كشفت خلاصة المداولات التي شهدتها جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول اليمن، عن انسداد تام في مسار السلام وفشل المحاولات الأممية في إعادة إحياء هذا المسار وسط تحذيرات من مخاطر عودة مشهد الحرب في البلد. 

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قال في إحاطته للمجلس بأن الزخم الذي شهده مسار السلام العام الماضي والتوصل إلى الالتزامات المعروفة بخارطة الطريق، قد تعثر في التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، مؤكداً بأنها أدت إلى تعقيد مساحة الوساطة بشكل كبير.

وتحدث المبعوث الأممي إلى التصعيد المستمر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ودخوله شهره السادس، باستمرار جماعة الحوثي بمهاجمة السفن التجارية والعسكرية، والرد على ذلك من قبل أمريكا وبريطانيا بتنفيذ هجمات على أهداف عسكرية تابعة للحوثي.

وفي حين اقر غروندبرغ بأن النزاعات في اليمن والمنطقة المحيطة به باتت متشابكة بشكل لا يمكن تجاهله، إلا أنه قال بأنه يتوجب ضمان ألا يتم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى، مشدداً على عدم المجازفة بفرصة اليمن في تحقيق السلام، وأضاف محذراً: إذا أهملنا العملية السياسية في اليمن وواصلنا السير على مسار التصعيد، فقد تكون العواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب، بل وعلى المنطقة بأكملها. 

حديث المبعوث الأممي عن "إهمال العالم" لمسار السلام في اليمن والتحذير من خطورته، أكدته كلمات ممثلي الدول الغربية في مجلس الأمن وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي ركزت على هجمات جماعة الحوثي ضد الملاحة الدولية، وكان لافتاً الموقف المتشدد وغير المسبوق الصادر عن اليابان في الجلسة بالمطالبة بموقف دولي موحد في التصدي لتهديدات الحوثيين للأمن البحري.

وبدا واضحاً الموقف الضمني الذي عبرت عنه كلمات ممثلي أمريكا وبريطانيا بربط إحياء مسار السلام في اليمن بوقف هجمات جماعة الحوثي المدعومة من إيران ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يفسر مطالبة المبعوث الأممي بعدم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى.

هذه المطالبة تعكس ايضاً مخاوف المبعوث الأممي والوسطاء في الملف اليمني، فجلسة مجلس الأمن عُقدت عقب ساعات فقط من الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل فجر الأحد، بعشرات المُسيرات والصواريخ في حدث استهل به المبعوث كلمته بالإشارة إلى أن عقد الجلسة يأتي "في لحظة خطيرة بشكل خاص في الشرق الأوسط".

حيث يُعبر حديث المبعوث الأممي عن مخاوف حقيقية من وجود تداعيات محتملة على مسار السلام في اليمن جراء الهجوم الإيراني ومشاركة جماعة الحوثي بالهجوم بانطلاق عدد من المُسيرات والصواريخ من مناطق سيطرتها في اليمن نحو إسرائيل.

وهو ما يكشف مدى انخراط جماعة الحوثي في المشروع الإيراني وتحولها إلى واحدة من أهم أذرع طهران بالمنطقة، ما يضيف –بنظر المبعوث الأممي- تعقيدات إضافية إلى مشهد الوساطة في اليمن بتعزيز "إهمال العالم" لمسار السلام بالحديث عن التهديد الذي باتت تمثله جماعة الحوثي.

إلا أن "العواقب الوخيمة" التي يحذر منها المبعوث الأممي، يبدو أن الجماعة الحوثية هي اكبر الأطراف التي ستدفع ثمنها، بخسارة المكاسب التي ستحصل عليها الجماعة عبر خارطة الطريق، بعد أن تمكنت من انتزاعها تنازلات مهمة بهذه الخارطة على حساب الحكومة الشرعية، وعلى رأسها ملف المرتبات وتقاسم عائدات تصدير النفط.

تنازلات مثلت ما يشبه "طوق نجاة" للجماعة الحوثية في وجه خطر انفجار الوضع داخل مناطق سيطرتها جراء تصاعد المطالبات الشعبية بصرف المرتبات والكشف عن مصير العائدات والجبايات التي تتحصلها الجماعة بعد توقف الحرب في الجبهات جراء اتفاق الهدنة الأممية في أبريل من عام 2022م.

