حصاد مياه السُّحب لمكافحة ندرة الماء في الصّحاري
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
ترجمة: حافظ إدوخراز -
لا يزال 2.2 مليار شخص في العالم غير قادرين على الولوج إلى خدمات التزوّد بالمياه الصالحة للشّرب. ومع ظاهرة الاحتباس الحراري، أصبحت ندرة مياه الشرب تحدّيًا كبيرا يعترض مستقبلنا، وتتفاقم هذه المشكلة بالطّبع في المقام الأول في المناطق القاحلة والمكتظّة بالسكان. يسلّط تقرير حديث صدر عن منظمة لأمم المتحدة الضوء على الأهمية الحاسمة لاستكشاف مصادر المياه «غير التقليدية» مثل مياه الغلاف الجوّي، حيث إن الموارد الحالية يتمّ استغلالها بشكل مفرط وهي غير كافية.
وللعثور على حلول مبتكرة، يمكن أن تكون الطبيعة مصدرًا رائعًا للإلهام. لقد طوّرت أنواع معيّنة من الأشجار والحشرات خلال مسيرتها التطوّرية طرقًا بارعة لالتقاط المياه الموجودة في الغلاف الجوي على شكل بخار أو ضباب.
ولنذكر على سبيل المثال أشجار السّكويا العملاقة في كاليفورنيا، التي تلتقط أكثر من ثلث المياه التي تستهلكها بفضل الضّباب الذي تعترضه إبرها وتُستخلص منه قطرات الماء. وتلتقط شجرة تنّين سقطرى الماء من الضباب وتبتلعه مباشرة من خلال أوراقها. وتلعب بعض نباتات الصبّار والطّحالب وخنافس الصحراء على بنيتها أو شكلها الهندسي أو تآلف سطحها مع الماء من أجل تجميع الضّباب.
شبكات من أجل التقاط الضّباب
وأمام هذه الحلول الرائعة في الطبيعة، لم يبقَ الإنسان استثناءً، فقد تمّ استخدام شبكات من أجل التقاط الضباب منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، ولا سيما من قبل المنظمة غير الحكومية Fog Quest. ونسعى إلى تطوير طرق بسيطة لصنع شبكات أكثر كفاءة وأكثر اقتصادًا وأسهل في التصنيع من تلك المتوفّرة حاليا.
في بعض المناطق الصحراوية مثل تشيلي أو المغرب، يستخدم السكان «شبكات الضباب» من أجل التقاط قطرات الماء من «ضباب التأفّق» الذي يتشكّل ويتحرّك فوق بعض الصّحاري الجبلية بالقرب من سواحل المحيط. يتكثّف هواء المحيطات الدافئ الرطب، مدفوعا بالرياح، ويتحوّل إلى قطرات صغيرة من الماء حينما يبرد عند ملامسته للغلاف الجوي البارد في هذه المناطق الجبلية.
لقد أدّى التقدم العلمي والتقني المتراكم في هذا المجال طيلة عقود عدّة من الزمن، إلى تصميم شبكات كبيرة وبتكلفة معقولة، مما دفع بالعديد من المجتمعات إلى نشر شبكات لالتقاط الضباب الذي تحمله الرياح. تبدو شباك «السّحاب» أو «الضّباب» هذه وكأنّها شباك صيد ممتدّة في الهواء. وبالنسبة لأفضل أنواع الشّباك، فيمكنها أن تتمتّع بكفاءة التقاط تصل إلى 15% من كمية الماء الموجودة في الضباب. وبإمكانها، على حسب مكان وضع هذه الشباك، جمع ما بين 10 و100 لتر من الماء لكل متر مربع يوميّا.
