لعل حقيقة استفهام لماذا دعا البخاري على نفسه بالموت قبله بأيام؟ ، تفتح أحد بوابات الأسرار الخفية عن الإمام البخاري - رضي الله تعالى عنه- ، بل إن السر في لماذا دعا البخاري على نفسه بالموت قبله بأيام؟، يعد من أغرب وأعجب  الحقائق عن أحد أشهر علماء الحديث ، فورائه قصة وسر لا يعرفه كثيرون عن هذا الإمام - رضي الله تعالى عنه- ، الذي جمع الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمصداقية وأمانة كبيرة، فصار اسم الإمام البخاري على أي نص نبوي مصدرًا للثقة، كل هذا يزيد من الحيرة والعجب ويطرح سؤال: لماذا دعا البخاري على نفسه بالموت قبله بأيام؟.

لماذا رفض الإمام أبو حنيفة صيام الست من شوال؟.. أسرار ينبغي معرفتها إذا أردت ألا ترى الفقر ويكثر رزقك.. الشعراوي: علم أولادك هذه السورة لماذا دعا البخاري على نفسه بالموت 

قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن عرفت البشرية على مر عصورها تصرفا سلبيا وهو [ذبح العلماء].

وأوضح «جمعة » في مسألة: (لماذا دعا البخاري على نفسه بالموت قبله بأيام؟ )، ولم تختص أمة بذلك، بل كانت سمة جعلت الناس ينشئون الأمثال السارية كنوع من أنواع التعبير عن الحكمة التي تتصل بالحياة، وقبل ذلك قتلوا النبيين، والمرسلين، ولكن الله سبحانه وتعالى نصرهم، وأيد هؤلاء العلماء، ونفع بهم البشرية عبر العصور.

و استشهد بما قال تعالى : ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾، وعن ابن عباس قال : «ذكر خالد بن سنان للنبي  -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ذاك نبي ضيعه قومه» [رواه الطبراني في الكبير]. 

وأفاد بأن لدينا في التاريخ الإسلامي نماذج كثيرة في هذا المعنى، فقد ورد أن الإمام البخاري صاحب الصحيح الذي وصف بأنه أصح كتاب بعد كتاب الله من حيث الضبط والنقل والتوثيق، قد دعا على نفسه قبل أن يموت بأيام، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، في نزاع بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي ؛ حيث كانت قد اشتدت الخصومة بينهما، مما سبب له ترك المدينة.

وتابع: ولم يكن البخاري رحمه الله تعالى معتادا على ذلك، فلم يتحمل لشفافيته ورقة قلبه هذا النوع من الصدام، وانسحب تاركا وراءه جهده الرصين الجبار الذي استمر هذه السنين الطوال مرجعا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومثالا لتطبيق المنهج العلمي، وللنية الخالصة، وللهمة العالية، وأثر ذلك في بقاء الأعمال، ونفعها لأفراد الناس وجماعاتهم، ومجتمعاتهم.

وأضاف أنه في القرن السادس الهجري كان الشيخ عبد القادر الجيلاني تنسب إليه بعض القصص الجديرة بالاعتبار –وإن كنا لم نحقق توثيقها له في ذاتها- منها أنه كان يحضر له نحو أربعين ألفا لسماع موعظته الحسنة التي خالطت القلوب، ورفع بعض الواشين أمره إلى الحاكم بأن عبد القادر أصبح خطرا على الناس، فإنه يأتمر بأمره أربعون ألفا.

واستطرد: ولما استدعاه الخليفة في بغداد، وكلمه في ذلك ضحك الشيخ، وقال : أنا أظن أن معي واحدا ونصفا، ولنختبر ذلك مولاي فارسل غدا الشرطة أثناء الدرس بعد العصر تطلبني أمام الناس، فأرسل الخليفة رجال شرطته، وطلبوا الشيخ بطريقة عنيفة، فر معها أكثر الحاضرين، وأصر اثنان على أن يصحبا الشيخ، حتى إذا ما جاءوا إلى قصر الخليفة تخلف أحدهم ينتظر الشيخ عند الباب، ودخل آخر.

وواصل:  فقال له الخليفة : ماذا حدث ؟ قال : لم يبق معي إلا كما قلت لك واحد ونصف، هذا واحد معي، والآخر خاف من الدخول فانتظر عند الباب، وذهب الواشون وذهب عصرهم لا نعرف أسماءهم وبقي الشيخ عبد القادر عبر القرون قد أذن الله أن يجعل كلماته نبراسا يستضاء به، وهداية في الطريق إلى الله. بقي عبد القادر وفنى خصومه.

 الإمام البخاري

ورد أن الإمام البُخاريّ هو مُحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجعفيّ البُخاريّ، ويُكنى بأبي عبد الله، وسُميّ الجعفي بذلك؛ لأن جده المُغيرة كان مجوسياً وأسلم على يد شخص يُسمى اليمان وكان جُعفياً فانتسب إليه، وتوفي سنة مئتين وستةٍ وخمسين، وكان عُمُره يقارب الاثنتين وستين سنة، ولم يترُك أولاداً ذُكوراً بعده.

يُنسب الإمام البُخاريّ إلى إسماعيل بن إبراهيم بن بَردِزبة، وكان بَردِزبة فارسياً، ثُمّ أسلم على يد المُغيرة، وأتى على بُخارى فَنُسب إليها؛ لأنهم كانوا ينسبون الشخص إلى من أسلم على يده بسبب الولاء، أما جده إبراهيم فلا توجد عنه معلومات، وأمّا والدُه إسماعيل فكان من رواة الحديث، وقد تعرض له ابن حبان في مصنفه المسمى بالثِقات، واشتهر بحرصه على المال الحلال حتى نُقِل أنه لا يُعلم في ماله شيئاً من الحرام أو فيه شُبهة، ولمّا توفي كان ابنه مُحمد صغيراً.

نشأة الإمام البخاري

وُلد البُخاريّ في يوم الجُمعة الثالث عشر من شهر شوال في السنة مئة وأربعة وتسعين.حج البخاري مع أُمّه وأخيه، وأقام بمكة المكرمة؛ لِطلب العلم، وكانت نشأة الإمام البُخاريّ في أُسرةٍ مُتديِّنة، غنيّة، وكانت أُمّه من أهل الكرامة والولاية، وروي أن مُحمداً ابنها فقد بصره وهو صغير، فدعت الله -تعالى- بإن يُرجع له بصره، فاستجاب الله -تعالى- لها.

رحلة البخاري 

 رحل في طلب العلم وهو ابن العاشرة إلى جميع الأمصار، أُلهم طلب الحديث وحفظه وهو لا يزال صغيراً في الكُتّاب، وكان يصحّحُ لبعض أهل الحديث وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل في طلب العلم إلى الشام، ومصر، والجزيرة العربيّة، والبصرة، والحِجاز، والكوفة، وبغداد.

أثنى على الإمام البُخاريّ الكثير من المُحدثين ومن أئمة الإسلام، واعترفوا له بالفضل في علم الرجال وعلم علل الحديث، فقد قال عنه عمرو بن علي الفلاس: حديثٌ لا يعرفُه مُحمد بن إسماعيل فليس بِحديث، وأرشد إسحاق بن راهويه تلامذته للكتابةِ عن البخاري، وكان عُلماءُ مكة يصفونه بإنه إمامُهم وفقيهُهُم.

سيرة الإمام البخاري 

 اتصف الإمام البخاري بعدد من الصفات منها:

جمع بين الحديث والفقه، والورع والصلاح، والعلم والعبادة؛ فهو كثير التلاوة والصلاة.كان يختم في رمضان القُرآن مرةً كُل نهار، ويختمه في الليل كُل ثلاثِ ليالٍ في قيامه بعد التراويح.كان إذا عَرَض له شيءٌ في الصلاة لا يقطعها حتى يُتمَّها.لشدة وَرَعه كان يقول: "أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغْتبتُ أحداً".كان مُستجاب الدعوة، فدعا أن يموت بعد أن ضاقت عليه الأرض، فمات بعدها بشهر.اشتُهر بالكرم وكثرة الإنفاق على الفُقراء والمساكين.عُرِف بعزة نفسه، وعفة يده.كان مُرهف الحس.كان عفيف اللسان.كان زاهداً.كان دائِم التعليم بالنهار.كان كثير التهجُد بالليل.كان يكتسب المال عن طريق المُضاربة بما ورثه عن أبيه من مال؛ كي يتفرغ لتعلُّم الحديث والسُنة.كان بعيداً عن حُبِّ المال.اتّصّفَ بالإيثار.كان كثير التمسُّك بِالسُنّة.كان بعيداً عن مُجالسة الأُمراء، وقال عنه قُتيبة بن سعيد: أنه كعُمر بن الخطاب في الصحابة.قوة حفظ البخاري للأحاديث

 سمع منه الحديث أكثر من تسعين ألف شخص، وكان عند كتابته للحديث يُصلي ركعتين، ثُمّ يضعُهُ في كتابه، وبلغ عدد الأحاديث في صحيح البخاري أكثر من ستة آلاف حديث، وكان حافِظاً، وذكروا أمامَه لاختباره مئة حديثٍ مقلوبة السند، فأعادها صحيحةً بأسانيدها التي ذُكرت بها.

كان الإمام البُخاريّ مُشتهراً بِالذكاء بين الناس، وامتُحن بمئة من الأحاديث مقلوبة السند، وأعادها بأسانيدها الصحيحة، وعلَّق الحافظ ابن حجر على ذلك: وذلك لحفظه، فقد حفظ الأسانيد بأخطائِها، ثُمّ أعادها بالصحيح، وتناول العُلماء كتابه صحيح البخاري بالشرح والتعليق، الذي كان المجال العلميّ الذي يظهر فيه الاهتمام بالكُتب في تلك العُصور، وعلامةُ نجاحٍ له، وخاصةً بعد أن اعترفوا أنه أصح الكتب بعد القُرآن الكريم، وقد بلغت الشُروحات والتعليقات عليه قُرابة المائة والثلاثين كتاباً وأكثر.

صحيح البخاري 

كان من أشهر الشُروحات على كتابه، كتاب فتح الباريّ للحافظ ابن حجر العسقلانيّ، وكتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري لمحمد الخضر الشنقيطي، وعوْن الباري شرح التجريد الصريح مؤلفه صديق حسن خان، وكتاب أعلام السنن للخطابي، وفي ذلك دليلٌ على جُهد الأُمة المبذول في خدمة كتاب صحيح البخاري وحرصهم على العلم، والفِكر، وحُب الأمة لنبيها وآثاره، وكشفت مصنفات البخاري ومن أهمها الصحيح عن فقهه وعمل على استنتاج الفوائد من الأحاديث ورتب الأحاديث بناءً على هذه الفوائد، ونوّع في ذكر الحديث الواحد في أبواب مختلفة بناء على المواضيع التي يشير إليها الحديث الواحد.

مصنفات الإمام البخاري

 من مُصنّفات الإمام البُخاريّ غير كتابه الجامع الصحيح كلاً من الكتب الآتية: الأدب المُفرد، ورفع اليدين في الصلاة، والقراءة خلف الإمام، والتاريخ الكبير والصغير والأوسط، والضعفاء الصغير، والمسند والتفسير والجامع الكبير، وخلق أفعال العباد، والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل، وبر الوالدين، وأسماء الصحابة، والوحدان، والهبة، والمبسوط، والعلل، والكنى، والفوائد، والاعتقاد أو السنة، والسنن في الفقه، وأخبار الصفات، وقضايا الصحابة والتابعين، والأشربة.

الإمام البخاري هو محمد بن إسماعيل من مدينة بُخارى، طلب العلم وهو صغير وارتحل لجمع الأحاديث في كل الأمصار، جمع أحاديث النبي الصحيحة في كتابه صحيح البخاري، وقد اعتنت الأمة بهذا الكتاب شرحاً وحفظاً، وله عدد من المصنفات الأخرى مثل كتاب الأدب المفرد وكتاب خلق أفعال العباد.

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإمام البخاري البخاري صحيح البخاري الإمام البخاری صحیح البخاری عبد القادر طلب العلم

إقرأ أيضاً:

أهمية العمل والحث على إتقانه في الشرع الشريف

قالت دار الإفتاء المصرية إن الشرع الحنيف حث على العمل والسعي لكسب الرزق الحلال؛ لكي يكون المسلم عضوًا فعَّالًا مُنْتِجًا في مجتمعه، عاملًا على توفير حياة كريمة له ولأهل بيته، قال الله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: 20].

حثُّ الشرع الحنيف على العمل والسعي لكسب الرزق الحلال

 

قال الإمام النَّسَفِي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 560، ط. دار الكلم الطيب): [﴿يَضْرِبُونَ﴾: يسافرون، و﴿يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾: رزقه بالتجارة... فسوَّى بين المجاهد والمكتسب؛ لأنَّ كسب الحلال جهاد] اهـ.

وعن المِقْدَام بن مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

كما جاء الحث على إتقان العمل في قوله تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقال تعالى في وصف عباده المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8]، وهذا أمر بالإحسان في كل عمل، والرعاية والحفظ في كل أمانة، وأثنى سبحانه على ممتثل ذلك بوصفه بالإيمان والإحسان، فالعامل المتقن لعمله يثاب على إخلاصه وتفانيه واجتهاده، فهو سبيلٌ لمحبة الله تعالى له، ولذلك ورد في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» أخرجه الطَّبَرَانِي في "المعجم الأوسط"، والبَيْهَقِي في "شُعب الإيمان"، واللفظ للطَّبَرَانِي.

وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَحْتَطِب أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ».

الحث على العمل وإتقانه في الشريعة الإسلامية

وأكَّدت الشريعة الغراء على أنَّ من مقاصدها العمل والسعي والإنتاج؛ فروى الإمام البخاري في "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».

قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 241، ط. مكتبة دار السلام): [والحاصل أنَّه مبالغةٌ، وحثٌّ على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس غيرك ما شبعت به فاغرس لمَن يجيء بعدك] اهـ.

وأكدت الإفتاء أن الشريعة الإسلامية إلى إتقان أي عمل يُقدم عليه الإنسان؛ فروى الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير" (3/ 378، ط. مكتبة دار السلام): [«إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا» دينيًّا أو دنيويًّا له تعلق بالدين «أَنْ يُتْقِنَهُ»، الإتقان الإحسان والتكميل؛ أي: يحسنه ويكمله] اهـ.

بل جعل الله تبارك وتعالى عمارة الكون -بالإنتاج والتقدم- مقصدًا من مقاصد خلق الإنسان؛ حيث قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١]، قال الإمام النسفي في "تفسيره" (2/ 69): [﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ وجعلكم عمَّارها وأراد منكم عمارتها] اهـ.

وهو ما أكَّد عليه المشرع المصري؛ فتنص المادة (12) من دستور مصر الحالي وفقًا لآخر التعديلات على أنَّ: "العمل حق، وواجب، وشرف تكفله الدولة"، وتتمثل كفالة الدولة لذلك في تشريعاتها أو بغير ذلك من التدابير، وإعلائها لقدر العمل وارتقائها بقيمته.

ولما كان حفظ المال مقصدًا من مقاصد الشرع فكذلك كل ما يعمل على زيادته وإنمائه يكون مقصودًا من قبل الشرع الشريف، وأي عمل يعرقله ويضرّ به يكون معارضًا لمقاصد الشرع الشريف، يقول الإمام الغزالي في "المستصفى" (ص: 174، ط. دار الكتب العلمية): [ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم؛ فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوِّت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة] اهـ.

 

مقالات مشابهة

  • فاطمة الزهراء.. سيدة نساء الجنة وأم الأئمة
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة صحيح البخاري بمسجد الحسين
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة «صحيح الإمام البخاري» من مسجد الإمام الحسين
  • التقوى.. سر مفتاح الخير ومغاليق الشر
  • علي جمعة: التقوى مفتاح كل خير ومغلاق كل شر
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة “صحيح البخاري” من مسجد الإمام الحسين
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • حكم صبر الإنسان عند الإبتلاء بالفقر أو الغنى
  • أهمية العمل والحث على إتقانه في الشرع الشريف
  • كيف نثبت على الحق في زمن الاختلاط وندعو للسلام؟