«درونز إيران» لدى جيش السودان
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أين حلقت «مُسيرات إيران» في السودان؟ وبأي مواقع استخدمها الجيش ضد قوات «الدعم السريع»؟ وهل كان لها تأثير على توازنات القوة على الأرض؟
استفهامات عديدة تطرح نفسها في ظل تأكيد مصدر رفيع بالجيش السوداني لرويترز، أن طائرات مسيرة إيرانية الصنع تساعده على تحويل دفة الصراع ووقف تقدم قوات الدعم السريع واستعادة أراضٍ حول العاصمة.
ونفى المسؤول العسكري الذي طلب من الوكالة عدم كشف هويته بسبب حساسية المعلومات، أن تكون تلك المسيرات جاءت مباشرة من طهران، مضيفا أن الجيش طور أيضا مسيرات إيرانية أنتجت سابقا ضمن برامج عسكرية مشتركة.
وردا على سؤال عن الطائرات المسيرة الإيرانية، قال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وهو حليف للجيش وزار إيران العام الماضي، لرويترز “لم يحصل السودان على أي سلاح من إيران”.
ولم ترد إدارة الإعلام بالجيش ولا وزارة الخارجية الإيرانية على طلبين للتعقيب.
وفي وقت نفى فيه السودان أن تكون طهران قد زودته بالطائرات المسيرة بشكل مباشر، يعتقد مراقبون أنه غالبا ما لا تصدر توضيحات رسمية في حالات مماثلة، خصوصا عند الأزمات والحروب، حيث يظل أي «تعاون» مهما كان عنوانه سريا.
واستنادا لمصادر عسكرية سودانية، ترصد «العين الإخبارية» مسار «درونز إيران»، لتتعقب خارطة انتشار الطائرات المسيرة التي يعتقد خبراء أنها قد تشكل نقطة تحول بالحرب المستعرة منذ أكثر من عام.
أم درمان
وتقول المصادر إن الجيش السوداني استخدم في 12 مارس/آذار الماضي، «المسيرات الإيرانية» لإعادة السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون، بحي الملازمين بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم.
كما استخدمها الجيش أيضا لانتزاع كامل أحياء مدينة أم درمان القديمة من قبضة قوات «الدعم السريع»، وأيضا في 27 مارس/آذار الماضي لاستعادة كوبري (جسر) «ود البشير» بمدينة أم درمان.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل استخدمها أيضا للسيطرة على ملعبي «الهلال» و«المريخ» الرياضيين بمدينة أم درمان غربي الخرطوم.
وحينها، نشرت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي توضح انتشارها داخل الملاعب الرياضية عقب السيطرة عليها.
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن الجيش استخدم المسيرات -كذلك- لمنع سقوط «سلاح الإشارة» وسط مدينة أم درمان، إثر الهجمات المتكررة لقوات «الدعم السريع»، منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023.
والمسيرات كان لها أيضا حضور في منطقة «كرري» العسكرية، شمالي مدينة أم درمان، والتي ظلت منذ اندلاع الحرب منطقة عمليات كبيرة، إلا أنها باتت الآن تحت سيطرة الجيش.
وفي 17 فبراير/شباط الماضي، أعلن الجيش أن قواته تحركت من منطقة «كرري» العسكرية، وتمكنت من الوصول إلى منطقة سلاح المهندسين، وأدخلت إمدادات غذائية وعسكرية إلى القوات الموجودة هناك، للمرة الأولى منذ 10 شهور.
أيضا، استخدم الجيش الطائرات المسيرة لوقف زحف قوات «الدعم السريع» إلى قاعدة «وادي سيدنا» العسكرية شمالي مدينة أم درمان.
و«وادي سيدنا» الجوية هي قاعدة عسكرية تتبع للجيش السوداني، تبعد عن العاصمة الخرطوم نحو 22 كيلومترا.
