمة في الاشتراكات المدفوعة.

وفي الختام، تشكل معاً هذه الأدوات الخمس المعززة بتقنيات الذكاء الاصطناعي منظومة متكاملة لتحسين الصور، حيث تلبي احتياجات مختلف المستخدمين، من الهواة إلى المحترفين. تنفرد كل أداة بمميزات خاصة تجعل عملية تحسين صورك مهمة سهلة لا تتطلب سوى بضع نقرات. ولمن يبحث عن نقطة انطلاق مثالية، نرشح البدء مع بيكا إيه آي (Pica AI). نشجعك على استكشاف هذه الأدوات واختيار ما يناسب احتياجاتك، لترتقي بصورك إلى مستويات احترافية جديدة.

مقالات مشابهة

  • «سامسونغ» في صدارة الشركات المدعومة بـ«الذكاء الاصطناعي»
  • هل يكتب الذكاء الاصطناعي شهادة وفاة غوغل؟
  • هذه هي أفضل عشر تطبيقات لاستخدام الذكاء الاصطناعي
  • شات بيت الصيني وإعادة تعريف الحروب في عصر الذكاء الاصطناعي
  • باحثة سعودية تسخِّر الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة العلاج الإشعاعي
  • صفحة من يوميات الذكاء الاصطناعي
  • احذر.. 4 معلومات لا تشاركها مع روبوتات الذكاء الاصطناعي
  • فرنسا تستضيف قمة عن الذكاء الاصطناعي في شباط
  • أمريكا تعيد صياغة مفهوم الحرب.. الذكاء الاصطناعي بديلاً للأسلحة التقليدية
  • 5 أدوات لتحسين جودة الصور بتقنية الذكاء الاصطناعي