معلومات الوزراء يستعرض الفرص الواعدة للتكنولوجيا الحيوية ومؤشرات السوق العالمية والإقليمية لها
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا معلوماتيًا تناول من خلاله مفهوم ومجالات التكنولوجيا الحيوية، والمجالات المستقبلية المحتملة لها، والسوق العالمية للتكنولوجيا الحيوية، وتوقعات حجم هذا السوق خلال الفترة المستقبلية القادمة من 2024 إلى 2033، فضلاً عن العوامل الرئيسة لنمو هذا السوق، وآفاق هذا السوق ومظاهره المختلفة في منطقة الشرق الأوسط وفي مصر.
أوضح المركز أن التكنولوجيا الحيوية هي مجال متعدد التخصصات يستخدم الكائنات الحية أو مكوناتها؛ لتطوير المنتجات والعمليات التي تفيد المجتمع البشري، مشيراً إلى أنه في السنوات الأخيرة قطعت التكنولوجيا الحيوية خطوات كبيرة على المستوى العالمي؛ مما كان له تأثير كبير على جوانب حياتية مختلفة، مثل: الرعاية الصحية، والزراعة، والصناعة، والبيئة. وكانت مساهمتها الأكبر في مجالات تطوير الأدوية واللقاحات والاختبارات التشخيصية الجديدة لا تُقدَّر بثمن، في حين أدى دورها في زيادة إنتاجية المحاصيل وتحسين المحتوى الغذائي إلى تعزيز الأمن الغذائي، بالإضافة إلى ذلك مكَّنت التكنولوجيا الحيوية من إنتاج منتجات، ومواد مستدامة وصديقة للبيئة.
وأوضح المركز في تحليله مفهوم التكنولوجيا الحيوية، فهي بحسب تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) "فرع متعدد التخصصات من العلوم والتكنولوجيا يتعامل مع تحويل المادة الحية وغير الحية عن طريق استخدام الكائنات الحية وأجزائها أو المنتجات المشتقة منها، وكذلك إنشاء نماذج للعمليات البيولوجية من أجل إنتاج المعرفة، والمنتجات، والخدمات المختلفة".
وفي هذا الإطار تشمل التكنولوجيا الحيوية العديد من التخصصات المختلفة، على سبيل المثال: علم الوراثة، والكيمياء الحيوية، والبيولوجيا الجزيئية، ومن خلال التكنولوجيا الحيوية يتم تطوير تقنيات ومنتجات جديدة سنويًّا في العديد من المجالات المختلفة، مثل: مجال الطب؛ حيث يتم تطوير الأدوية والعلاجات الجديدة، وفي مجال الزراعة؛ حيث يتم تطوير النباتات المُعدلة وراثيًّا والوقود الحيوي والمعالجة البيولوجية، فضلًا عن مجال التكنولوجيا الحيوية الصناعية؛ حيث يتم إنتاج المواد الكيميائية والورق والمنسوجات والأغذية.
أما فيما يتعلق بمجالات فرص العمل في مجال التكنولوجيا الحيوية؛ فقد تتضمن شركات تصنيع الأدوية (قطاع البحث والتطوير)، وشركات تصنيع الأسمدة الحيوية والوقود الحيوي، وشركات تصنيع المحاصيل الزراعية والأعلاف، ومحطات معالجة وتنقية المياه، والمستشفيات (العيادات الوراثية، والصيدلة الإكلينيكية، والمعامل الجنائية، ومعامل الحقن المجهري الصناعي، وأطفال الأنابيب والتلقيح، ومعامل التحاليل الحيوية)، والشركات الصناعية المُنتجة للمواد الكيماوية والبروتينات والألياف والفيتامينات والمنظفات وغيرها، والشركات المسؤولة عن تطوير الزراعات وتحسين السلالات النباتية والحيوانية.
وأشار التحليل إلى المجالات المستقبلية المحتملة للتكنولوجيا الحيوية، إذ تتمتع بالقدرة على تحسين العديد من مجالات الاستدامة، على سبيل المثال: الزراعة، والطاقة، وإدارة النفايات؛ حيث يمكن تقليل التأثير البيئي، وتعزيز مستقبل أكثر استدامة من خلال تطوير منتجات وعمليات جديدة في مجال التكنولوجيا الحيوية، وذلك على النحو التالي:
- الزراعة وإنتاج الغذاء: يمكن استخدام التكنولوجيا الحيوية لتحسين إنتاجية المحاصيل، والحد من هدر الغذاء، وتعزيز التغذية، بالإضافة إلى تطوير محاصيل جديدة ذات مقاومة متزايدة للآفات والأمراض؛ مما يقلل الحاجة إلى المبيدات والأسمدة الضارة، بالإضافة إلى زيادة الأمن الغذائي، والتقليل من التأثير البيئي للزراعة.
- صحة الإنسان: تُستخدم منتجات التكنولوجيا الحيوية في تطوير الأدوية والعلاجات الجديدة لمجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك السرطان، ومرض الزهايمر. فضلًا عن تطوير علاجات شخصية للأفراد بناءً على جيناتهم وعوامل أخرى. وهذا يمكن أن يؤدي إلى علاجات أكثر فعالية مع آثار جانبية أقل.
- الطاقة: يمكن استخدام عمليات التكنولوجيا الحيوية لتطوير مصادر جديدة للطاقة المتجددة، مثل: الوقود الحيوي، والغاز الحيوي.
- الاستدامة البيئية: تُستخدم عمليات التكنولوجيا الحيوية لتطوير المزيد من المنتجات، والمواد المستدامة والصديقة للبيئة؛ مما يقلل من تأثير النشاط البشري على البيئة.
- إدارة المخلفات: تدخل عمليات التكنولوجيا الحيوية في مجال إدارة المخلفات من خلال تفكيك النفايات العضوية، وتحويلها إلى منتجات مفيدة؛ مما يقلل من كمية النفايات المُرسلة إلى مدافن النفايات.
وسلَّط تحليل مركز المعلومات الضوء على السوق العالمية للتكنولوجيا الحيوية فوفقًا لشركة Precedence Research الاستشارية، قُدرت قيمة سوق التكنولوجيا الحيوية العالمية بنحو 1.38 تريليون دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى نحو 4.25 تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2033، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل نمو سنوي مُركب ملحوظ قدره 11.8٪ خلال الفترة (2024- 2033).
أما فيما يتعلق بالمناطق الرائدة في سوق التكنولوجيا الحيوية في عام 2023، فقد استحوذت أمريكا الشمالية على حصة إيرادات، بلغت 37.79% في عام 2023، وتمثلت الدول التي تصدرت المنطقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، أما في أوروبا فحققت حصة إيرادات تبلغ 28.81%، وكانت الدول المُتصدرة في منطقة أوروبا هي (ألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وروسيا، وتركيا). كما حققت منطقة آسيا والمحيط الهادئ حصة إيرادات بلغت 23.99٪، وكانت الدول المُتصدرة في المنطقة هي (الصين، واليابان، وكوريا، والهند، وأستراليا، وإندونيسيا، وتايلاند، والفلبين، وماليزيا، وفيتنام). وفي أمريكا الجنوبية، كانت الدول المُتصدرة في المنطقة هي (البرازيل، والأرجنتين، وكولومبيا). وفي منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، فكانت الدول المُتصدرة هي (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، ونيجيريا، وجنوب إفريقيا).
وفيما يتعلق بمجالات تطبيق للتكنولوجيا الحيوية، فقد جاء قطاع الصيدلة الحيوية في مقدمة مجالات تطبيق التكنولوجيا الحيوية بنصيب بلغ 41.73٪ في عام 2023؛ مدفوعًا بتزايد انتشار الأمراض، وبالتالي فإن الطلب المتزايد على الأدوية والعقاقير دفع نمو قطاع الصيدلة الحيوية في سوق التكنولوجيا الحيوية، يليها قطاع تطبيقات الصناعات الحيوية، والذي حصل على حصة إيرادات تبلغ 24.33٪.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن ينمو قطاع المعلوماتية الحيوية بوتيرة سريعة تبلغ 12.6% خلال الفترة (2023 - 2033)، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى الطلب المتزايد على الحمض النووي، وتسلسل البروتين، والمبادرات المتزايدة من المنظمات الخاصة والحكومية، ودفع نمو البروتينات وعلم الجينوم، وزيادة الأبحاث في البيولوجيا الجزيئية، واكتشاف الأدوية.
وركزَّ التحليل على العوامل الرئيسة لنمو سوق التكنولوجيا الحيوية فقد أوضحت شركة Precedence Research الاستشارية العوامل الرئيسة لنمو هذا السوق خلال الفترة القادمة وقد تمثلت في المبادرات الحكومية المواتية التي تهدف إلى تبسيط المسار التنظيمي للأدوية، وتوحيد الدراسات السريرية، وتعزيز سياسات تحصيل الإيرادات، وتسريع عملية الموافقة على المنتج؛ مما يوفر للصناعة إمكانات نمو مُربحة.
وتجدر الإشارة إلى أن شركات المُدخلات الزراعية تركز جهودها في تحديث التقنيات الحالية، مثل: تطوير سمات جديدة في المحاصيل، وأصول وراثية جديدة من خلال ابتكارات التكاثر، والتسلسل الجيني، كما يركز اللاعبون الرئيسون في السوق جهودهم على جلب الابتكارات الزراعية إلى السوق من أجل تعزيز الإنتاج من خلال حلول طويلة الأجل.
هذا، وقد تطوَّرَ استخدام تقنيات التحليل الجينومي، مثل: تحديد الميكروبات، واكتشاف التغيرات الجينية في تشخيص الأمراض المعدية الرئيسة كفيروس نقص المناعة البشرية، والملاريا، والسل، والتشوهات الجينية، بشكل سريع على مدى العقد الماضي، فضلًا عن التوسع في الانتشار العالمي للأمراض المستهدفة، إلى جانب الميزات الواضحة لتحليل تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) في تشخيص وتقدير البكتيريا المسببة للأمراض، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة استخدام الاختبارات التشخيصية السريرية، وسيعزز في نهاية المطاف نمو سوق التكنولوجيا الحيوية.
ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع وتيرة الأمراض المعدية والمزمنة، فضلًا عن زيادة استثمارات البحث والتطوير لتطوير تقنيات الجينوم المتقدمة مثل الفحص القائم على الخلايا وتفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR)، إلى تحقيق تنمية كبيرة في البلدان الناشئة.
وفي المناطق النامية، سيتم دعم نمو سوق التكنولوجيا الحيوية من خلال زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية، والتوسع في البنية التحتية للرعاية الصحية، وانخفاض التكاليف الإجرائية لتقنيات تشخيص الأمراض.
وأشار التحليل إلى آفاق التكنولوجيا الحيوية في منطقة الشرق الأوسط التي نظرت إلى هذه التكنولوجيا كصناعة مُحتملة للنمو لأكثر من عقد من الزمن، حيث كانت أبرز الإجراءات في هذا الشأن كما يلي:
-أطلقت المملكة العربية السعودية "استراتيجية وطنية للتكنولوجيا الحيوية" في يناير 2024؛ لتصبح مركزًا دوليًّا للتكنولوجيا الحيوية بحلول عام 2040. وتُعَد هذه الاستراتيجية جزءًا من مشروع أوسع، يطلق عليه رؤية 2030، والذي يهدف أيضًا إلى وضع البلاد كشركة رائدة في مجال التكنولوجيا الحيوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2030. وستعمل الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا الحيوية على تعزيز قدرات المملكة العربية السعودية في أربعة مجالات رئيسة: اللقاحات، والتصنيع الحيوي والتوطين، وعلم الجينوم، وتحسين النباتات.
-كما أطلقت الإمارات العربية المتحدة "استراتيجية الجينوم الوطنية" في مارس 2023، والتي تهدف إلى تطوير وتنفيذ برامج الجينوم في إطار منظومة متكاملة، بالإضافة إلى تطوير برامج الرعاية الصحية الشخصية، والطب الدقيق، بالاعتماد على مرجعية جينية إماراتية؛ وذلك للحد من انتشار الاضطرابات الوراثية والمزمنة.
-وقد قامت مصر بالعديد من المبادرات لدعم تطبيق التكنولوجيا الحيوية، وذلك من خلال فتح العديد من التخصصات المتعلقة بالتكنولوجيا الحيوية في الجامعات المصرية، بالإضافة إلى توقيع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بروتوكول تعاون مشترك مع شركة مصر لتكنولوجيا الصناعات الحيوية MTBI، وصندوق الاستثمار القومي الخيري للتعليم (التعليم حياة)؛ لإنشاء مدرسة مصر الحيوية للتكنولوجيا التطبيقية في مجالات تكنولوجيا الصناعات الحيوية في أكتوبر 2023، والتي تهدف إلى إكساب الطلاب الجدارات التي يحتاج إليها سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية.