أما مطار «وادي سيدنا» فيقع ضمن قاعدة وادي سيدنا العسكرية الواقعة شمال أم درمان، والتي تعد أكبر القواعد العسكرية للجيش السوداني، ويعد من أقدم المطارات العسكرية بالسودان وأنشئ في عام 1967 أثناء حرب النكبة بين العرب وإسرائيل.
مدينة بحري
ولم يقتصر دور المسيرات على أم درمان فقط، بل سجلت حضورها أيضا بمدينة بحري شمالي الخرطوم، هناك حيث استخدمها الجيش لمنع الهجمات المتكررة لقوات «الدعم السريع»، على «سلاح الإشارة»، وفق المصادر.
كما استخدمها أيضا شمالي المدينة وخاصة في منطقة الكدرو، إضافة إلى أنه يخطط لاستلام مصفاة «الجيلي» شمالي المنطقة التي ظلت تحت قبضة قوات “الدعم السريع” منذ اندلاع الحرب.
الخرطوم
وفي عمق العاصمة السودانية أيضا كان لـ«المسيرات الإيرانية» انتشار أيضا، حيث استخدمت لوقف زحف قوات «الدعم السريع» إلى قلب «سلاح المدرعات» جنوبي الخرطوم ولقصف تجمعاته في أحياء جنوبي المدينة.
وبحسب المصادر العسكرية، استخدم الجيش بكثافة الطائرات المسيرة في محيط مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، تفاديا لاقتحامها من عناصر «الدعم السريع»، التي ظلت تحاصر الموقع من عدة محاور منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وعلى الجانب الآخر، قالت مصادر عسكرية لـ«العين الإخبارية»، إن قوات الدعم السريع، حسمت بالطائرات المسيرة معارك مجمع «اليرموك» للتصنيع الحربي بالخرطوم، ومقر الاحتياطي المركزي التابع للشرطة السودانية جنوبي العاصمة.
مصدر وحيد؟
وكالة «بلومبرغ» قالت في يناير/كانون الثاني الماضي إن “إيران تدعم الجيش السوداني بطائرات مسيرة”، مشيرة إلى أن “الخرطوم تلقت شحنات من «مهاجر 6» وهي طائرة مسيرة مزودة بمحرك واحد، مصنعة من قبل شركة القدس للصناعات الجوية وتحمل ذخائر موجهة بدقة.
وتستخدم طائرات «مهاجر- 6» في الضربات الاستطلاعية وهي مجهزة بأربعة صواريخ موجهة بالليزر يبلغ وزنها الإجمالي 600 كيلوغرام كحد أقصى عند الإقلاع، وتكون هجماتها موجهة بشكل خاص ضد العربات المدرعة أو مستودعات الأسلحة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن القوات المسلحة السودانية بدأت في استخدام الطائرات بدون طيار في الأشهر القليلة الماضية في حربها ضد قوات الدعم السريع.
ورغم أن السودان نفى أن تكون طهران قد زودته بالطائرات المسيرة بشكل مباشر، فإن الجيش السوداني قال إنه بدأ في استخدام طائرات بدون طيار إيرانية الصنع للمساعدة في استعادة الأراضي وقلب مجرى الحرب.
وتستخدم المسيرات الإيرانية على نطاق واسع من قبل الجيوش والمليشيات في دول كثيرة.
واستخدم الجيش السوداني بعض الطائرات المسيرة القديمة في الأشهر الأولى من الصراع، لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر ضد مقاتلي قوات الدعم السريع المتمركزين في أحياء الخرطوم المكتظة بالسكان.
وبدأت النماذج الجديدة الأكثر فاعلية العمل من قاعدة وادي سيدنا التابعة للجيش شمال الخرطوم، اعتبارًا من يناير/كانون الثاني، وفقًا لشهود عيان في المنطقة.
وقال محمد عثمان (59 عاماً)، وهو من سكان مدينة أم درمان: «خلال الأسابيع الأخيرة، بدأ الجيش في استخدام طائرات مسيرة بالغة الدقة في العمليات العسكرية، مما أجبر قوات الدعم السريع على الفرار من العديد من المناطق وسمح للجيش بنشر قوات على الأرض».
وقال شاهدا عيان إن نجاح الجيش في أم درمان سمح له اعتبارا من فبراير/شباط المنقضي بمواصلة هجمات مماثلة باستخدام الطائرات بدون طيار والمدفعية والقوات في بحري شمال الخرطوم لمحاولة السيطرة على مصفاة الجيلي الرئيسية لتكرير النفط.
«رحلات من إيران»
ويقول أمين مزجوب، وهو جنرال سوداني سابق، إن “السودان صنع أسلحة في السابق بمساعدة إيران، وأعاد استخدام الطائرات المسيرة التي كانت بحوزته بالفعل لجعلها أكثر فاعلية خلال الحرب”.
ولم يعلق مزجوب تحديدا على مصدر الطائرات بدون طيار التي استخدمت مؤخرا في القتال.
إلا أن مصدرا إقليميا مقربا من رجال الدين في إيران قال إن “عمليات نقل لطائرات «مهاجر» و«أبابيل» الإيرانية المسيرة إلى السودان جرت عدة مرات منذ أواخر العام الماضي بواسطة شركة «قشم فارس» الجوية الإيرانية. ويتم تصنيع مسيرات مهاجر وأبابيل من قبل شركات تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإيرانية”.
وتظهر سجلات تتبع الرحلات الجوية التي جمعها «ويم زوينينبورج» من منظمة السلام الهولندية باكس والتي قدمت لـ«رويترز»، قيام طائرة شحن من طراز بوينغ 747-200 تشغلها شركة «قشم فارس» للطيران بست رحلات من إيران إلى بورتسودان.
وبورتسودان، قاعدة مهمة للجيش منذ سيطرة قوات الدعم السريع على مواقع استراتيجية في الخرطوم في الأيام الأولى للحرب، بين ديسمبر/كانون الأول 2023 ويناير/كانون الثاني 2024.
الأمر نفسه، أشارت إليه قوات «الدعم السريع» التي قالت إن الجيش يتلقى شحنتين أسبوعيا من إيران تضم طائرات مسيرة وأسلحة أخرى من إيران، مؤكدة أن معلومات استخباراتية أظهرت تسليم طائرات إيرانية مسيرة من طراز «مهاجر 4» و«مهاجر 6» و«أبابيل» إلى بورتسودان.
العين الاخبارية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الطائرات المسیرة منذ اندلاع الحرب طائرات بدون طیار الجیش السودانی مدینة أم درمان طائرات مسیرة وادی سیدنا إن الجیش من إیران
إقرأ أيضاً:
تقرير أممي يوثق انتهاكات واسعة النطاق بحق آلاف المحتجزين من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم
الأمم المتحدة: أكد تقرير أممي انتشار نمط من الاحتجاز التعسفي، والتعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين، والظروف اللاإنسانية لمرافق الاحتجاز من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم، وهو ما يعكس مُمارسات تم توثيقها في مناطق أخرى متأثرة بالنزاع في السودان.
في تقرير نشر اليوم الخميس، قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنه منذ اندلاع الصراع تم احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم النساء والأطفال، دون تُهم في مرافق "مزرية ومكتظة"، مع اتصال محدود أو حتى بدون اتصال بعائلاتهم.
وفي هذا السياق، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "يجب ألّا يحرم أي فرد من حريته دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولا أن يتم إخضاعه تحت أي ظرف للتعذيب أو غير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
يستند التقرير، الذي يغطي الفترة من بداية الصراع 15 في نيسان/أبريل 2023 حتى حزيران/يونيو 2024، إلى 34 مقابلة مع محتجزين سابقين، وشهود وأفراد من العائلات، رووا تجاربهم للمفوضية.
وقدّم محتجزون سابقون روايات موثوقة عن حالات مروعة من التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك الضرب المبرح والمتكرر في مرافق الاحتجاز. كما قاموا بوصف الظروف المزرية في مرافق الاحتجاز المزدحمة بشكل شديد، ومحدودية الوصول إلى خدمات الصرف الصحي فيها، وعدم كفاية الغذاء والماء.
وقالوا إن العديد من المعتقلين توفوا رهن الاحتجاز بسبب نقص العلاج في مرافق قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.
يوثق التقرير أيضا استخدام أطفال لم يتجاوزوا الرابعة عشرة من العمر من قبل قوات الدعم السريع للعمل كحُراس، لا سيما في سجن سوبا، واحتجاز أطفال لا تتعدى أعمارهم 13 عاما مع أشخاص بالغين. كما تم الإبلاغ عن حالات عنف واستغلال جنسي لمحتجزات في مرفقين للاحتجاز تسيطر عليهما قوات الدعم السريع.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد المعتقلون السابقون بوجود معاملة تمييزية على أساس العرق والانتماء المُفترض للطرف المعارض في النزاع، حيث ورد أن أفرادا من قبائل أفريقية تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة بشكل متكرر في مرافق قوات الدعم السريع.
بينما زُعم أن أشخاصا من دارفور وكردفان، بمن فيهم من ينتمون إلى قبائل عربية، تم التمييز ضدهم وتعريضهم للاحتجاز في مرافق القوات المسلحة السودانية على أساس عرقي وبناء على انتمائهم المفترض إلى قوات الدعم السريع.
وفي حين يُركز التقرير على الممارسات في مرافق الاحتجاز في ولاية الخرطوم، فقد وثقت مفوضية حقوق الإنسان أنماطا مماثلة في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك إقليم دارفور وولاية الجزيرة.
وفي الأشهر الأخيرة، ومع استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على مناطق معينة، تلقى المكتب تقارير موثوقة عن قيام قوات الدعم السريع بنقل المعتقلين من أماكن الاحتجاز المذكورة في التقرير إلى مواقع أخرى. وقال المفوض السامي إن هذه الممارسات "تثير قلقا عميقا، وتزيد من مخاطر انتهاك المعايير والقواعد الدولية لحقوق الإنسان، وتقوض الإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون".
وحثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أطراف النزاع على التوقف فورا عن ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة، وتحسين ظروف الاحتجاز، وتسهيل الوصول إلى العدالة.
خطر تفاقم الصراع وتفتيت البلاد
من جانبه، أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه البالغ إزاء توقيع ميثاق لإنشاء سلطة حاكمة موازية في السودان، وأكد أن مثل هذه الإجراءات "تهدد بتفاقم الصراع الدائر في السودان، وتفتيت البلاد، وتأزم الوضع الإنساني المتردي بالفعل".
وأكد أعضاء مجلس الأمن في بيان لهم التزامهم القوي بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، مشددين على أن أي خطوات أحادية الجانب من شأنها أن تقوض هذه المبادئ "تهدد استقرار السودان والمنطقة على نطاق أوسع".
ودعوا أطراف النزاع إلى السعي إلى وقف فوري للأعمال العدائية والانخراط بحسن نية في الحوار السياسي والجهود الدبلوماسية نحو وقف إطلاق نار دائم.
كما رحب أعضاء المجلس بدعوة الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إعلان وقف إطلاق النار بشكل عاجل خلال شهر رمضان، وجددوا دعوتهم لجميع الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها المنصوص عليها في إعلان جدة.
وأكدوا على أهمية إجراء حوار وطني حقيقي وشامل وشفاف يؤدي إلى حكومة وطنية حرة ونزيهة ومنتخبة ديمقراطيا، بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية، "لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر، بما يتفق تماما مع مبادئ الملكية الوطنية".
وحث مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي "الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار"، ودعم الجهود المبذولة من أجل السلام الدائم، والالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.