إضافة التقنية إلى التقاليد تحمي الغابات المعمّرة في غينيا الجديدة
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
عمان: يعجز بيستا بولوم عن إخفاء حماسه أمام جهاز الحاسوب اللوحي الذي يحمله بيديه، ويقول قائد المجتمع المحلي الذي يعتقد أنّ عمره يناهز الستين عامًا: «لم أرَ هذا النوع من الحواسيب قط عندما كنت شابًا. وأصبحتُ اليوم أراه، ولم يغمَض لي جفن [لشدّة الحماس]». وهو أمضى حياته بأكملها، كما والده من قبله، وهو يهتم بـ800 هكتار من الغابات الاستوائية الكثيفة في المرتفعات النائية في غربي البلاد، على بُعد حوالي 550 كيلومترًا شمال غرب بورت مورسبي، عاصمة بابوا غينيا الجديدة.
ويقول: «في الماضي، كان من الصعب جدًا القيام بدوريات على حدود أرضي لو رغبت في ذلك». وأدرك بيستا، في غضون دقائق، أنّ الخريطة الجوية للغابة التي تظهر على شاشته ستساعده في ترسيم حدود مساحة غابته من دون أن يضطر إلى السير لعدة أيام. فقد أصبح بإمكانه اليوم مراقبة المنطقة باستخدام صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة.
وقد نتج هذا الابتكار التكنولوجي عن برنامج AIM4Forests تسريع وتيرة الابتكار في رصد الغابات، وهو مبادرة برامجية رائدة أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) وحكومة المملكة المتحدة في عام 2023. ويهدف المشروع في آن واحد إلى تزويد البلدان بالوسائل التكنولوجية لمكافحة إزالة الغابات وإشراك الشعوب الأصلية على نحو فاعل في عملية رصد الغابات، وهذا أمر بالغ الأهمية بوجه خاص في بلد مثل بابوا غينيا الجديدة، حيث تملك الشعوب الأصلية النسبة الأكبر من الغابات.وتضمّ هذه الدولة الجزرية الواقعة في جنوب المحيط الهادئ سبعة في المائة من التنوع البيولوجي في العالم وثالث أكبر غابة مطيرة على وجه الأرض، وتستضيف الغابة مجموعة متنوعة وغنية من أنواع الحيوانات والطيور، بما في ذلك طائر الشبنم البري المميز الذي يعجز عن الطيران، وتزخر غينيا الجديدة بالموارد الطبيعية، ولكنها تفتقر إلى الأدوات التكنولوجية اللازمة لرصدها وإدارتها بشكل فعّال.
ويقول جوليان فوكس، كبير مسؤولي الغابات في المنظمة: «هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن الشعوب الأصلية هي أفضل القيّمين على الغابات، لذلك نحاول تعزيز ذلك وإيجاد حلول تقنية تسمح لها بالقيام بذلك بشكل أفضل». ويريد بيستا الإبقاء على غابته محمية للحفاظ على مصدر الغذاء والمأوى وسبل العيش لمجتمعه المحلي. ويقول فوكس: «نحن نحاول إيجاد حلّ تقني لمساعدته على القيام بذلك».بالنسبة إلى بيستا، كانت القدرة على تكبير صورة غابته وتصغيرها من أكثر الحلول المشوّقة، ويتم ذلك باستخدام أداة جديدة معروفة باسم Open Foris Ground، هي ثمرة التعاون بين المنظمة وGoogle. وهي واجهة لرسم الخرائط يمكن استخدامها على جهاز لوحي أو هاتف محمول وتتيح للقيّمين على الغابات، ببضع نقرات، ترسيم حدود الغابة ببساطة عن طريق وضع علامات على الشاشة، ومن ثمّ يمكنهم رصد المنطقة باستخدام Google Earth للتأكّد من سلامة الغابات والأراضي وخلوّها من الغزوات.
وإنّ مراقبة غابة شاسعة بهذا الحجم وجميع مواردها ليست بالمهمة السهلة، وفقًا لما أفاد به بيستا، حيث يقول: «هناك الكثير من الأشياء داخل غابتنا. وإلى جانب طائر الشبنم البري، هناك يرقات الحشرات في الخشب. وأنا أقوم بفتح الشجرة وكسرها وجمع تلك اليرقات. وإذا أزلتُ أشجار الغابة، لن أحصل بعدها على هذه الحيوانات البرية التي سترحل عندئذ».
إنّ أسلوب حياته وأسلوب حياة مجتمعه المحلي بأكمله على المحك. ويختتم قائلًا: «أنا أعتني بغابتي ولا أدمرها، من الجانب الخاص بي منها».