يتمثل التحدّي الحقيقي الذي تواجهه المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي والتي تتمتع بظروف مواتية لتشكّل ضباب التأفّق، في تطوير شبكاتٍ فعّالة ومستدامة وبأسعار في المتناول. لا ريب أن الشّباك الرخيصة، مثل شباك «أكياس البطاطس» (Raschel mesh) المستخدمة في تغليف بعض الأغذية، مُتاحة أكثر بالنظر إلى سعرها، لكن فعّاليتها تظلّ محدودة ولا تستطيع مقاومة الرياح العنيفة. أما الشبكات التي تتمتع بقدرٍ أكبر من المتانة والكفاءة، مثل الشبكة التجارية Aqualonis FogCollector، فإنتاجها أكثر صعوبة وتكلفتها أكبر بكثير.
وأمام هذه التحدّيات العلمية والتقنية، يعكف الباحثون على استكشاف حلول «سالبة» من أجل تحسين جودة الشّباك من خلال العمل على كفاءتها وديناميكيتها الهوائية أو حتى على طبيعة المادة التي تُصنع منها الشبكة وتوافقها مع الماء. ويُحيل الجانب «السّالب» في هذه الحلول إلى أنه لا حاجة إلى طاقة إضافية (كهربائية أو من أصل أحفوري) تضاف إلى الطاقة التي توفّرها الشمس لتبخير الماء وتحريك الكتل الهوائية. وذلك على عكس طرقٍ أخرى تُستخدم في الحصول على المياه العذبة، والتي غالبا ما تكون كثيفة الاستهلاك من حيث الطاقة مثل بعض طرق تحلية مياه البحر.
تحسين شبكات السّحاب من خلال تكييف هندسة أليافها
لقد مكّنت أبحاثنا الأخيرة من تصنيع شبكات للضباب بفضل تقنية تقطيع وتشكيل الورق اليابانية (Kirigami)، وتم تصميم هذه الشّباك ببساطة عن طريق قطع وطيّ أوراق بلاستيكية. يعدّ هذا النوع من الشّباك غير مكلّف، وله هندسة بسيطة، وتفوق كفاءته كفاءة معظم الشّباك الموجودة.
ترجع هذه الكفاءة إلى هندسة الألياف المستخدمة، ففي حين أن معظم شبكات الضباب تستخدم أليافًا أسطوانية، فإننا نستخدم أليافا مسطّحة.
تأخذ قطرة الماء الموجودة على سطح الشبكة شكلًا يسمح بالموازنة بين الضغوط الداخلية والخارجية التي تخضع لها القطرة، بالإضافة إلى الضغط الزائد الذي ينتج عن انحناء واجهتها السائلة. ونظرًا لأن الألياف الأسطوانية بها انحناء، فلن تتمكن القطرة من التمدّد، لأنه ومن أجل التعويض عن انحناء الألياف، سيتعيّن عليها الحفاظ على شكل اللؤلؤة. أما بفضل الهندسة المسطّحة للألياف المستخدمة في شباكنا، فإن قطرات الضباب ستتمدّد بالكامل، وتشكّل بسرعة طبقة سائلة رقيقة ومستقرّة للغاية على كامل سطح الشبكة، مما يعزّز تجمّع المياه.
لقد أظهرت اختباراتنا أنه في ظلّ ظروف تجريبية متكافئة، نجحت شبكة الكيريغامي (Kirigami) في تجميع ثماني لترات لكل متر مربع في ساعة واحدة، في حين أن شبكات القيثارة المصنوعة من الألياف وشبكات أكياس البطاطس شائعة الاستخدام لم تجمع على التوالي سوى ثلاثة لترات وليترين لكل متر مربع.
وبالمقارنة مع واحدة من أفضل شبكات الضّباب الموجودة في السوق حاليًا (Aqualonis FogCollector 3D-2013)، فإن شبكة الكيريغامي الخاصّة بنا تعادلها كفاءة، لكنها تتميّز عنها بكونها أكثر كفاءة من الناحية الديناميكية، أي عند وجود ضباب منخفض الكثافة أو يدوم لمدة قصيرة.
إن بساطة تقنية الكيريغامي وإمكانيات الإنتاج على نطاقٍ واسع التي تتيحها، تجعل منها مرشّحًا واعدًا من أجل تطبيقاتٍ منخفضة التكلفة في هذا المجال (يتعلق الأمر في الواقع بمجرد ورقة من البلاستيك مثقوبة بقواطع). ونقوم في الوقت الرّاهن باختبار نماذج أوّلية يمكن إنتاجها على نطاق واسع بالتعاون مع المنظمة المغربية غير الحكومية «دار سي حماد»، التي تمتلك أكبر حقل لشباك الضباب في العالم، وكانت النتائج الأوّلية مشجّعة للغاية.
وفضلًا عن طريقة التصنيع الجديدة هذه، قمنا أيضا بتطوير طريقة اختبار دقيقة يمكن مراقبتها بشكل جيد في المختبر، مما يسمح لنا بقياس فعّالية شبكة الضباب من نوع كيريغامي ومقارنتها بالشّباك الأخرى تحت نفس الظروف. في الواقع، غالبًا ما يكون قياس فعّالية شبكة الضباب أمرًا ينطوي على كثيرٍ من الذّاتية، ولم يتم بعدُ توحيد تقنيات القياس.
تتمثّل تقنية الاختبار الخاصة بنا في نفق رياحٍ ينتج تدفّقا صفيحيّا من الهواء، ويتم فيه توليد الضّباب وإرساله باستخدام محوّلات الطاقة الكهروضغطية. تُتيح لنا عيّنات الشّباك الموضوعة في مخرج النفق على موازين فائقة الدقة، قياس كفاءة الالتقاط في الوقت الحقيقي. ويمكننا بالتالي التمييز بشكل ديناميكي بين المساهمات المختلفة على مستوى الكفاءة.
ومن أجل ضمان إمكانية الوصول إلى الحلول التي تمّ تصميمها وقابليّتها للتطوير، عملنا في ظل قيود في سياق «العلم المقتصد» (Frugal Science) (العلم الذي يهدف إلى تصميم حلول إبداعية قابلة للتطوير مع الأخذ في الاعتبار معيار التكلفة مقارنة بالأداء) داخل «مختبر تصنيع» (FabLab) (مختبر التصنيع الرقمي).
تلعب «مختبرات التصنيع، من خلال تعزيزها للتعاون بين التخصّصات وتوفيرها لإمكانية تصنيع النماذج الأوّلية، دورا رئيسيا في إيجاد الابتكارات من أجل مواجهة التحدّيات العالمية، وذلك يصبّ في مصلحة تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
دوني تيرواني، عالم فيزياء وأستاذ بجامعة بروكسل الحرة
المصدر - موقع The Conversation
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تقليص مدد الحبس الاحتياطي.. حصاد جلسات مجلس النواب 12 – 14 يناير
استمراراً لمناقشات مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، أقر مجلس النواب المواد من (62 إلى 171) بعد مناقشات موسعة ومستفيضة من جانب النواب -بمختلف انتماءاتهم السياسية- ومن جانب الحكومة، حيث أقر خلالها مجلس النواب تقليص مدد الحبس الاحتياطي ووضع حداً أقصى لها في مختلف الجرائم، ولحماية للحقوق والحريات وافق المجلس على عدم جواز استجواب المتهم نهائياً من قبل النيابة العامة إلا في حضور محاميه، وفي حالة عدم حضور محام ألزم مشروع القانون النيابة العامة بندب محام له، وذلك تأكيدا لحماية حق الدفاع، والمجلس يؤكد عدم السماح بمراقبة الاتصالات أو مواقع التواصل الاجتماعي إلا بإذن قضائي مسبب يصدر من القاضي الجزئي في جرائم الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، كذلك انحاز المجلس لصون الحق في الملكية الخاصة المقرر في الدستور مؤكداً على اقتصار الأمر الوقتي الصادر من النائب العام بمنع التصرف في الأموال وإدارتها على المتهم فقط دون امتداده لزوجته أو أولاده القصر أو ورثته لاستقلال الذمة المالية لكل منهم.
تخفيفاً للعبء عن كاهل المزارعين وافق المجلس نهائياً على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بشأن إيقاف العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان والتجاوز عن تحصيل ضريبة الأطيان التي استحقت خلال الفترة من أول أغسطس 2024 حتى تاريخ العمل بالقانون.*
*ولتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسعة مظلة الضمان الاجتماعي وكفالة حقوق الفئات الأولى بالرعاية وافق المجلس نهائياً على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون الضمان الاجتماعى.
كما وافق المجلس على عدد من القرارات الجمهورية باتفاقيات دولية لدعم الفلاحين للنهوض بقطاع الزراعة بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا وتطوير المهارات، وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني.
الجلسات العامة
*جلسة الأحد 12/1/2025*
أحال المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب في بداية الجلسة العامة للمجلس (3) قرارات جمهورية باتفاقيات دولية إلـى لـجنـة الشئون الدستورية والتشريعية، كما أحال (4) مشروعات قوانين مُقدمة من الحكومة إلى اللجان النوعية بالمجلس لدراستها وإعداد تقارير بشأنها.
استأنف مجلس النواب مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، حيث وافق على المواد من (61 حتى 102) من مشروع القانون، والذي يمثل قانون متكامل للإجراءات الجنائية يحقق فلسفة جديدة تتسق مع دستور ٢٠١٤، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويتلافى العديد من الملاحظات والتوصيات الصادرة عن بعض الأجهزة التابعة للمنظمات الدولية الرسمية، وبما يتواكب مع التطور التكنولوجي، وذلك كُله بما يحقق المصلحة العليا للدولة في مجال حقوق الإنسان على الصعيدين الداخلي والدولي، ويحقق الاستقرار المنشود للقواعد الإجرائية، حيث تضمن مزيداً من ضمانات الحقوق والحريات للمواطن المصري بما يليق بالجمهورية الجديدة على النحو الوارد بتقرير اللجنة المشتركة بشأنه.
شهدت الجلسة مناقشات موسعة ومستفيضة بشأن مشروع القانون بحضور وزراء العدل، والشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، ونقيب المحامين، وعدد من ممثلى الجهات المعنية حيث أقر المجلس المواد الخاصة بالتحقيق والمعاينة والتفتيش وضبط أدوات الجريمة وسماع الشهود، وحماية الخصوصية وسرية التحقيقات، وأكد النواب خلال المناقشات أهمية القانون باعتباره نقلة نوعية في تطوير منظومة العدالة الجنائية حيث يعكس التزام الدولة بالمعايير الدستورية والأنظمة القانونية الحديثة، مع ضمان حماية حقوق الأفراد وتحقيق التوازن بين حقوق المتهمين وضمان سير العدالة.
وافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 567 لسنة 2024 بشأن الموافقة على اتفاق المنحة الخاص بمشروع تنمية مهارات مصر الخضراء لشبكة الأعمال الزراعية الذكية مناخيًا في مصر بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة كندا.
خلال المناقشات أكد النواب أن الاتفاقية خطوة مهمة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا وتطوير المهارات، وكذلك تعزيز قدرة القطاع الزراعي في مواجهة تحديات تغير المناخ، بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي فضلاً عن توفير فرص عمل فى قطاع الأعمال الزراعية للشباب وذلك من خلال زيادة قدراتهم على اكتساب المهارات الذكية مناخياً وزيادة شمولية قطاع الأعمال الزراعية ومرونته خاصة للسيدات والشباب الريفيين، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التى تتمثل فى جودة التعليم والمساواة بين الجنسين وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف المرجوة من الاتفاقية.
