لجريدة عمان:
2025-01-31@12:52:23 GMT

عجائب الأوطان البديلة في الكون

تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT

عجائب الأوطان البديلة في الكون

هناك سؤال وجودي لا يفتأ يترك عقل البشرية منذ آلاف السنين، لكننا ربما -في المستقبل القريب- قد نكون على وشك الإجابة عليه، وهو، هل الأرض هي الواحة الوحيدة الفريدة في هذا الكون التي اختصها الله بالحياة عليه؟ أم أن الحياة هي أمر شائع ومنتشر في الكون كانتشار النجوم والسدم والمجرات؟ وللإجابة على هذا السؤال كان لنا في البداية أن نجيب على سلسلة طويلة من الأسئلة الوجودية التي تتعلق بأصل الحياة ومنشأها ومنتهاها وظروف احتضانها.

وبعد أن تطور علم الفلك وعلوم الأحياء والكيمياء وغيرها، استنتج البشر أن الحياة لا يمكن أن تكون موجودة في الكون -تقريبا- إلا على واحات نسميها بالكواكب، أو أقمار هذه الكواكب، لكن كان هناك جدل كبير حول الحد الأدنى من الشروط التي يجب أن تكون متوفرة في الكواكب التي نبحث عنها حتى يمكن القول أنها ملائمة لاحتضان الحياة من عدمها، وبعض العلماء -لنقل المتساهلين- قالوا إن عدد هذه الشروط لا يتجاوز العشرات، وتشمل الأساسيات كحجم الكوكب ومقدار الحرارة التي تصله من نجمه ومجاله المغناطيسي وغيره، ويعللون ذلك أن الحياة معقدة جدا وتستطيع التأقلم مع الكثير من الظروف القاسية التي قد نجدها حتى هنا على الأرض، فيمكنك العثور على بعض أنواع الكائنات التي تعيش بالقرب من النوافير الحارة، والبحيرات الكبريتية، والصحاري القاحلة الجافة أو المتجمدة.

لكن هناك فريق أكثر صرامة من العلماء يقول بأن الحياة لا يمكن أبدا أن تنشأ إلا بوجود المئات من الشروط المحددة بشكل دقيق كتلك التي تتمتع بها الأرض، سواء كان في ذاتها أو في محيطها، ويشمل ذلك طبيعة الشمس ونوعها والكواكب التي تدور حولها وغيره، أي أن الحياة الفريدة على الأرض يصعب أن تتوفر في كواكب أخرى لكثرة العوامل المطلوبة لوجودها، يكفي أن نتصور أن هذا الفريق من العلماء يقول إن الأرض اعتمدت في تاريخها بشكل كبير على كوكب المشتري العملاق في صدّه لكثير من الكويكبات والمذنبات التي كان يمكن أن تكون في طريقها للاصطدام بها، وتدمير الحياة عليها بشكل متواصل كما حدث للديناصورات قبل 65 مليون سنة تقريبا، لذلك يجب للكواكب التي تحتضن الحياة أن تتمتع أيضا بحماية كوكب عملاق يرافقها في نظامها النجمي يصد عنها هذه المخاطر.

لكن قبل ذلك كله، وحتى قبل 30 عاما تقريبا، كان هناك سؤال آخر، وهو، هل الكواكب منتشرة في الكون أم أنها ظاهرة فريدة تتعلق بنظامنا الشمسي؟ لأن العلماء كانوا لا يعرفون عن أي كوكب آخر سوى تلك الثمانية التي نعرفها جميعا وتدور حول شمسنا، والسبب في ذلك أن الكواكب لا تبعث ضوءا من ذاتها وإنما تعكس فقط جزءا بسيطا من الضوء الذي يصلها من نجمها الذي تدور حوله، لذلك هي تختفي خلف ذلك الوهج الساطع للنجم الذي تدور حوله، فكان يجب البحث عن حيلة مناسبة لاكتشاف هذه الكواكب.

وللتبسيط، تخيل أنك ترى عمود إنارة بعيد وهناك حشرة صغيرة تطير حوله، سيكون من المستحيل تقريبا اكتشاف وجود تلك الحشرة، لكن الحيلة الأشهر التي طبقها علماء الفلك لهذا الغرض هي مراقبة ضوء النجوم البعيدة بشكل مستمر وبكاميرات حساسة للغاية، ومراقبة ما إذا كان هناك أي خفوت متكرر للضوء الصادر منها باتجاهنا، والذي ينتج عن مرور كوكب أمام هذا النجم بالنسبة لمنظورنا من الأرض، وهذا الخفوت في أحيان كثيرة لا يتعدى 1% من كمية الضوء التي تصل إلينا من ذلك النجم.