والغابة هي أيضًا مصدر للأدوية لبيستا وعائلته. ويقول: «إذا قطعت هذه الأشجار، من أين سأحصل على الدواء؟ فغابتي زاخرة بالأدوية، كان أجدادي يستخدمونها وها أنا اليوم أستخدمها بدوري، وأطفالي من بعدي سيستخدمون الأدوية نفسها، لهذا السبب ما زلت أعتني بغابتي».
وهنا في غابات بابوا غينيا الجديدة المطيرة، يسعى برنامج AIM4Forests إلى وقف إزالة الغابات واستعادة الأراضي المتدهورة، كجزء من مبادرة عالمية أوسع بكثير لاستعادة مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030، ويركّز البرنامج على الجمع بين التكنولوجيا والمعارف التقليدية التي يلمّ بها بيستا وقيادته لمجتمع محلي أشرفَ على هذه الأراضي على مدى أجيال.
وهو يشارك بوضوح هذه الرؤية للمستقبل: «أمنيتي هي إرسالهنّ [بناته الثلاث] إلى المدرسة لكي يتعلّمن استخدام هذا الشيء المسمى حاسوب».
يدرك بيستا أهمية تملّك بناته لهذه التكنولوجيا التي ستساعد قريبًا الأجيال الجديدة من الشعوب الأصلية على حماية هذه الموارد الحرجية الثمينة في مجموعة واسعة من البلدان.
وتسعى التكنولوجيات الجغرافية المكانية وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب النُهج التشاركية، كهذه الأداة المبتكرة، إلى ضمان حقوق الشعوب الأصلية في الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة، وإدماجها وتوثيقها ودورها الفاعل في أيّ من مبادرات رصد الغابات.
وقد بدأ بالفعل تنفيذ البرنامج في 11 بلدة وهي إندونيسيا وأوغندا وبابوا غينيا الجديدة والبرازيل وبوليفيا وبيرو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا وجواتيمالا وفيت نام وكينيا. وفي بابوا غينيا الجديدة وفي الكثير من هذه البلدان، يستخدم المشروع قوة التكنولوجيا الحديثة لتعزيز معارف الأجيال السابقة التقليدية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة « الفاو»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بابوا غینیا الجدیدة الشعوب الأصلیة
إقرأ أيضاً:
يوم الاتصال الجماهيري يستعرض إنجازات طلبة جامعة التقنية بصلالة
صلالة – عادل سعيد اليافعي
"تصوير: حامد الكثيري"
نظّم قسم الاتصال الجماهيري بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصلالة فعالية "اليوم المفتوح للاتصال الجماهيري 2025" تحت رعاية الدكتور محمد بن سعيد الشعشعي مدير عام الإعلام بمحافظة ظفار، وبمشاركة واسعة من الطلبة وأعضاء الهيئة الأكاديمية ممثلي المؤسسات الإعلامية والمجتمعية.
هدفت الفعالية إلى إبراز برامج القسم وإنجازاته، والاحتفاء بقصص نجاح الطلبة والخريجين. واستُهل الحفل بالنشيد الوطني وتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى رئيس القسم كلمة أكد فيها دور قسم الاتصال في مواكبة التطورات الحديثة في الحقول الإعلامية، مشيرًا إلى أهمية تكامل الجانب الأكاديمي والتطبيقي لإعداد الطلبة لسوق العمل.
تضمن البرنامج عرضًا لمجموعة من المشاريع الطلابية المرئية التي جسدت مهارات الطلبة في الإنتاج الإعلامي وصناعة المحتوى الرقمي، إلى جانب فيديوهات تناولت نماذج من قصص النجاح والمشاريع الحائزة على جوائز داخل الجامعة وخارجها.
كما شهدت الفعالية تنظيم جلسة حوارية حول الإعلام والاتصال، شارك فيها كل من سالم بن عوض النجار (إعلامي سابق)، وليلى بنت مبارك الشحري (مدير عام الهوية المؤسسية وثقافة العمل بشركة أوكيو)، والدكتور أحمد بن علي المشيخي (أكاديمي في مجال الاتصال).
وتطرّق المتحدثون إلى واقع سوق الإعلام العُماني، والتحولات التي يشهدها القطاع، والمهارات المهنية التي يحتاجها الخريجون لتعزيز تنافسيتهم، كما أتاحت الجلسة مساحة لتفاعل الطلبة وطرح تساؤلاتهم حول التحديات المستقبلية وفرص التطور المهني.
واختُتم البرنامج بجولة في المعرض المصاحب الذي ضم أركانًا تعريفية بتخصصات القسم الأربعة: العلاقات العامة، الإعلام الرقمي، الصحافة، والإعلان، إضافة إلى مشاركات لعدد من المؤسسات الإعلامية، مما أتاح للطلبة التعرف على بيئات العمل وتعزيز شبكاتهم المهنية.