في تلك الليلة، اضطررنا جميعًا إلى متابعة الأخبار بقلق شديد؛ خوفًا من اندلاع الحرب العالمية الثالثة. لحسن الحظ، استمرّت الأحداث لمدة 5 ساعات فقط. لم يمُت أحد، ولم تتعرض المدن للقصف، توقفت الحياة قليلا، ثم استؤنفت. ومع ذلك، كان لدينا خلال تلك الفترة القصيرة، فرصة لاختبار العديد من الأمور.

هل يُمكن أن نعتبر الردّ المعلن مسبقًا ردًّا؟

خلال فترة الأزمة، أعلن السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرفاني، قائلًا: "عندما تُطلق الطائرات المسيرة والصواريخ، فإن ردّ الفعل يكون قد انتهى بالنسبة لنا"، مشيرًا إلى أنّهم لن يستمروا في التصعيد.

بعد ذلك، أعلنت إيران أنها قد أبلغت بعض الدول، مثل: تركيا، والأردن، ومصر عن طبيعة ومدى رد الفعل. وأُبلغ سفير سويسرا في طهران الذي يمثل الولايات المتحدة دبلوماسيًّا عن الرد المحتمل، وأكدت إيران أنها لا ترغب في تصعيد الأمور. بالإضافة إلى ذلك، قام المسؤولون الإيرانيون ببثّ مشاهد للصواريخ والطائرات المسيرة؛ لعرض كيفية تنفيذ رد الفعل المحتمل على الهجوم.

وقد أعلنت مصادر أميركية عن يوم الرد المحتمل. واتخذت الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسرائيل جميع التدابير اللازمةـ وأكدت أنّها "مستعدة" لأي تطور، وهكذا بدأت العملية.

من خلال كل هذه الأحداث، تم اختبار النقطة التالية: أظهرت إيران أنها لا ترغب في الحرب من خلال إعلانها أنها مضطرة للردّ، ولكن بشكل محدود. وفي حين اعتبر بعض الناس أن هذا ليس ردَّ فعلٍ حقيقيٍّ بل مسرحية، اعتبر آخرون أن إيران قد دخلت التاريخ كأول دولة تطلق صواريخ على إسرائيل.

تم اختبار القدرة الرادعة للقوة العسكرية الإيرانية

تم إطلاق أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ مجنح، ولكن تم تدمير أكثر من 99% منها في الجو قبل دخولها إلى الأجواء الإسرائيلية.

يبدو أن هذا ما كانت إيران ترغب فيه بوضوح، وإلا فإنهم كانوا يعتقدون أن إسرائيل والولايات المتحدة ستقومان بالرد وبدء الحرب في حالة احتراق تل أبيب وسقوط عشرات الضحايا.

لقد اختبرت إسرائيل والولايات المتحدة قدرة إيران العسكرية، والقوة التي تمتلكها، وبذلك فهمتا أنه لا يوجد ما يدعو للقلق بالفعل.

يبدو أن القوة العسكرية لإيران، التي تعتبر واحدة من أقوى الجيوش، وأكثرها نشاطًا في الشرق الأوسط، قد فقدت قدرتها الرادعة.

موقف دول المنطقة تم اختباره

في خلال هذه الساعات الخمسة، تمكنّا من رؤية مواقف دول المنطقة في الصراع بين إيران، وإسرائيل، فإذا نظرنا إلى الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية التي تم إسقاطها في أجواء العراق، وسوريا، والأردن، يظهر أن الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسرائيل أكثر قوة من إيران في هذه المناطق.

ومن المعلومات التي وردت، يبدو أنه لم يتم عبور أي صاروخ أو طائرة مسيرة عبر أجواء السعودية ومصر، وهذه المعلومات تحتاج إلى التحقق.

أدركت إيران أنها لم تجد أي دولة مسلمة تؤيدها في المنطقة، باستثناء الحوثيين، وحزب الله.

تم اختبار عزلة إيران ليس فقط بين الدول الغربية، ولكن أيضًا بين الدول الإسلامية خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن.

تركيا: سلوك يؤذي غزة

كانت إحدى القضايا التي تم اختبارها خلال الأزمة هي العلاقات بين إيران، وتركيا، فكان من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتصرف البلدان المعروفان بحساسيتهما تجاه قضية فلسطين في هذه الأزمة الأخيرة.

في اليوم الأول، اختارت تركيا الصمت. بعد ذلك، بدأت المحادثات الدبلوماسية بين وزير الخارجية هاكان فيدان، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين. كانت جميع هذه الجهود تهدف إلى خفض التوتر. ومع ذلك، لم يصدر أي تصريح حول كيفية تقييم هذا الردّ.