هذه الحيلة وغيرها من الطرق، كالتي تسمى بعدسات الجاذبية، ومراقبة توقيت النجوم النابضة، وكذلك تأرجح النجوم، كشفت عن وجود عدد هائل من الكواكب خلال الثلاثين سنة الماضية، وهو أمر كان مفاجئا، فقد انفتحت لنا نافذة واسعة لعوالم أخرى لم نكن نتصور بوجودها أصلا، ويصل عدد الكواكب المكتشفة في اللحظة التي نكتب فيها هذا المقال إلى أكثر من 10 آلاف كوكب. ولذلك، تقول بعض الدراسات إن هذه الاكتشافات تشير إلى أن مجرتنا لوحدها فيها ما لا يقل عن 100 مليار كوكب، أي على الأقل كوكب واحد لكل نجم.

ورغم أننا لا نملك ولا صورة واحدة واضحة لمعالم تلك الكواكب، لكن بحسب القوانين الفيزيائية والخصائص التي اكتشفناها عنها عرفنا بشكل عام كيف تبدو. وهنا دعنا نحكي بعض قصص تلك الكواكب الغريبة. فأحدها يدور حول نجمين، والآخر حول ثلاثة، وغيرها يدور حول أربعة نجوم، أي تصور أنك عندما تمشي في نهار هذا الكوكب سترى في السماء أكثر من شمس في الوقت نفسه بدلا من شمس واحدة، وهو مشهد لم يتصوره البشر إلا في فيلم الخيال العلمي «حرب النجوم» في سبعينيات القرن الماضي ليفاجئوا بأنه حقيقي وموجود في الكون.

أما الكوكب الآخر فربما هو الذي سيفضله محبو النفائس، فبحسب تحليل الطيف الذي يمتصه من نجمه عند مروره أمامه، اتضح أن مكونه الأساسي هو الكربون، وبسبب قربه من نجمه بشكل كبير فهو يتعرض لحرارة شديدة، ومع الضغط الناتج عن كتلة الكوكب على باطنه، فالعلماء يقولون أن ثلث كربون هذا الكوكب تحول إلى ألماس! تصور، كمية ألماس ربما تعادل كتلة كوكب الأرض كله، ولكن للأسف، إذا فكرنا في تعدينه، يجب أن نعلم أنه يبعد عنا مسافة 40 سنة ضوئية، وبالكيلومتر تعادل المسافة الرقم 378 وعلى يمينه 12 صفر !

واختلاف مشارب الكواكب لا يتوقف على سمائها ومكوناتها، وإنما أيضا على طريقة سير الأيام والسنين عليها، فهناك كوكب يكمل دورة كاملة حول نجمه فيما يعادل 10 ساعات، أي أن هذا هو طول السنة عليه.

وعند البحث عن المكون الأساسي والأهم للحياة في الكون كله، الماء، فهناك بعض الكواكب التي يوجد فيها الماء بشكل أوفر حتى عن الأرض، فقد وجد العلماء أدلة في بيانات أحد الكواكب تشير إلى أن سطحه على الأغلب مغطى بالكامل بالمحيطات، فتصور كيف شكل هذه المحيطات، وما هو المناخ الذي يسيطر على كوكب رطب كهذا، وما هي الكائنات التي قد تكون موجودة في أعماق هذه المحيطات الهائلة التي إن بدأت بالإبحار عليها فإنه سيتمثل فيك فعلا الوصف القائل أنك أبدا لا ترسو على بر!

والكوكب الآخر المثير للاهتمام هو ما يسمى بالكوكب المظلم، حيث إن سطح هذا الكوكب يتشكل من مادة لا يزال يدور حولها نقاش علمي حول طبيعتها، وهي تجعله داكنًا جدًا ولا يعكس سوى أقل من 1% مما يصله من ضوء نجمه الذي يدور حوله.

هذه الكواكب وغيرها مئات المليارات التي لا نعرف عنها شيء حتى الآن تجعلك قبل كل شيء تسرح حول مكنونات هذا الكون واحتمالات وجود كائنات فيه، وتفكر فعليا في أن جوابي السؤال «هل نحن لوحدنا؟» كلاهما مخيف -كما يقول أحدهم- وتتصور أنك لو أعطيت قدرة للتجول في هذا الكون فإن المشاهد ستكون غير منتهية وغير منقطعة، وصدق قول ربنا تعالى «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ» صدق الله العظيم

عيسى سالم آل الشيخ ، مؤسس مبادرة ناسا بالعربية، عضو مجلس إدارة الجمعية الفلكية العمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الحیاة فی الکون یدور حول من نجمه

إقرأ أيضاً:

التضامن: نولي اهتماما بملف الرعاية الوالدية البديلة

نظمت جمعية "سند للرعاية الوالدية البديلة"، المؤتمر الإقليميى للرعاية البديلة بعنوان "دور أهداف التنمية المستدامة في حماية وتمكين فاقدى الرعاية الوالدية" .

ناقش المؤتمر أربعة محاور رئيسية:  المحور الأول يتضمن الحماية الاجتماعية للأطفال والشباب في الرعاية البديلة والرعاية اللاحقة، فيما يركز المحور الثاني على التمكين الاجتماعي والاقتصادي لخريجي دور الرعاية، ويتناول المحور الثالث استدامة جودة الرعاية البديلة من خلال عقد الشراكات المبتكرة، وأخيرًا يناقش المحور الرابع كيفية بناء مؤسسات قوية معاصرة في مجال الرعاية البديلة.