خسارة "مكاسب" السلام وإدراك جماعة الحوثي بصعوبة العودة إلى مسار الحرب، دفع بها مؤخراً بمطالبة السعودية إلى العودة إلى مسار السلام والتوقيع على خارطة الطريق ورفض الضغوط الأمريكية والغربية التي تشترط وقف هجمات الجماعة المدعومة من إيران ضد الملاحة الدولية مقابل المضي نحو اتفاق السلام في اليمن.

مشهد يعكس حجم المأزق الذي تعيشه جماعة الحوثي بين محاولاتها الحفاظ على مكاسبها في مسار السلام في اليمن والهروب من مواجهة ضغوط الشارع بمناطق سيطرتها، وبين عجزها بوقف انخراطها في المشروع الإيراني وتقديم مصالحها ومصالح اليمنيين على مصالح نظام طهران وخدمة صراعه مع الغرب على النفوذ بالمنطقة العربية.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: مسار السلام فی الیمن المبعوث الأممی جماعة الحوثی

إقرأ أيضاً:

ترحيب يمني بقرار ترامب تصنيف «الحوثي» «منظمةً إرهابيةً»

شعبان بلال (عدن، القاهرة)

أخبار ذات صلة صد هجمات «حوثية» متزامنة في ثلاث محافظات يمنية عبدالله بن زايد: علاقاتنا مع أميركا ديناميكية ومتطورة

رحب اليمن بقرار الولايات المتحدة الأميركية إعادة تصنيف ميليشيات «الحوثي» «منظمةً إرهابية أجنبية»، واعتبره مدخلاً لإحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة. 
وأعلن البيت الأبيض، فجر أمس، إدراج جماعة «الحوثي» على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. 
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القرار التنفيذي الذي نشره البيت الأبيض: «بموجب السلطة المخولة لي كرئيس بموجب دستور وقوانين الولايات المتحدة الأميركية، وجهتُ بتصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية». 
وأضاف ترامب: «إن الحوثيين قاموا بإطلاق النار على السفن الحربية الأميركية عشرات المرات منذ عام 2023، ما عرّض الأميركيين للخطر». 
وأشار إلى أن «الحوثيين شنوا منذ استيلائهم على بعض المدن اليمنية بالقوة، في عامي 2014 و2015، العديدَ من الهجمات على البنية التحتية المدنية.
وأعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، عن شكره للرئيس الأميركي دونالد ترمب على هذا القرار، مجدِّداً الترحيب بتعهداته إنهاء الحروب وردع التنظيمات الإرهابية حول العالم.
وأكد العليمي التزامَ الحكومة اليمنية بالتعاون الوثيق مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لتنفيذ قرار التصنيف، وتقديم الضمانات اللازمة لتدفق المعونات الإنسانية دون أية عوائق. 
وكتب رئيس مجلس القيادة في تدوينة على منصة «إكس»، قائلاً إن «اليمنيين، خصوصاً مَن فارقوا الحياة، أو عذبوا، أو اعتقلوا ظلماً، أو فُجرت منازلهم، أو شُردوا في أصقاع الأرض، انتظروا طويلاً الإنصاف ومعاقبة الإجرام الحوثي بقرار التصنيف الإرهابي، كمدخل لإحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة». وأشار إلى أنه «لتعزيز المسار نحو السلام المنشود، هناك حاجة ملحة إلى نهج جماعي عالمي لدعم الحكومة اليمنية، وعدم التسويف في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 2216»، معتبِراً أن التساهل مع «أعداء السلام» سيعني استمرار الأعمال الإرهابية لهذه الميليشيات. 
كما قالت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان نُشر أمس، إن «هذا القرار يعكس تفهماً حقيقياً لطبيعة الخطر الذي تمثله الجماعة الحوثية على الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي». وأضاف البيان أن «هذا التصنيف ينسجم مع موقف الحكومة اليمنية الثابت ودعواتها المتكررة لتصنيف ميليشيات الحوثي جماعةً إرهابيةً، لما ترتكبه من جرائم مروعة وانتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني وتهديد خطير للأمن والسلام الإقليمي والدولي».
وجدد البيانُ دعوةَ الحكومة اليمنية للمجتمع الدولي من أجل اتخاذ خطوات مماثلة تعزز الجهود الدولية في التصدي للإرهاب، وتجفيف منابعه، مثمِّناً الشراكةَ الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ودورها في دعم الحكومة والشعب اليمنيين، ومتمنياً أن يكون هذا التصنيف عاملاً مهماً لتكثيف الجهود الدولية نحو إحلال السلام وتحقيق الاستقرار، وإنهاء المعاناة الإنسانية في اليمن. 
واعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة تصنيف «الحوثيين» في اليمن «منظمة إرهابية أجنبية»، يساعد على حصار وممارسات «الجماعة» ووقف انتهاكاتها، وتحقيق استقرار منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد تنفيذها هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. 
ووصف وزير الأوقاف اليمني السابق أحمد عطية، قرار الرئيس ترامب إدراج جماعة «الحوثي» على قائمة المنظمات الإرهابية، بأنه «ضرورة ملحة طال انتظارها». 
وشدد عطية في تصريح لـ«الاتحاد»، على ترحيب اليمنيين بهذا القرار الذي تم إلغاؤه من بايدن، موضحاً أن هذه الجماعة قامت خلال السنوات الماضية بنسف البيوت وانتهاك دور العبادة وقتل الساسة واجتياح المدن والسيطرة على المقدرات، وتهديد الأمن الدولي والعربي والخليجي. 
وأشار إلى أن كل المعطيات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية تؤكد ضرورة تصنيف «الحوثي» منظمة إرهابية، وأن تعقب هذا القرار إجراءات حاسمة فيما يتعلق بدورها العسكري المقلق للعالم عامة. 
 ورأى المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر لـ«الاتحاد» أن إعادة إدراج «الحوثي» على قائمة «المنظمات الإرهابية الأجنبية»، قرار في غاية الأهمية، يهدف إلى مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة، ويُعتبر خطوةً إيجابيةً من الولايات المتحدة، ويُظهر التزامها بمواجهة التطرف وتحقيق الاستقرار في اليمن والمنطقة. 
من جانبه، شدد الباحث السياسي السعودي، فيصل الصانع، لـ«الاتحاد» على أن تصنيف «الحوثي» منظمة إرهابية، يعكس تحولاً مهماً في التعاطي الدولي مع التهديدات الأمنية في المنطقة، ويؤكد أن العالم بات أكثر إدراكاً لخطر الجماعة الإرهابية ودورها كأداة لزعزعة استقرار المنطقة. 
وفي السياق ذاته، ذكر الباحث في العلوم السياسية الدكتور هيثم عمران، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن إدراج جماعة «الحوثي» مجدداً على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية سيعزز من عزلة الجماعة. 
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي السعودي، وجدي القليطي، في تصريح لـ«الاتحاد» أن القرار يمثل تطوراً في السياسة الأميركية مع تولي ترامب سدة الحكم.

مقالات مشابهة

  • «الحوثي» تطلق سراح 153 محتجزاً بدعم من الصليب الأحمر
  • المزوغي: الأزمة الليبية مستمرة مع تعيين المبعوث الأممي العاشر
  • الصليب الأحمر: جماعة الحوثي أطلقت نحو 153 أسيراً
  • في يومه العالمي… كيف حولت جماعة الحوثي التعليم في اليمن إلى وسيلةٍ لغسل أدمغة الأجيال؟ ( تقرير خاص )
  • “غروندبرغ” يبحث التخطيط اللازم لوقف إطلاق النار في اليمن مع لجنة عسكرية سعودية
  • المبعوث الاممي الى اليمن يلتقي لجنة عسكرية سعودية في مسقط 
  • جماعة الحوثي: سنفرج غدا السبت عن أسرى من الطرف الأخر في مبادرة أحادية
  • ما تداعيات قرار واشنطن إعادة تصنيف الحوثي منظمة إرهابية؟
  • ترحيب يمني بقرار ترامب تصنيف «الحوثي» «منظمةً إرهابيةً»
  • الحجازي: دور المبعوث الأممي يتطلب دعماً دولياً وقبولاً ليبياً شاملاً