اتّصلت بأهم الشخصيات في أنقرة الذين يديرون الأزمة، وسألتهم كيف رأوا الأمر، وإليك ما قالوه بالتفصيل:

رأيناها واحدة من حركات إيران التمثيلية. هذا الحدث زاد قوة إسرائيل، فلقد حصلت على دعم الولايات المتحدة والغرب، وستحصل على مساعدات غير محدودة في المال والتكنولوجيا والأسلحة. كانت حكومة نتنياهو في وضع ضعيف مسبقًا، ولكن بعد هذا الحدث، تمكنت من تعزيز موقعها في السياسة الداخلية والاستمرار في السلطة. صعب جدًا أن نرى وقفًا لإطلاق النار أو سلامًا في غزة. لقد وجدت إسرائيل القوة للمضي قدمًا في ارتكاب المجازر كما تشاء. لقد رأينا أن الدول الإسلامية تفكر بمصالحها، أكثر من أي وقت مضى. هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟

كان أحد الأسئلة التي تم اختبارها خلال هذه الأزمة: ماذا سيحدث إذا قامت إسرائيل بضرب إيران؟ اتخذ مجلس الحرب الإسرائيلي قرارًا بشنّ ضربات على منشآت إيران النووية، ولكنه تأجل بسبب عدم موافقة الولايات المتحدة.

فماذا إذا قاموا بالضرب؟ إسرائيل تدرك أن أي دولة إسلامية لن تقف إلى جانب إيران، وأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستقدمان الدعم لإسرائيل، حتى لو لم يكن ذلك في مصلحتهما، وأن روسيا والصين ليستا متحمستين للانضمام إلى أي جانب في هذه الأزمة. في هذا السياق، ربما تفكر إسرائيل الآن "لماذا لا نضرب؟"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة إیران أنها التی تم

إقرأ أيضاً:

"نيويورك تايمز": ترامب أجج انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه بالنسبة للعديد من الدول المتمسكة بالولايات المتحدة الأمريكية، أكدت تصريحات سابقة للرئيس دونالد ترامب والتي أشار فيها إلى أن بعض من الحلفاء الدوليين للولايات المتحدة " قد لا يصبحون حلفاءنا يوما ما"، استنتاجًا مفاده أنه: لم يعد بالإمكان الوثوق بأمريكا، حتى الدول التي لم تتأثر بشكل مباشر بعد، تستطيع أن ترى إلى أين تتجه الأمور، حيث يهدد ترامب اقتصادات حلفائه وشراكاتهم الدفاعية، وحتى سيادتهم.

وقالت الصحيفة في تحليل لها اليوم الإثنين، ترصد فيه مدى ابتعاد حلفاء واشنطن بعيدا وحجم عدم الثقة في ترامب إنه في الوقت الحالي، يتفاوض الحلفاء لتقليل وطأة الضربة تلو الأخرى، بما في ذلك جولة واسعة من الرسوم الجمركية المتوقعة في أبريل المقبل، غير أنهم في الوقت نفسه يتراجعون، وذلك استعدادا لأن يصبح الترهيب سمة دائمة للعلاقات الأمريكية، فيما تحاول هذه الدول اتباع نهجها الخاص.

ودلل التحليل ببعض الأمثلة على ذلك إذ: أبرمت كندا صفقة بقيمة 4.2 مليار دولار مع أستراليا هذا الشهر لتطوير رادار متطور، وأعلنت أنها تجري محادثات للمشاركة في التعزيزات العسكرية للاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت ذاته تُعيد البرتغال ودول أخرى في حلف الناتو النظر في خطط شراء طائرات إف-35، خشية سيطرة أمريكا على قطع الغيار والبرمجيات، بينما تسارعت وتيرة المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة والتكنولوجيا بين الاتحاد الأوروبي والهند فجأة بعد سنوات من التأخير، في حين لا تعزز البرازيل تجارتها مع الصين فحسب، بل وتجريها بالعملة الصينية، مهمشة بذلك الدولار.

وأضافت الصحيفة أنه في العديد من الدول بما في ذلك بولندا وكوريا الجنوبية وأستراليا أصبحت المناقشات حول بناء أو تأمين الوصول إلى الأسلحة النووية أمرا شائعا.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه كان هناك بالفعل نوع من التباعد عن الولايات المتحدة، حيث أصبحت دول أخرى أكثر ثراء وقدرة وأقل اقتناعا بأن الدور الأمريكي المحوري سيكون دائما. لكن الأشهر القليلة الماضية من عهد ترامب الثاني قد عززت هذه العملية.

ومضت الصحيفة تقول إن التاريخ وعلم النفس يساعدان في تفسير السبب، فقد أفسد انعدام الثقة مرارا وتكرارا المفاوضات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأبقى على توترات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مشتعلة لعقود.

ورأت الصحيفة أن ترامب قد أثار أكثر من مجرد شكوك حذرة، فقد قوبل انعدام ثقته بحلفائه، والذي يتجلى في اعتقاده بأن مكاسب الآخرين خسائر لأمريكا، بالمثل وتمخض ذلك عن دوامة انعدام الثقة.

واستشهدت الصحيفة بما كتبه بول سلوفيك، وهو عالم النفس بجامعة أوريجون، في دراسة رائدة حول المخاطرة والثقة والديمقراطية إذ قال: "الثقة هشة، فهي عادة ما تبنى ببطء، ولكن يمكن تدميرها في لحظة - بحادث أو خطأ واحد".

وأضافت أنه في حالة ترامب، يشير حلفاؤه إلى هجوم مستمر، لافتة إلى أن رسوم ترامب الجمركية على الواردات من المكسيك وكندا -والتي تجاهلت اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية التي وقعها خلال ولايته الأولى- قد أذهلت جيران أمريكا.

وفي السياق ذاته، قالت الصحيفة إن تهديدات الرئيس الأمريكي بجعل كندا ولاية أمريكية وإرسال الجيش الأمريكي إلى المكسيك لملاحقة عصابات المخدرات تدخلات سافرة في السيادة، وهي لا تختلف عن مطالبه بجرينلاند وقناة بنما، مشيرة إلى أن إلقاء اللوم على أوكرانيا في الحرب التي أشعلتها روسيا زاد من نفور الحلفاء.

وأضافت الصحيفة أنه ربما لا توجد دولة أكثر صدمة من كندا، فهي تشترك مع الولايات المتحدة في أكبر حدود غير محمية في العالم، على الرغم من التفاوت الكبير في القوة العسكرية بينهما وذلك لأن الكنديين كانوا يثقون بأمريكا، أما الآن، فقد فقدوا ثقتهم إلى حد كبير.

ونقلت الصحيفة عن مارك كارني، رئيس وزراء كندا، قوله يوم /الخميس/ الماضي إن علاقة بلاده التقليدية بالولايات المتحدة قد "انتهت".

ومن جانبه، قال برايان راثبون، أستاذ الشئون العالمية بجامعة تورنتو: "لقد انتهك ترامب الافتراض الراسخ في السياسة الخارجية الكندية بأن الولايات المتحدة دولة جديرة بالثقة بطبيعتها"، هذا يهدد بشدة المصالح الكندية الأساسية في التجارة والأمن، مما يدفعها إلى البحث عن بدائل.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن أوروبا متقدمة أكثر في هذه النهج، فبعد الانتخابات الأمريكية، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارية مع دول أمريكا الجنوبية لإنشاء واحدة من أكبر المناطق التجارية في العالم وسعى إلى توثيق العلاقات التجارية مع الهند وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية والمكسيك.

كما تُعطي اليابان -الحليف الأكبر لأمريكا في آسيا- أولوية للأسواق الجديدة في دول الجنوب العالمي، حيث تقدم الاقتصادات سريعة النمو، مثل فيتنام، عملاء جدد.

وفي الشأن الدفاعي، قالت الصحيفة إن العديد من شركاء أمريكا يعملون الآن معا دون مشاركة الولايات المتحدة، ويوقعون اتفاقيات وصول متبادلة لقوات بعضهم البعض ويبنون تحالفات جديدة لردع الصين قدر الإمكان، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن خطط لزيادة الإنفاق العسكري، ويشمل ذلك برنامج قروض بقيمة 150 مليار يورو لتمويل الاستثمار الدفاعي، كما يتعاون الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، بشكل متزايد مع دولتين غير عضوين -هما بريطانيا والنرويج- في الدفاع عن أوكرانيا وغيرها من الأولويات الدفاعية الاستراتيجية.

واختتمت الصحيفة الأمريكية تحليلها لتنسب إلى الخبراء قولهم " إن الأمر سيستغرق سنوات وسلسلة من جهود بناء الثقة المكلفة لجمع أمريكا مع حلفائها الجدد والقدامى، على المدى الطويل ".

وقالت ديبورا ويلش لارسون، وهي عالمة السياسة في جامعة كاليفورنيا، والتي ألفت كتابً عن دور انعدام الثقة خلال الحرب الباردة: "من الصعب بناء الثقة ومن السهل فقدانها".

وأضافت: "إن انعدام الثقة في نوايا الولايات المتحدة ودوافعها يتزايد يوما بعد يوم".

مقالات مشابهة

  • NYT: كيف عزّز ترامب انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا؟
  • أوروبا تتأهب لرسوم ترامب الجمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة
  • "نيويورك تايمز": ترامب أجج انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا
  • إيران: حسب معلوماتنا فإن الولايات المتحدة تسلمت ردنا واطلعت عليه
  • عاجل | المرشد الإيراني: الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يهددان بمهاجمة إيران لكنهما سيتلقيان ردا قويا
  • إسرائيل تستعد لسيناريوهات الحرب الأمريكية الإيرانية
  • “العملاق الصامت” يخيف الولايات المتحدة!
  • ترامب: الولايات المتحدة بحاجة إلى غرينلاند
  • جنوب السودان على حافة حرب أهلية.. كيف تطورت الأزمة بين سلفاكير ومشار؟
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة