تورط مسؤولين بجامعة هارفارد الأمريكية ببيع "رفات بشرية" مسروقة
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
اعترفت زوجة مدير مشرحة سابق في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية بالذنب، بعد أن قال المحققون إنها قامت ببيع رفات بشرية مسروقة بما في ذلك أياد وأقدام ورؤوس.
واستنادا إلى سجلات المحكمة، اعترفت دينيس لودج، البالغة من العمر 64 عاما، والمقيمة في غوفستاون بنيو هامبشاير، في المحكمة الجزئية الأمريكية بالمنطقة الوسطى من ولاية بنسلفانيا، بذنبها في بيع الرفات.
والعام الماضي 2023، أعلن ممثلو الادعاء الفيدراليون التهم الموجهة إلى دينيس وزوجها سيدريك، بالإضافة لخمسة أشخاص آخرين في مؤامرة مزعومة، تورطت خلالها شبكة من الأشخاص في أنحاء البلاد، في شراء وبيع رفات بشرية مسروقة من جامعة هارفارد ومشرحة في أركنسو.
ووفق الادعاء، فإنه خلال الفترة ما بين 2018 ومارس 2020، تفاوضت دينيس عبر الإنترنت من أجل بيع عدد من الأعضاء البشرية، منها: 24 يدا وقدمان و9 أعمدة فقارية وأجزاء من جماجم و5 وجوه بشرية تم تشريحها، ورأسان تم تشريحهما، بحسب موقع بين لايف. كوم.
وكشفت السلطات أن أجزاء الجثث المعدة للتشريح التي جرى التبرع بها إلى "هارفارد"، جرى الاستيلاء عليها خلال الفترة ما بين 2018 و2023 دون علم أو تصريح من الكلية.
في المقابل، قالت محامية دينيس لودج، هوب لوفيبر، إن زوج موكلتها "كان يشارك في هذا ووافق عليه نوعا ما".
وأضافت أن "ما حدث كان خطأ" لكنها أكدت أنه لم يكن هناك خسائر مالية وأنها "معضلة أخلاقية أكثر من كونها قضية جنائية".
وتستخدم الجثث المتبرع بها لكلية الطب بجامعة هارفارد لأغراض التعليم أو التدريس أو البحث، وبمجرد عدم الحاجة إليها، يتم عادة حرق الجثث وإعادة الرماد إلى عائلة المتبرع أو دفنه في المقبرة.
المصدر: AP
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار أمريكا السلطة القضائية جرائم حقوق الانسان
إقرأ أيضاً:
الأحياء التخليقية.. نماذج بشرية
أ. د. حيدر أحمد اللواتي **
يطرحُ بعض المُراقبين تحديات اجتماعية من المُتوقع أن تُوَاجِه البشرية جرّاء السماح بتطبيق تقنيات الأحياء التخليقية على البشر؛ إذ يُشيرون إلى مشكلة عدم تكافؤ الفرص؛ لأنَّ الأفراد في الدول المُتقدِّمة والمُتمكِّنة اقتصاديًا سيحصلون على فرص كبيرة لإجراء هذه التغييرات، بينما سيُحرم الأفراد في الدول الفقيرة من ذلك؛ وسيؤدِّي ذلك إلى فوارق جِينِيَّة على المستوى البشري؛ فهناك بشر لديهم جينات قوية وأكثر قدرة على التأقلم مع البيئة ومقاومةً للأمراض، بينما هناك آخرون لا يملكون مثل هذه الجينات المُتطوِّرة، وسيؤدي ذلك إلى أبشع صور الاستغلال!
ومما يزيد من فرص حدوث هذا النوع من الفوارق الجينية أنَّ عددًا من الدول الغنية كالسويد والنرويج والدنمارك، قد تسمح باستخدام هذه التقنيات وتنتشر في مجتمعاتها بشكل أسرع؛ وذلك لانعدام القيود الدينية تقريبًا في تلك المجتمعات الغنية. ولا بُد من الإشارة إلى أنَّ عمليات اختيار الأجنة بناءً على الخارطة الجينية للجنين، أصبح معمولًا به في عدد من الدول، ويُوَفِّرُه عددٌ من الشركات المُتخصِّصة في مجال قراءة الخارطة الجينية؛ فعملية التخصيب الصناعي في العادة تؤدي إلى تخصيب عدد من البويضات، وبالتالي ومن خلال قراءة الخارطة الوراثية لتلك الأجنة المُتكوِّنة، يتم اختيار الجنين الأصلح، والذي يتميز بخارطة جينية أفضل.