*جلسة الإثنين 13/1/2025*
ألقى المستشار الدكتور حنفي جبالي كلمة فى بداية الجلسة العامة بشأن ما تم نشره في بعضِ الوسائل الإعلامية الإلكترونية حول مسألة إخضاع الاتصالات السلكية واللاسلكية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي للمراقبة، حيث نفى رئيس المجلس صراحةً ما تداولته بعض المواقع الإعلامية من أخبار مغلوطة حول المادة (79) من مواد مشروع القانون، مؤكداً أن المراقبة لا تتم إلا بناء على أمر قضائي يصدر من قاضي التحقيق وفقاً لضوابط قانونية مشددة، وذلك في حالات التحقيق في جرائم الجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بعقوبة تزيد مدتها على ثلاثة أشهر، مؤكداً أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إخضاع أي شخص للمراقبة بشكل عشوائي أو غير قانوني، مطالباً السادة الصحفيين والإعلاميين بتحري الدقة في نقل الأخبار المتعلقة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية لما له من طبيعة خاصة وتقديم المعلومة كاملة بشكل يتيح للرأي العام تكوين صورة صحيحة.
استأنف المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان، حيث ناقش المجلس مواد مشروع القانون من المادة (١٠٣) إلى المادة (١٤٢).
وشهدت الجلسة مناقشات مستفيضة من جانب النواب بمختلف انتماءاتهم السياسية ومن جانب الحكومة، ومن بينها: المادة (١٠٤) التي تنظم إجراءات استجواب المتهم أمام النيابة العامة حيث تلزم هذه المادة النيابة العامة بعدم استجواب المتهم أو مواجهته بغيره إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محام أو لم يحضر محاميه وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً، وقدمت وزارة العدل مقترحاً بتعديل هذه المادة للسماح بإجراء التحقيق في حالة تعذر حضور المحامي الموكل أو المنتدب إذا قبل المتهم ذلك كتابةً أو خشية انقضاء مدة الاحتجاز القانونية المحددة بأربع وعشرين ساعة، إلا أن مجلس النواب رفض هذا المقترح مؤكداً على عدم جواز استجواب المتهم إلا في حضور محام، وفي حالة عدم حضوره ألزم النيابة العامة بندب محام اتساقاً مع أحكام الدستور وانتصاراً لضمانات العدالة الإجرائية، وهو ما أيده نقيب المحامين مؤكداً التزام النقابة بإعداد قوائم كاملة لجميع المحاكم والنيابات بالمحامين المنتدبين، مطمئناً الجميع بأن النقابة لديها أكثر من ٤٠٠ ألف محام مقيدين في هذه القوائم في كافة ربوع مصر، مشيداً بانفتاح مجلس النواب على كافة الآراء وانتصاره لحماية حق الدفاع، وفي نهاية مناقشات هذه المادة تراجعت الحكومة عن مقترحها ووافق المجلس على المادة (١٠٤) كما انتهت إليها اللجنة المشتركة، كما ناقش المجلس المواد الخاصة بتنظيم حالات الحبس الاحتياطي وبدائله ومدده، وسط إشادات واسعة بهذا التنظيم الذي يقلص من مدد الحبس الاحتياطي ويضع سقفاً زمنياً لها، حيث رفض المجلس مقترح بعدم وضع حد أقصى للحبس الاحتياطي في عقوبة الإعدام، وذلك التزاماً بضمانات الحقوق والحريات المقررة في الدستور، وأكد رئيس المجلس على أن إقرار مواد الحبس الاحتياطي بهذه الصياغات يعد علامة فارقة في مسيرة التشريع المصري، حيث تم إعادة هذا الإجراء إلى موقعه الطبيعي كإجراء احترازي مؤقت، وهو ما يمثل عدالة جنائية منصفة تضع نصب أعينها حماية المجتمع دون المساس بكرامة وحقوق المواطن المصري.
وافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 184 لسنة 2024 بشأن الموافقة على اتفاقية "تعديل بعض أحكام اتفاقية إنشاء وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس".
خلال المناقشات أكد النواب أهمية الاتفاقية التى تستهدف تهيئة الظروف المناسبة لتشغيل المنطقة الاقتصادية في قناة السويس وتصنيع منتجات تكنولوجية تنافسية تلبي احتياجات السوق المحلية، وتحقيق نقلة نوعية للاقتصاد المصري لتوفير الكثير من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وتدريب الكوادر البشرية.
وافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 438 لسنة 2024 بشأن الموافقة على اتفاق الدعم الفنى للمناطق الصناعية للجلود والأثاث والرخام بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية إيطاليا.
خلال المناقشات أشاد النواب بالاتفاقية التى تسهم فى تعزيز الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمناطق الصناعية في كل من مدينة الروبيكي للجلود، ومدينة دمياط للأثاث والمنطقة الصناعية للرخام في شق الثعبان بما يخلق فرص جديدة للعمالة المحلية، وتزويد المراكز التكنولوجية للقطاعات الثلاثة المستهدفة بمعدات متطورة لتلبية معايير الجودة الدولية ومتطلبات التجارة العالمية، كما تساعد الاتفاقية فى تعزيز التدريب المهني للفاعلين الاقتصاديين لرفع مهاراتهم بهدف ترقية الإنتاج من المواد الخام إلى المنتجات النهائية عالية الجودة وتحقيق التكامل الصناعي بين الشركات الصغيرة والمتوسطة وكبيرة الحجم وتعزيز القدرة التنافسية الصناعية في الأسواق العالمية وزيادة حجم الصادرات.
*جلسة الثلاثاء 14/1/2025*
أحال مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس (30) تقريراً للجنة الاقتراحات والشكاوى عن اقتراحات برغبات مقدمة من النواب إلى الحكومة بشأن بعض المشكلات الخاصة بدوائرهم لدراستها وتنفيذ ما ورد بها من توصيات.
وافق المجلس "نهائياً" على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بشأن إيقاف العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان والتجاوز عن تحصيل ضريبة الأطيان التي استحقت خلال الفترة من أول أغسطس 2024 حتى تاريخ العمل بالقانون.
يهدف مشروع القانون إلى التخفيف من الأعباء الضريبية عن كاهل القائمين بالعمل في المجال الزراعي، وتشجيعًا لهم على زيادة الإنتاج الزراعي، ومد مدة إيقاف العمل بالقانون رقم ١١٣ لسنة ١٩٣٩ الخاص بضريبة الأطيان، حيث انتهت مدة الوقف المنصوص عليها في القانون رقم ١٥٢ لسنة ٢٠٢٢ وقرار مجلس الوزراء رقم ٤٥ لسنة ٢٠٢٣ بنهاية شهر يوليو الماضي.
شهدت المناقشات إشادة نيابية واسعة بمشروع القانون ووجه النواب تحية شكر وتقدير للقيادة السياسية لانحيازها للفلاح المصرى كما شدد النواب على حرص المجلس الدائم وانحيازه للمواطن المصري بكل فئاته وفي القلب منهم الفلاح موضحين أن مشروع القانون يسهم فى تخفيف العبء الضريبى عن صغار المزارعين حتى يتمكن القطاع الزراعى من القيام بدوره فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية فى السنوات القادمة ودعم الاقتصاد القومي خاصة في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج وتكاليف ومدخلات العملية الزراعية بما يسهم فى استمرار دفع عجلة الانتاج الزراعي وتلبية احتياجات السوق المحلى وزيادة التصدير.
وافق المجلس " نهائياً" على مشروع قانون مُقدم من الحكومة في شأن الإذن لوزير المالية بضمان شركة مصر للألومنيوم. ويأتى مشروع القانون في إطار استراتيجية الدولة لتنويع مصادر الطاقة وتعظيم مساهمة مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة في مزيج إنتاج الطاقة لتحقيق التنمية المستدامة والمساهمة في الجهود الدولية للتعامل مع التحديات المناخية.
