هل يمكن أن يستعيد العدالة والتنمية ثقة الناخبين؟
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
تراجع حزب العدالة والتنمية إلى المركز الثاني في نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة لأول مرة منذ تأسيسه عام 2001، وبعد أن حل في المركز الأول في الانتخابات البرلمانية التي أجريت قبل أقل من سنة. وأثار هذا التراجع ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية، ونقاشا ساخنا حول أسبابه، في ظل تكهنات حول مستقبل الحزب الذي يحكم البلاد منذ أكثر من عقدين.
أردوغان في أول تعليق له على نتائج الانتخابات، أكد أنهم سيدرسون الرسالة التي بعثها الشعب عبر صناديق الاقتراع، وسيقدمون الخطوات اللازمة، معترفا بأنهم لم يحصلوا في الاختبار الديمقراطي الــ18 الذي خاضوه خلال 22 سنة، على النتائج التي كانوا يرجون الحصول عليها، كما ذكر أنهم سيقومون بمراجعة شاملة لتصحيح الأخطاء التي أدت إلى تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية.
حزب العدالة والتنمية أمامه حوالي أربع سنوات لاستعادة ثقة الناخبين والاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، ومهما كان أردوغان صادقا في رغبته في القيام بمراجعة شاملة، وعازما على تصحيح أخطاء حزبه، فإنها مهمة صعبة للغاية غير مضمونة النتائج لأسباب عديدة..
حزب العدالة والتنمية أمامه حوالي أربع سنوات لاستعادة ثقة الناخبين والاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، ومهما كان أردوغان صادقا في رغبته في القيام بمراجعة شاملة، وعازما على تصحيح أخطاء حزبه، فإنها مهمة صعبة للغاية غير مضمونة النتائج
الوضع الاقتصادي كان أهم عامل في تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية. وكانت الحكومة حاولت تحسين رواتب العمال والموظفين العامين، إلا أن ارتفاع رواتب هؤلاء أدى أيضا إلى ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم. وهناك شرائح مختلفة تأثرت من هذا الارتفاع بشكل سلبي، مثل المتقاعدين، والعاملين بالأجور المتدنية في القطاع الخاص، لأن هؤلاء لم ترتفع رواتبهم كرواتب العاملين في القطاع الحكومي، كما فشلت الحكومة في مكافحة المتاجر والمحلات التي ترفع الأسعار بشكل مبالغ فيه تحت ذريعة تطبيق اقتصاد السوق الحر في البلاد.
الحكومة تتعهد بتحسين الوضع الاقتصادي ومكافحة التضخم، إلا أن كسر دوامة ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع الرواتب ليس بأمر هيّن، كما أن عوامل خارجية كالأوضاع الدولية والإقليمية وارتفاع أسعار الطاقة قد تعرقل الجهود التي تبذلها الحكومة وتربك حساباتها الاقتصادية.
الأخطاء في اختيار المرشحين كانت من أهم العوامل التي تسببت في خسارة حزب العدالة والتنمية في بعض المدن، ومن المؤكد أن أهم أسباب تلك الأخطاء هو تدخل الوزراء والنواب والمتنفذين في الحزب لصالح المرشحين المحتملين المقربين منهم. وقد تؤدي معالجة هذه الظاهرة ومعاقبة المسؤولين عن الأخطاء في اختيار المرشحين إلى انشقاقات عن الحزب، ليذهب هؤلاء المنشقين بنسبة من الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية إلى الأحزاب الأخرى التي ينضمون إليها.
حزب العدالة والتنمية يحكم تركيا منذ أكثر من عقدين، ولذلك أصيب بالداء الذي يصيب جميع الأحزاب التي تبقى في سدة الحكم لسنوات طويلة دون انقطاع، وهو ظهور طبقة من المتنفذين من أصحاب المصالح، والابتعاد عن نبض الشارع وهمومه. وأصبح معظم قادة حزب العدالة والتنمية وكوادره أصحاب مال وجاه ونفوذ خلال هذه الفترة، بعد أن كان معظمهم من طبقة المواطنين العاديين. ومن المؤكد أن حزب العدالة والتنمية يحتاج إلى تجديد الدماء لتعود إليه الروح التي كان يحملها أيام تأسيسه، إلا أنه ليس من السهل اختيار رجل مؤهل ووضعه في مكان مناسب دون أن يؤدي ذلك إلى انشقاقات وكسر قلوب آخرين يفقدون مناصبهم أو يحلمون بتلك المناصب.
هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية فتحت الأبواب على مصراعيها لانتقاده، لتنهال عليه نصائح متنوعة لتصحيح الأخطاء واستعادة ثقة الناخبين، إلا أن بعض تلك الانتقادات والنصائح تهدف في حقيقتها إلى تصفية حسابات شخصية. وبالتالي، على قيادة الحزب أن تفرق خلال دراسة الانتقادات والنصائح بين المخلصة والمشخصنة، كي تتمكن من بناء عملية التجديد والتصحيح
هوية حزب العدالة والتنمية هي الأخرى محل نقاش في هذه الأيام، ويرى بعض المحللين أن الحزب فقد هويته، وأصبح يشبه الأحزاب العلمانية البعيدة عن قيم الشعب المسلم المتدين، كما يذهب آخرون إلى أن الحزب اعتقد أن أصوات الناخبين المتدينين مضمونة، وبالتالي أهمل تلك الشريحة، ليصب كافة جهوده في محاولة كسب ود الناخبين المؤيدين للمعسكر المعارض، إلا أنه في نهاية المطاف لم يكسب ثقة هؤلاء كما فقد ثقة المؤيدين له.