أكد أيمن عبد الموجود، الوكيل الدائم لوزارة التضامن الاجتماعي لشئون مؤسسات المجتمع الأهلي، أن الوزارة تولي اهتماما لملف الرعاية الوالدية البديلة، وتعمل بما يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وحقوق الإنسان، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واستراتيجية التنمية المستدامة 2030، موضحا أنه أثناء المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان فى مصر أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي أبرزت الوزارة دور مصر في ملف الأيتام والتحول إلى دور الرعاية للأسر البديلة.


وبدورها قالت عزة عبد الحميد، المؤسس ورئيس مجلس إدارة  "سند": "ترجع أهمية عقد هذا المؤتمر إلى زيادة أعداد الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية في الوطن العربي وعلى المستوى العالمي، حيث يوجد أكثر من 220 مليون طفل - واحد من كل عشرة أطفال – في العالم يعيشون بدون رعاية والدية أو معرضون لخطر فقدانها للدخول في نظام الرعاية البديلة، ومن هنا تأتي أهمية تضافر جهود الحكومات، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص لتوفير بيئة داعمة تُعزز من تمكين هؤلاء الأطفال والشباب اجتماعيًا واقتصاديًا ودمجهم في المجتمع".


وتابعت: "بالرغم من ارتباط أهداف التنمية المستدامة بقضية الأطفال والشباب فاقدي الرعاية الوالدية، إلا أنه توجد العديد من التحديات التي تمنع دمج هذه القضية ضمن أهداف التنمية المستدامة".


أكدت على ضرورة ربط قضية فاقدي الرعاية الوالدية بشكل مباشر بمؤشرات التنمية المستدامة لجذب الإنتباه والتمويل، مشيرة إلى ضرورة خلق الحوافز للقطاع الخاص وتشجيعهم لدعم برامج المسؤولية الاجتماعية.

وأوضحت ياسمين الحاجري المدير التنفيذي لجمعية "سند" أن المؤتمر يعد فرصة جيدة لتوحيد الجهود وتبادل الخبرات بين الحكومات، منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص لدعم الأطفال والشباب فاقدي الرعاية الوالدية. 
أضافت أن تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الرعاية البديلة لهؤلاء الأطفال يهدف إلى وضع حلولاً مستدامة تضمن نموًا صحيًا واجتماعيًا لهؤلاء الأطفال، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
ومن جانبه قال د. علي عبد الله ٱل إبراهيم العضو المنتدب للشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية إن هناك العديد من التحديات التي تحول دون تمكين أبنائنا من فاقدي الرعاية الوالدية اقتصاديا واجتماعيا، تتمثل في قلة مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تركز على هذه القضية الهامة، وضعف التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لنشر الوعي بأهمية الربط بين قضية فاقدي الرعاية الوالدية بمؤشرات التنمية المستدامة.


وأشار إلى أن "الشبكة" تعمل على رفع مستوى الوعي حول المسؤولية المجتمعية للشركات والمؤسسات، وتهدف إلى تعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات والمؤسسات، والقطاعات الحكومية والأهلية والخاصة.  
وأضاف أن الشبكة الإقليمية للمسؤولية المجتمعية حققت نجاحات في مساعدة الشركات والمؤسسات في أن تصبح ممارساتها وأعمالها وأنشطتها مسؤولة ومتوافقة مع معايير التنمية المستدامة، كما تسعى لإنشاء مرصد مهني لممارسات المسؤولية المجتمعية الفاعلة في المنطقة العربية، والتعريف بالمبادرات والممارسات المسئولة للشركات والمؤسسات والقطاعات الحكومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني.
يشارك في المؤتمر نحو 250 فردا من مختلف الدول العربية (الكويت - البحرين – الأردن - المملكة العربية السعودية - سلطنة عمان - قطر- دولة الإمارات العربية المتحدة)، يمثلون الأطراف المعنية في التنمية المستدامة ومجال الرعاية البديلة. 

مقالات مشابهة

  • غلق شارع الهرم ما بين ميدان الجيزة وكوبري عباس.. التحويلات البديلة
  • فضل الصلاة على النبي فى شعبان قبل رفع الأعمال عجائب لا حصر لها
  • فيديو | محمد بن راشد: تقدُّم الأوطان وازدهارها رهنٌ بثرواتها البشرية
  • الأوطان والأماكن كلها تشتاق لك
  • كيف وصلت الحياة إلى كوكب الأرض؟.. علماء يكشفون نتائج مثيرة
  • اكتشاف كويكب قريب من الأرض يحمل عناصر الحياة
  • التضامن: نولي اهتماما بملف الرعاية الوالدية البديلة
  • الزعاق يوضح سر ارتباط الحياة البشرية بالكائنات الحية والرياح .. فيديو
  • هذا هو
  • أم كلثوم التي لا يعرفها أحد.. ندوة تكشف أسرار كوكب الشرق بمعرض الكتاب