-والجدير بالذكر أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية في مصر، بلغت نحو 70 مدرسة على مستوى المحافظات المصرية، وتتميز بالعديد من التخصصات الجديدة، على سبيل المثال: الطاقة النظيفة، والسياحة المستدامة، والطاقة المتجددة، والذكاء الصناعي، وتكنولوجيا صناعة الحُلي والمجوهرات، والألعاب الرقمية، وزراعة النخيل، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والهندسة الزراعية، والتصنيع الغذائي، والصناعات الدوائية، ومراقبة الجودة، واللوجستيات.
-كما تم تصميم برامج في إطار "الاستراتيجية القومية للتكنولوجيا والهندسة الوراثية"، تهدف إلى إعداد قاعدة علمية في مجال التكنولوجيا الحيوية، والهندسة الوراثية؛ للارتقاء التكنولوجي، وخلق فرص عمل جديدة، وإنتاج مستحضرات حيوية مصرية ذات قدرة تنافسية عالية، وتتبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تنفيذ برامج الاستراتيجية، وتقوم على إدارتها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا من خلال مركز التعاون العلمي والتكنولوجي بها.
وأوضح التقرير في ختامه أن التكنولوجيا الحيوية أصبحت لديها القدرة على إحداث تغيرات جذرية في مجالات متعددة، بداية من القطاع الطبي إلى الاستدامة البيئية؛ حيث تقدم التكنولوجيا الحيوية آليات لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في وقتنا هذا. ومع دَوَام التطوير والابتكار في تلك المجالات، فإن مستقبل التكنولوجيا الحيوية صار واعدًا وضروريًّا لمستقبل أكثر استدامة وصحة، فإن التكنولوجيا الحيوية هي تكنولوجيا الأمل؛ فهي تمتلك القدرة على تحسين صحة الإنسان، ورفع مستويات المعيشة، وحماية كوكبنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التکنولوجیا الحیویة فی فی منطقة الشرق الأوسط للتکنولوجیا الحیویة بالإضافة إلى حصة إیرادات خلال الفترة هذا السوق العدید من فی عام 2023 تهدف إلى فضل ا عن من خلال مرکز ا
إقرأ أيضاً:
تحولات السوق العالمية تهز عرش العلامات الفاخرة الأوروبية.. والتباطؤ الاقتصادي يُنذر بأفول نجم أسواق الرفاهية
◄ الشركات المشهورة تخسر ربع تريليون دولار من قيمتها السوقية
الرؤية- سارة العبرية
بعد أن تكبدت شركات الرفاهية الأوروبية خسائر في قيمتها السوقية بلغت نحو ربع تريليون دولار خلال الأشهر الأخيرة، قد تشهد هذه الشركات مزيدًا من التراجع في نفوذها داخل أسواق الأسهم، مع تفاقم التباطؤ الاقتصادي في الصين.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة The Economic Times، فإن شركات الرفاهية الأوروبية فقدت ما يقرب من 240 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ ذروتها في مارس، مع تعرض علامات تجارية مثل Gucci وHugo Boss لأكبر الخسائر؛ حيث انخفضت قيمتها السوقية بنسبة تقارب 50% خلال العام الماضي.
وفي سياق آخر، أشارت بيانات Goldman Sachs إلى أن المؤشر الخاص بأسهم الرفاهية العالمية فقد ما يقارب من ربع تريليون دولار منذ ذروته في الربع الأول من 2024، لتصبح خسائر هذا القطاع من بين الأشد في أسواق المال العالمية.
والضربة الأقوى جاءت من الصين؛ حيث تراجع الإنفاق من قبل المستهلكين الأثرياء الذين كانوا سابقًا زبائن أوفياء في متاجر باريس وميلانو وهونغ كونغ.