ولا يقتصر الأمر على هذا النوع من البحوث العلمية؛ بل هناك من البشر من جرت "هندسته جِينِيًّا"، لكن هذه العمليات ما زالت محدودة من حيث أعدادها، ولا يُعرَف آثار هذه العمليات، فمثلًا هناك تقنية تُعرف بتقنية الآباء الثلاثة، وقد تمت هذه العملية بنجاح في عام 2016، لزوجيْن أردنيين؛ إذ كانت الزوجة مُصابة باضطراب وراثي يُعرِّض الجنين لاحتمال الإصابة بمرض مُعين بنسبة عالية جدًا، ولحماية الجنين من الإصابة بهذا المرض الوراثي تم أخذ النواة من بويضة الأم المصابة بالمرض الوراثي، ونقَلها إلى بويضة امرأة سليمة سبق نزع نواتها، وبذلك غدت هذه البويضة تحملُ صفاتٍ من امرأتين مختلفتين، وبعد ذلك تمَّ استخدام هذه البويضة في التلقيح الصناعي، وقد تمَّت العملية بنجاح في المكسيك؛ وذلك لأنها لم يكن مسموحاً بها في الولايات المتحدة.
وكما هو واضح فإنَّ نسبة من الجينات- وإن كانت بسيطة للغاية والتي تُقدَّر بأنها أقل من 0.1%- جاءت من الأم المُتبرِّعة بالبويضة، ولذا تُطلق على هذه التقنية "تقنية الآباء الثلاثة"، وقد استُخدِمَت بنجاح أيضًا في بريطانيا عام 2023.
لكنَّ الحدث الأكثر خطورةً وإثارة كان في الصين، وذلك عام 2018، عندما أعلن الطبيب الصيني ولادة أول طفلتين تم هندسة خارطتهما الجِينِيَّة، وذلك بهدف حمايتهما من مرض "الآيدز" الذي كان الأب مُصابًا به، وقد أدّى هذا الإعلان إلى موجة من الشجب والاستنكار، كما تم حبس الطبيب لمدة 3 سنوات لإقدامه على عمليات غير مُرخَّص لها، لكنَّ الطفلتين وُلِدَتَا وهُمَا بكامل صحتهما، وتُعدان أول طفلتين تعرضتا لهندسة جينية وتغيير جيني كبير نسبيًا.
وتُشير بعض الدراسات إلى أن الجينات التي تم هندستها تؤثِّر أيضًا على القدرات الدماغية لهما؛ إذ تقوم بتحسين ذاكرتهما، وترفع مستوى الذكاء عند الطفلتين، وما زالت الطفلتان على قيد الحياة وتعيشان مع أسرتيهما.
إنَّ طبيعة هذه التقنيات أنها تنتشر، بغض النظر عن الحواجز الموضوعة أمامها. وعلى الرغم من المحاولات التي بذلتها الدول المختلفة لمنع انتشار السلاح النووي، إلّا أن هذه المحاولات لم تنجح، وانتشرت هذه الأسلحة. وكذلك الحال مع الأسلحة البيُولوجية والكيميائية، ولذا فإن الوقوف أمام أمواج التقنيات التي تغزو عالمنا لا يُجدي نفعًا في غالب الأحيان.
ومن هُنا، يرى البعض أن اختراع التقنيات وتطويرها لم يَعُد التحدي الذي يواجه البشرية، إنما التحدي يكمُن في السيطرة على التقنيات، بحيث تظل في مجالات مُعيَّنة تُفيد المجتمعات البشرية ولا تضرُّها، وهذا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بثقافة المجتمعات التي تُطوِّر التقنيات والمبادئ والقيم التي تُؤمِن بها، ومن هُنا فإن التقنيات التي يتم إنتاجها في الغرب إنما هي نتاج الثقافة والقيم الغربية، لكنها تؤثر بشكل كبير جدًا على سلوكنا وعلى طريقة تفكيرنا، بحيث غدت أجيالنا اليوم نتاج هذه التقنيات سلوكًا وتفكيرًا، بقدر كَوْنِ هذه التقنيات منتجات لعقول البشر التي انتجتها.
وأخيرًا.. من الخطأ النظر إلى هذه البحوث العلمية على أنها تَرَفٌ فكريٌ؛ بل هي بحوث سيكون لها بالغ الأثر علينا في المستقبل القريب، ولربما ستغدو جزءًا من الاستراتيجية الأمنية لبعض الدول؛ إذ بدلًا من استخدام الآلة الحربية للتخلص من الأعداء، فإنَّ التقنية الحيوية قد تُوفِّر بديلًا طبيعيًا ودون الحاجة إلى خوض حروب طاحنة، ولذا رُبما نشهد في هذا القرن نهاية الانسان بنسخته الحالية؛ لتُنتَج منه نسخةٌ مُطوَرةُ من فصيل "الإنسانيات"، لكن هذه المرة بانتخابٍ بشريٍ وبأجندة سياسية لا بانتخاب الطبيعة!
* سلسة من المقالات عن تاريخ علوم الحياة وحاضرها وفلسفتها والتقنيات القائمة عليها
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصر