أستاذ قانون دولي: السلام الدائم لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أكّد الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية، أن القانون الدولي يمثل السبيل الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وعلى المستوي العالمي، في ظل التوترات المتصاعدة التي يشهدها العالم، شريطة التزام جميع الأطراف بمبادئه وقواعده وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بحسن نية.
وقال «مهران» لـ«الوطن»، إنَّ انتهاك قواعد القانون الدولي عبر اللجوء للقوة أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى أو احتلال أراضيها، يُعد عملاً غير مشروع يرتب المسؤولية الدولية، ويستوجب اتخاذ تدابير جماعية من قبل الأمم المتحدة لإعادة السلم والأمن لنصابهما.
واعتبر مهران أنَّ إحلال السلام الشامل والدائم في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال بكل أشكاله، والتسوية العادلة للقضايا المطروحة علي الساحة، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومرجعيات عملية السلام.
ولفت الخبير الدولي إلى أنَّ الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يمنح مجلس الأمن سلطات واسعة للتعامل مع حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، من خلال اتخاذ تدابير مؤقتة أو فرض عقوبات اقتصادية وسياسية، وصولاً لاستخدام القوة المسلحة كملاذ أخير لردع الدول المعتدية.
وعن القضية الفلسطينية، أكّد مهران أنَّ حل الصراع يكمن في تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتي تؤكّد عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة وطالبت إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها، واخرها قرار وقف إطلاق النار.
كما أشار إلى أهمية الالتزام بحل الدولتين استناداً لحدود 1967 مع تأكيد عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة باعتباره انتهاكاً صارخاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وهذا ما أكّدته أيضا قرارات الشرعية الدولية.
إجبار الاحتلال على الامتثال لأحكام القانونوشدد على ضرورة احترام حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في دعم الحقوق الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.
وأشار إلى أنَّ المادة الأولى المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 تلزم الأطراف السامية المتعاقدة باحترام الاتفاقيات وكفالة احترامها في جميع الأحوال، وهو ما يفرض عليهم اتخاذ تدابير لإجبار جيش الاحتلال على الامتثال لأحكام القانون الدولي.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: القانون الدولي الشرق الأوسط ميثاق الأمم المتحدة مجلس الأمن القانون الدولی
إقرأ أيضاً:
كيف تنتهك الاقتحامات الاستيطانية للأقصى القانون الدولي؟
القدس المحتلة – تتصاعد اقتحامات جماعات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك خلال فترة الأعياد اليهودية، وتأخذ خلال "عيد الفصح" العبري، الذي يصادف هذا الأسبوع، أبعادا خطيرة، وتعبر عن تحولات غير مسبوقة.
تبلغ مساحة المسجد الأقصى 144 دونما (144 ألف متر مربع)، ويضم بين جنباته قبة الصخرة والمسجد القِبْلي والمصلى المرواني ومصلى باب الرحمة، إلى جانب نحو 200 معلم آخر.
نستعرض من خلال هذه القراءة الانتهاكات القانونية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى في مقابلة خاصة مع المحامي خالد زبارقة المختص بشؤون القدس والمسجد الأقصى.
ويقول خالد زبارقة إن هذه الاقتحامات شبه اليومية والأفعال والممارسات الإسرائيلية لا تشكل فقط انتهاكا لحرمة المكان المقدس، بل تمثل أيضا خرقا للقانون الدولي الذي يلزم القوة القائمة بالاحتلال بالحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة. فإلى نص الحوار:
عند الحديث عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس، وكذلك عن منظمات الهيكل وجماعات المستوطنين، من المهم التأكيد على أن المسجد الأقصى يقع تحت الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق، يوضح المحامي زبارقة أن إسرائيل لا تملك أية سيادة على الأقصى أو على المقدسات الإسلامية والمسيحية والعربية في مدينة القدس.
ويؤكد زبارقة أن الوجود الإسرائيلي في المسجد الأقصى هو وجود احتلالي وغير شرعي، وينتهك بشكل واضح المواثيق والقوانين الدولية التي تُجمع على أن شرقي القدس، بما في ذلك البلدة القديمة والمسجد الأقصى وجميع المقدسات، تُعد مناطق محتلة من قبل إسرائيل.
ويقول إن القانون الدولي لا يعترف بأية سيادة أو شرعية للحضور الإسرائيلي في القدس، ويعتبر الوجود الإسرائيلي في باحات المسجد الأقصى احتلالا لا يستند إلى أي أساس قانوني.
إعلانكما يشدد على أن إسرائيل تتحمل كاملة المسؤولية القانونية عن الانتهاكات باعتبارها قوة احتلال لا تملك السيادة على المدينة المقدسة، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ما المخالفات التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية تجاه الوضع القانوني للأقصى؟يعتبر اقتحام المستوطنين باحات الأقصى من الناحية القانونية، خاصة خلال الأعياد اليهودية، استفزازا متعمدا لمشاعر المسلمين واعتداء على قدسية المكان، إذ تترافق هذه الاقتحامات مع إجراءات أمنية مشددة تفرض على الفلسطينيين، تشمل تقييد الدخول والتفتيش، وأحيانا الاعتداء والاعتقال والإبعاد، في انتهاك لحرية العبادة ولحقوق الإنسان الأساسية.
كل ما يصدر عن الاحتلال الإسرائيلي، سواء من ممارسات المستوطنين أو من ما تُعرف بـ"منظمات الهيكل"، يُعد اعتداء وانتهاكا صريحا للقانون الدولي. كما يشكل هذا السلوك تعديا على حقوق وصلاحيات الجهة الوحيدة المخولة بإدارة المسجد الأقصى والمقدسات، وهي دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
تستمد هذه الدائرة شرعيتها وصلاحياتها من المملكة الأردنية الهاشمية، التي تعد صاحبة الولاية والوصاية على المسجد الأقصى، بإشراف مباشر من الملك عبد الله الثاني. وتعكس هذه الوصاية استمرارية الدور الهاشمي في رعاية الأقصى والمقدسات منذ بدايات القرن التاسع عشر، وهو أمر معترف به قانونيًا ومقبول على المستوى الدولي.
ما هدف الاحتلال والجماعات الاستيطانية من هذه الاعتداءات والانتهاكات؟منذ احتلالها لشرقي القدس عام 1967، تسعى إسرائيل بشكل مستمر إلى تغيير الوضع القائم في البلدة القديمة وفي ساحات المسجد الأقصى.
ويؤكد المحامي الفلسطيني زبارقة أن لا أحد يسعى لتغيير هذا الوضع سوى الاحتلال الإسرائيلي، في حين أن الوضع القائم معترف به دوليا وأمميا، ويقر بأن المسجد الأقصى هو مكان مقدس خاص بالمسلمين، ولا توجد لليهود أي صلة دينية به.
إعلانويشدد زبارقة على أن جميع الممارسات الإسرائيلية في الأقصى تعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي، سواء من حيث احتلال المدينة والمقدسات، أو من حيث استمرار السيطرة على القدس، مما يصنف جريمة حرب، وفقا للمواثيق والقوانين الدولية.
كيف تنتهك إسرائيل الوضع القائم؟
يؤكد المحامي زبارقة أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تبذل كل ما في وسعها لتغيير الوضع القائم في القدس والمسجد الأقصى، وانتهاك الوصاية الأردنية الهاشمية والمساس بها.
تحظى الوصاية الهاشمية على الأقصى والمقدسات بالقدس باعتراف دولي، وتستند إلى اتفاقيات ومعاهدات رسمية، وأبرزها اتفاق وادي عربا منذ العام 1994. وأي مساس بهذه الوصاية أو تجاوز لها من قبل السلطات الإسرائيلية يُعد انتهاكا للشرعية الدولية ولقواعد القانون الدولي الإنساني.
ويظهر الانتهاك جليا في سلوك سلطات الاحتلال، التي تسابق الزمن لفرض واقع تهويدي في المسجد الأقصى، وواقع استيطاني ذي طابع توراتي في البلدة القديمة بالقدس. فمنذ احتلال المدينة المقدسة، تعمل المؤسسة الإسرائيلية على تنفيذ مخطط لبناء ما يسمى بـ"الهيكل" المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
لم تتردد شخصيات قيادية إسرائيلية، سواء من المسؤولين الحكوميين أو الحاخامات أو جماعات "الهيكل"، في التصريح العلني بدعمها لهذا المخطط والدفع نحو تنفيذه.
ويضيف زبارقة أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى، ومخطط استهدافه من خلال السعي لبناء "الهيكل"، قد انتقلت، وخاصة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، من مجرد تصريحات إلى مستوى الأفعال الرسمية، سواء من قبل الحكومة الإسرائيلية أو عبر الأذرع الاستيطانية والمؤسسات الدينية غير الرسمية.
ويشدد زبارقة على أن هذه الممارسات تعد مساسا مباشرا بحقوق المسلمين في المسجد الأقصى، وانتهاكا لوصاية دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن، وهي الجهة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد.
إن هذه الاقتحامات، خاصة خلال الأعياد والمناسبات الدينية اليهودية، لم تعد مجرد زيارات فردية أو دينية، بل تحولت إلى أدوات سياسية تهدف إلى فرض واقع جديد في المسجد الأقصى، ولتكريس تقسيمه زمنيا ومكانيا، الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على الوضع القائم ويهدد بتصعيد خطير في المنطقة، وبالتالي فرض واقع جديد بالأقصى من خلال بناء كنيس تمهيدا لإقامة "الهيكل" المزعوم.
إسرائيل في هذه الفترة تسعى إلى فرض واقع تهويدي وديني توراتي بالأقصى، يقول زبارقة، وهذا ما تسعى إليه الاقتحامات الجماعية خلال عيد الفصح العبري، والشعائر التلمودية التوراتية التي قامت بها المجموعات اليهودية والمستوطنون في ساحات الأقصى بشكل علني وموثق وبحماية شرطة الاحتلال التي أجازت ذلك.
هذه الإجراءات والسياسات الإسرائيلية ليست فقط غير قانونية، بل تشكل انتهاكا ممنهجا للمواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وقرارات مجلس الأمن، التي تقر بأن شرقي القدس، بما فيها المسجد الأقصى، تقع تحت الاحتلال، ولا يجوز تغيير معالمها أو المساس بوضعها القانوني والديني.