خلال المناقشات أكد النواب أهمية مشروع القانون لأنه يعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة، بما يتوافق مع استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر (2030) والأهداف الأممية الـ17 للتنمية المستدامة، فى إطار تحول مصر إلى الطاقة النظيفة وتعجيل المدى الزمني لتحقيق هذا الهدف وخطة الدولة المصرية للتوسع في مشروعات الاقتصاد الأخضر وتنويع مصادر الطاقة المتجددة، وكذلك الشراكات مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة، خاصة في ظل توجه الدول الكبرى وأهمها دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض غرامات على الشركات المصدرة لها المخالفة لقواعد الحفاظ على المناخ ومنها شركات صناعة الألومنيوم.
وافق المجلس "نهائياً" على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون الضمان الاجتماعى.
واصل المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
وشهدت جلسة اليوم مناقشات موسعة من جانب النواب بمختلف انتماءاتهم السياسية ومن جانب الحكومة، خاصة في المواد المتعلقة بتنظيم ضوابط المنع من التصرف في الأموال وإدارتها والمنع من السفر، حيث قدمت وزارة العدل مقترحاً بتعديل المادة (١٤٣) الخاصة بتنظيم قواعد وضوابط منع المتهم من التصرف في أمواله وإدارتها، يتضمن إضافة زوج المتهم وأولاده القصر إلى الاستثناء الممنوح للنائب العام في إصدار أمر مؤقت بمنعهم من التصرف في أموالهم أو إدارتها، إلا أن عدداً كبيراً من نواب المجلس رفضوا هذا المقترح مؤكدين أن الذمة المالية لزوجة المتهم وأولاده القصر مستقلة، وخاضعة لرقابة القضاء ولا يجوز المساس بها إلا بحكم قضائي، مشيرين أن هذا المقترح يشوبه عوار دستوري، في ضوء أن الملكية الخاصة مصونة وفقاً للمادة ٣٥ من الدستور، خاصة وأن زوجة المتهم وأولاده القصر لهم ذمة مالية منفصلة عن ذمة المتهم، وقد يقوم المتهم بنقل أمواله إلى غيرهم، مؤكدين أن النص كما انتهت إليه اللجنة المشتركة يحقق الضمانات الكافية لصون حق الملكية الخاصة رافضين التوسع في الاستثناء الممنوح للنائب العام بإصدار أمر مؤقت لمنع المتهم من التصرف في أمواله وإدارتها، وتم التصويت على رفض مقترح وزارة العدل والموافقة على المادة كما انتهت إليها اللجنة المشتركة.
وأشاد المستشار الدكتور حنفي جبالي في كلمة ألقاها عقب موافقة المجلس على المادة ١٤٣ بالصيغة التي انتهت إليها اللجنة المشتركة، والمتعلقة بأوامر المنع من التصرف في الأموال أو إدارتها، مؤكداً التزامها بضوابط ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا وبما يضمن ألا تصدر مثل هذه الأوامر الاحترازية إلا في خصومة قضائية تُكفل فيها حقوق الدفاع، بما يمثل تعزيزاً لحقوق وحريات الأفراد، وبما يؤكد على أن سلطة النيابة العامة في إصدار أوامر المنع من التصرف في الأموال أو إدارتها يتعين أن تظل مقيدة بقدر حدود الضرورة الإجرائية فلا تستطيل إلى غير المتهم لتشمل زوجه وأولاده القصر، وأن يترك تقدير ذلك لسلطة المحكمة الجنائية المختصة صوناً لحق الملكية الخاصة وضماناً لعدم تقويض خصائصها.
كما وجه المستشار الدكتور حنفي جبالي الشكر للحكومة ممثلة في وزيري العدل والشئون النيابية لإثرائهما الحوار والنقاش بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وتابع: لا مانع أن يصوت المجلس بالموافقة أو الرفض على مقترحات الحكومة وهذه هي الديمقراطية داخل مجلس النواب.
وانتهت الجلسة بالموافقة على ١٧١ مادة من مواد مشروع القانون على أن يستكمل المجلس مناقشة باقي المواد بالجلسات العامة القادمة.
*رفع رئيس المجلس الجلسة العامة، على أن يعود المجلس للانعقاد الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحـد الموافق 26 يناير 2025.*