فرنسا تدعو روسيا لحضور الذكرى الثمانين لإنزال نورماندي ولكن ليس فلاديمير بوتين
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مازالت روسيا موضع ترحيب في فرنسا وفق قادة فرنسا، على الرغم من الحرب الجارية في أوكرانيا، وقد وافق قصر الإليزيه على تمثيلها خلال الحفل الدولي الذي سينظم في 6 يونيو في مدينة نورماندي بشمال البلاد بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير فرسا من الاحتلال النازي. ولكن هذا العام لم يتم دعوة فلاديمير بوتين.
وقال أحد مستشاري الرئيس ماكرون «على عكس نظام الكرملين، فإن فرنسا لا تنتهج سياسة التحريف التاريخي »، فيما يوضح المنظمون. «نظرًا للظروف، لن تتم دعوة الرئيس بوتين للمشاركة في مراسم إحياء الذكرى» .
ومع ذلك، ستتم دعوة روسيا لتكون ممثلة بحيث يتم تكريمها لأهمية التزام وتضحيات الشعب السوفيتي، وكذلك مساهمتها في الانتصار عام 1945.
قبل عشر سنوات، في عام 2014، استجاب فلاديمير بوتين لدعوة الرئيس فرانسوا هولاند، بالفعل في سياق الغزو الروسي لأوكرانيا، لنورماندي.
وبرر رئيس الدولة الاشتراكي وقتها قائلا: «يمكن أن تكون لدينا خلافات مع بوتين لكنني لم أنس ولن أنسى أبدا أن الشعب الروسي بذل ملايين الأرواح» خلال الحرب العالمية الثانية.
وقالت المستشارة أنجيلا ميركل في ذلك الوقت معبرة عن سعادتها رغم الخلاقات الأوروبية معه «إن الأخبار التي تفيد بأن الرئيس بوتين يشارك في اجتماع نورماندي تسعدني» .
وفي هذه المناسبة، لعب فرانسوا هولاند دور الوسيط بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو خلال لقاء في قصر الإليزيه.
دعوة لمدة عشر سنواتولكن بعد خمس سنوات، لم تتم دعوة فلاديمير بوتين لحضور الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لعمليات الإنزال التي نظمت في نورماندي وبالقرب من بورتسموث في إنجلترا، حيث كان إيمانويل ماكرون ودونالد ترامب حاضرين. قال مستشار في الحكومة الفرنسية «إنه خيار تم اتخاذه. لقد كانت هناك مناسبات كثيرة واحتفالات رائعة وجميلة، مثل 11 نوفمبر. وقبل كل شيء، فإن الحفل لم يرأسه إيمانويل ماكرون، بل رئيس الوزراء إدوارد فيليب فقط.
وقد تقرر أنه لن يدعو الإليزيه الرئيس الروسي إلا في أعياد ذكرى عشرة سنوات» .
وهكذا شارك فلاديمير بوتين في إحياء ذكرى عام 2004 في عهد شيراك وعام 2014 في عهد فرانسوا هولاند. ولكن ليس كما كان الحال في عام 2024 في عهد ماكرون بسبب حساسية الموقف الدولي والحرب الروسية في أوكرانيا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاحتلال النازي الحرب العالمية الثانية الرئيس الروسي الغزو الروسي ألمانيا النازية حرب العالمية الثانية فلادیمیر بوتین
إقرأ أيضاً:
ماكرون وإفريقيا.. نفوذ فرنسي يتضاءل وخطاب استعماري يتزايد
في ظل تراجع نفوذ فرنسا السياسي والعسكري في القارة السمراء والمطالب الإفريقية المتزايدة بتصفية الإرث الاستعماري، اتهم الرئيس إيمانويل ماكرون قبل أيام زعماء أفارقة بـ"الجحود".
هذا الهجوم أثار موجة غضب رسمية، لاسيما من تشاد والسنغال، مع اتهامات لباريس بازدراء الأفارقة وعدم امتلاكها القدرة ولا الشرعية لضمان أمن وسيادة إفريقيا.
ووفق باحث بالعلاقات الدولية، في حديث للأناضول، فإن فقدان فرنسا لمراكز النفوذ والتأثير التاريخية في إفريقيا يفسر لجوء ماكرون لنبرة تحيل إلى تاريخ فرنسا الاستعماري والاستعلائي.
ودعا الباحث الدول الإفريقية إلى الانفلات من ضغط التأثير الغربي، عبر بناء نموذج سياسي واقتصادي محلي متكامل ومتحرر من التبعية الاقتصادية ومدعوم بإرادة سياسية وديمقراطية حقيقية.
** هجوم وردود
في 6 يناير/ كانون الثاني الجاري، ادعى ماكرون، خلال اجتماع في قصر الإليزيه مع سفرائه بالخارج، أن دول إفريقيا "لم تشكر" بلاده على الدعم الذي قدمته للقارة في مكافحة الإرهاب.
واتهم زعماء أفارقة بـ"الجحود"، واعتبر أن فرنسا كانت "محقة بتدخلها عسكريا في منطقة الساحل (غربي إفريقيا) ضد الإرهاب منذ عام 2013".
وقال ماكرون إن القادة الأفارقة "نسوا أن يشكروا فرنسا على هذا الدعم، ولولا تواجدها عسكريا لما تمكن هؤلاء القادة من حكم دول ذات سيادة".
ولم تمر تصريحات ماكرون مرور الكرام، حيث ظهر ما يبدو أنه خطاب إفريقي جديد يتسم بالحدة والانتقاد.
وقال رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، في منشور للرئاسة عبر "فيسبوك": "أود أن أعرب عن استيائي من تصريحات ماكرون، التي تصل إلى حد ازدراء إفريقيا والأفارقة".
ورأى أن "ماكرون أخطأ في فهم العصر"، ووصف قرار بلاده وضع حد للتعاون العسكري مع فرنسا بأنه "سيادي".
كما أعرب وزير خارجية تشاد عبد الرحمن كلام الله عن "قلقه العميق" حيال تصريحات ماكرون لأنها "تعكس موقف ازدراء تجاه إفريقيا والأفارقة".
ودعا كلام الله، في بيان، إلى احترام إفريقيا، وشدد على "الدور الحاسم لإفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين"، وهو دور "لم تعترف به فرنسا أبدا".
وأضاف أنه "خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي كانت مساهمة فرنسا في أحيان كثيرة مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية، دون أي تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي".
كما ندد رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو بتصريحات ماكرون، وقال أيضا في بيان إنه "لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، ربما كانت ستبقى ألمانية إلى اليوم".
ورأى أن "فرنسا لا تمتلك القدرة ولا الشرعية لضمان أمن وسيادة إفريقيا".
"بل على العكس، ساهمت فرنسا في أحيان كثيرة في زعزعة استقرار بعض الدول الإفريقية مثل ليبيا، ما أدى إلى عواقب وخيمة على استقرار وأمن منطقة الساحل"، وفق سونكو.
وتزامن هجوم ماكرون مع تراجع نفوذ باريس في دول الساحل والصحراء، ففي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت تشاد أنها قررت إلغاء اتفاقية موقعة مع فرنسا لتعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والأمن.
وطالبت تشاد الحكومة الفرنسية بسحب جميع قواتها من الدولة الإفريقية بحلول 31 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وقبل أشهر أنهت باريس تواجدها العسكري في مالي، بالتزامن مع إعلان النيجر وبوركينا فاسو إنهاء الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا.
كما أعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي مؤخرا عزمه إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في بلاده.
ويتراجع نفوذ فرنسا العسكري والاقتصادي والثقافي في دول إفريقية بالتزامن مع مطالب إفريقية بتصفية الإرث الاستعماري، وفق مراقبين.
ومقابل تراجع نفوذ فرنسا، الدولة الاستعمارية السابقة، دخل فاعلون دوليون جدد إلى المنطقة، ولاسيما الصين وروسيا.
** نكسة جيوسياسية
الباحث المغربي في العلاقات الدولية إدريس قسيم قال للأناضول إن "فرنسا تواجه أكبر نكسة جيوسياسية في تاريخها المعاصر بفقدانها لمراكز النفوذ والتأثير التاريخية في القارة الإفريقية".
وتابع: "ولعل هذا يفسر لجوء ماكرون إلى لغة تحيل إلى تاريخها الاستعماري والاستعلائي، بل إن قوله إن "شكر فرنسا سيأتي في الوقت المناسب" ربما يخفي تهديدا لهذه الدول".
وأشاد بردود أفعال تشاد والسنغال، خاصة أنها "ظلت لعقود تشكل الحديقة الخلفية والعمق الاستراتيجي لفرنسا في منطقة الساحل، وترعى مصالح باريس في المنطقة".
"وفرنسا كانت تدافع عن مصالحها عبر وجودها العسكري في هذه الدول، وتشكل خط دفاع أمامي ضد التنظيمات والتهديدات الإرهابية، ولم تكن تقدم خدمة مجانية لتلك الدول كما أراد ماكرون أن يُظهر ذلك"، وفق قسيم.
ورأى أن "ردود الأفعال الإفريقية قد تعبر في ظاهرها عن نوع من الانتصار للحكم الذاتي الوطني ولخطاب جديد نابع من الخصوصية السياسية المحلية".
واستدرك: "إلا أنه يصعب عزلها عن التحولات الجيوسياسية والجيوستراتيجية في المنطقة التي تشهد انتقالا نحو دوائر النفوذ والتأثير الروسية والصينية".
** بناء نموذج جديد
واعتبر قسيم أن "الانفلات من ضغط التأثير الغربي الذي يستهدف دول المنطقة، يمر بالضرورة عبر بناء نموذج سياسي وتنموي محلي".
وتابع أن "هذا المستوى غير المألوف من الخطاب (الإفريقي)، ورد تشاد والسنغال القوي، والمواجهة السياسية مع قوة دولية مثل فرنسا، يساعد على ترسيخ وتكريس هذا النموذج".
وأردف: "إضافة إلى رمزية خطاب بعض الزعماء الأفارقة، فإنه يحيل إلى نوع من الندية وينسف سرديات النموذج الاستعماري التي ظل باستمرار مؤطرا وموجها لعلاقة فرنسا مع الدول الإفريقية".
قسيم استدرك: "غير أن التأسيس لخطاب ولغة جديدة مع فرنسا يظل غير كاف، فلابد من نموذج تنموي متكامل متحرر من التبعية الاقتصادية ومدعوم بإرادة سياسية وديمقراطية حقيقية".
وزاد بأن "هذا المبتغى وإن كانت إرهاصاته وبوادره متحققة إلى حد ما بالنسبة لبعض الدول الإفريقية مثل السنغال، إلا أنه بالنسبة لدول أخرى ربما لا يزال هدفا بعيد المنال".
"لكن هذا لا يمنع من القول إن ردود أفعال السنغال وتشاد تمثل تحولا حقيقيا، ليس فقط على مستوى المحددات أو الموجهات الكبرى للعلاقات السياسية، ولكن في مخرجات هذه العلاقة عبر لغة الرد على ماكرون"، كما استدرك قسيم.