على هامش مؤتمر باريس عرمان يحذر من “قضية الاطراف القديمة المتجددة”

خاص التغيير

انعقد الاثنين الموافق 15 ابريل 2024 بالتزامن مع الذكرى السنوية الاولى لكارثة اندلاع الحرب في الخرطوم “المؤتمر الإنساني الدولي من أجل السودان والدول المجاورة” في العاصمة الفرنسية باريس بتنظيم فرنسا والمانيا والاتحاد الاوروبي ومشاركة الولايات المتحدة الامريكية، لم توجه الدعوة لسلطة الامر الواقع في بورسودان ولا لقيادة الجيش او الدعم السريع فيما دعيت للمؤتمر اطراف سياسية ومدنية على رأسها رئيس تنسيقية (تقدم) رئيس وزراء الفترة الانتقالية المنقلب عليها د.

عبد الله حمدوك.

رصدت التغيير مشاركة اطراف سياسية ومدنية  مؤيدة لانقلاب 25 اكتوبر وذات مواقف داعمة لاستمرار الحرب مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان المؤتمر يستبطن أجندة سياسية حول أطراف العملية السياسية التي تعقب الحرب في اتجاه مشاركة “الكتلة الديمقراطية” واطراف اعتصام القصر الموالي للعسكر والذي يعرف شعبيا”باعتصام الموز”

لتسليط الضوء أكثر على هذا المؤتمر  التقت “التغيير” برئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- التيار الثوري، وعضو المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير ياسر عرمان وهو من ابرز الشخصيات التي شاركت في مؤتمر باريس وطرحت عليه أسئلتها حول تقييمه للمؤتمر بوجه عام فأجاب “مؤتمر  باريس كان مؤتمرا وحدثا غاية في الاهمية لعدة أسباب: أولا: المكان هو واحدة من العواصم الدولية المهمة، وكما عبر الرئيس الفرنسي نفسه ان فرنسا عضو في مجلس الامن.

ثانيا: جمع المؤتمر الاتحاد الاوروبي والمانيا وفرنسا كممثلين حقيقيين للصوت الاوروبي، مع مشاركة فاعلة للولايات المتحدة الامريكية.

ثالثا: اتى بالأفارقة والعرب كأطراف حيوية في القضية السودانية، ثم رفع مستوى الاهتمام العالمي بالقضية الانسانية وقضية وقف الحرب والكارثة المنسية في السودان الى مستوى غير مسبوق عالميا، وأكد على ان المدنيين هم الذين سيرسمون مستقبل السودان وضرورة العودة الى اجندة الانتقال المدني الديمقراطي وقد كان حديث الرئيس الفرنسي على وجه التحديد مؤثرا حينما تحدث بحرارة عن ثورة ديسمبر وضرورة ان لا يتم اغتيالها وان تستمر قيمها ومبادئها وردد باللغة العربية “حرية سلام وعدالة” الشعار الرئيس لثورة ديسمبر، ونحن نعلم ان قضية هذه الحرب المركزية تدور حول كيفية القضاء على ثورة ديسمبر وهي قضية الفلول الأولى في هذه الحرب فهم يمكن ان يتصالحوا مع الدعم السريع ولن يتصالحوا مع اجندة ثورة ديسمبر.

المؤتمر استطاع ان يوفر موارد للسودانيين النازحين واللاجئين في الخارج فهو اعلى نقطة اهتمام عالمي وضوء ساطع في كيفية معالجة الازمة الانسانية ووقف الحرب  الحرب في السودان ونحن نشعر بامتنان كامل لفرنسا والمانيا والاتحاد الاوروبي  وبقية المشاركين.

وفي السياق طرحت التغيير على  عرمان سؤالا حول دلالات مشاركة اطراف مثل الكتلة الديمقراطية وبعض الشخصيات المرتبطة بالنظام البائد وتقييمه “لمنتدى القوى المدنية” فاعتبر عرمان هذا المنتدى يعيد الى الأذهان ما اسماه  “قضية الاطراف القديمة المتجددة” في اشارة الى أطراف العملية السياسية التي شاركت في الاتفاق الاطاري قبل الحرب، واستطرد قائلا” منتدى القوى المدنية حمل الاشكاليات القديمة المتجددة ومن المهم التذكير بان الدعوة له قدمت على اساس شخصي وليس على اساس تمثيل أي جهة او منظمة، وبمشاركين كانوا “سمك لبن تمرهندي” بمعنى انه لا توجد قواسم مشتركة بينهم فهم يضمون الواقفين على ضفة دعم الثورة والواقفين على ضفة دعم الحرب، وان لم نكن حذرين فاننا في النهاية سنغرق اجندة الثورة، فهذه الحرب جوهرها اغراق اجندة ثورة ديسمبر بالبندقية او بالسياسة وبعض اطراف السياسة هم امتداد للبندقية، ولذلك كان من المفيد ان المنتدى لم يصدر بيانا ، ان ما دار ويدور في سويسرا وفي منتديات اقليمية محاولة تمهيد لابتدار عملية سياسية على حساب اجندة ثورة ديسمبر.

وفي معرض رده على سؤال التغيير هل يمكن ان نستنتج من ذلك ان القوى المدنية كالحرية والتغيير وتقدم قبلت ضمنيا بالعمل بمشاركة اطراف كالكتلة الديمقراطية وواجهات المؤتمر الوطني في العملية السياسية على اساس ان وقف الحرب يتطلب ذلك، أكد عرمان بنبرة عالية “نحن يجب ان نكون واضحين في فصل قضية وقف الحرب وتقديم العون الانساني كقضية عاجلة وحق لشعبنا وهي قضية توحد اكبر جبهة من الطيف السياسي والاجتماعي، وعلينا ان ندعم وقف الحرب بكل قوة وبكل طاقاتنا كقضية عاجلة كان يجب ان تحدث الامس وليس اليوم، وان نربط بحكمة واتقان بين قضايا الحل النهائي واستعادة واكمال ثورة ديسمبر وتأسيس جديد للدولة، وأضاف ” ان أي حلول هشة وغير مستدامة سترجعنا الى الحرب مرة اخرى وستزيد معاناة شعبنا ولذا فان هذه المنتديات يجب ان ننظر اليها من خلال عدسة الحلول المستدامة وعدم التفريط في مهام الثورة وتأسيس الدولة، علينا التركيز على وقف النزيف اولا ووقف الحرب ومن ثم النظرة الثاقبة في كيفية استدامة السلام والديمقراطية والتنمية والمواطنة .

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ثورة دیسمبر وقف الحرب الحرب فی

إقرأ أيضاً:

هل يرث دواعش البراء بن مالك السودان؟

صلاح شعيب

كل ما يجري في السودان اليوم هو من صنيع قادة الحركة الإسلامية الذين تقع عليهم مسؤولية كبرى في تحمل الانتهاكات المنسوبة لطرفي القتال. أي تحليل خلاف هذا لا يحقق توصيفاً دقيقاً للأزمة السودانية التي تفاقمت منذ عام 1989. البلد الآن تدفع الثمن الباهظ لمغامرات الإسلاميين البراغماتية للاستيلاء على السلطة منذ استهلال تنظيمهم العمل السياسي في الخمسينات. وتمثل حادثة استغلال معهد المعلمين في الستينات البذرة الأولى لعدم التعافي السياسي، وهي المرجعية التي من خلالها وطن الإسلام السياسي نفسه بدعم من جهات حزبية مدنية استجاب قادتها للمزايدة، والابتزاز، والإرهاب. وكان تبني الدستور الإسلامي بوصفه هادياً لمسار الدولة قد شكل البذرة الأولى التي عمقت الصراع مع الجنوبيين، وقسم من التيارات السياسية الشمالية.
تلك الفتنة هي التي ضيعت إمكانية نهوض السودان، وأفرزت تفاصيل سياسية استهلكت طاقة النخبة السياسية من بداية الاستقلال حتى يوم الناس هذا. ومن الناحية الثانية عمقت التشظي في نسيج المجتمع فانتهينا إلى أمة يصبح فيها ذبح الإنسان مدخلاً لعودة الإسلاميين للحكم مرة أخرى.
إن الحرب الحالية لم تكن وليدة اللحظة، فقد سبقتها
أسباب عديدة قبل حكم الحركة الإسلاموية عبر ما سمته الإنقاذ الوطني. ولكن بظهورها في المشهد السياسي عمقت الصراعات السياسية، وأوصلتها إلى قمة تعقيداتها البالغة في السوء. وبرغم سقوط حكم الإنقاذ إلا أن سدنته استداروا على الواقع السياسي بمكر كبير، ووظفوا وجودهم داخل القوات النظامية، والخدمة المدنية ليحاصروا المسعي الثوري الذي ترافق مع ثورة ديسمبر.
غالب النخبة المناوئة للإسلام السياسي لم يحسنوا الموقف ضد خطورة الإسلاميين أثناء حكمهم، وفي واقع ما بعد الثورة. ذلك بوصف أن الإسلام السياسي يعد مهددا أساسياً لوحدة السودان، ولا وجود له متى ما سيطر مرة ثانية على الحكم. فتارة كانت تستجيب هذه النخبة للترهيب الذي بلغ مداه أثناء سيطرة الإسلاميين على مقاليد الحكم لثلاثة عقود، وتارة أخرى تستجيب للترغيب عبر عطايا سلطوية. وحتى بعد نجاح ثورة ديسمبر تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في التعامل الجاد مع التركة المثقلة التي خلفتها تجربة المشروع الحضاري في إفساد الأوضاع السياسية. فهي كانت قبل مجيء الإسلاميين تتمحور حول قضايا محدودة ليس من بينها أي نوايا مؤسسة لانفصال الجنوب الذي مورس ضده الجهاد. كما ان الأوضاع السائدة انذاك لم تشهد حروب مناطق النزاع، ووجود مليشيات موازية للقوات المسلحة، وافتقاد البلاد للملايين من الكوادر المؤهلة في هجرتها للخارج، وتسييس الخدمة الوطنية المدنية والعسكرية، وتصاعد معدلات الفساد، وارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد المواطنين، والعزلة عن المجتمع الدولي، وتصعب فرص الإصلاح الحكومي.
الآن خلق الإسلاميون هذه الحرب لتعيد سيطرتهم على الدولة، والقضاء على أحلام ثورة ديسمبر، والانتقام ضد الشعب السوداني الذي أزاحهم عن السلطة. وما استثمار الإسلامويين للغش السياسي، وتوظيف مال الدولة المسروق غير المحدود، في هذا الحرب، سوى المفاضلة بين نهاية تامة لحقبتهم السياسية في أرض السودان وبين مقاومة أي مسعى ثوري لإعادة الأمور إلى نصابها، ومن ثم يمكن البناء على زخم الحلم التاريخي للسودانيين ببناء دولة مدنية تتأسس على الديمقراطية والعدالة والسلام.
وقد أدرك الإسلاميون أن الخطوات المبذولة إبان الفترة الانتقالية ستجردهم من الكسب غير المشروع الذي حققوه في دولتهم الاستبدادية، ولذلك فضلوا استثمار طاقاتهم الشريرة لقطع الطريق أمام ذلك الحلم السوداني حتى لو قضت الحرب التي اشعلوها على وحدة البلاد.
إننا نخشى، في ظل بروز التيارات الداعشية المساندة للجيش في حربه ضد الدعم السريع، أن ينتهي السودان إلى بؤرة جديدة لنسخ متطرفة من الإسلام السياسي. وقد شاهدنا أثناء هذه الحرب كيف أن تنظيم البراء بن مالك قد أعادنا إلى تذكر سنوات قليلة كانت فيها داعش قد أقلقت إقليم الشرق الأوسط، وهددت مستقبل الدول التي ازدهرت فيها حتى تم دحرها.
لا اعتقد أن هناك فرقاً جوهرياً بين الممارسة الداعشية للإسلام السياسي أثناء سيطرة المؤتمر الوطني على الدولة وممارسات البراء بن مالك طوال زمن هذه الحرب. ففي فترة حكم الترابي والبشير كان قتل المعارضين، وتعذيبهم، واغتصاب الرجال والنساء، وجلدهم، وقمع الحريات، عوامل مفتاحية استندوا عليها لتجذير الاستبداد الإسلاموي. والآن يبني البراءوون على ذلك التطرف الدموي كخطوة لترهيب السودانيين حتى يتسنى لهم الخضوع لشروطهم في إقامة دولة دينية جديدة أكثر بطشاً من السابقة إذا ما انتصروا في هذه الحرب.
النخبة السودانية المستنيرة الآن أمام تحدٍ حقيقي لبقاء السودان حراً وموحداً، أو أن تسهم الحركة الإسلامية بأجنحتها الداعشية للسيطرة عليه، وذبح كل من قال “تسقط بس”. وتلك خطوة مؤجلة لا تستثني هؤلاء الذين يدعمون استمرار الحرب بتلك الافتراضات الموهومة. ولذلك فإن وحدة المدنيين الديمقراطيين لتشكيل رأي عام صلب لإيقاف الحرب تمثل الهزيمة المؤكدة لتحول السودان إلى مرتع خصب للدواعش، ومتطرفي الإسلام السياسي.

الوسومصلاح شعيب

مقالات مشابهة

  • مؤتمر دولي لأورام الصدر والرئة بحضور 60 عالما .. الجمعة
  • تكريم رئيس الوفد في مؤتمر الرادار الاقتصادي .. صور
  • باحثة: السيسي لعقد مؤتمر لبحث قضية إعادة إعمار غزة
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • بعد الانسحاب الثاني لـ«ترامب».. 9 معلومات عن اتفاقية باريس للمناخ
  • محمود الجارحي يكتب: حكاية العقيد ساطع النعماني.. فقد بصره لحماية الوطن
  • هل يرث دواعش البراء بن مالك السودان؟
  • القتل على أساس الهوية في السودان
  • مؤتمر فرساي .. قصة معاهدة سلام أشعلت الحرب العالمية الثانية
  • مؤتمر “فلسطينيي الخارج” يستعد لإطلاق التحالف العالمي لمناهضة احتلال فلسطين