هناك إسلاميون يطالبون بــ"أسلمة" حزب العدالة والتنمية وسياساته، وتحويله من حزب ديمقراطي محافظ إلى ما يشبه الأحزاب التي أسسها تيار "مللي غوروش" برئاسة الراحل نجم الدين أربكان. وإن استجاب الحزب لتلك المطالب فقد يفقد ثقة نسبة من الناخبين المؤيدين للخط الديمقراطي الذي رسمه عدنان مندريس وتورغوت أوزال في السياسة التركية، ويتفكك تحالفه مع حزب الحركة القومية.
هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية فتحت الأبواب على مصراعيها لانتقاده، لتنهال عليه نصائح متنوعة لتصحيح الأخطاء واستعادة ثقة الناخبين، إلا أن بعض تلك الانتقادات والنصائح تهدف في حقيقتها إلى تصفية حسابات شخصية. وبالتالي، على قيادة الحزب أن تفرق خلال دراسة الانتقادات والنصائح بين المخلصة والمشخصنة، كي تتمكن من بناء عملية التجديد والتصحيح على أسس سليمة.
twitter.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدالة والتنمية الانتخابات أردوغان الأحزاب تركيا تركيا أردوغان العدالة والتنمية انتخابات أحزاب مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة فی الانتخابات المحلیة فی الانتخابات إلا أن
إقرأ أيضاً:
برلماني يكشف عن مميزات الدعم النقدي في تحقيق العدالة ومكافحة الفساد
قال النائب أيمن محسب، مقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، في تصريحات له اليوم، السبت، إنه لا توجد أي دولة في العالم حالياً تتجه نحو تطبيق الدعم العيني، مشيرًا إلى أن هذا النظام قد فشل في العديد من الجوانب مثل مكافحة الفساد، وتسرب الدعم للأسواق السوداء، وكذلك تفاوت الأسعار في الأسواق.
مميزات الدعم النقديوأوضح محسب، في مداخلة هاتفية مع قناة "كسترا نيوز"، أن الدعم العيني يعتبر دعماً للسلعة نفسها، حيث يستطيع من يملك القدرة على الشراء أن يحصل عليها، بينما من لا يقدر على الشراء لا يحصل على الدعم، ما يجعل الدعم غير محسوس من قبل المواطنين.
وأضاف أن الدعم النقدي هو دعم حقيقي وواقعي، حيث يتم تقديم الأموال مباشرة إلى الأشخاص المحتاجين بناءً على قاعدة بيانات دقيقة تم جمعها على مدار العشر سنوات الماضية.
وذكر أن الحكومة تعمل على تصحيح وتنقية قوائم الأسر المستفيدة من الدعم عبر التعاون مع الجهات المعنية مثل جهاز التعبئة والإحصاء، من خلال جهد كبير لضمان تقديم الدعم للأسر التي تحتاجه فعلاً.
وأشار إلى أنه ستتم مراجعة حجم الدعم النقدي المقدم للأسر لضمان توافر الدعم الكافي مع التغيرات الاقتصادية، في ظل ارتفاع الأسعار المتكرر، مثلما حدث في الفترة الأخيرة.
في سياق متصل، وافق مجلس النواب في جلسته العامة الشهر الماضي على مشروع قانون "الضمان الاجتماعي والدعم النقدي" المقدم من الحكومة، وذلك بعد توافق الأعضاء على جميع المواد المتعلقة بالتعريفات والعديد من التفاصيل المتعلقة بالقانون
ويهدف المشروع إلى تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي لضمان حقوق الفئات الأكثر احتياجاً مثل ذوي الإعاقة، والمسنين، والأيتام، إضافة إلى تعزيز دور المرأة وتمكينها من المشاركة في سوق العمل.
ويشمل مشروع القانون مجموعة من الأحكام التي تتعلق بدعم الأسر الأكثر فقراً، حيث يتضمن مواد تتعلق بالاستهداف الدقيق لهذه الأسر، وعملية التحقق من استحقاقها من خلال معادلات اختبارية تقيس مؤشرات الفقر، مع التركيز على ضرورة متابعة الأسر المستفيدة لبرامج صحية وتعليمية، مثل صحة الأم والطفل، إضافة إلى التزام الأطفال بالتعليم.
ويتضمن القانون أيضاً استحداث صندوق "تكافل وكرامة"، والذي يشمل تنظيم حسابات الموازنة الخاصة بالدعم، فضلاً عن قواعد لمتابعة وتقييم وصول الدعم إلى مستحقيه، مع توفير آليات للشفافية، والرقابة لضمان عدم حدوث تجاوزات.