وفي السابق، كانت تُعتبر هذه الشركات بمثابة "الرد الأوروبي" على عمالقة التكنولوجيا الأمريكية المعروفين بـ"السبعة العظام"، إلا أن أسهم الشركات المنتجة للأزياء الفاخرة وحقائب اليد والمجوهرات أصبحت راكدة، نتيجة لانكماش في الإنفاق الاستهلاكي، وما يثير القلق أكثر هو المؤشرات التي تفيد بأن الأثرياء الصينيين الذين اعتادوا التهافت على المتاجر الفاخرة في باريس وميلانو وهونغ كونغ قد لا يعودون، بعد أن أضعف الانحدار الاقتصادي شهيتهم للمنتجات الباهظة.
ويقول فلافيو سيريدا مدير استثمار في شركة GAM بالمملكة المتحدة: "هذا العام أكثر تقلبًا وأكثر إيلامًا، لأنه يأتي بعد فترة من النمو المفرط"، مشيرًا إلى الفترة التي أعقبت الجائحة مباشرة، عندما اندفع المستهلكون المتحررون من الإغلاق إلى الإنفاق على التسوق والسفر.
أما بالنسبة لشركة بربري البريطانية الشهيرة بصناعة المعاطف المطرية، فقد أدى هذا التراجع إلى استبعادها من مؤشر الأسهم FTSE 100 في لندن، بعدما انخفضت قيمتها السوقية بنسبة 70%. وبينما كانت بربري هي العلامة الكبرى الوحيدة التي فقدت موقعها في المؤشر، فإن مؤشرًا لأسهم الرفاهية جمعته شركة جولدمان ساكس فقد 240 مليار دولار من ذروته في مارس الماضي.
وكانت شركتا كيرينغ المالكة لعلامة Gucci وهيوغو بوس الأكثر تضررًا؛ إذ فقدتا ما يقرب من نصف قيمتهما السوقية خلال العام الماضي. وكانت كيرينغ تصنف سابقًا ضمن أكبر 10 شركات في مؤشر CAC 40 الفرنسي، لكنها الآن في المرتبة 23، أما عملاق الصناعة LVMH فلم يكن في مأمن هو الآخر.
ويظهر انكماش فقاعة الإنفاق التي أعقبت الجائحة بشكل جلي في تقارير الأرباح الأخيرة، حيث أصدرت شركات كيرينغ وبربري وهيوغو بوس تحذيرات بشأن الأرباح، في حين سجلت وحدة السلع الجلدية الأساسية لشركة LVMH نموًا عضوياً بنسبة 1% فقط في إيراداتها الفصلية، مقارنة بـ21% في العام السابق.
وحدها العلامات التجارية التي تستهدف الأثرياء جدًا، مثل Hermès International وBrunello Cucinelli، نجت من التأثير الكامل لهذا التباطؤ في الأرباح.
ويأمل سيريدا من شركة GAM الذي يشارك في إدارة صندوق استثماري يركز على أسهم الرفاهية في أن تعود المبيعات للنمو العام المقبل، على الأقل إلى مستويات "منتصف الأرقام الأحادية" التي يرى أنها تمثل الاتجاه طويل الأمد للقطاع. لكنه يتساءل: "ماذا لو أصبحت الإيرادات الأضعف وهوامش الربح الأضيق هي الوضع الطبيعي الجديد؟"، وبعض المحللين يعتقدون أن هذا قد يكون بالفعل هو الواقع القادم.
الأسباب الرئيسية وراء الانهيار
جاء الانهيار الكبير في سوق العلامات التجارية الفاخرة نتيجة تداخل عدة عوامل ضاغطة، أول هذه العوامل هو التباطؤ الاقتصادي في الصين؛ حيث تُعد الصين سوقًا محوريًا للعلامات الفاخرة، إلا أن التراجع الاقتصادي الخير إلى جانب غياب الحوافز الحكومية القوية، قد أضعف ثقة المستثمرين والمستهلكين بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، شهدت فترة ما بعد الجائحة تحولًا ملحوظًا في سلوك المستهلكين؛ إذ باتوا أكثر تحفظًا في الإنفاق، ما أدى إلى تراجع واضح في الطلب على المنتجات الفاخرة. أما العامل الثالث فيتمثل في تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، بما في ذلك النزاعات التجارية العالمية وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وهو ما زاد من الضغوط على القطاع وأدى إلى تآكل ثقة الأسواق بالشركات العاملة فيه.